تقترب الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي من حسم الموقف من مسألة تسديد حصة لبنان في تمويل المحكمة الدولية بعد طول انتظار تخللته مشاورات ماراثوانية لم تؤدِّ حتى الساعة إلى موقف توافقي يخرج التمويل من التجاذبات التي لم تتوقف بين الأطراف الرئيسيين المشاركين فيها بسبب إصرار الوزراء المنتمين الى قوى 8 آذار على رفض التمويل، وهذا ما تبلغه ميقاتي أخيراً من قيادة «حزب الله». وعلمت «الحياة» أن مبادرة وزير المال محمد الصفدي إلى الطلب من الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إدراج الموافقة على سلفة خزينة لتمويل المحكمة لم تأتِ منه وحده، وإنما بالتنسيق مع ميقاتي الذي أراد من خلال هذا الطلب وضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتهم بعدما انقضت المشاورات إلى تمرير الوقت من دون التفاهم على مخرج للتمويل. وكشفت المصادر أن موعد استحقاق التمويل بات على الأبواب وأن مهلة السداد تنتهي في الخامس عشر من الشهر المقبل وبالتالي لم يعد من الجائز التريث طالما أن مواقف جميع الأطراف في الحكومة أصبحت واضحة. وأكدت أن ميقاتي كان يميل إلى إدراج طلب سلفة مالية لتمويل محكمة على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع لكنه تجاوب مع رغبة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التريث خصوصاً أنه تحرك لهذا الغرض في اتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. ولفتت إلى أن ميقاتي لم يقفل الباب نهائياً في وجه القيام بمحاولة أخيرة لعلها تؤدي الغرض المنشود منها بتمويل المحكمة وهو ينتظر إدراج الطلب في جلسة لمجلس الوزراء في 30 الجاري أي بعد أن يكون أنهى زيارته الخاطفة للفاتيكان في 28 المقبل التي يلتقي خلالها البابا بينيديكتوس السادس عشر. وأوضحت المصادر أن ميقاتي يصرّ على إدراج طلب السلفة المالية، لكنه أراد أن يستطلع رأي وزير العدل شكيب قرطباوي في هذا الشأن، والذي يفترض أن يعود إليه بجواب نهائي في بحر هذا الأسبوع بعد التشاور مع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون باعتبار أن قرطباوي من الوزراء المنتمين إليه على رغم أن التكتل على تناغم مع حليفه «حزب الله» في رفض التمويل. وأكدت أن إصرار ميقاتي على حسم موقف الحكومة من التمويل يتجاوز اختبار النيات إلى تحميل جميع الأطراف مسؤولياتهم حيال ما يترتب على لبنان من تداعيات إقليمية ودولية على خلفية عدم التزامه احترام القرارات الدولية. ولدى سؤال المصادر عن رد فعل ميقاتي في حال استمر محور الأكثرية في الحكومة على موقفه رفض التمويل، اكتفت بالقول إن رئيس الحكومة لا يريد حرق المراحل، وفي ضوء النتائج سيكون لكل حادث حديث، وهو سينسق في موقفه مع الرئيس سليمان ورئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط الذي يصر على تمويل المحكمة. على صعيد آخر يستعد «تيار المستقبل» لعقد مؤتمر عام في الرابع عشر من الشهر المقبل في «البيال» في وسط بيروت تحت عنوان «دور المسلمين في الربيع العربي» وتشارك فيه شخصيات روحية وسياسية من خارج الطائفة السنّية على أن ينتهي بإصدار وثيقة سياسية تؤكد الشراكة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان والاعتدال والتسامح والمناصفة لحماية التركيبة اللبنانية من أية ارتدادات سلبية للأحداث الجارية في المنطقة على الاستقرار الداخلي.