تشهد بوابات وممرات وحيطان مستشفى الأمل على قصص غريبة ومؤلمة ومثيرة للشفقة لو كانت تنطق، لكن الأمر أصبح بالنسبة إلى موظفي المستشفى أمراً عادياً. الاختصاصية النفسية نجلاء العمار من جامعة الملك سعود التي تتدرب في المستشفى لم تعتد أن ترى تلك الحالات. ترى كل يوم خلال تجولها في أقسام الطوارئ بالمجمع عشرات العاملات اللاتي أمضين أشهراً طويلة محتجزات داخل المستشفى من دون وجود من يعولهم أو يسهل إجراءات خروجهم من المستشفى. تحس في نظراتهن الخوف من المجهول والمستقبل. حكت العمار التي شارفت على إنهاء فترة التدريب ل«الحياة» بعض القصص التي وقفت عليها أثناء تجربتها في المجمع، تقول: «ذات يوم، جاء أحدهم بخادمته إلى مدخل الطوارئ مقيدة مربوطة بالسلاسل بعد أن تم ضربها من كفيلتها ضرباً مبرحاً، فأدخلت للعلاج استعداداً لترحيلها فوراً بعد الشفاء، وأخرى مصابة بال«الذهان» استقرت في قسم العزل نتيجة إلحاقها الضرر بأسرة كفيلها. أما عن تجربتها الشخصية، تقول: «فوجئنا في أحد الأيام بعاملتنا المنزلية تصرخ في منتصف الليل، وهي تكسّر أدوات المنزل، وقد أصيبت بتشنجات أشبه ما تكون إلى مرض «الصرع، وبعد بحث حالتها اكتشفت إصابتها ب«الذهان»، إضافةً إلى ممارستها سلوكيات توحي بالجنون البحت». ولا تنكر العمار أنها أخفت إخوتها الصغار عن العاملة طوال فترة إقامتها، مضيفةً أنه تمت إعادتها إلى مكتب الاستقدام فوراً، «ومن حسن الحظ أنها لم تمض الفترة التجريبية كاملة وهي ثلاثة أشهر، واستطعنا استرداد المبلغ المدفوع». وأوضحت أن مرض الذهان يفصل الإنسان عن واقعه، وهو ما يساعده على اقتراف جرائم شنيعة، وهو في حالٍ من عدم الوعي. في حين تقول أم عبدالعزيز إن إحدى خادماتها تجمع القاذورات في المنزل وتضعها في أكياس وتخفيها في أرجاء المنزل مع قضم الأظافر وإيذاء الأطفال، وترديد بعض الكلمات. وتضيف: «بعد عرضها على الطبيب اكتشفنا أنها تعاني من اضطرابات سلوكية، ربما تشكل خطراً على الأطفال، وتجب حمايتهم منها، وعدم تركها بمفردها معهم والخروج لساعات طويلة». ويشير عبدالرحمن العطاس (موظف مصرف) إلى أن عاملتهم المنزلية كادت تقتل طفلتين من أفراد الأسرة بسكين أثناء لعبهم في المنزل، مستغلةً خروج الأب والأم وخلو المنزل، وهذا ما جعلهم يصابون بالرعب الذي اختزل في ذاكرتهن. ويضيف: «بعد فحصها، اكتشفنا أنها تعاني من اضطراب نفسي ونوبات متباعدة» منوهاً إلى أن مكتب الاستقدام رفض تسلمها وقام بتقديم بلاغ للشرطة. من جهته، أكد صاحب مكاتب استقدام (فضل عدم ذكر اسمه) أن النظام لا يسمح باستقبال أي عاملة منزلية مجهولة الهوية أو غير صالحة للعمل لأي سبب كان، لافتاً إلى أن دور المكتب إصدار تذكرة مغادرة ودفع قيمتها وترحيلها فوراً.