أكمل شبان ثلاثة الإطار العام لرواية قصة القرية التراثية الشعبية، وهي إحدى فعاليات مهرجان الدوخلة للتراث الشعبي، المقام في بلدة سنابس في محافظة القطيف.إذ لفت الثلاثة المتمثلون بدور مجانين، بسلوكهم الشاذ ولباسهم المتسخ المتقطع زوار القرية لتمثيل نمط من أنماط الحياة في القرى الشعبية. والشبان الثلاثة الذين يجلسون وسط القرية ويتصرفون بسلوكيات لافتة للانتباه، ويستمرون في مشاركتهم إلى نهاية فترة عرض المهرجان، اجتذبوا شريحة كبيرة من الزوار الذين تعجبوا من مواقفهم وسلوكياتهم، منبهرين ومعجبين معاً، إذ لم يسمعوا عنها إلا في القصص والحكايات. وبينما كان أحد الثلاثة، وهو ضيا مغيزل، منغمساً في دور المجنون، قال زميله موسى الدغام: «أنا هنا أمثل دوري الذي استمتع به برفقة أصدقائي». وبخصوص فكرة الدور الذي يجسدونه في القرية ذكر ثالثهم حسين الحبيب «نحن نمثل نمط تواجد الناس في الزمن القديم، نمثل دور مجانين قرية، ربوا على يد والدتهم التي تدعى أم مكي، بينما والدهم مسافر منذ سنين، وفي ليلة زفاف شقيقهم مكي، يخربون القرية عبثاً». وأشار الثلاثة إلى أن الزوار «ينظرون لهم بتعجب»، وبينوا «هدفنا من المشاركة هو التذكير بالماضي». واستطاع مشيدو القرية التراثية، إحدى أركان مهرجان الدوخلة للتراث الشعبي، تجاوز عائق إبراز الجنس اللطيف لتمثيل إحدى أهم مظاهر التراث في السابق «زفة العروس»،إذ استعانوا بدمية صامتة، لتحل بديلاً عن العروس في ليلة زفافها، لتصوير زفة العرس (قلب قرية التراث النابض) بكامل تفاصيلها. وحضرت المرأة الدمية كعروس مشاركة للعريس، الذي قام بدوره محمد خليل، لتمثيل ليلة من ألف ليلة وليلة، تجمهر حولها الحاضرون، مستأنسين برؤية ماضي العروس الذي لم يكن احتفالا عادياً، وسط أنغام من الموسيقى الشعبية التي عانقها تصفيق الحضور بهجة وفرحاً. واستحضر منظمو القرية التراثية في غرفة العروس هيبتها وحضورها، بإضافة لمسات تعانق الواقع الحقيقي للظروف التي ترافق العروس، والتي تعتمد في جزء كبير منها على المستوى المعيشي للعريس. واستوقفت إحدى الحاضرات لبرهة (نجيبة العلوي)، مشيرة إلى صندوق المبيت. وقالت لبناتها «انظرن لذلك الصندوق، لا أزل أحتفظ بصندوق زواجي». ولفت المهرجان إلى وجود جاليات أجنبية، وقفت وسط غرفة العروس، مبتهجة بأصوات الأغاني الشعبية، ومرددين كلمات تعني الانبهار والإعجاب بالتراث الشعبي القديم. وذكر رئيس لجنة التراث الشعبي في مهرجان الدوخلة موسى الدغام أن «بناء الغرف استغرق ليلتين فقط»، وأضاف «لم تخل الغرفة من السرير ذي الطراز القديم والصندوق المبيت (بفتح الباء)، والذي يعد هدية للعروس من العريس، بحيث لا تفتحه إلا في اليوم الثاني، كذلك فقد تضمنت الغرفة سلة الملابس التي اتخذت الشكل البيضاوي، والمرايا بأنواعها الهندية والطاؤوسية والآيات القرآنية، إضافة للعطور والبشتجة». وقال الدغام: «من طقوس العروس في ذلك الزمن، أن تجلس مع عريسها سبعة أيام بلياليها معززة مكرمة في منزل والدها، ومن ثم تأتي ليلة الحوال، التي من خلالها تتحول إلى بيتها الزوجي». وذكر ممثل دور معرف غرفة العروس محمد طلاق «تضمنت الغرفة اللوازم القديمة للعروس، كالقماش الملون الذي كان يستخدم لتزيين الغرفة، والساعة القديمة، وسلة الملابس التي يوضع بها المهر، والراديو القديم الذي لم يكن يستطيع الحصول عليه إلا الأثرياء آنذاك». وأكد ممثل دور العريس مهدي الخليل «افتقار الناس في هذا الزمن لروح الزمن القديم». وأضاف «تغير الزمن من حال إلى حال، ولم تعد التقاليد واحدة، وتطوعنا في تمثيل الزمن القديم بكامل تفاصيله الدقيقة، إنما جاء لإحياء روح لازالت تعني الكثير للناس، بالرغم من تبدل الحاضر».إلى ذلك، نظم المهرجان حملة للجنة الصحية التي تضمنت خيمة تثقيفية صحية وخيمة علاج واستشارة. وقالت رئيسة اللجنة صابحة آل حسن: «خصصت اللجنة الصحية خيمة إسعاف للرجال وأخرى للنساء. بينما تضمنت خيمة العلاج والاستشارة، استشارات نفسية، وهاتفاً استشارياً، وجلدية وليزر، إضافة إلى فحص السكر وضغط الدم من طريق مستشفى القطيف المركزي». وأوضح استشاري أسري في البيت السعيد عبد الله العليوات «نستقبل الاستشارات بكامل أنواعها النفسية، والاجتماعية، والأسرية التربوية». وذكر أنهم استقبلوا «ثماني حالات نسائية، وثلاثاً رجالية خلال يومين، غالبيتها حالات بسيطة، تفاقمت في بيت الزوجية بسبب نقص الوعي والإدراك لطريقة إدارة البيت الزوجي». وأشار إلى إحدى الاستشارات، واصفاً إياها ب «المعقدة»، مبيناً «اتضح من خلالها إصابة الزوج بعقدة نتيجة تربيته مع زوج والدته الأرملة»، مردفاً أسباب عنف الزوج»، لنشأته في أجواء من العنف مع زوج والدته». وأضاف «انها نتيجة الطفولة السيئة». وأكد على أهمية «دخول الزوجين في دورات تدريب وتأهيل لمعرفة أساسيات الزواج الصحيح»، لافتاً «سنعاود طرح دورات تدريبية، تتعلق باختيار الشريك، والخطوبة الناجحة، وحل المشكلات داخل بيت الزوجية».