أحدث وقت الإمساك في شهر رمضان المبارك انقساماً واسعاً بين علماء الدين، فبعضهم يرى وجوب التوقف عن الأكل والشراب قبل موعد أذان الفجر، فيما يرى آخرون التوقف أثناء الأذان، ولم يتوقف الخلاف عند هذا الحد، بل وصل إلى أن أصحاب الرأي الأول أكدوا أن من يمسك أثناء الأذان يجب عليه قضاء اليوم، وعزوا السبب في ذلك إلى أنه في السابق كان لصلاة الفجر أذانان، الثاني منهما أذان بدخول وقت الفجر، فيما يرى فريق آخر أن توقيت أم القرى المعمول به حالياً متقدم عن وقت الأذان. وتضج برامج الفتوى التلفزيونية والإذاعية باستفتاءات حول الحكم الشرعي لشرب الماء والأكل أثناء أذان الفجر للصائم، إذ أكد عدد من علماء الدين أن هذه القضية فيها إشكالات مبنية على موضوع دِقة التقويم من عدمها، والفارق بين الدقة والواقع، ويختلف الحكم في ذلك بحسب من وقعت لهم المسألة، ومعرفة بعض التفاصيل المؤثرة في الحكم، مؤكدين أن العبرة بوقت طلوع الفجر، وليس وقت أذان المؤذن، لأن بعض المؤذنين ليسوا دقيقين. السائلة ريم العلي أكدت في حديثها إلى «الحياة»، أنها قضت صيام شهر رمضان الماضي كاملاً، وذلك بعد أن أجاب عن سؤالها أحد العلماء حول حكم شربها للماء وقت سماع الأذان بأنه محرم ولا يجوز انتظار أذان الفجر للشرب، ويجب عليها القضاء، ما اضطرها على رغم المشقة لإعادة صيام الشهر كاملاً، إلا أن الأستاذ في كلية أصول الدين عصام العويد أجاز شرب الماء وعدم الإمساك وقت الأذان، وقال في تصريح إلى «الحياة» يجوز عدم الإمساك للصائم عن الأكل والشرب أثناء سماع أذان الفجر، فتقويم أم القرى المعمول عليه حالياً يتقدم قليلاً عن طلوع الفجر. وأكد أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الدمام عامر اللهو في حديث إلى «الحياة» أن الأصل في الإمساك عن الأكل والشرب هو طلوع الفجر، وذلك بحسب قوله تعالى: «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر»، ولفت اللهو إلى أن غالبية المؤذنين اليوم لا يؤذنون عن يقين بطلوع الفجر وإنما على سبيل الظن، لذلك يتفاوتون، وقال: «وعليه فلا حرج في الأكل والشرب مع أذان المؤذن لمن احتاج إلى ذلك»، على ألا يكون ذلك عادة. بدوره، دعا الأستاذ في المعهد العالي للقضاء عضو مجمع فقهاء الشريعة بأميركا الشيخ محمد النجيمي للتقيد بالإمساك عند أذان الفجر في الجوامع الكبيرة حتى لا يفسد الصيام، مشيراً إلى أن المساجد في الوقت الحالي غير منضبطة في إقامة الأذان بالوقت الصحيح. وقال النجيمي ل«الحياة»: «إذا كان المؤذن ملتزماً تمام الالتزام بالوقت كوقت إذاعة القرآن في مدينة الرياض فمن أكل أو شرب وقت سماعه يفطر ويجب عليه القضاء، لأن الأذان أذان للناس بدخول وقت الإمساك وانتهاء وقت الإفطار»، مؤكداً أن غالبية المساجد غير منضبطة في الأوقات الدقيقة، فالبعض يتقدم قليلاً والآخر يتأخر. ولفت النجيمي إلى أنه لا قضاء ولا إثم على الجاهل، «فمن أكل أو شرب أثناء الأذان جاهلاً أو ناسياً فلا إثم ولا قضاء عليه، والأدلة على ذلك معلومة».