إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    المملكة تتضامن مع أسر ضحايا حادث شرم الشيخ    من أوساكا إلى الرياض    النفط السعودي.. صمام الأمان    أهمية الحوكمة    مشاركات سعودية مكثفة في اجتماعات البنك والصندوق الدوليين    وثيقة سلام تاريخية تنهي حرب غزة    مساعدات إغاثية سعودية جديدة إلى غزة    فيروسات الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي    تحذيرات روسية لواشنطن وأوروبا: «توماهوك» قد تشعل مواجهة نووية    أكد أن الظروف الحالية تشجع على التسويات السياسية.. عون يدعو للتفاوض مع إسرائيل لحل القضايا العالقة    في ختام الملحق الآسيوي المؤهل لمونديال 2026.. قمة الحسم تجمع الأخضر وأسود الرافدين    رينارد: مواجهة المنتخب العراقي الأهم في حياتي    الهلال يحتاج إلى وقفة تقويم    زمن الاستحواذ مختلف    الخريجي ونائب رئيس «الأزمات الدولية» يستعرضان التعاون    دعا «هدف» لتطوير برامج دعم توظيف السعوديين.. «الشورى» يطالب الصندوق العقاري بمراجعة البرامج التمويلية    ضبط 29,644 قرصاً محظوراً و192 كجم قات    «الأرصاد» : حالة مطرية خلال نوفمبر بمعظم المناطق    فحص الماموجرام    تخريج أطباء سعوديين من برنامج «القيادة المتقدمة» بأوتاوا    برعاية وزير الداخلية وبمشاركة 40 دولة ومنظمة.. مؤتمر الإنتربول يناقش مستقبل العمل الشرطي    ماجد الكدواني بطل «سنة أولى طلاق»    الكلمة الطيبة.. محفّزة    «التخصصي» يعزز ريادته في العلاجات الجينية    الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    التهاب المفاصل.. أهمية التشخيص المبكر والعلاج المناسب    المبيض متعدد الكيسات (1)    40 ترخيصا صناعيا جديدا    1.13 تريليون صادرات السعودية خلال 90 يوما    14% انخفاضا في مخالفات مزاولة المهن الهندسية    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 67,869 شهيدًا    منتخبنا بطموح التأهل للمونديال يواجه العراق    النصر يخسر ودية الدرعية بهدفين    الصقر رمز الأصالة    اللغة والتعلم والإعاقة في تعليم الأطفال ثنائيي اللغة    نائب أمير الشرقية يلتقي تنفيذي «المياه» ومدير فرع «الصحة»    المدينة تحتضن ملتقى علمياً لمآثر شيخ الحرم ابن صالح    الوطن أمانة    من الطموح إلى الواقع: حين تحوّل الابتكار إلى استثمار والمستقبل إلى صناعة    رئيس جامعة الملك سعود يدشن جائزة "جستن" للتميز    أمير الرياض يستقبل محافظ الدرعية وسفير الإمارات    أمراض الراحة    رينارد يختار هجوم المنتخب السعودي أمام العراق    ترمب: ولي العهد السعودي يقوم بعمل رائع.. وثيقة توقف حرب غزة وتعيد الإعمار    المَجْدُ.. وَطنِي    جامعة جازان تطلق معرض التعافي لتعزيز الصحة النفسية    32 مدرسة بعسير تحقق مستوى التميز    التوقيع على الوثيقة الشاملة لاتفاق إنهاء الحرب في غزة    انطلاق البرنامج التأهيلي "الأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز" بمحافظة أحد المسارحة    انطلاق أعمال ورشة العمل الثانية لأندية السلامة المرورية بجامعات وكليات المنطقة الشرقية    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية الخامسة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة    "التحالف الإسلامي" يعقد ندوة فكرية حول التطرف الفكري في البيئة التعليمية في المالديف    رئيس جمعية حقوق الإنسان يستقبل وفد هيئة حقوق الإنسان    افتتاح المركز الثقافي الصيني رسميا في الكويت    «الحياة الفطرية»: إجراءات شاملة لصون الطيور المهاجرة    "سيف" يضيء منزل المهندس عبدالرحيم بصيلي    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان أمير قطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات المصرية ما بين «اليوتوبيا» والانتهازية
نشر في الحياة يوم 11 - 11 - 2011

حال من الجدال والارتباك تسود الساحة السياسية المصرية قبيل انطلاق الانتخابات البرلمانية في 28 الجاري كنتاج لكثير من الالتباس في شأن كيفية إدارة القوى السياسية المصرية لتلك المعركة وخصوصاً في ما يتعلق بمسألة التحالفات الانتخابية بينها، إذ انقسمت الساحة السياسية المصرية إلى قسمين: قسم يعتقد بضرورة خوض القوى والتيارات السياسية كافة الانتخابات بقائمة موحدة في مواجهة فلول الحزب الوطني التي ستحارب معركتها الأخيرة بشراسة مسلحة بالمال والعصبيات العائلية وما تبقى من نفوذ داخل أجهزة الدولة المختلفة. وقسم آخر يرى أن عقد تلك التحالفات وتشكيل قوائم انتخابية مشتركة بين تلك القوى سيمثلان نوعاً من الانتهازية السياسية تكمن في تحالف بعض القوى الليبرالية والقومية واليسارية مع حزب «الحرية والعدالة»؛ الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، على رغم الاختلافات الأيديولوجية البنيوية بين تلك التيارات و «الإخوان». فغلبة تلك الرؤية الأخيرة أدت إلى تفكيك معظم التحالفات المزمعة في بداية الانتخابات بين التيارات السياسية في شكل جعل الدعوة إلى التفاف القوى السياسية حول قائمة واحدة تتحول من احتمال ممكن الحدوث إلى حلم يوتوبي مقطوع الصلة بالواقع وحقائقه، وكرس المشهد الهزلي بدخول رموز القوى السياسية المشاركة في الثورة في مواجهة بعضهم بعضاً في معركة تكسير عظام لنيل مقاعد البرلمان أو انسحاب بعض آخر من حلبة الصراع والرهان على حركة احتجاجية كبرى قد تقوم بها القوى الثورية بعد الانتخابات في حال عودة فلول الوطني الى المشهد السياسي مرة أخرى.
وهو ما يعني أن غياب التحالف بين القوى والتيارات السياسية خلال تلك الانتخابات هو بمثابة فرصة كبرى ثانية ضائعة بعدما أضاعت تلك القوى الفرصة في بناء توافق وطني في ما بينها خلال الأشهر الماضية وذلك لأسباب عدة: أولها أن الفرز الثوري لم يحدث حتى الآن داخل المجتمع أو حتى داخل النخبة السياسية. فقوائم بعض الأحزاب السياسية العريقة، ومنها حزب «الوفد» مثلاً، شهدت وجوداً لبعض مرشحي الحزب الوطني المنحل، كما أن المجتمع الذي سيمثل البرلمان تعبيراً عن قواه الحية شهد هو الآخر تنامياً لقوى اجتماعية كانت حتى وقت قريب بعيدة من العمل السياسي، بل ومتوافقة في خطابها إلى حد بعيد مع النظام المخلوع كالتيارات السلفية التي تتساوى فرصتها في حصد عدد من مقاعد البرلمان خلال الانتخابات المقبلة مع فرصة جماعة «الإخوان»؛ أبرز القوى المناوئة للنظام المخلوع، اعتماداً على قاعدتها الاجتماعية العريضة... ما شجع تلك التيارات على فكِّ تحالفها مع «الإخوان»، وما يعني أن تحالف القوى الليبرالية واليسارية والقومية مع «الإخوان»، ومن ثم الاستفادة من قاعدتهم الاجتماعية لحصد مزيد من الأصوات خلال العملية الانتخابية كانا أمراً مقبولاً وممكناً، بخاصة في ظل عدم حدوث تغيرات اجتماعية واسعة حتى الآن تمكّن ثورة يناير من تشكيل قاعدة اجتماعية جديدة خاصة بها.
وثانيها، أن تكتل قوى الحركة السياسية وتياراتها حول هدف واحد هو تكوين برلمان يحقق أهداف ثورة يناير كان سيحقق أحد أهدافها المهمة. فحلحلة المواقف القديمة وتنحية الخلافات السياسية جانباً كانتا ستساهمان في تفكيك الخطاب السياسي القديم لتلك القوى والذي ظل قائماً منذ نشأتها ومعتمداً في شكل أساس على تكفير المخالفين في الرأي وتخوينهم وتجهيلهم، ومن ثم تكوين خطاب جديد أكثر اتساقاً مع التغيرات السياسية والاجتماعية المأمولة في أعقاب ثورة يناير.
وثالثها، أن هناك دوراً تاريخياً مهماً للقوى السياسية المصرية يتمثل في تأطير ثورة يناير إيديولوجياً، وهو دور لا يرتبط بنجاح تيار سياسي بعينه خلال الانتخابات المرتقبة بقدر ما يرتبط بقدرة تلك القوى مجتمعة على إزاحة النظام القديم وعناصره، ومن ثم فإن الصراع في ما بينها للحصول على قضمة أكبر من كعكة السلطة وتجاهل متطلبات هذا الدور سيعني أولاً اختزال الثورة في مجرد انتفاضة لخلع الرئيس، وسيعني ثانياً غضبة الشارع على النخبة بتياراتها كافة. فالجماهير العفوية التي صنعت ثورة يناير كانت ولا تزال تنتظر من النخب السياسية وضع الأطر الممكنة كافة لتعظيم مكتسبات الثورة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بما ينعكس بالإيجاب على حياتها وواقعها اليومي.
وهو ما يعني أن إدارة القوى السياسية للعملية الانتخابية بتلك العقلية ستجعلها الخاسر الأكبر في تلك المعركة أياً كانت نتائجها لفشلها في التعاطي مع حقائق الواقع السياسي والاجتماعي في مصر أو القفز على إرث صراعاتها القديمة، وهو ما كرَّس عجزها عن أداء دورها التاريخي المفترض في رسم ملامح الخريطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمصر ما بعد مبارك.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.