سيطرت العبارات الإرشادية على سلوك موظفي القطارات ورجال الأمن في جميع أيام فترة الحج وخاصة اليومين الأخيرين من أيام التشريق، وارتفعت نداءات مكبرات الصوت لتهدئة الجموع المتدافعة على البوابات الخارجية لقطار المشاعر، إذ تدفق عددٌ كبير من الحجاج، وأغلقت الطرقات المحيطة بصورة كاملة، واعتلى موظفو القطارات الذين استشعروا خطر الموقف الأسلاك المتشابكة التي تحول بينهم وبين الجموع الهادرة، وصاحوا بالتجمعات التي بدأت تضغط بشدة بهدف الدخول بالقوة إلى بوابات الركوب: «حج ياحاج..على مهلك ياحاج» وتكرر الأمر ذاته على جسر الجمرات، إذ اضطر رجال الأمن للصعود على الحواجز المعدنية، وهتفوا في النهر البشري المتدفق بين أيديهم إلى الجمرة الصغرى: «حافظ على حياتك ياحاج...لا تتدافع ياحاج». واستمر موقف الاستعطاف، وتذكير ضيوف الرحمن بخطر التزاحم، وتهيئتهم للصبر والتحمل تحت تأثير النداءات التي لم تنقطع لحظة واحدة كلما اشتدت الأزمة وبلغت أوجها، وكان أغلب الحجاج أزمعوا الاستفادة من فرصة يوم التعجل التي يشترط للحاج فيها أن يرمي الجمرات الثلاث ويغادر منى قبل غروب الشمس. واتجه أكثر من مليوني حاج في الوقت نفسه إلى القطارات وجسر الجمرات في ظل غياب وسيلة ناجعة للحيلولة دون تدفق حجاج غير مرخص لهم إلى عربات القطار، نظراً إلى صعوبة التفتيش في هذا الموقف المحرج لدى كل حاج وعائلته من سوارات الصعود.