في وقت أمرت محكمة مصرية بالإفراج عن 13 قيادياً في جماعة «الإخوان المسلمين» والموقوفين على خلفية القضية التي اشتهرت إعلامياً ب «إحياء التنظيم الدولي»، صعدت أجهزة الأمن المصرية من إجراءاتها في حق الجماعة، وشنت حملة دهم واسعة اعتقلت خلالها ستة من قيادي الإخوان بينهم عضو مكتب الإرشاد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي ارتبط اسمه بقضية «التنظيم الدولي». وردت جماعة «الإخوان» بشن هجوم هو الأعنف منذ فترة على النظام المصري، واعتبرت الاعتقالات «غير المبررة» وتهدف إلى «تقويض نشاط الجماعة وإقصائها من الحياة السياسية المصرية». لكن الجماعة شددت في الوقت ذاته على أن «الحملات الأمنية لن تنجح وأن الإخوان ماضون في طريقهم نحو الإصلاح والالتحام مع الجماهير». ودهمت الأجهزة الأمنية المصرية في ساعات متقدمة من صباح امس منازل ستة قياديين في جماعة «الإخوان»، واعتقلت عضو مكتب الإرشاد والأمين العام لاتحاد الأطباء العرب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والخبير الاستشاري في المعاملات المالية والمستشار السابق في وزارة العدل المصرية المستشار فتحي لاشين، ومدير لجنة الإغاثة والطوارئ في اتحاد الأطباء العرب الدكتور جمال عبد السلام، ورجل الأعمال أسامة سليمان الذي يملك شركات صرافة في القاهرة جرى دهمها وإغلاقها ومصادرة مبالغ مالية كانت فيها، اضافة الى القياديين في الجماعة علاء فهمي وعبد الرحمن الجمل. وأوضحت مصادر أمنية ل «الحياة» أن أجهزة الأمن تلقت معلومات تفيد بأن قياديين في جماعة الإخوان «المحظورة» يسعون إلى إحياء فكر الجماعة والترويج لنشاطها بما يخالف القانون والدستور، مشيرة الى دهم منازلهم وتوقيفهم. وأضافت أن المعتقلين سيعرضون على نيابة أمن الدولة المصرية العليا اليوم لمباشرة التحقيق معهم على خلفية اتهامهم ب «إحياء نشاط جماعة الإخوان والترويج لأفكار مناوئة لنظام الحكم في مصر بما يضر بالأمن العام في البلاد». ووصف محامي الإخوان عبد المنعم عبد المقصود الإجراء بأنه «غير مبرر» و «غير معقول». وقال ل «الحياة» إن «هذا تصعيد في حق قيادات الجماعة ليس له داع». وأشار عبد المقصود إلى أنه تقدم باستئناف أمام محكمة جنايات أمن الدولة ضد قرار سجن 13 من قيادات الإخوان على رأسهم عضو مكتب الإرشاد أسامة نصر، والذين جرى توقيفهم في 14 آيار (مايو) الماضي على خلفية القضية التي عرفت إعلامياً ب «إحياء التنظيم الدولي لجماعة الإخوان». وكانت المحكمة برأتهم أمس من الاتهامات المنسوبة إليهم، والتي تتعلق ب «تبييض أموال محصلة من إحدى جرائم الإرهاب بقصد إخفائها وتمويه مصدرها وطبيعتها وإعادة إحياء نشاط التنظيم الدولي، إضافة إلى استقطاب عناصر وتلقينهم أفكار الجماعة وتدريبات عسكرية. وأمرت المحكمة بإطلاقهم. وأوضح أن أجهزة الأمن نفذت حملة دهم ضد قيادات الجماعة بينهم عبد المنعم أبو الفتوح الذي ضمت اسمه محاضر التحقيقات في قضية التنظيم الدولي، إضافة إلى اسمي رئيس كتلة الإخوان البرلمانية النائب سعد الكتاتني ونائبه النائب حسين إبراهيم. وقال إن من غير المعلوم حتى الآن ما إذا كان أبو الفتوح اعتُقل على خلفية قضية التنظيم الدولي، مشيراً إلى أن الأمور ستتضح اليوم بعد عرض المعتقلين على النيابة. وأضاف: «ننتظر كذلك تنفيذ قرار المحكمة بالإفراج عن 13 قيادياً في الإخوان والمفترض أن يتم اليوم. لذا فشكل القضية سيتضح اليوم وسنرى هل سينفذ قرار المحكمة أم يُضم معتقلو الأمس إلى القضية بالتزامن مع رفض تنفيذ قرار المحكمة. هذا سيكون تصعيداً كبيراً من السلطات يدعو إلى القلق». من جهته، هاجم الدكتور محمد حبيب نائب مرشد الإخوان النظام المصري، مؤكداً أن حملة الاعتقالات تدل على تخبطه وأنه يحاول أن يشيح بنظر المواطنين عن الأزمات التي يعاني منها المصريون. وقال ل «الحياة» إن هذه الحملة تأتي في سياق حملات تهدف إلى تقويض نشاط جماعته ومحاولة حجبها وإقصائها كي لا يكون لها دور في الحياة السياسية في مصر. وتوقع أن يتبع تلك الاعتقالات حملات أمنية أخرى ضد عناصر جماعته، لكنه أكد في الوقت ذاته أنها «ستفشل مثل سابقاتها، وأن جماعة الإخوان ستظل على نهجها السلمي الساعي إلى الإصلاح والتلاحم مع الجماهير والتعاون مع قوى المعارضة». كما أكدت جماعة «الإخوان» في بيان نشرته على موقعها على شبكة الانترنت أن هذه «الاعتقالات تأتي في إطار تقديم القرابين للأميركيين والصهاينة لضمان استمرار قبضة النظام على الحكم، والاستعانة بالأجنبي على مواطني مصر الذين باتوا يكرهون هذا النظام لظلمه، وفشله وعدوانه المستمر عليهم». وحمل «الإخوان المسلمون» في بيانهم «النظام المسؤولية الكاملة عن حياة المستشار فتحي لاشين»، وأوضحوا أنه يعاني من مرض شديد بعدما أجرى جراحات دقيقة. ودان البيان اعتقال «عبد المنعم أبو الفتوح وجمال عبد السلام اللذين كان لهما دور بارز في إغاثة إخواننا في غزة» إبان الحرب الاسرائيلية الأخيرة في القطاع من خلال لجنتي الإغاثة في اتحاد الاطباء العرب وفي نقابة الاطباء المصريين.