استؤنفت في القاهرة امس برعاية مصرية جولة جديدة من الحوار الوطني بين وفد من حركة «فتح» برئاسة القيادي أحمد قريع (أبو علاء)، وآخر من حركة «حماس» برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق. وشهدت جلسة أمس محادثات مكثفة ومطولة وسط تكتم إعلامي شديد. وقال القيادي في «حماس»، ممثلها في لبنان أسامة حمدان إن جلسة الحوار الحالية مهمة جداً «لكنها لن تكون حاسمة»، مشيراً إلى أن المطروح على أجندة الحوار قضايا الملف الأمني والانتخابات والحكومة. وأوضح أن تم إجراء عملية تقويم لكل القضايا والملفات التي بحثت خلال جلسات الحوار مع الجانب المصري عقب نهاية هذه الجولة على أمل التوصل إلى اتفاق مصالحة الشهر المقبل «لأننا في حماس حريصون على التوصل إلى اتفاق وانهاء كل الملفات خلال هذه الفترة». ونفى ما تردد عن أن «حماس» طلبت من المصريين تمديد فترة الاتفاق شهراً عن الموعد الذي اقترحته مصر وهو 7 من تموز (يوليو) المقبل. واعتبر أن الملف الأمني حالياً هو القضية التي تمنع تحقيق اختراق في الحوار يتوج بمصالحة، وقال: «إذا تم التوافق على الملف الأمني ومعالجته من كل قضاياه، بما فيها إطلاق المعتقلين واستهداف المقاومين وإعادة بناء الأجهزة الأمنية في كل من الضفة وغزة في شكل متواز ومتزامن، فإنه لن تكون هناك حاجة لتشكيل قوة مشتركة، وحينئذ سنبحث معاً الإجراءات المطلوبة لتنفيذ الاتفاق المنوط بالأمن». وأضاف أن حل الملف الأمني باعتباره الملف الشائك، بل وأصعب الملفات وقضايا الحوار، «سيمهد قطعاً للمصالحة، وسيفتح الأبواب إلى إنجاز اتفاق ينهي الانقسام». وأوضح أن الحركة على استعداد لأن تبدي مرونة كافية من أجل التوصل إلى اتفاق في حال تحقيق اختراق حقيقي في الملف الأمني. ورفض الخوض في موقف الحركة من الطرح المصري المتعلق بقانون الانتخابات، وقال: «هم حالياً يعقدون جلسة محادثات مكثفة ومطولة لبحث كل الملفات، وعلى رأسها الملف الأمني». في غضون ذلك، رأت مصادر مصرية مطلعة أن الملف الأمني على رغم أنه يبدو شائكاً ومعقداً إلا أن هناك طروحات كثيرة إذا تم التعاطي معها يمكن أن تؤدي إلى حلحلة بعض العقد، لافتة إلى أن «لا يمكن توقع معالجة كل القضايا في شكل كامل وفي زمن قياسي، لكن يمكن حلها تدريجياً». وشددت على ضرورة توافر النية الصادقة والإرادة الحقيقية من الجانبين لإنهاء هذا الانقسام الذي من دون معالجته لا يمكن أن تسير الأمور، فكل القضايا سيظل معطلاً إذا استمر الانقسام بدءاً من إعمار غزة وكسر الحصار الخانق ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني واستئناف العملية السلمية. وقالت المصادر إن هذه القضايا حيوية تمس في شكل أساسي ومباشر مصالح الشعب الفلسطيني، محذرة من أن استمرار الانقسام سيرسخه وسيضاعف من معاناة الشعب الفلسطيني وكل الإشكالات الحالية في الساحة الفلسطينية. وشددت على أن مصر ستبذل ما في وسعها من أجل تحقيق اختراق في جولة الحوار الحالية. وأكد مسؤول مصري أن الحوار الوطني الفلسطيني يسير في مرحلته النهائية، وان السابع من تموز (يوليو) المقبل هو الموعد النهائي المقترح لاعلان اتفاق المصالحة الذي يمهد للعملية السياسية. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن مسؤول مصري لم تسمه القول: «نحن نعتبر موضوع المصالحة أمراً لا يحتمل التأجيل، ويجب إنهاء الانقسام قبل السابع من تموز (يوليو) لأن استمراره يؤثر سلباً على القضية الفلسطينية ويعيدها الى الوراء سنوات». وأضاف أن مصر تتحرك على محاور عدة لدعم الفلسطينيين، منها إنجاز اتفاق للمصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وإنجاز صفقة تبادل الأسرى، وإتفاق دائم للتهدئة، والتركيز منصب حالياً على إنهاء الانقسام، فنحن نرى أن إنهاء الانقسام مصلحة فلسطينية وعربية عليا، ولا يجوز الاستمرار في الحوار إلى ما لا نهاية». من جانبه، طالب الأمين العام ل «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» نايف حواتمة «بوقف تدخل الدول العربية في الشأن الفلسطيني الداخلي بما يعيق الوحدة الوطنية ويعمق حال الانقسام»، معتبراً أن «الجانب الفلسطيني بانتظار تحويل مواقف الرئيس باراك أوباما الإيجابية في ما يخص القضية الفلسطينية إلى أفعال». واستبعد التوصل إلى اتفاق في السابع من الشهر المقبل في القاهرة لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، مطالباً «بهيئة عربية رسمية عليا لوضع آليات لحل قضايا الصراع مع إسرائيل». ووصف حواتمة في لقاء مع عدد من الصحافيين أمس في عمان الوضع الراهن في المنطقة «بالراكد» بسبب «الانقسام الفلسطيني وغياب الفعل العربي وضعف التأثير على المجتمع الدولي»، داعياً إلى «وضع المصالح الأميركية في المنطقة في موازاة المطالبة بحل الصراع».