يُقدّر الخبراء إجمالي استثمارات أوروبا خلال السنوات العشرين المقبلة، لتطوير شبكات توزيع الكهرباء وتوسيعها في شكل مناسب، بنحو 1.8 تريليون يورو. ولا يرى عمالقة إنتاج الكهرباء، الأوروبيون والسويسريون، مشاكل تُذكر في تجهيز هذه الاستثمارات، لكن مشاريعهم الطموحة قد تعاني من غياب البنية التحتية القانونية المتطورة القادرة على تنظيم خططهم من دون إشعال نار التنافسية العدوانية بين الشركات. إن تنظيم البنية التحتية القانونية، التي تخوّل شركات إنتاج الطاقة الكهربائية العمل في شكل سلس، ضروري لوضع كمية غير محدودة من الأموال في تصرّفها، من داخل أوروبا وخارجها. ولا شك في أن الدول الخليجية، وعلى رأسها قطر، تُعتبر من بين أوائل المهتمين بخوض استثمارات أجنبية مربحة في القطاع. واضافة الى تنظيم قوانين إنتاج الطاقة، تحتاج الشركات إلى وضع مالي أوروبي ثابت، غير متوافر حالياً، وإلا لكانت قادرة خلال السنوات العشرين المقبلة على استثمار نحو أربعة تريليونات يورو في مشاريع كهربائية قادرة على ربط شبكات قارات العالم. تحديث وسائل الانتاج ويُجمع مؤسسو أسواق الكهرباء حول العالم، على ضرورة تحديث كل الوسائل المتاحة لإنتاج الكهرباء وتوزيعها. ويرى الخبراء أن بناء محطات من الجيل الأخير، لإنتاج الطاقة النووية التي تعمل من دون تلويث البيئة، ضرورة لا يمكن التخلي عنها، كما أن تأسيس محطات هيدروكهربائية جديدة سيساعد محطات توليد الكهرباء الحالية، التي تعاني من ضغوط استهلاكية، خصوصاً في فصل الصيف. وتدخّلت سويسرا مرات لإمداد ايطاليا بالكهرباء، بعدما تعرضت الأخيرة لانقطاع مفاجئ في التيار الكهربائي طاول مدناً عدة، ومنها العاصمة روما. وعلى رغم أن حادثة فوكوشيما اليابانية حضّت عدداً من الدول الصناعية على توجيه انتقادات لاذعة إلى أصحاب الاستراتيجيات الطاقوية التي تعوّل على تطوير انتاج الكهرباء النووية، إلا أن الخبراء السويسريين لم يهتموا لهذه الانتقادات التي سرعان ما زال مفعولها الإعلامي، فالطاقة النووية جزء مهم من كهرباء المستقبل، إذ أنها تضمن تجهيزات آمنة لا غنى للدول والأنظمة الصناعية والاقتصادية الدولية عنها. اغلاق محطات في المانيا وأدى قرار إغلاق ثماني محطات لتوليد الطاقة النووية في ألمانيا إلى تشويه الخريطة الجغرافية لمحطات توليد الكهرباء حول العالم، وفقاً لآراء المراقبين السويسريين، في حين ستؤدي الخطوة إلى رفع أسعار فواتير الكهرباء في أوروبا وسويسرا. وتتريّث حكومة برن قليلاً للتأكد من مستوى استهلاك الكهرباء محلياً، بيد أن البرد الذي أتى باكراً يُنذر بارتفاع استهلاك الكهرباء وزيادة في الفواتير، التي تبقى أرخص من الدول الأوروبية إذ أن محطات توليد الطاقة النووية في سويسرا ما زالت تعمل. ويبقى ملف إنتاج الكهرباء حساساً لكل الحكومات، وفي ظل تصادم القرارات على الصعيد الأوروبي أو السويسري أو العربي، سترتفع أسعار الكهرباء الاستهلاكية، ما يؤدي إلى تباطؤ دوائر الانتعاش الاقتصادي تحت وطأة عدم التجانس بين مصالح اللاعبين في أسواق الكهرباء الدولية.