تتجه سويسرا إلى الاستثمار في الطاقة الحرارية لباطن الأرض، بهدف تدفئة الشقق السكنية شتاء وتبريدها صيفاً. وتضع سويسرا حجر الأساس نهاية السنة لمشروع لاستخراج الطاقة الحرارية الأرضية لأغراض سكنية في المدن الكبرى، كجنيف وزيوريخ ولوزان ولوغانو وبازل، في صورة محدودة في المرحلة الأولى. أما المباني التي ستستفيد من هذه الطاقة، فتنتمي إلى عصر معماري جديد، اقتصادي وشعبي في الوقت ذاته. فأصحاب الشقق في هذه المباني، أو المستأجرين، لن يدفعوا فواتير الكهرباء التي ستأتيهم مجاناً من الأرض. علاوة على ذلك، يوجد العديد من المشاريع المعمارية الصديقة للبيئة. وصمم مهندسون سويسريون جدران منزلية مصنوعة من القشّ المضغوط ومحطات توليد كهربائية مصغّرة لكل منزل، تعمل بأشعة الشمس أو بقوة الرياح. ويشير خبراء الطاقة إلى أن الطاقة الحرارية الأرضية المتجددة تكفي لتغطية خمس حاجات سويسرا من الطاقة في المدى البعيد. ولتحويل الطاقة الحرارية الأرضية إلى طاقة كهربائية، ينبغي الحفر إلى أعماق سحيقة واستخدام أنابيب (قطر كل منها 15 سنتمتراً) لاستخراج الماء الساخن من باطن الأرض بكمّيات وفيرة. وبما أن عملية استخراج هذه الطاقة باهظة، لن يكون استعمالها على الصعيد السويسري واسعَ النطاق، بل مركّزاً في بعض المدن والمناطق الاستراتيجية التي بدأت تشهد ازدحاماً سكنياً جراء موجات جديدة من المهاجرين. ولا يحفر المهندسون السويسريون أكثر من كيلومتر تحت الأرض لاستخراج الطاقة الحرارية. ويضمن هذا العمق حرارة تتراوح ما بين 18 إلى 20 درجة مئوية، وقد تصل في أقصى الحالات إلى 25 درجة. وهذه حرارة مثالية لجميع فصول السنة. وتضمن الطاقة الحرارية الأرضية ثلاثة أخماس حاجات الطاقة لكل منزل، أما الباقي فتؤمنه الطاقة المستمدة من ألواح شمسية. وهناك محطة مركزية حرارية خاصة بكل مبنى صديق بالبيئة، تربَط بأنابيب استخراج الطاقة الباطنية. وفي ما يتعلق بتكاليف البناء، فهي أعلى بنسبة 15 في المئة مقارنة بتكاليف البناء التقليدية. ويعتبر الخبراء هذا الفارق المالي استثماراً للمستقبل، كما أن القوانين الخاصة بمواد البناء الصديقة للبيئة، تضمن لأصحاب المشاريع العقارية مساعدات فيدرالية وحوافز مالية. أما أسعار الشقق التي مساحتها ما بين 75 و80 متراً مربعاً، وهي القادرة على استمداد الطاقة ذاتياً، بحيث أن أصحابها معفون من دفع فواتير الكهرباء للدولة، فتبلغ 300 ألف فرنك سويسري. ويُذكر أن الطاقة الحرارية الأرضية، القادرة على تغطية حاجات العالم لآلاف السنين، تصطدم بتكاليف باهظة لتحويلها إلى كهرباء، بسبب عمليات الحفر إلى أعماق ساحقة للوصول إلى الماء الساخن المتوافر بغزارة، ما يعني أن الدول الصناعية، ومن ضمنها سويسرا، هي الوحيدة القادرة على استخراجها حالياً، بصورة غير واسعة النطاق.