لا تقتصر «التغريدات» على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي على إبداء الرأي أو التعبير عن المزاج أو حتى نشر الأخبار، بل تتجاوزها إلى العون الإنساني، من جمع التبرعات والتوجّه إلى الرأي العام بقضية معينة، إلى الدعوة لنشاط معنوي. وهذه المرة انصب الجهد على شدّ أزر المواطنين السوريين الذين يعانون القصف والحصار في بلداتهم ومدنهم. فقد دعا «مغرّدون»، من أكثر من دولة عربية، وبكثافة، إلى الاتصال بسكان حمص، ثالثة كبرى المدن السورية من حيث التعداد السكاني بعد دمشق وحلب، من أجل تهنئتهم بعيد الأضحى، تأكيداً لهم لأن الشعوب العربية تقف معهم في محنتهم. تقول الرسالة الرئيسة في ال «هاش تاغ»: «فيما تُعايد أهلك عبر الهاتف، جرّب معايدة أهل حمص، اتصل على المفتاح الدولي ومفتاح المدينة 0096312، ثم جرّب ستة أرقام عشوائية، هدفنا أن يُعايد كل منا خمس أسر». ويؤكد كثيرون ممن نفذوا المبادرة حجم الامتنان والترحيب اللذين لقوهما من أهل حمص، إذ غالباً ما قوبل الاتصال بالدعاء، أو بتأكيد نصر قريب، في حين اكتفى البعض بالقول إن «الله لن يتركنا». نجود منصور اتصلت برقم عشوائي وعايدت المجيب على الهاتف، تقول: «كان صوته حزيناً، وقال: ادعوا لنا، نحنا ما لنا إلا الله ودعاؤكم، وسلّمي لنا على الجميع». أما خالد البحري فيروي: «لم أطل المكالمة، عرّفت بنفسي، وأنني من السعودية، وأننا لا ننساهم في دعائنا، ثم دعوت لهم كثيراً، وأخذ المجيب يدعو لي ولأمة الإسلام». ويروي عبدالرحمن السعيد تجربته: «في المكالمة الثالثة تواصلت مع سيدة كبيرة في السن، دعت لي وقالت إن شاباً من السعودية سبقني إلى الاتصال وعايدها». وتقول نوف بدورها: «اتصلت ورد رجل مسنّ، قال: يا أهلاً بكم، وشكراً أنكم ما نسيتونا. حمص حرة والشام راجعة». أما ابتسام فصُدمت «بدموع السيدة التي تحدثت إليها، وبدموعي أيضاً، ردّدت طول الوقت عبارة واحدة: الحمد الله». وفيما تساءل «مغرّدون» عن فائدة هذه الخطوة وما إذا كانت قد تضر بسكان المدينة، جاء الرد من أحد أهل حمص وهو يعيش خارج سورية: «أنا حمصي وأعرف كيف يفكر أهل بلدي، صدقوني هذه الكلمات لن تضرهم، خصوصاً إذا تجنبتم شتم النظام أو الحديث في السياسة». ولم يكن الاتصال بحمص سهلاً، إذ شكا كثيرون من المتصلين سوء الخدمة الهاتفية.