لا توجد حدود لدى أصحاب حملات الداخل حين يتعلق الأمر ببثّ الأنس في قلوب حجاج حملاتهم، ما يدفعهم إلى أن يحملوا في جعبتهم ذكريات طيبة، قد تعود بهم في المواسم المقبلة إلى اختيار الحملة نفسها لرحلة حج جديدة. في هذه المرّة أقبل «الدّباب» وسائقه يردف وراءه رجلاً ملثّماً، بحّ صوته من كثرة المشاركة وإلقاء الكلمات والمحاضرات في مخيّمات منى، وما إن هبط من «صهوة الدباب» وأماط اللثام، حتى أدرك الحجاج المنتظرون أن وعد مسؤول البرامج الثقافية قد تحقق، وأنه قد تدبّر لهم أمر مفسّر الأحلام الذي سبق إخطارهم في الجدول الثقافي بأن الموعد معه سيكون عقب صلاة العشاء. في البداية ألقى مفسر الأحلام المعروف سعد بن مبارك الدوسري كلمة قصيرة في استغلال مواسم الحج بالدعاء والطاعة، ثم بعد ذلك اعتذر للنساء عن تلقي أي أسئلة شفويّة، وقال: «ليس ذلك انتقاصاً من قدر المرأة، ولكن هذا اختياري الشخصي، ولا أعلّق به حكماً فقهياً». بعد ذلك بدأ الدوسري في تلقّي الأسئلة التي أجاب عن بعضها بأنها «أضغاث أحلام، ولا تأويل له»، وعن القسم الآخر بقوله: «لا أدري والله أعلم»، وعن قسم ثالث بالامتناع عن ذكر الإجابة على مكبر الصوت، مطالباً أصحاب هذا النوع من الأحلام بمقابلته خارج القاعة، معللاً ذلك «بأنها أسرار ولا أستطيع إلقاءها على الملأ». وأما القسم الذي تصدى الدوسري إلى تأويله فقد تطرق فيه إلى تفسير حلم امرأة رأت أنها تقرأ سورة يس، بأن الله سيحفظها، ورؤيا لسائل رأى أنه يسبح بمسبحتين اثنتين، كان تأويلها أن الله سينقذه من كرب عظيم، مستدلاً لذلك بقوله تعالى: «فلولا أنه كان من المسبحين، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون». وفسّر أحلاماً أخرى بأن صاحبها «سيرزق بولد ذكر»، وآخر بأن الرائي «سيتزوج وسيكون له من هذا الزواج بنات إناث»، وحلم رجل بأن شخصاً استدان منه مبلغاً من المال ب «لا أظن أنه سيعيده إليك». وفي غضون ذلك، اعتذر الدوسري عن إتمام تأويل الأحلام نظراً إلى أنه «مجهد، وحلقه متعب، وقضى وقتاً غير قصير في إلقاء المحاضرات والتنقل على «الدباب» من مخيّم إلى آخر، وامتنع نهائياً عن الأسئلة الخاصة، ليعود في آخر الأمر إلى مخيّمه: ملثماً، على ظهر «الدباب»، كما جاء.