لم يتوقع أحد الشبان السعوديين الذي حلق مع 130 من أقرانه رؤوس الحجاج في يوم الأضحى أن يصبح أحد المدربين في قسم الحلاقة بمعاهد التدريب المهني والصناعي التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. وأسهمت الخبرة التي اكتسبها في موسم الحج، إضافة إلى تعليمه المتواصل طوال الأعوام الماضية من جانب مؤسسة التدريب التقني في صقل موهبته حتى أصبح مدرباً. ويعمل المدرب محمد الجهني حالياً مدرباً بمعهد الحلاقة في منطقة مكةالمكرمة، يعلم الطلاب فنون هذه المهنة التي اكتسبها من واقع مشاركاته الماضية في موسم الحج، إذ إنه لم يكن يعلم أن تلك المشاركات ستجعل منه مدرباً يتخرج الكثير من الحلاقين على يده. وانطلقت رحلة الجهني عندما كان طالباً متدرباً في قسم الحلاقة بمعهد تدريب جدة التابع للمؤسسة، إذ بدأت ملامح تفوقه منذ أول عام دراسي، وشارك مع زملائه في المشاعر المقدسة ببرنامج الحلاقة الآمنة وخدمة الحجاج عام 1428. وعن تجربته المميزة، قال ل «الحياة»: «عندما كنا نحلق للحجاج كان الطموح هو خدمة الحجاج أولاً واكتساب الخبرة، إذ كانت بالفعل تجربة مفيدة لكل من عايشها»، موضحاً أن فترة الدراسة التي قضاها في المؤسسة كانت مفيدة، وكذلك مشاركة المؤسسة في موسم الحج بالمتدربين والمدربين ما رفع من كفاءة الشاب السعودي في مهنة الحلاقة وغيرها من التخصصات الأخرى التي تشارك بها المؤسسة. وأضاف أن الفترة التي قضاها متنقلاً بين رؤوس الحجاج أسهمت في نقله إلى عالم آخر وترقيته إلى أن أصبح «معلماً» يثري بخبرته عقول الطلاب بكيفية فن الحلاقة وتقديمه خلاصة تجربته التي اكتسبها في موسم الحج. بدوره، أكد رئيس مجلس التدريب التقني والمهني في منطقة مكةالمكرمة الدكتور راشد بن محمد الزهراني أن هناك من أصبح مدرباً في أقسام معاهد التدريب المهني التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني المنتشرة في مختلف المناطق والمدن السعودية. وأشار في حديثه إلى «الحياة» إلى أن مبادرة هؤلاء الشبان أسهمت بكسر حاجز العيب المهني الذي يختلج صدور بعض نظرائهم السعوديين، مضيفاً أن مهنة الحلاقة كبرنامج تواصل في خدمة حجاج بيت الله وتجاوز عدد من تم تقديم الخدمة له أكثر من 50 ألف حاج من منتصف ليلة العيد وأول أيام التشريق هذا العام ومن خلال تسعيرة موحدة ومقررة (15 ريالاً للحلق بالموس و 10ريالات للماكينة). وأوضح أن التخصص في مهنة «الحلاقة» يعتبر أحد التخصصات التي تدرب عليها المعاهد الصناعية الثانوية ومن ضمنها المعهد الصناعي الثانوي بالعاصمة المقدسة الذي خرج حتى تاريخه ما لا يقل عن 20 دورة تدريبية، موضحاً أن المؤسسة تمنح المتدرب مكافأة شهرية تصل إلى 800 ريال أثناء فترة التدريب إضافة إلى الملابس والأدوات التي يحتاجها المتدرب، ملمحاً إلى أن المتدرب يقضي فترات تدريبية لتعلم هذه المهنة يمنح بعدها شهادة تمكنه من مزاولة ما تعلم، سواء في القطاعات الحكومية التي تحتاج إلى تخصصه كالقطاعات العسكرية التي تشكل النسبة الأكبر أو من خلال قيام الخريج بفتح منشأة صغيرة لممارسة مهنته الحديثة من خلال الدعم الذي يقدمه المصرف السعودي للتسليف والادخار «وهذا ما ندعو إليه الشبان خاصة مع إطلاق معهد ريادة التابع للمؤسسة. وشدد على اهتمام الشبان بالصحة العامة لبيئة المكان وصحة الحاج، لافتاً إلى أنه تم تجهيز أكثر من 120 ألف هدية تحمل كل واحدة شفرة خاصة بالحلاقة مطهرة وسترة تستخدم للمرة الواحدة اتباعا للتعليمات الصحية الواردة ومنعاً لانتشار الأمراض المعدية من طريق الحلاقة، إضافة إلى النظافة القصوى للمتدربين والكشف الصحي قبل ممارسة المهنة لحجاج بيت الله الحرام. وتابع: «إن كل حلاق يقوم بتنظيف مخلفات المكان قبل شروعه في الحلق لحاج آخر، بمتابعة لجنة مختصة موجودة من المجلس على مدار أيام التشريق بموقع صوالين الحلاقة في المشاعر المقدسة». ونوه الزهراني بأهمية ودور برامج تشغيل المتدربين في الحج مقدماً شكره للجهات المتعاونة في إنجاح هذه البرامج التي تضاف إلى نجاحات الشبان السعوديين الطموحين والتي يسعى من خلالها إلى خدمة وطنه، كاشفاً تقديم المجلس أكثر من 35 تخصصاً تقنياً ومهنياً كلها في خدمة ضيوف الحرمين. ويبرز استمرار برنامج الحلاقة الآمنة كأحد أهم البرامج التي تشهد تركيزاً وزحاماً من خلال وجود أكثر من 130 فنياً سعودياً من خريجي تخصصات الحلاقة، وذلك ضمن التعاون الذي تم بين مجلس التدريب التقني والمهني بمنطقة مكةالمكرمة وأمانة العاصمة المقدسة بتهيئة المكان الملائم والصحي لممارسة هذه المهنة لضيوف الرحمن خلال أيام التشريق. وشاركت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في حج هذا العام ب577 مدرباً ومتدرباً من مختلف التخصصات لتنفيذ برامج عدة أبرزها برنامج تشغيل المتدربين في صيانة آليات الهلال الأحمر بالتعاون مع هيئة الهلال الأحمر السعودي بالعاصمة المقدسة، وبرنامج «الحلاقة الآمنة» بالتعاون مع أمانة العاصمة المقدسة، و«الخدمة الفندقية» بالتعاون مع دور الإيواء السياحي، وبرنامج «الصيانة المتخصصة» بالتعاون مع عدد من الجهات ذات العلاقة، و«تشغيل قطار المشاعر» بالتعاون مع الشركة المشغلة، وبرنامج «الكشافة» المؤهل بدورات قراءة الخرائط والمسح والإرشاد وفن التعامل مع الحجيج وطبيعة الانتشار في المشاعر.