اكتمل وصول الحجاج إلى منى مساء أمس (الأحد)، واستقروا على صعيدها مكبرين مهللين بعد أن منّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات والمبيت في مزدلفة، في أجواء روحانية مفعمة بالسكينة والخشوع، وسط منظومة الخدمات الصحية والأمنية والخدمية التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وأدى الحجاج صباح أمس صلاة العيد في المسجد الحرام، وحذّر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم، في خطبة العيد، من «المحدثات»، ووصفها بأنها «طوفان مغرض»، وقال الشريم: «في الحج تتجلى سمة هي نبراس للأمة إن أرادت الهداية وصحة العمل بعد الإخلاص لله تعالى، ألا وهي متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن المحدثات هي تشويه لجمال الدين وطمس لمعالم السنن، وما كانت السنة بين هذه المحدثات، إنها دعوة كمال». ورمى الحجاج أمس (الأحد) جمرة العقبة الكبرى في أول أعمال يوم الحج الأكبر بكل يسرٍ وسهولة باكتمال مشروع منشأة الجمرات، الذي أسهم بشكل كبير في التيسير على الحجاج لأداء هذا النسك، لرحابة أدواره الأربعة الفسيحة، مستوعباً مئات الآلاف خلال الساعة الواحدة، واتساع الجسور المؤدية إليه، إلى جانب ربطه بجسور مع قطار المشاعر. وشرع الحجاج بعد الرمي في الأنساك التي شرعت في هذا اليوم من الحلق أو التقصير للتحلل الأول من الإحرام، وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة ونحر الهدي لمن عليه هدي من الحجاج. ويواصل الحجاج إكمال مناسكهم في أيام التشريق الثلاثة، إلا من تعجّل منهم، فبإمكانه الذهاب إلى المسجد الحرام ليطوف طواف الوداع بعد أن يرمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة. ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القائد الأعلى للقوات العسكرية كافة، استقبل ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير نايف بن عبدالعزيز في الديوان الملكي بقصر منى في مكةالمكرمة أمس، المفتي العام للمملكة وأمراء وعلماء ومشايخ وكبار المدعوين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ووزراء وقادة القطاعات العسكرية المشاركة في الحج، والأسرة الكشفية في المملكة، الذين قدموا للسلام عليه وتهنئته بعيد الأضحى المبارك. وجاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين التي ألقاها نيابةً عنه الأمير نايف بن عبدالعزيز للعاملين في الحج من مدنيين وعسكريين: «أيها الرجال البواسل، لقد ورثتم عن أسلافكم المعاني النبيلة، فأنتم امتداد لرجال التوحيد الذين ساروا خلف والدهم وقائدهم الملك عبدالعزيز طيب الله ثراهم جميعاً في رحلة عناء ومشقة وكفاح، أثمرت وحدة الوطن، والنفوس، والمصير المشترك، فكانت المملكة العربية السعودية بكيانها الراسخ والثابت على مبادئ الحق والإيمان ترفرف على هامته راية التوحيد بأنه لا إله إلا الله محمد رسول الله». وأضاف: «إنكم اليوم من مواقعكم وثباتكم على الحق عملاً وإخلاصاً تجسّدون معنى الولاء للدين والوطن، وتحملون على عاتقكم مسؤولية تاريخية تجاه أمن هذه البلاد الطاهرة وأهلها، وقد أثبتم ولله الحمد بأنكم بعد الله جلّ جلاله صمام الأمان لهذا الوطن ومقدساته، في كل تجربة خضتموها». وأعلنت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات نتائج إحصاءات الحج لهذا العام 1432ه، إذ بلغ إجمالي عدد الحجاج 2.927.717، منهم 1.828.195 حاجاً من خارج المملكة، والبقية وعددهم 1.099.522 حاجاً من داخل المملكة، الغالبية العظمى منهم من المقيمين. وأكد المدير العام لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات مهنا المهنا أن عدد الحجاج هذا العام شهد ارتفاعاً بنسبة خمسة في المئة مقارنة بحجاج العام الماضي. وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي أن الحركة المرورية خلال تصعيد الحجاج إلى مشعر عرفات، ومن ثم النفرة إلى مشعري مزدلفة ومنى كانت مرنة للغاية، ما انعكس في سرعة وصول ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات في ساعات مبكرة من صباح يوم أمس التاسع من ذي الحجة، وكذا تحسّن عمليات النفرة من عرفات إلى مزدلفة فمنى. وأعلن وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة خلو حج هذا العام من أي أمراض، معلناً في مؤتمر صحافي أمس جاهزية خدمات وزارته للحجاج في مستشفيات مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. وخصصت قوات الدفاع المدني في منشأة الجمرات 1200 ضابط وفرد، ينقسمون عند كل منطقة رجم إلى أربع مجموعات محيطة بها، لعمل أطواق بشرية وإخلاء أي حالة تقع لحجاج بيت الله الحرام أثناء رميهم الجمرات، بحيث تتحول أجساد رجال الدفاع المدني إلى دروع لحماية الحالة المصابة من أي دهس أو دفع، وتمكين الفرق الإسعافية من معالجتها ورفعها والخروج من وسط الحشود من دون تعرّض المصاب لأي إصابة أخرى جراء الحشد الموجود.