أثار قول الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أمس إن القيادة الفلسطينية بصدد اتخاذ قرارات حاسمة ومهمة ستعمل على تغيير وجه المنطقة، تساؤلات في شأن طبيعة هذه القرارات، في وقت علمت «الحياة» أن الرئيس محمود عباس وضع حل السلطة الفلسطينية خياراً أخيراً سيلجأ إليه في حال استعصاء حل الدولتين بصورة كاملة. في هذه الاثناء، تسود أجواء من القلق في الأوساط الغربية من «اليوم التالي» للقرار الذي سيصدره مجلس الامن في شأن العضوية الكاملة لفلسطين في الاممالمتحدة. في حين أكدت مصادر مطلعة على حيثيات مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن من الطلب الفلسطيني، عدم توافر الأصوات التسعة اللازمة لتبني القرار في المجلس، دعت أوساط أوروبية الفلسطينيين الى التخلي عن خيار مجلس الأمن وتبني خيار التوجه الى الجمعية العامة بهدف حشد أكبر دعم ممكن لقرار يعطي فلسطين مكانة «الدولة المراقبة» غير العضو في الأممالمتحدة. وعلم امس ان الرئيس باراك اوباما طلب في رسائل سلمت الى الاعضاء الثلاثة (المسلم والصربي والكرواتي) في الرئاسة الجماعية للبوسنة، العضو غير الدائم في مجلس الامن، عدم دعم طلب عضوية فلسطين، مبدياً «مبررات الولاياتالمتحدة التي ترى ان انضماماً سابقاً لأوانه ومنفرداً لفلسطين الى الاممالمتحدة سيكون ضار النتائج». وتتزامن هذه الدعوات مع تصريح أبو ردينة بأن «الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون حاسمة وستشكل مفترق طرق مهم في ما يتعلق بعملية السلام في المنطقة»، موضحاً ان «القيادة الفلسطينية امام اختبار كبير في ما يتعلق باتخاذ قرارات كبيرة ستغير وجه المنطقة». ولم يوضح ابو ردينة طبيعة هذه القرارات، غير ان مسؤولين فلسطينيين كشفوا ل «الحياة» أن عباس وضع حل السلطة خياراً أخيراً سيلجأ إليه في حال انغلاق الطريق الى حل الدولتين بصورة كاملة. ورأى مسؤول فلسطيني رفيع مقرب من عباس ان الرئيس وضع موضوع حل السلطة على الأجندة المحلية والعربية والدولية ليصار الى تطبيقه بمعرفة الاطراف المختلفة في حال انسداد الطريق امام الحل السياسي. وأوضح: «الرئيس أدرك بعد 20 عاماً من العملية السلمية أن إسرائيل تحاول جعل السلطة الفلسطينية أداة لتقديم الخدمات وحفظ الأمن من دون أي مضمون سياسي، لذلك عمد الى طرح حل السلطة او كما يسميها تسليم مفاتيحها الى السلطات الاسرائيلية» كي يشارك الفلسطينيون في اتخاذ القرار وتحمّل المسؤولية. وجاء إعلان ابو ردينة عقب اجتماع عقده عباس مع قادة اجهزة الامن، وكشف فيه عن رسالة وجهها وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان الى الدول الغربية قال فيها ان عباس هو العقبة في طريق المفاوضات والسلام، وان اسرائيل ستحافظ على الوضع الراهن وعلى التنسيق الامني والاقتصادي مع الفلسطينيين، لكنها ستبحث عن بديل لعباس بعد ان اصبح «عقبة امام السلام». وقال أحد قادة المؤسسة الامنية اللواء عدنان الضميري الذي شارك في اللقاء ل «الحياة» إن عباس أبلغ قادة الأمن ان «مضمون رسالة ليبرمان وعنوانها هما التخلص من الرئيس عباس». واضاف ان الرئيس يدرك ان اسرائيل تعمل على تحويل المواجهة السياسية الى مواجهة عنيفة بهدف التخلص من القيادة والبحث عن قيادة بديلة تقبل بمواصلة ادارة السلطة مع الحفاظ على الامن عبر هدنة طويلة الامد. في الوقت نفسه، أكد اكثر من مسؤول فلسطيني ان عباس لا يعتزم اللجوء الى حل السلطة في فترة قريبة مقبلة، وانما وضع الاطراف امام مسؤولياتها أولا قبل اتخاذ قرار مصيري من هذا النوع. وحسب المقربين من عباس، فإنه يرى أن حل السلطة او تغيير وظيفتها سيعمل على تغيير وجه المنطقة كليا. وأوضح مسؤول رفيع: «حل السلطة يعني بكل بساطة انتهاء مشروع حل الدولتين والعودة الى مشروع حل الدولة الواحدة ثنانية القومية». واضاف: «حل السلطة يعني بكل بساطة ان الفلسطينيين سيغيّرون منهجهم الحالي وسيطالبون بالحقوق المدنية، حق المواطنة والتصويت، وهو ما يغير طبيعة اسرائيل من دولة ذات غالبية يهودية الى دولة ذات غالبية عربية، وتالياً تغيير وجه المنطقة».