غامر زياد العذاري عندما أسس في مدينة البصرة العراقية فرقة محلية للأزياء في مدينة تتسم بمناخ محافظ وتنتشر فيها الجماعات المتشددة. العذاري الذي لم يتجاوز عقده الثالث أطلق على فرقته الصغيرة في بداية تأسيسها عام 2009 اسم «فرقة نون»، وبادر إلى تنظيم عروض خاصة بالأزياء في المدينة التي لم تشهد حدثاً مماثلاً منذ أكثر من أربعة عقود. ويقول الشاب الذي يدرس في كلية الفنون الجميلة بعدما أنهى دراسة الطب البيطري، إن «فكرة مشاركة النساء في عروض الأزياء بدأت تلقى قبولاً تدريجياً لدى بعض الفتيات وأسرهنّ، وإن كان هذا التقدم بطيئاً للغاية». أنجزت الفرقة عرضها الأول بالتعاون مع «مديرية شباب ورياضة البصرة» في آذار (مارس) 2010، في مقر المديرية وبمشاركة حوالى 30 عارضة. كما نفذت عرضاً آخر في فندق «شيراتون» أواخر العام الماضي، فضلاً عن مشاركتها أواخر نيسان (أبريل) الماضي في مهرجان الحبانية للفولكلور الشعبي في الأنبار. وأقامت الفرقة عرضها الأخير قبل أيام، وحمل اسم «نهاوند»، مستعينةً بعارضات أزياء أجنبيات لعدم كفاية عدد العارضات العراقيات الموجودات لديها. التحدي الذي يواجه مؤسس الفرقة «يشبه أي بداية من الصفر»، بحسب تعبيره، فالمسارح الخاصة والعامة غير متوافرة في المدينة، كما أن زياد لم يستقر حتى الآن على تشكيلة من العناصر المدربة جيداً من العارضين والعارضات بعد انسحاب الكثير من الأعضاء تحت ضغط المجتمع. إحدى المشاركات تبلغ من العمر 22 عاماً، تقول إن أمها تحضر البروفات باستمرار، لكن والدها لا يعلم بذلك. وتضيف: «كان أبي يعشق الفن ويحضر حفلات الغناء في الثمانينات، لكنه متردد الآن في قبول توجهي باعتباري فتاة، وهو يبرّر رفضه بالتقاليد الاجتماعية، ويخشى أن لا يتقدم أحد للزواج مني مستقبلاً إذا علم بطبيعة عملي، فاضطررت لإخفاء الأمر عنه بعدما اقتنعت والدتي بوجهة نظره». أصغر العارضات في فرقة «نون» تبلغ من العمر 16 عاماً، تشير إلى ان أهلها مقتنعون بالفكرة، ربما لصغر سنها. وتقول إن انضمامها إلى «نون» هو مصدر «سعادة لا توصف». وتشرح: «قبل ذلك، كنت أشعر بأن مستقبلي ما زال غامضاً، وكان الأشخاص القريبون مني يرون في عينيّ حزناً». تمويل وإلى القيود الصارمة التي تفرضها التقاليد، تعاني فرقة «نون» مشكلات في تمويل عروضها. فتصميم الأزياء وتنفيذها وعرضها تتطلب أعباء مادية كبيرة، ويعتمد العذاري في غالبية الأوقات على نفسه، متحمّلاً التكاليف على نفقته، موضحاً أنه يتلقى دعماً مستمراً من زميلته أسل الغزي التي رافقته في المشوار منذ بدايته. ويأمل في أن يتمكن من تقديم عرض أزياء معاصر قريباً، ويقول: «نملك كل المتطلبات، من أقمشة وما شابه، ولدينا مشغل متكامل للتصاميم والخياطة، ونطمح إلى أن نحقق المزيد مستقبلاً».