أكد مدير الإدارة القانونية في وزارة الخارجية الدكتور محمد الشمرى، أن السوق السعودية بوضعها الحالي تعد مخالفة للمنافسة، وقال إن تفعيل نظام حماية المنافسة يتطلب إعادة النظر في تشكيل المجلس المعني بتنفيذ النظام، وإعادة هيكلته، لافتاً إلى أنه «حتى يستطيع المجلس أداء دوره باستقلالية، يفضّل تعديل النظام، ويشكل مجلس مستقل لا يرتبط بوزارة التجارة، وإنما يرتبط مباشرة بمجلس الوزراء، وأن يكون أعضاؤه من الخبراء في مجال القانون والاقتصاد والمحاسبة، إضافة إلى أعضاء من جمعية حماية المستهلك، وأن يمنح رئيس المجلس صلاحيات لا تقل أهمية عن الصلاحيات الممنوحة للادعاء العام». وأوضح في الورقة التي قدمها بعنوان «حماية المنافسة في السوق السعودية بين الواقع والمأمول» في حلقة نقاش «سياسة المنافسة التجارية»، التي نظمتها غرفة الرياض مساء الأربعاء الماضي، أن «المملكة استطاعت أن تضع نظاماً جيداً لحماية المنافسة يتوافق مع المعايير الدولية استجابة لمتطلبات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، ولحماية المنافسة العادلة وتشجيعها ومكافحة الممارسات الاحتكارية التي تؤثر في المنافسة»، مؤكداً أن النظام تضمن معايير للحماية لا تختلف عما هو موجود في القوانين الدولية، مشيراً إلى أن «النظام لا ينفذ على نحو يرقى لمستوى التطلعات، على رغم وجود ممارسات تضر بالمنافسة». واكد أن السوق السعودية بوضعها الحالي تعد مخالفة للمنافسة عازياً ذلك لأسباب عدة، منها عدم تطبيق نظام حماية المنافسة على المؤسسات العامة والشركات المملوكة بالكامل للدولة التي تمارس بيع السلع والخدمات على المستهلكين، وضعف أداء مجلس حماية المنافسة بسبب تشكيلة أعضائه وارتباطه الهيكلي بوزارة التجارة، إضافة إلى عدم معرفة جمهور المستهلكين لحقوقهم التي يكفلها النظام، مبيناً أن الكثيرين منهم لا يعلم بوجود نظام ومجلس لحماية المنافسة. وقال الشمري: «لا يوجد تأثير عملي للنظام على قمع المنافسة غير المشروعة في السوق». داعياً في هذا الإطار إلى تفعيل نظام حماية المنافسة، من خلال إعادة تشكيل مجلسه، وان يكون مستقلاً، وان يكون رئيسه برتبة وزير ومرتبطاً برئيس مجلس الوزراء مباشرة ومن أعضاء مستقلين غير مرتبطين بجهات حكومية رسمية ومتفرغين لأعمال المجلس. كما استمع المشاركون في الحلقة إلى ورقة بعنوان «مشروعية المنافسة التجارية» قدمها أستاذ الأنظمة التجارية بالمعهد العالي للقضاء الدكتور عبدالرحمن قرمان، مستعرضاً ما تضمنه نظام حماية المنافسة من قواعد وقوانين لضبط المنافسة في السوق، وأكد أن المنافسة ضرورية للنشاط التجاري، ولكي تحقق هدفها في خدمة المجتمع لا بد من قوانين منظمة لها، مبيناً أن أية منافسة تتم خارج هذا الإطار تكون منافسة غير مشروعة. وقال إن تنظيم المنافسة التجارية يقتضي وضع قواعد خاصة بآليات العمل السوق وإيجاد قواعد لحماية الوسائل التي يستخدمها التجار في المنافسة لجذب العملاء لضمان مشروعية المنافسة التجارية، مؤكداً أهمية تنظيم السوق. وقال قرمان إن منع الاحتكار يعتبر الخطوة الأولى لضمان وجود منافسة في السوق، مستعرضاً ما تضمنه نظام حماية المنافسة من قواعد تضمن مشروعية المنافسة وتمنع الاحتكار في السوق السعودية، لافتاً الى انه لضمان تحقيق هذه الأهداف يجب حظر النظام على المنشآت التجارية توقيع اتفاقات تضر بحرية المنافسة، كما يجب حظر العقود والاتفاقات التي يترتب عليها تقييد التجارة أو الإخلال بالمنافسة بين المنشآت. وأضاف أن النظام حظر على المؤسسات التي تتمتع بوضع هيمنة في السوق القيام بأي نشاط يحد من المنافسة بين الشركات. كذلك قدم القاضي بديوان المظالم الدكتور أحمد الجوفان ورقة بعنوان «الاختصاص القضائي بالفصل في دعاوى المنافسة غير المشروعة»، أوضح فيها أن المنافسة تمثل روح التجارة ومقياساً للحرية التجارية، مؤكداً أن مبدأ حرية المنافسة يعطي لكل تاجر الحق في استعمال الوسائل التي يري أنها مناسبة لاستقطاب زبائنه. وقال إن هذه المنافسة قد تتحول إلى عمل غير مشروع يستدعي وجود أنظمة لمحاربة هذا النوع من المنافسة، وإسناد الفصل في نزاعاته إلى القضاء. ولفت الى انه إذا درسنا الإطار النظامي والقضائي في المملكة، سنجد أن نظام المنافسة الصادر في 1425 ه حدد أساليب المنافسة غير المشروعة، مشيراً إلى أن المنافسة غير المشروعة وإطارها القضائي لا تقتصر على الوارد في نظام المنافسة وحده، اذ ان النصوص النظامية والعمل القضائي ومراقبة الأحكام التي تصدر في القضاء السعودي توضح أن هناك صوراً للمنافسة غير المشروعة خارج إطار هذا النظام، واستعرض في هذا الجانب الاختصاص القضائي داخل إطار نظام المنافسة، مبيناً القضايا التي اشتمل عليها النظام.