الصور الثلاث التي تصدرت صحيفة «الحياة» الثلثاء الماضي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وللأمير سلمان بن عبدالعزيز، والأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز في مطار القاعدة الجوية في الرياض كانت أبلغ من أي عنوان، وكانت الدموع التي يغالبونها، والأدعية التي يرفعونها، وكأنها تحكي لمن يشاهد الصور قصص الحب والوفاء بعد قصة الإيمان بما كتب الرحمن. كان حضور الملك يعطي المشاهد أحاسيس كثيرة لقائد فقد قائداً، وأخ يودع أخاه، ورجل يلقي النظرة الأخيرة على رجل قلّما يجود به الزمن، رفيق درب خدمة الوطن، وصديق صدوق، وفارس عربي، وسند شخصي. من بينها أيضاً أنه يمثل كل الشعب في هذا الحضور، وبهذا الحب، وكأن دمعته الغالية تقول للعالم: هذه دموع السعوديين على فقيدهم الغالي. العناوين كلها تنطبق على الصور الثلاث، فالأخ البار والوفي سلمان، والابن البار الوفي خالد كلاهما يعتصر قلبه حزناً، وكانا مرافقين للفقيد الغالي، وعاشا ألماً وحزناً كبيراً لا تعبر عنه الكلمات. صورة الأمير سلمان حضرت كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت لأنها كانت تعبر عن رجل لم يفارق الأمير سلطان، إلا لضرورة قصوى واحدة إبان وفاة زوجته الأميرة سلطانة السديري، وكان لعشرات الساعات فقط، وهذا هو الأمير سلمان الذي عرفه ويعرفه الجميع، فكانت الدمعة التي تغالبه عنواناً ومدخلاً لقصائد الرثاء والحزن. مشهد الأيام الماضية بصوره المتعددة يغني عن كثير من الوصف، يقدم بدقة الصورة السعودية، وليس الأمر أني أمتدح ولاة أمرنا، فأفعالهم تمتدحهم، وخصالهم تفعل، لكن الأمر أن ما رآه الناس هو ما يجول في خواطرنا جميعاً، ودموع الملك والأمراء هي دموع الناس قاطبة في المملكة، ودموع الكثيرين خارجها. الحشود التي اختلط الأمير فيها بالمواطن حكت قصة حب يعرف التاريخ أنه سجلها في هذه الأرض التي حزن أهلها لفراق ولي عهدهم الأمين، وحامي عرين الوطن، القوي على الأعداء، المتواضع البسيط مع الضعفاء، الصديق الودود مع كل الناس، صاحب ابتسامة دائمة يعرفها الجميع. ثم الحشود التي حضرت صلاة الجنازة ومجلس العزاء من أنحاء العالم كافة، أيضاً تحكي قصص الوفاء والمهابة والصداقة، وتحكي بتفاصيل وصور تغني عن القصائد والمقالات كيف يكون الإنسان محبوباً؟ وكيف يكون احتساب المحبين؟ واطمئنانهم أن فقيدهم قدم لآخرته من أعمال الخير الكثير، والكثير مما عجزت صفحات الصحف، وبرامج الإذاعة والتلفزيون عن رصده بالكامل، لكن من يكتبون الحسنات لا يفوتهم رصد ذلك. صورة الأمير سلمان ودموعه عبرت، وكفت. [email protected] twitter | @mohamdalyami