لم يقتصر جود ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وكرمه وسخاؤه على جانب معيّن من الحياة أو مجالٍ واحد من المجالات، بل غطت سحابة خيره جميع شرائح المجتمع وقطاعات الوطن الاقتصادية وسواها. وبرز من القطاعات التي دعمها الفقيد ووقف إلى جانبها، قطاع التعليم الأهلي في السعودية، الذي وفّر لسوق العمل خريجين ملائمين لوظائفها، وحلّ مشكلة تكدّس خريجي الثانوية في منازلهم، إذ يعد الراحل رائد هذا القطاع في المملكة من دون منازع والداعم الأول له منذ تأسيسه، حتى أضحى ينافس دولياً بعد تجاوزه المنافسة المحلية، وزاد عدد الجامعات والكليات الأهلية في المملكة على 29 جامعة وكلية تغطي أنحاء البلاد كافة. وفي نهاية التسعينات الميلادية بدأت تواجه الجهات التعليمية في السعودية مشكلة تتمثل في تزايد أعداد خريجي الثانوية العامة، ما جعل شريحة ليست بالبسيطة من هؤلاء الخريجين تفقد فرصة الحصول على مقعد في أي جامعة، وهذا ما جعلهم يصبحون أكبر الداعمين لمعدل البطالة ليزداد من دون حلول ناجعة لقضيتهم. إلا أن حرص الأمير سلطان - رحمه الله - على حل أي مشكلة تعترض أبناءه الطلبة في كل مكان داخلياً وخارجياً، ورغبته في تحسين مخرجات التعليم في المملكة، وأن تشغل هذه المخرجات الفرص الوظيفية التي توفرها سوق العمل، دفعاه لدعم إنشاء أول جامعة أهلية في العام 2000، وهي جامعة الأمير سلطان الأهلية، التي تتهافت الشركات الكبرى على خريجيها كل عام من أجل توظيفهم. وبعد إقامة أول جامعة أهلية في السعودية، استمر غيث الفقيد ينهمر على قطاع التعليم الأهلي، ليدعم مالياً كل جامعة ومؤسسة أنشئت بعد ذلك. ويقول رئيس أمناء كلية إدارة الأعمال الأهلية في جدة الدكتور عبدالله دحلان: «الأمير سلطان رائد قطاع التعليم الأهلي في السعودية، إذ كان أول من ابتدأ فكرة إنشاء الجامعات الأهلية، ودعم بناءها وتطويرها، وخصص دعماً مالياً كبيراً عند تأسيس هذا النوع من المؤسسات التعليمية يشتمل على منح 20 مليون ريال لكل جامعة أهلية، و10 ملايين ريال لكل كلية أهلية، من أجل أن يحظى جميع الخريجين السعوديين بفرصة لإكمال دراستهم الجامعية، كما قرّب منه الأكاديميين السعوديين». وأضفا أنه «بعد إنشاء الجامعات الأهلية واحدة تلو الأخرى، امتلأت بالطلاب والطالبات الذين لم يحالفهم الحظ بالحصول على مقعد في الجامعات الحكومية، وتطورت العملية الأكاديمية فيها وأصبحت تحاكي أساليب التدريس التي يتم تطبيقها في أرقى الجامعات الأهلية، ما جعل الدولة تتخذ خطوة جديدة في الأعوام الأخيرة، وذلك بدعم تقديم منح دراسية للطلاب في هذه الجامعات». إن مبادرات «سلطان الخير» في قطاع التعليم الأهلي، وريادته لبناء الجامعات الأهلية وتطويرها، يعدان أقوى خطة خففت الضغط على الجامعات الحكومية، وحققت أحلام شبان وفتيات الوطن بإكمال دراستهم الجامعية، وخفضت نسبة معدلات البطالة، وسيظل الدارسون والمدرِّسون وملاك هذه الجامعات الأهلية يتذكرون سخاء سلطان ودعمه لهذا القطاع ما داموا على قيد الحياة.