يُعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل اليوم السبت «تحرير» ليبيا غداة قتل العقيد معمر القذافي إثر أسره في مدينة سرت، مسقط رأسه. وبإعلان التحرير تدخل ليبيا المرحلة الانتقالية التي يُفترض أن تستمر ثمانية شهور يتم خلالها إجراء انتخابات تُسفر عن حكومة منتخبة. ومع طي صفحة حكم القذافي لليبيا، بدأت الأنظار تتجه إلى مدينة بنغازي حيث يُتوقع أن يعلن عبدالجليل اليوم السبت «تحرير ليبيا» بعد سيطرة الثوار على آخر معاقل القذافي في سرت. وكان لافتاً أن عبدالجليل لم يظهر في الإعلام منذ الخميس، مع إعلان أسر القذافي ثم قتله. وليس واضحاً ما إذا كان عبدالجليل سيدعو رئيس المكتب التنفيذي التابع للمجلس محمود جبريل إلى تشكيل الحكومة الانتقالية الأولى، علماً أن جبريل نفسه قال إنه عازف عن تولي المنصب بعدما أبدى بعض الثوار اعتراضهم عليهم، لا سيما من الإسلاميين. وأثارت لقطات فيديو بُثّت على شبكة الانترنت لاعتقال القذافي ونجله المعتصم خلال محاولتهما الفرار من سرت، الخميس، مطالبات من منظمة حقوقية بإجراء تحقيق في ملابسات قتلهما، خصوصاً أن المقاطع تُظهر بما لا يقبل الجدل أنهما كانا حيين في ايدي الثوار قبل قتلهما. وأكد حلف شمال الأطلسي أن طائراته قصفت موكباً كبيراً كان يحاول الفرار من سرت من دون أن يعرف أن القذافي كان من ضمنه. وطالبت أرملة القذافي صفية، اللاجئة في الجزائر، الأممالمتحدة بفتح تحقيق في قتل زوجتها الذي وصفته بأنه «شهيد»، في حين ترددت أنباء عن نقل ابنته عائشة إلى مستشفى عين النعجة العسكري في الجزائر العاصمة عقب تأكيد نبأ مقتل والدها وشقيقها المعتصم. وقالت منظمة العفو الدولية إن قتلهما قد يمثّل «جريمة حرب» إذا تبيّن، بحسب ما يظهر في أشرطة الفيديو، أنهما كانا حيين لدى أسرهما. كذلك ناشدت الولاياتالمتحدة المجلس الانتقالي بإجراء تحقيق شفاف في ملابسات قتل القذافي. وقال مارك تونر الناطق باسم وزارة الخارجية ان ادارة الرئيس باراك أوباما ترغب كذلك في أن «يعامل الأسرى بصورة انسانية». وظلّ مصير سيف الإسلام، نجل القذافي، غامضاً أمس بعدما ذكر الثوار إنهم قتلوه خلال محاولة الفرار الكبيرة من سرت الخميس. ونقلت قناة «العربية» معلومات عن اعتقاله مصاباً لدى ثوار زليتن، لكن ناطقين باسم المجلس العسكري والمجلس المحلي وكذلك مستشفى زليتن نفوا جميعاً هذه المعلومات، مؤكدين أن سيف الإسلام ليس موقوفاً لديهم. وترددت أنباء مساء أمس عن أن سيف الإسلام ربما يكون في موكب يضم بضع سيارات شوهدت تعبر منطقة الشاطئ، جنوب سرت، في طريقها على ما يبدو جنوباً نحو الحدود مع النيجر حيث يوجد شقيقه الأصغر الساعدي. وكان لافتاً أيضاً أن سلطات النيجر أعلنت أيضاً أن عديل القذافي المسؤول السابق عن الاستخبارات العسكرية عبدالله السنوسي دخل إلى أرضي النيجر بعدما فر من ليبيا. ونسب مسؤولون نيجريون هذه المعلومة إلى أجهزة الاستخبارات البريطانية التي زودتهم بها. والسنوسي وسيف الإسلام كلاهما مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة التورط في جرائم ضد الإنسانية. ولف الغموض أمس موعد ومكان دفن جثمان القذافي الذي ظل مسجّى طوال النهار في براد في مركز تجاري في مدينة مصراتة. وأثار التأخر في دفنه تساؤلات حول شرعية ذلك من وجهة نظر إسلامية كون الشريعة تنص على الدفن في موعد لا يتجاوز 24 ساعة بعد حصول الوفاة. وترددت معلومات ليلاً عن أن ثوار مصراتة ربما يسلمون جثة القذافي وابنه المعتصم ليتم دفنهما في مكان غير محدد، بعدما كان بعض الثوار يريد رمي جثة القذافي في البحر. والظاهر أنه تم التخلي عن هذه المحاولة بعد فتوى من الشيخ صادق الغرياني أحد أبرز المشايخ الليبيين قال فيها إن ذلك لا يجوز، بحسب ما أوردت قناة «الجزيرة». ولو رمى ثوار مصراتة الجثة في البحر لكانوا بذلك يقلّدون الأميركيين بعد نجاحهم في قتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن في أيار (مايو) الماضي ورمي جثته في بحر العرب. وكان جبريل قال أول من أمس إن القذافي قتل برصاصة في الرأس. وقال «عندما وجدوه كان بخير ومسلحاً» لكن «عندما تحركت الآلية علق في تبادل لاطلاق النار بين المقاتلين الموالين للقذافي وثوار وقتل برصاصة في الرأس»، مؤكداً انه كان «على قيد الحياة حتى وصوله الى المستشفى». ووصل جبريل مساء أمس إلى مصراتة حيث يتوقع أن يلقي نظرة على جثة القذافي قبل دفنها. ولم يكن واضحاً ما إذا كان ثوار مصراتة سيسلمون الجثة إلى قبيلة القذافي، القذاذفة، كي يتم دفنها، أم أنهم يريدون فعل ذلك بأنفسهم وفي مكان سري كي لا يعرف أحد مكانها. وفي بريتوريا (ا ف ب)، أعرب رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما عن أسفه الجمعة لعدم مثول العقيد القذافي امام القضاء الدولي، مشيرا الى ان الذين اعتقلوه كانوا يعرفون ان ثمة مذكرة توقيف صادرة في حقه. وقال الرئيس الجنوب افريقي على هامش زيارة رسمية لرئيس غينيا الاستوائية تيودورو اوبيانغ نغوما: «نظراً إلى صدور مذكرة توقيف في حق القذافي، كان يفترض بالذين عثروا عليه، ان يعتقلوه ويسلموه الى المحكمة الجنائية الدولية». واضاف زوما «تحصل امور خلال الحروب. يقتل اشخاص ويقع آخرون في الاسر. وكان من المقرر اعتقال معمر القذافي اذا ما وقع في الاسر». واوضح «من الصعب الحكم على ما حصل لان التفاصيل غير متوافرة لدينا جميعا»، «لكن الذين يناضلون من اجل الديموقراطية في ليبيا كانوا سيسرون كثيرا لو ان القذافي سلم الى المحكمة الجنائية الدولية». وكانت الحكومة الجنوب افريقية اكتفت مساء الخميس بالقول انها «اخذت علما» بمقتل القذافي، معربة عن الأمل في ان يؤدي مقتله الى احلال السلام في ليبيا.