قبل فترة وجيزة، شوهدت مجموعة من الروبوتات الطائرة، تحلّق بصورةٍ مستقلةٍ مثل أسراب العصافير في الأجواء القريبة من «بحيرة ليمان» في جنيف بسويسرا. في «مختبر النُّظُم الذكية» Intelligent Systems Laboratory التابع ل «معهد لوزان التقني الفيدرالي العالي» Lausanne High Technical Federal Institute، ابتكر فريق علمي مكون من البحّاثة سابين هويرت وسيفرين ليفين وداريو فلوريانو، طريقةً لجعل آلات صغيرة ثابتة الجناح تدير نفسها بنفسها، وتطير في أسراب متناغمة، وترتحل لمسافات طويلة، من دون أن تتحطّم. يمكن استخدام هذه الأسراب الروبوتية لتصوير الأرض ووضع خرائط تفصيلية عنها. في المستقبل، يمكن أن تطير هذه الروبوتات في مهمات مراقبة أو بحث أو حتى لأداء مهام قتالٍ جوي. يرتكز سلوك السرب على جداول خوارزمية رقمية ثلاثية الأبعاد، تمثل برامج كومبيوتر، صُنعت عبر مراقبة لصيقة لمجموعات من السمك والأسراب والعصافير. في البداية، جرى استخدام هذه الجداول الرقمية التي وضعها كريغ رينولد في العام 1986، كأداة لصنع رسوميات الحاسوب «كومبيوتر غرافيكس» Computer Graphics. في هذه البرامج، وعلى غرار الأسراب الحقيقية، يتصرف كل عنصر مفرد باستقلالية، ويستجيب لجيرانهم المقربين من دون أن يركّزوا انتباههم بالضرورة إلى تحرّكات السرب. ومع تكرار الأمر، تظهر أنماط متماسكة وجميلة من السلوك المتناغم، فيصبح الجميع جزءاً من السرب. أفادت هويرت، وهي باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا» أن تحليق الأسراب يتطلب تناغماً بين ثلاثة أمور سوية: يجب أن تتحرك بنفس السرعة التي يتحرك بها جيرانك، وفي الاتجاه الذي يتبعونه أيضاً، كما ينبغي أن تتجنّب الارتطام بهم وأن تبقى قريباً منهم في الوقت عينه. أثناء برمجة هذه الروبوتات على الطيران في أسراب، أضاف فلوريانو وهويرت قدرةً رابعةً، هي القدرة على السفر باستقلالية. وبهذه الطريقة، يستطيع سرب الروبوتات أن يسافر الى مكان محدد، الأمر الذي يجعله مفيداً كأداة للبحث والمراقبة. تآزر مؤتمت ابتكرت شركة «سانس فلاي» السويسرية التي أُنشئت في أواخر العام 2009، هذه الروبوتات بالاستناد الى بحوث أنجزت في مختبر فلوريانو. وتتواصل الروبوتات بعضها مع بعض من خلال جهاز «واي فاي دونغل» Wi Fi Dongle بسيط موصول بكومبيوتر يعمل بنظام «لينوكس» Linux المفتوح المصدر، الذي يشغل برنامج الطيران المؤتمت في الروبوت. في هذا المشروع، سعى هويرت وفلوريانو للتوصل الى أفضل توازنٍ بين وزن الروبوتات وثمنها وقدرتها على التجوّل ونطاق تواصلها من جهة، والمحافظة على قدرتها على التحليق ضمن أسراب متجانسة من جهة اخرى. في هذا الصدد، تحدّثت هويرت إلى مجلة علمية غربية متخصّصة أخيراً، فقالت: «يمكنك أن تتصوّر جهازي روبوت يعملان معاً، وكأنهما شخصان يمسكان بعضهما بيد بعض. في حال بدّل أحدهما اتجاهه، والشخص الآخر لا يستطيع الاستجابة بالسرعة عينها، فعند ذلك ينقطع الاتصال». ولإنجاز هذه التقنية، اختبر الباحثون الروبوتات أكثر من مئتي مرة فعلياً، فلم تُسجّل أي حادثة تذكر. بدأت المحاولات بشكلٍ بسيط، الى أن أصبح السرب يتألف من عشرة روبوتات طائرة مستقلة. وفكر الباحثون أنه بالإمكان إضافة المزيد. وصنعوا مئة روبوت تطير سوية في سرب. كذلك فكر فلوريانو بتزويد هذه الآلات بأنواع مختلفة من المجسّات، مثل الكاميرات المستوحاة من عيون الحشرات، كي يتمكن سرب الروبوتات من تجنب العوائق أثناء التحليق.