تمثل قضية الأمن الغذائي العربي تحدياً كبيراً أمام الشعوب العربية وقياداتها، إذ على رغم توافر الموارد الطبيعية من أرض ومياه ويد عاملة، لم يحقق قطاع الزراعة العربي المستوى اللازم لسد الحاجات الغذائية، ما أدى إلى اتساع الفجوة الغذائية التي بلغت العام الماضي 37 بليون دولار. واعتبر المدير العام لمؤسسة «إيه آر» عماد أبو رافع، وهي الجهة المنظمة لمؤتمر «الملتقى العربي للصناعات الغذائية»، أن حقيقة هذه الفجوة «تظهر من خلال تقارير المنظمات والجمعيات الأهلية التي تشير إلى نقص حقيقي في الغذاء، وصل إلى حد المجاعة في بعض الدول العربية، مروراً بتسجيل مستويات مرتفعة للمواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر». الخط الأحمر وأكد في حديث إلى «الحياة»، أن أزمة الغذاء في المنطقة العربية «تخطت الخط الأحمر»، ما استدعى تحركاً عربياً ومبادرات إقليمية لردم هذه الفجوة، مع الزيادة الكبيرة في أسعار الغذاء وازدياد عدد سكان المنطقة بمعدل سنوي يبلغ 2.2 في المئة، في وقت لا تتعدى الاستثمارات العربية في قطاع الزراعة 30 بليون دولار، وهي تسد فقط 10 في المئة من حاجة المنطقة التي تستورد نحو 90 في المئة من حاجاتها». وأشار أبو رافع، إلى أن العالم العربي «يواجه تحدي المجاعة واتساع فجوة غذائية مقلقة، ويمكن أن تطال أكثر من مكان في مساحته الشاسعة». ورأى أن «عدم تكرار سيناريو الصومال يتطلب تفعيل التكامل والتعاون العربيين لتوفير الغذاء الأساسي للشعوب العربية». وتخطط وزارة الاقتصاد الإماراتية بالتعاون مع الاتحاد العربي للصناعات الغذائية، لطرح مبادرة تدعم الأمن الغذائي العربي، ومدّ يد العون إلى الصومال التي تعاني من مجاعة، خلال الملتقى العربي للصناعات الغذائية المزمع عقده في دبي مطلع العام المقبل. ولفت أبو رافع، إلى أن الجامعة العربية «ستكون حاضرة بقوة خلال الملتقى الذي يشارك فيه 18 وزيراً وأكثر من 500 ممثل للقطاعين العام والخاص في المنطقة العربية، للبحث في سبل التعاون لسد هذه الفجوة التي يمكن ردمها، في ضوء الإمكانات الضخمة التي تملكها دول المنطقة، من أراض شاسعة ومياه وعنصر بشري وقدرات مادية». ولم يستبعد، «اتساع الفجوة الغذائية في السنوات المقبلة، ما لم تتضافر الجهود العربية لتقليصها، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية». وقدّرت إحصاءات الاتحاد العربي للصناعات الغذائية، أن الأراضي العربية القابلة للزراعة «بنحو 471 مليون فدان، تتوزع في السودان بنسبة 46 في المئة والجزائر 20 في المئة والمغرب 18 في المئة والعراق 10 في المئة، ونحو 10 في المئة تتوزع على عدد من الأقطار، منها الصومال وموريتانيا ودول أخرى. في حين أن المساحات المستغلة تساوي نسبة 41 في المئة أي نحو 188 مليون فدان بطاقة إنتاج ضعيفة، وخلل في ملاءمة عدد السكان مع الموارد المالية اللازمة للاستثمار في قطاع الزراعة». وبناء على كل هذه المتغيرات، ارتأت الإمارات والمنظمة العربية للصناعات الغذائية، تسليط مزيد من الضوء على هذه الأزمة المتوقعة ومحاولة ردمها، من خلال تشجيع القطاعين العام والخاص على ضخ استثمارات في هذا القطاع الذي يدر عائدات تزيد كثيراً على أية قناة استثمارية أخرى التي تأثرت بشدة بسبب أزمة المال العالمية». الملتقى الغذائي وسيركز الملتقى الذي يعقد برعاية وزارة الاقتصاد الإماراتية ويشارك فيه وزراء الاقتصاد والزراعة العرب ومن منطقة القرن الأفريقي ومسؤولين من المنظمات الغذائية الإقليمية والدولية، على قضايا ترتبط بموضوع الأمن الغذائي والصناعات الغذائية. وأوضح أبو رافع، أن أبرز المحاور التي «سيركز عليها الملتقى هي الصناعات الغذائية التي تشكل اليوم لاعباً أساسياً في مسألة الأمن الغذائي»، معتبراً أن تطوير هذا القطاع في الدول العربية «ضرورة استراتيجية لدعم الأمن الغذائي وتقليص الاستيراد من الصناعات الغذائية». كما سيتطرق الملتقى إلى «عناوين استراتيجية تسلط الضوء على واقع الصناعات الغذائية في الدول العربية وتحدياتها، أبرزها التصنيع وكيفية تطويرها ومستقبل هذه الصناعات وفرص الاستثمار والتمويل».