بعد إنهاء اجتماعه مع تيمورلنك في بداية القرن الخامس عشر غادر ابن خلدون دمشق متوجهاً إلى القاهرة، لم تكن مهمته سهلة بأن يجتمع مع سفاح مثل تيمورلنك لكن خبرته السابقة مع بيدور القاسي ملك قشتاله في اشبيلية ونجاحه بإبرام هدنة بينه وبين الأحمر سلطان غرناطة كان لهما دور كبير في تحقيق مراده وهو الحفاظ على الوجود العربي من ناحية إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مدركاً منذ ذلك الوقت خلاف الحكام العرب في ما بينهم وتبعاته على الأمة. فور رؤيته أسوار بيت المقدس في طريق العودة إلى القاهرة لا بد لإبن خلدون أن فرش مجلسه على التراب العربي وتخيل الأمة العربية بعد خمسة أو ستة قرون، كيف سيكون واقع الحال، هل ستكون الأمة موحدة وإن كانت أين ستكون العاصمة العربية؟ هل هي في بلاد الشام؟ أم ما بين النهرين؟ أم الجزيرة العربية؟ أم في المغرب العربي والأندلس؟ لا بد لخياله أن أخذه لمحاولة توقع اسم القائد أو الملك من ناحية سلالته وأصوله أم أن واقع الحال سيستمر على ما هو وإن استمر هل سيحمل الويلات والمآسي للشعب العربي؟ لا أدري إن كان خياله ذهب به إلى حجم وفظاعة المآسي التي حلت بالأمة العربية، من سقوط غرناطة وما تبقى من الوجود العربي في الأندلس وسقوط الدول العربية تحت الاستعمار الغربي الواحد تلو الآخر وقيام دولة إسرائيل والمؤامرات بين الأنظمة العربية التي ذهب ضحيتها الشعب العربي. ابن خلدون أدى دوره من ناحية الأمة العربية على أكمل وجه أما أنا فلي أحلامي أيضاً وهي بكل بساطة الوحدة العربية، ولكن لا أستطيع تحديد آلية الاتحاد أو مكان العاصمة أو البرلمان أو نوع العملة هل هي دينار أم درهم أم ريال أو صورة من الزعماء ستظهر رؤية بصيص أمل نهائياً. ابن خلدون بذل جهده لتجنيب الأمة العربية المآسي، لكن أحلامه وأحلامي وأحلام كل مواطن عربي هي ضرب من الخيال، واي جدال هو جدال بيزنطي فليس هناك مكان لأحلامنا إلى تحت التراب. همام الكيلاني - بريد إلكتروني