نشرت الصحف المصرية قبل أيام قرار لجنة الثقافة والإعلام والسياحة في مجلس الشعب البرلمان بتبرئة فيلم عمارة يعقوبيان من تهمة"تجاوز القيم الأخلاقية"و"الإساءة الى عادات وتقاليد المجتمع المصري"، وتحفظت اللجنة في المقابل على بعض المشاهد فقط، والتي"يمكن أن يساء فهمها من طرف البعض". وأجمع الأعضاء في الاجتماع الساخن برئاسة رئيس اللجنة أحمد أبو طالب وبحضور منتج الفيلم عماد الدين أديب على رفض مصادرة الفيلم. وأكدوا أن"حرية الإبداع مكفولة للجميع"شريطة"عدم المساس بقيم المجتمع". وكان أديب أشاد بأبطال الفيلم الذين وصفهم بپ"الأبطال الشجعان المحاربين للفساد والذين تسابقوا من أجل تقديم عمل فني يقهر الفساد"، موضحاً أن هناك الكثير من الأفلام التي تنتجها السينما المصرية"لا تحترم عقل الشعب المصري"، مشيراً الى أن الفيلم منقول عن رواية أدبية للروائي علاء الأسواني كانت حققت إيرادات ضخمة أثناء طرحها في الأسواق وتمت ترجمتها الى أربع لغات أجنبية. ونفى عماد الدين أديب، وهو منتج الفيلم من طريق شركته"غود نيوز"أي اساءة للمجتمع مؤكداً أن الفيلم سعى للكشف"عن مواطن الفساد"والدليل على ذلك موافقة الرقابة على عرض الفيلم من دون حذف أي مشاهد منه، خصوصاً ذاك المتعلق بشخصية صاحب المثلية الجنسية. وكان النائب المستقل في البرلمان الصحافي مصطفى بكري أثار قضية إثارة الفيلم لقضايا منافية للآداب وأنه يحتوي على مشاهد للشذوذ الجنسي تتنافى مع تقاليد وعادات المجتمع المصري المتدين من دون عرض حل لمشكلات هذا المجتمع. وبالتزامن مع موقف بكري وفجّر نائب الأخوان المسلمين بهاء الدين عطية قضية الكشف عن حقيقة ما جرى من زواج رجلين من إحدى الدول العربية في أحد فنادق القاهرة الكبرى تحت سمع وبصر الجميع وحيث جرى احتفال بهذا الشأن، ورفض ما وصفه بالإفساد في الأرض خلال مشاهد اللواط والشذوذ التي جاءت في الفيلم، موضحاً أن عقوبة الإسلام للواط هي الحرق بالنار، مؤكداً أن الفيلم دعوة للفساد والقهر والتخلف وانتهاك لآدمية الإنسان المصري، وطالب بوقف عرض الفيلم أسوة بما جرى لفيلم"شفرة دافنشي". ومن ناحيته، أبدى وكيل اللجنة الدينية في البرلمان، علاء حسانين، استنكاره"لما يحدث في بلد دينه الإسلام وفيه الأزهر الشريف"وأكد انه استمع الى اثنين من المشاهدين العرب يقولان ان"هذه هي مصر"وپ"هذا هو الشعب المصري"ورفض عرض الفيلم مؤكداً أنه فيلم ضل الطريق الصحيح في بلد الأزهر الشريف. في مقابل هؤلاء علّق رئيس الرقابة على المصنفات الفنية علي أبو شادي قائلاً:"إننا نعيش في عصر الديموقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر"، مؤكداً اننا في صدد عمل فني خالص ويجب أن تكون محاكمة الفن بالقانون، مشيراً الى أن الفيلم"يوضح الفساد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي، وعادة لا ينكشف الشيء إلا بنقيضه ويجب التعامل مع حصاد العمل الفني لأنه أشار الى فساد سياسي واقتصادي وفقر شديد وعلينا معالجتها كأمراض. ونحن جعلنا الفيلم للكبار فقط من أجل العبرة ودق ناقوس الخطر لمعاقبة الشر حيث نلاحظ ان كل مخطئ في الفيلم عوقب على خطأ". واعتبر رئيس اتحاد النقابات الفنية السيد راضي ما يحدث بأنه"غريب وشاذ"، مؤكداً ان"الفنان المصري واجه بكل قوة أي سلبيات ودعم المواقف الوطنية وهو مع القيم والأخلاق وشحذ الهمم في النضال"، مذكراً بوجود أفلام رائعة ووطنية مثل"صلاح الدين"وپ"فجر الإسلام"، وأشاد بمنتج الفيلم الذي تصدى بشجاعة لقضايا يجب التخلص منها وطالب من المجلس الوقوف بجانب الفيلم ودعم الفنانين المصريين وعددهم 35 ألف فنان. وذكر رئيس نقابة المهن السينمائية ممدوح الليثي أن هناك ضغوطاً شديدة على السلطة التنفيذية ولذا أرى أياديها مرتعشة ولا تستطيع التوقيع على قرار وتحول البلد الى عدم الانتاج، مؤكداً أن مصر أكبر بلد عربي وإسلامي متمسكة بالإسلام... وأسفر ذلك الحوار كله عن انتصار اللجنة للفن ومواقف الفنانين، مبرئة الفيلم من التهم التي شنها عليه نواب وصحافيون لغايات سياسية كما هو واضح.