هل يمكن التنبؤ بوقوع الهزات الأرضية والزلازل؟ سؤال أجاب عليه علماء الفيزياء الجيولوجية والاخصائيون بالنفي حتى الآن، ولهذا تنصب الجهود على طريقة الحد من الأضرار والخسائر في الأرواح والمباني عن طريق الالتزام بمعايير الأمان الدقيقة لدى اقامة الأبنية وتزويدها الأنظمة المضادة للهزات والزلازل والأهم من ذلك بناء شبكة اتصالات قادرة على تحديد الأماكن التي تقربها الزلازل بدقة للإسراع في انقاذ السكان ونجدتهم. وقد تنبهت السلطات المحلية في ولاية كاليفورنيا الى أهمية هذه الشبكة بعد زلزال العام 1994 حين طلبت الى المعهد التكنولوجي تزويدها بأماكن الهزات وقوتها على وجه التحديد، وبأقصى سرعة ممكنة، وقد كان المعهد عاجزاً عن توفير هذه المعطيات نظراً الى افتقاره لمعدات القياس اللازمة ووسائل الاتصالات السريعة مع العمال الميدانيين، وعلى الفور تلقى علماء الزلازل مبلغاً من المال وأقاموا مشروع Tir-net، وهو عبارة عن شبكة هائلة من المعدات المخصصة لقياس الزلازل والهزات الارتدادية يديرها 350 خبيراً موزعين في كافة أنحاء ولاية كاليفورنيا الجنوبية وتفصل كل زوجين من الآلات مسافة تقدر بعشرين كيلومتراً تقوم بقياس الهزات على مقياس مؤلف من ثماني درجات، وقد تم ربط كل آلة قياس بجهاز كومبيوتر يتولى ارسال المعطيات والمعلومات الى معهد Calteck عبر نظام اتصالات مشابه تماماً لنظام شبكة الانترنت السريع أو عبر موجات الراديو فيما يتعلق بالمحطات الأكثر بعداً، وفي نهاية المطاف يتولى جهاز كومبيوتر قوي وكبير لدراسة ومعالجة هذه المعطيات وترتيبها في خانات منفصلة. وقد تمكنت هذه الشبكة من تحديد البؤرة الأساسية لآخر زلزال وقع في كاليفورنيا بقوة 7.1 درجة على مقياس ريختر وبعد خمس دقائق فقط قام الخبراء بوضع خريطة اقليمية للهزات الارتدادية تظهر بالتفصيل وعلى مساحة كل كيلومتر واحد المناطق الأكثر ارتجاجاً وتضرراً مما ساعد موظفي الإسعاف والبلديات على تنظيم عمل النجدة في وقت قصير. وهناك طريقة ثانية لاستخدام هذه الشبكة من الخبراء والمعدات، فعندما تقع الاهتزازات الأرضية تحدث تصدعاً في القشرة الأرضية فتنتشر الارتجاجات في كل اتجاه ويصدر عنها نوعان من الموجات، احدهما يسير بسرعة 6.5 كيلومتر في الثانية والآخر بسرعة 3.5 كيلومتر في الثانية تقريباً. واذا ما وقع زلزال على بعد 100 كيلومتر من لوس انجليس فإن أقرب محطة لرصد الهزات الأرضية سترسل بكافة المعلومات الى معهد Calteck عبر شبكة كهربائية تسير فيها المعطيات بسرعة تفوق آلاف المرات سرعة موجة الزلازل وتصل بذلك الى المعهد المذكور وهيئات الاسعاف قبل ثلاثين ثانية من بلوغ الهزات بعض المناطق فيتخذ المسؤولون الاحتياطات اللازمة بفضل معرفتهم المسبقة لدرجة وقوة الهزة. ان مدة ثلاثين ثانية تكاد تكون فترة زمنية لا تذكر، غير انها كافية لهبوط المصعد الى القبو قبل بدء البناية بالارتجاج، وهي كافية ايضاً لتحويل اشارات المرور في الشوارع الى اللون الاحمر تجنباً لحوادث السيارات، كما ان نصف دقيقة من الزمن تسمح للتلاميذ بحماية انفسهم تحت الطاولات تحسباً لسقوط السقف إذا كانت الهزة قوية جداً. وتحتاج هذه الشبكة سنوات عدة لبلوغها درجة الفاعلية المأمولة ويترافق عمل هذا المعهد الأرضي بآخر فضائي حيث يقيس الباحثون بواسطة الأقمار الاصطناعية، وانطلاقاً من 250 محطة GPS تحركات الأرض من حيث التصدعات لتحديد سرعة تحرك كل طبقة بالنسبة الى طبقة اخرى، وتحتاج هذه الشبكة الى تطوير خريطة مفصلة تحدد المناطق المعرضة لوقوع الهزات والزلازل الى الفترة اللازمة لدراسة ومعالجة المعطيات المتعلقة بمئات التصدعات واضافتها الى المعلومات التي تم تسجيلها أرضياً وتلك المتوافرة في ارشيف الهزات التي ضربت ولاية كاليفورنيا