هل كانت "مبادرة الشرق الاوسط الكبير" الاميركية مناورة كبيرة جديدة؟ الادارة الاميركية بكل تلاوينها وأطيافها، وبكل صقورها والحمائم، تحركّت دفعة واحدة قبل أيام للتأكيد بأن هذه المبادرة التي نشرت نصها "الحياة" جدّية كل الجدةّ، وانها ستكون "الكتاب المقدس" الجديد للسياسات الخارجية الاميركية. وهذا التأكيد تم على كل الصعد : نص المبادرة ومضمونها. النظرية والتطبيق. الاعلام والسياسة. فقد حرصت الادارة على أن يكون نص المبادرة هو اللحم والدم اللذان سيكسوان عظام كل سيل الاقتراحات التي فاضت من واشنطن السنة الماضية حول الشرق الاوسط، وفي مقدمها "مبدأ بوش" حول "الاستراتيجية المتقدمة للحرية في الشرق الاوسط"، و"مبدأ باول" حول الشراكة الاميركية المتوسطية. كما حرصت على التشديد مراراً بأن البرنامج الجديد لتغيير لوحة الشرق الاوسط يستند برمته الى معطيات محلية عربية هي تقريرا التنمية البشرية الدوليان اللذان وضعتهما نخبة من المفكرين والخبراء العرب. وهكذا تبنت المبادرة الاهداف الثلاثة الرئيسة التي وردت في تقريري التنمية وهي : تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح، بناء مجتمع معرفي، و توسيع الفرص الاقتصادية. وهذه العناوين النظرية الرئيسة، تفرّعت الى عناوين فرعية تنفيذية. ففي باب تشجيع الديموقراطية، دعت الى دعم الانتخابات الحرة في الشرق الأوسط من خلال المساعدات التقنية، والتدريب على الصعيد البرلماني خصوصاً للنساء، والمساعدة القانونية للناس العاديين، وتطوير وسائل الاعلام المستقلة، وتشجيع دول المنطقة على مكافحة الفساد، ودعم قيام المجتمع المدني. وعلى صعيد بناء المجتمع المعرفي، وضعت سلسلة مبادرات لدعم التعليم الاساسي، ومحو الامية، وسد النقص في الكتب التعليمية، وإصلاح برامج التعليم، ونشر الانترنت. أما بالنسبة الى الهدف الثالث وهو توسيع الفرص الاقتصادية، فاقترحت إنشاء صناديق عدة لتمويل ما أسمته "تجسير الهوة الاقتصادية للشرق الاوسط الكبير"، تتضمن: صندوقا لتمويل المشاريع الصغيرة. مؤسسة المال للشرق الاوسط الكبير لدعم الاعمال المتوسطة والكبيرة. بنك تنمية الشرق الاوسط الكبير لمساعدة الدول الساعية للاصلاح على توفير احتياجات التنمية. الشراكة من أجل نظام مالي أفضل. اضافة الى تسهيل انضمام دول الشرق الاوسط الى منظمة التجارة العالمية، وإنشاء مناطق التجارة الحرة لتشجيع التبادل الاقليمي والمشاريع الاقليمية المشتركة. هذا التوّجه البرنامجي، سبقه توّجه إعلامي كثيف "نطق" فيه حتى نائب الرئيس ديك تشيني. ففي خطاب نادر ألقاه في 24 كانون الثاني يناير الماضي أمام المنبر الاقتصادي العالمي في دافوس، شّدد تشيني على الآتي: خيار أميركا ليس بين عالم ذي قطب واحد وعالم متعدد الاقطاب. خيارها هو عالم عادل، وحر، وديموقراطي. وهذا يتطلب رؤى وتضحيات وموارد كل الامم الديموقراطية. من الواضح ان للأصلاح العديد من المؤيدين في العالم الاسلامي. واستراتيجيتنا المتقدمة للحرية تلزمنا بدعم هؤلاء الذين يعملون ويضحون من أجل الاصلاح في الشرق الاوسط الكبير. الايام التي كنا ننظر فيها الى الاتجاه الاخر، فيما الانظمة المستبدة تدوس حقوق الانسان وتسرق ثروات أممها انتهت. ندعو كل الاصدقاء والحلفاء الديموقراطيين في كل مكان، خصوصاً في أوروبا، الى الانضمام إلينا في هذا الجهد. إن الاوروبيين يعرفون أن تجربتهم العظيمة في بناء السلام والوحدة والازدهار، لن تستطيع العيش في إطار جزيرة مميّزة تحيط بضواحيها كل البنى المولّدة للعنف والتعصب. تمّدد الاطلسي كلام تشيني كان مهما لأسباب عدة. فهو، أولا، يعتبر الصامت الاكبر في إدارة تتمّيز بثرثراتها اللغوية الصاخبة. وهو ثانيا كان، إلى جانب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، من أبرز المعارضين لفكرتي بناء الامم والتدخلات الخارجية التي لا تصب مباشرة في خانة المصلحة القومية الاميركية. ثم أنه، ثالثا، كان على رأس الصقور الداعين إلى الاستفراد الاميركي بشؤون العالم. وبالتالي فإن دعوته المباشرة لأوروبا للمساهمة في "زرع" بذور الديموقراطية في الحقل الشرق الاوسطي، كان خروجا كاملا عن استراتيجيته المعهودة. وهذا ما يعطي برأي مسؤولي الادارة المزيد من الصدقية لمبادرة الشرق الاوسط الكبير. وثمة نقطة ثانية لا تقل أهمية : إعلان واشنطن بأنها تنوي إلباس المبادرة رداء الشرعية الدولية عبر ثلاثة منابر: قمة مجموعة الثماني الكبار في جورجيا الاميركية الصيف المقبل، وقمة الاتحاد الاوروبي السنوية، وقمة حلف الاطلسي الصيف المقبل أيضا في اسطنبول. من بين هذه القمم الثلاث، تبرز قمة الاطلسي بصفتها الاهم. لأن الولاياتالمتحدة ستكون في هذا المحفل، الذي تقوده وتسيطر عليه، أكثر قدرة على جر الحلفاء إلى سياساتها الشرق أوسطية الجديدة. وهذا، على أي حال، كان واضحاً سلفاً من خلال موافقة الحلف على تسلم مفاتيح الامن في أفغانستان. إذ كانت هذا المرة الاولى التي يشارك فيها الحلف في مهام عسكرية - أمنية خارج الارض الاوروبية. كما كان واضحا عبر إرسال 17 دولة أطلسية قوات الى العراق. وسبق لرامسفيلد ان دعا في مؤتمر ميونيخ الاخير حول سياسة الامن، إلى توسيع "الحوار المتوسطي" الذي يقوم به الحلف حاليا مع بعض الدول الشرق أوسطية في مجالات مكافحة الارهاب، ونشر أسلحة الدمار الشامل، وحفظ السلام، وأمن الحدود... الخ. وتقول "كريستيان ساينس مونيتور" ان دعوة رامسفيلد هذه، مضافا اليها خطاب الرئيس بوش في تشرين الثاني نوفمبر الماضي حول "الاستراتيجية المتقدمة للحرية"، بدأتا تكتسبان أنصاراً على نحو سريع داخل الحلف. فقد أبدى بعض الدول تأييدا لفكرة تمديد المظلة العسكرية الاطلسية جنوبا الى الشرق الاوسط الكبير من المغرب الى البحرين، تحت شعار "مكافحة الارهاب". وفي حال اكتمل عقد الأنصار ليشمل كل الدول الاعضاء في الحلف، فستكون الارض ممهدة لولادة منظمة أمن إقليمي شرق أوسطي جديدة على نمط إتفاقات هلسنكي العام 1975. وهي منظمة ستعمد في إطار مبادرة الشرق الاوسط الكبير الى تقديم الحوافز للدول العربية التي تتحرك نحو الديموقراطية وإصلاحات السوق وحقوق الانسان خصوصاً حقوق المرأة في مجالات التجارة، والمساعدات، والدعم العسكري. هذا الدور الجديد المحتمل لحلف الاطلسي في الشرق الاوسط، أوقف كل الاحاديث عن موته الوشيك، واطلق أحاديث جديدة عن تحولات عميقة في بنيته، بحيث تصبح مهامه الرئيسة الأمن الجماعي وإدارة الازمات في العالم الاسلامي على وجه التحديد. ويقول ستيفن بلانك، بروفسور مؤسسة الدراسات الاستراتيجية في كلية الحرب الاميركية: "لقد تقرر بشكل لا رجوع عنه أن يتوّجه حلف الاطلسي الى الشرق الاوسط وحتى الى وسط آسيا. ان الحلف يقّدم حالياً الامن في أفغانستان، ويستعد الآن للتحرك نحو الشرق الأوسط". ويتوقع أن تدعو القمة الأطلسية المقبلة في اسطنبول كلاً من مصر وإسرائيل ودولاً شرق أوسطية وشمال إفريقية أخرى الى حضور مداولاتها، وربما أيضا للانضمام الى برنامج حلف الاطلسي حول الشراكة من أجل السلام. والهدف، كما يقول بلانك، تطوير القدرات العسكرية للدول الشرق اوسطية المعنية، للعمل مع الحلف الاطلسي بصفتها القوات المسلحة لدول تتدقرط من ديموقراطية، تماما كما فعل الحلف في السابق مع دول شرق اوروبا الشيوعية. وإذا نجحت قمة اسطنبول في هذا المسعى، فيمكن تمديد ضمانات الحلف الى منطقة الخليج العربي، على أن تشمل كذلك مواجهة التمردات والانقلابات العسكرية. معروف أن حلف الاطلسي عقد في براغ في 19 تشرين الاول اكتوبر الماضي، مؤتمراً تحت عنوان "الناتو والشرق الاوسط الكبير". وآنذاك، قال السفير الاميركي لدى الحلف نيكولاس بيرنز أنه تم تبني هذا العنوان "لأن إدارة بوش تعتقد بأن حلف الاطلسي يجب أن يرّكز جهوده الان على الشرق الأوسط الكبير. وإذا حدث ذلك فسيولد حلف أطلسي جديد". أي تغيير؟ حلف الاطلسي، برنامج تفصيلي لنشر الديموقراطية في المنطقة. تحويل مبادرة الشرق الاوسط الكبير الاميركية الى مبادرة دولية، وبالتحديد اوروبية. ألا توحي كل هذه المعطيات بأن الولاياتالمتحدة جادة حقا في قلب صورة الشرق الاوسط رأساً على عقب؟ أجل. هذا صحيح. فكل الدلائل يؤكد أن اميركا تحولّت بعد 11 أيلول سبتمبر من دولة محافظة على الامر الواقع الى دولة مراجعة رافضة للأمر الواقع. لكن الصحيح أيضاً أن حلفاء أميركا الاوروبيين المتأكدين من وجود رغبة التغيير الاميركية، غير متأكدين إطلاقا من الوجهة الحقيقية لهذا التغيير. بالطبع، لا أحد في العواصم الرئيسة للاتحاد الاوروبي، يشك بأن لأوروبا مصلحة استراتيجية عليا في نجاح مشروع الشرق الاوسط الكبير. فهذه المنطقة في نهاية التحليل هي الحديقة الخلفية للامبراطورية الاوروبية الناشئة. وهي بهذه الصفة قادرة على ان تكون إما جنة غناّء لأوروبا، وأما جهنم رعناء ضدها. الشرق الاوسط الديموقراطي والمزدهر والآمن، سيكون بطاقة تأمين حقيقية لتحّول أوروبا الى دولة عظمى مكتملة النمو، خصوصاً إذا تم دمج هذه المنطقة الحيوية بالعولمة الرأسمالية عبر البوابة الاوروبية. والشرق الاوسط الديكتاتوري والفقير والمتفّجر، سيجعل المصير الاوروبي نفسه يتأرجح على كف عفريت، ليس فقط بسبب الخطر الارهابي وأسلحة الدمار الشامل والصواريخ العابرة للقارات، بل أيضا بسبب الزحف الديموغرافي العربي والاسلامي الذي يمكن أن يغّير كل التركيبة السكانية الاوروبية. بروكسيل، إذاً، لا تستطيع الا ان تصفّق للمشروع الاميركي الجديد. لكن لماذا لا تفعل؟ هنا، ومع هذا السؤال، ندخل في غياهب عالم آخر مغاير تماما لذلك الذي ترسمه الشعارات الاميركية الرنانة حول نشر الديموقراطية والحريات. فالاوروبيون يشكّون بأن الولاياتالمتحدة ليست جادة في مشروعها الديموقراطي. ولو انها كانت كذلك لسارعت قبل أي شيء آخر الى إغلاق ملف الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي الذي من دونه لا استقرار ولا أمن في المنطقة. والاوروبيون يشكوّن بأن هدف واشنطن الحقيقي هو احتلال الشرق الاوسط الكبير لا تحريره. والسبب أكثر من معروف: السيطرة المطلقة على نفطه، قبل تحّول هذا الاخير من سلعة وافرة الى عملة نادرة خلال عقد او عقدين من الان. والاهم ان الاوروبيين يشكّون بأن مشروع الشرق الاوسط الكبير الاميركي، هو في حقيقته مخطط كبير لتحويل الحديقة الجغرافية الخلفية لأوروبا الى حديقة عسكرية سياسية اميركية متقدمة تحيط بها من كل جانب، وتحاصرها من كل ناحية. وهذا بالطبع في إطار "لعبة الشطرنج الكبرى" التي تحدث عنها زبغنيو بريجينسكي، والتي تستهدف، عبر السيطرة على الشرق الاوسط، إحكام القبضة على قارة أوراسيا برمتها. هذه بعض الاسباب الحقيقية التي تدفع الاوروبيين الى رفض التهام الطعم الديموقراطي الشهي على سنارة مشروع الشرق الاوسط الكبير. وكما هو واضح، هذه أسباب لا تمت إلا بصلة شكلية الى القيم الديموقراطية والمبادئ الليبرالية. الاوروبيون يعرفون ذلك، ولذا فهم مترددون ومتوجسون. والاميركيون يعرفونه بالتأكيد، لكنهم يستمتعون الآن بتعذيب الاوروبيين، من خلال تغليف مشاريعهم الاستراتيجية - النفطية الشرق اوسطية بورق السوليفان الديموقراطي - الليبرالي. وطالما استمر الوضع على هذا النحو أي شكوك اوروبية من جهة، وأفخاخ اميركية من جهة اخرى، ستبقى كل الجهود لترميم البيت الاطلسي، أشبه بطلي سفينة مشرفة على الغرق بدلاً من سد الثقوب فيها. بيد أن الشكوك لا تقتصر على الشواطئ الاوروبية من المحيط الاطلسي. هناك شكوك كبرى أيضا في الداخل الاميركي نفسه. وعلى سبيل المثال، يقول بيتر سينغر، مدير مشروع السياسة الاميركية نحو الشرق الاوسط في مؤسسة بروكينغز: "مبادرة الشرق الاوسط الكبير تأتي بعد سلسلة طويلة من الوعود الاميركية غير المنتجة لتحقيق الاصلاحات في العالم الاسلامي. لقد تعب الناس، خطاب يقبض على خناق خطاب، ولا شيء يحدث". ويوضح خبير أميركي آخر بشؤون الشرق الاوسط هو مارك وولترز: "من حيث الشكل تبدو المبادرة إيجابية للغاية. لكن، وإلى أن نرى التمويل الذي سيغطي كل هذه المشاريع، سيكون من الصعب أن نصّدق ما نرى". ومعروف أن الادارة الاميركية لا تخصص سوى أموال قليلة لمشاريعها الديموقراطية في الشرق الاوسط. وعلى سبيل المثال مبادرة الشراكة الاميركية الشرق أوسطية، التي أطلقت العام 2002 برعاية إليزابيث تشيني إبنة نائب الرئيس الاميركي، لم تحصل في عامها الاول سوى على 29 مليون دولار. واضطرت الى الانتظار سنة كاملة، وسط إحتجاجات صاخبة من جانب مسؤولي وزارة الخارجية الاميركية، قبل ان تحصل على 100 مليون دولار إضافية. ومع ذلك، يؤكد مسؤول أميركي أن كل هذه الاموال "لا تزال في المصارف"، وأن تنفيذ البرامج "بطيء للغاية، إلى درجة اننا يجب أن ننتظر جيلا كاملا قبل أن نرى بدايات التغيير. ربما 50 سنة أخرى". و يشك العديد من المحللين العرب، كما الاميركيين، بأن هذه المبادرة لنشر الديموقراطية في كل انحاء "الشرق الاوسط الكبير"، تأتي لتغطية الفشل الاميركي في تحقيقها في "الشرق الاوسط الصغير" المتمثل في أفغانستانوالعراق، إضافة الى تعثّر تطبيق خريطة طريق السلام الفلسطيني الاسرائيلي. ويقول بعض هؤلاء، ومن بينهم بول روجرز من دورية "أوبن ديموكراسي"، أن إدارة بوش تريد عبر هجومها الديموقراطي الكبير هذا، الايحاء للأميركيين في السنة الانتخابية الراهنة أن مشاكل العراقوأفغانستانوفلسطين، ليست سوى خربشات على سطح مشروع اميركي أكثر طموحا لنشر الحرية والديموقراطية والقيم الاميركية السامية، في منطقة يعتبرها الناخبون مهمة في تشّكل هويتهم الانجيلية المسيحية. بيد أن روجرز يستبعد ان يكون للمبادرة تأثير حقيقي على الشرق الاوسط، لثلاثة أسباب: تجاهل الادارة الاميركية للمواجهة في فلسطين/ إسرائيل، طبيعة السيطرة الاميركية وشكلها على الاقتصاد العراقي عبر منح العقود لشركات غنية أميركية من دون سواها، وأخيراً الوجود العسكري الاميركي طويل الامد في العراق، الذي لن يؤدي سوى الى زيادة الشكوك بأهداف التغيير الاميركية. هل تعني كل هذه الانتقادات والشكوك تغليب وجهة النظر التي تقول أن مبادرة الشرق الاوسط الكبير هي مناورة أميركية كبيرة؟ نعم، ولكن! نعم، لأن هذه المبادرة الواسعة تأتي بالفعل في سنة انتخابية حاسمة، وفي أعقاب تعّثر اميركي واضح في العراقوفلسطينوأفغانستان. ولكن، لأنه بات من المؤكد، بغض النظر عن محصلات المغامرات الاميركية الراهنة في الشرق الاوسط، أن هذه المنطقة ستكون نقطة التركيز الاولى للدولة العظمى الوحيدة في العالم، لعقود عدة مقبلة، سواء كان قاطن البيت الابيض من المحافظين الجمهوريين الجدد كجورج بوش، أو من الليبراليين الديموقراطيين القدماء كجون كيري. لقد طالبت "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" كيري قبل أيام بتوضيح موقفه من العراق، باتجاه الاعلان بأنه لا ينوي "التخلي عن العراق" في حال فوزه في الانتخابات. والحال أن كيري لم يعلن مرة انه ينوي أن يفعل ذلك. كل ما قاله أنه يريد أن يعّدل سياسات بوش العراقية، من خلال إشراك قوات أطلسية ودولية أخرى في عمليات حفظ الأمن. كما انه، وهنا الاهم، لم يرفض وضع الشرق الاوسط الكبير على رأس أولويات الامن القومي الاميركي. وهذا يعني أن مبادرة الشرق الاوسط الكبير، تمتلك حظوظاً قوية بأن تتحّول الى مبدأ جديد من مبادئ السياسة الخارجية الاميركية، شبيه بمبادئ ويلسون النقاط ال14، وترومان الحرب الباردة. وطالما أن الامر كذلك، هل يمكن أن تصبح المبادرة في يوم ما مشروعاً مشتركاً اوروبياً - أميركياً؟ هذا يعتمد على أمرين اثنين ومتلازمين: الاول، أن تكون الولاياتالمتحدة مستعدة فعلا لمشاركة اوروبا في الكعكة الشرق أوسطية. والثاني، ان تكون أوروبا مستعدة للاعتراف بأن الولاياتالمتحدة هي صاحبة الفرن الذي تطبخ فيه هذه الكعكة. لكن، وإلى أن يحدث ذلك، ستبقى مبادرة الشرق الاوسط الكبير مجرد مناورة كبيرة