البروكولي نوع من القنبيط كان له في الزمن البعيد مكانة طيبة خاصة اذ كان الرومان يستنجدون به للتخلص من آثار العربدة ولعلاج السوداوية وعلى ذمة المؤرخين فإن منشأ البروكولي هو جزيرة صقلية الايطالية واسم "بروكو" يعني في بلاد العم موسوليني البرعم. ينصح علماء التغذية بأن يكون البروكولي حاضراً باستمرار على موائد الطعام نظراً الى فوائده الصحية الغذائية التي قلما نجدها مجتمعة في طعام آخر، والبعض يقول عن البروكولي بأنه ملك الخضار بلا منازع فهل يستحق هذه التسمية؟ في السطور التالية سنعدد الخصائص والمميزات التي يتمتع بها البروكولي: منذ سنوات عدة اكدت الابحاث ان البروكولي يملك مركبات تبعد شبح الاصابة بالسرطان، وعندما حاول العلماء معرفة اللغز الذي يقف وراء الاثر الوقائي للبروكولي وجدوا ضالتهم في مركبات "غلوكوزنييلات" فهذه تتحول بفعل المضغ وتحت تأثير انزيمات للعاب الى مركبات اخرى تعرف باسم "ايزوتيوسيانات" التي تملك باعاً طويلاً على عمليات الإطراح في الكبد الذي تجري فيه مناورات تسهم في ابطال مفعول المواد المسرطنة، وفي هذا الإطار أنجزت دراستان اوضحتا ان تناول 500 غرام من البروكولي يؤثر ايجابياً على خمائر الكبد التي تقوم بدورها على معالجة المسرطنات لابطال آثارها الضارة على الصحة. هل يؤثر الطبخ على المركبات الفعالة للبروكولي؟ الاجابة على هذا السؤال جاءت من خلال دراسة نفّذت على 12 شخصاً في صحة جيدة، لقد اتضح للبحاثة ان الطهي يعرقل من تحول مركبات الغلوكوزينيات الى مركبات الايزوتيوسيانات الفعالة وهذا ما يقلل من الفعل الواقي للبروكولي... اذاً عليكم بأكل البروكولي نيئاً وليس مطبوخاً وان كان ذلك متعذراً فاطهوه قليلاً ومن دون مبالغة. ايضاً تعطي مركبات الغلوكوزينيلات مشتقات اخرى مفيدة على صعيد الوقاية من السرطان منها مادة سلفورافان ومادة اندول 3 كاربينول، والاولى لها فعل قوي للغاية وهي توجد بغزارة في البراعم الفتية للبروكولي فكمية محددة من هذه الاخيرة تحتوي على مادة السلفورافان 50 مرة اكثر من نفس الكمية من البروكولي الناضجة. يمتاز البروكولي بغناه بمركبات الكاروتينيدات ومنها مثلاً بيتا كاروتين ولوتيئين وزياكزانتين، وهذه المواد مشهورة بفعلها القوي المضاد للأكسدة، وهذا له مكانة عظيمة في دحر الامراض المتعلقة بالشيخوخة مثل: الساد المياه البيضاء في العين، والازمات القلبية الوعائية وبعض السرطانات. يملك البروكولي تأثيراً طيباً على مستوى الكوليسترول في الدم. ففي دراسة تناولت 77 شخصاً يعانون من ارتفاع طفيف الى متوسط في مستوى كوليسترول الدم، قسم منهم اعطوا عصير البروكولي والقسم الآخر لم يعطوا العصير، وعند قراءة قياسات الكوليسترول عندهم لوحظ ان الكوليسترول السيئ تهاوى نحو الاسفل عند من شربوا عصير القنبيط مقارنة بالآخرين حيث لم يتزحزح الكوليسترول السيئ عندهم ولو قيد شعرة. هل هذا كل شيء عن البروكولي؟ طبعاً لا، فالبروكولي يعج بالعناصر المغذية الاتية: الفيتامين ب 9 او حامض الفوليك، ويلعب هذا الفيتامين دوراً اساسياً ان لم يكن رئيسياً في انتاج المادة الوراثية والاحماض الامينية المهمة للنمو الخلوي، ايضاً يساهم حامض الفوليك في صنع كريات الدم الحمراء وفي تشغيل الجهاز العصبي والجهاز المناعي وفي تسيير الجروح باتجاه الشفاء وفي انتاج خلايا جديدة تحل مكان الاخرى التالفة، وهو مهم جداً للجنين لوقايته من التشوهات الخلقية. اضافة الى كل هذا فالفيتامين ب 9 يشارك في انتاج مادة السيروتونين وهي ناقل عصبي له علاقة بالمزاج. الكلس، ويمتاز هذا الكلس كونه افضل امتصاصاً من ذلك الموجود في الحليب، وهذا المعدن له وزنه في اشياء كثيرة مثل بناء العظام والاسنان والمحافظة على صلابتها، عدا هذا فالكلس ضروري لتأمين حسن سير عمل الخلايا العصبية والعضلية والخلايا المناعية كما انه يشارك في عمليات تخثّر الدم وفي تنظيم ارقام الضغط الشرياني. الفيتامين ث، يعتبر البروكولي من اغنى الخضار بالفيتامين ث، الذي يملك شهرة واسعة النطاق على صعيد الصحة ففي كل بساط له خيط كما يقول المثل، فهو يتدخل في العديد من العمليات الاستقلابية ويساهم في صنع مادة الكولاجين المهمة جداً لدعم انسجة الجلد والاوتار وأربطة العظام، زيادة على كل هذا، يعمل الفيتامين ث على تقوية جهاز المناعة، ويسرع من شفاء الجروح، ويسهل من عملية امتصاص الحديد في الامعاء لتأمين صنع كريات الدم، ويعتبر الفيتامين ث، واحداً من اهم مضادات الاكسدة اذ يقف بالمرصاد للجذور الكيماوية الضارة التي تحاول زرع الفساد والتلف بخلايا الجسم. الكبريت، ويوجد في البروكولي بكميات عالية تفوق تلك الموجودة في خضروات اخرى، ويتمتع الكبريت بخاصة مطهرة مضادة للالتهابات والانتانات. ان الكبريت هو الذي يعطي القنبيط رائحته الخاصة التي تجعل البعض يهربون منه. وطبعاً، يحتوي البروكولي على فيتامينات ومعادن اخرى فمن الفيتامينات هناك الفيتامين أ والفيتامين ب والفيتامين ب12 والفيتامين ك. اما المعادن فهي النحاس والحديد والماغنيزيوم والمنغنيز والفوسفور والبوتاسيوم والسيلينيوم والصوديوم والزنك. في نهاية المطاف، قبل اكثر من عامين اوضحت دراسة ان البروكولي مفيد في القضاء على جراثيم هيليكوباكتر بيلوري الضالعة في نشوء القرحة المعدية، فقد تمكنت مادة السلفورافان المعزولة من البروكولي قتل كل الجراثيم الموجودة داخل الغشاء المخاطي المبطن للمعدة وكذلك خارجه، ولكن العلماء لا يعرفون بعد جرعة السلفورافان الضرورية لتحقيق الغاية المرجوة غير انهم يظنون ان استهلاكاً معقولاً من البروكولي يسمح بتأمين اللازم