في أحد أطراف مدينة القطيف شرق السعودية حيث يقيم أبناء معظم الطائفة الشيعية وتحديداً في جزيرة تاروت التي يحفها البحر من كل جانب ويربطها بالقطيف جسر صغير، كان الدكتور محمد على الهرفي والشيخ عبدالحميد المبارك، وهما من الطائفة السنية، يناقشان مضيفيهما جعفر الشايب والدكتور عدنان الشخص، وهما من الطائفة الشيعية، في كيفية تطوير المواطنة بكل مذاهبها والتعايش في السعودية. الذين حضروا ذلك اللقاء راقبوا بشغف نتيجة ذلك الحوار، فالمتحاورون ليسوا اصدقاء وهم يناقشون اموراً بالغة الحساسية، كما ان نقاشهم اتسمّ بالجدية المطلقة، لأنه تطرق الى احدى أبرز القضايا التي تهم المجتمع السعودي. تلك كانت صورة ما يتم داخل مجلس واحد في السعودية، لذلك لم يكن غريباً عندما أعلنت الجهات الرسمية بشجاعة التحرك لاحتواء هذا الخلاف التاريخي، وجاءت مبادرة الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي لإجراء الحوار الوطني لتضع الكثير من النقاط على الحروف، بحضور اكثر من 50 شخصية تمثل مختلف المذاهب والطوائف في البلاد، إلا أنه لم يكن حواراً طائفياً ولم يدخل في تفاصيل المذاهب، بل كان حواراً يهدف الى تسخير التعددية في المجتمع. وللوقوف على أبعاد قضية الطوائف في السعودية وأثر هذا الحوار في احتواء تعدديتها، التقت "الوسط" عدداً من المشائخ والمفكرين الذين أجمعوا على أهمية الحوار وضرورة احترام الرأي الآخر. يقول مؤسس تيار الوسطية في السعودية الشيخ الدكتور محسن العواجي إن الحوار مطلب أممي وليس شعبياً أو سعودياً، ويضيف: "المجتمع السعودي ليس له خيار سوى الحوار لأننا امام أمر واقع لا تنفع معه النرجسية او الطهرية ولا تزكية النفس، قدرنا ان يكون مجتمعنا السعودي كالفسيفساء الملونة ولا بد ان تجمع هذه الالوان في جامع واحد هو الوطن الاسلامي". وذكر العواجي ان المؤتمر هو خطوة جبارة في الطريق الصحيح الا انه لن يكون كافياً ما لم تتبعه مؤتمرات وحوارات اخرى، نظراً الى ان المجتمع السعودي يعاني من هوة فكرية لا يمكن تجاوزها الا بالحوار. واضاف ان الحوار الوطني هو عامل من عوامل عدة لها اثر بتوجيه دفة القضية في الساحة، ومع انه عامل واحد الا انه فعال، كما انه لا يجب إغفال الجوانب او العوامل الاخرى ذات التواجد الفعال في الساحة، وأهمها الاحداث الاخيرة التي تعتبر محركاً رئيساً وواضح المعالم للوجه المقبل، الى جانب عامل آخر مهم جداً هو الموقف الرسمي من الانفتاح الاعلامي وإتاحة هامش معين للتعبير عن الرأي. احترام الرأي الآخر وانتقد العواجي اعتذار بعض الأطراف عن حضور اللقاء، وقال: "الحوار هو احترام الرأي الآخر، ومحك اختبارنا وتقديرنا له كما انني لا اعتقد ان العجلة ستقف عند عزوف هذا او ذاك، الى جانب انه لا يمكننا ان نجبر الناس على المشاركة لأننا بذلك نمارس نوعاً من الوصاية نسعى للتخلص منها". وأضاف: "أتمنى ان يكون الوسطيون من الذكاء والحصافة بحيث يستفيدون من هذا الظرف وهذه الأجواء ويوظفوها توظيفاً صحيحاً يخدم الصالح العام، داعياً الموقف الرسمي الى المرونة وسماع وجهة النظر الأخرى حتى لو كانت نقداً في الصميم طالما انه ايجابي وبشكل سلمي لأنه سيصبّ في نهاية الامر في مصلحة الجميع بما فيهم الدولة". وقال العواجي: "في السنوات الماضية كان المفكّرون والاصلاحيون والدعاة والمشائخ يركزون على تليين الجانب الرسمي لشدة استعصائه، ولكن عندما أبدى هذا الجانب الكثير من المرونة التفتنا فإذا بنا قد نسينا اوضاعنا الداخلية الفكرية ووجدنا أنفسنا في مأزق، واتضح انه في الوقت الذي ركزنا على مسألة موقف الدولة من الرأي الآخر نسينا في الوقت نفسه اننا مثل الدولة بحاجة للإصلاح الداخلي بحيث نكون مهيئين للاستفادة من هذه الأجواء بطريقة حضارية، وفوجئنا بأننا غير مهيئين، وظهر انه يمكن ملاحظة النشاطات ذات الحدة التي كان يتم تبنيها في السابق، لكن الاخوان بدأوا يعزفون عنها الآن، ليس لأنها غير مناسبة بل لأنهم اكتشفوا ان هناك خللاً داخل التربية الفكرية والثقافية قد تكون في هذه الفترة أولى بالاصلاح. التيار الواحد ويتفق جعفر الشايب وهو ناشط في الطائفة الشيعية ومن الموقعين على خطاب الرؤيا، مع العواجي، ويذهب أبعد من ذلك بقوله: "مجتمعنا يعيش حالاً طبيعية من التنوع والتعددية، ففي السعودية مذاهب عدة، وهذا قد لا يتواجد في دول كثيرة اخرى، الا انه في الوقت الذي كان يفترض ان تساهم هذه التعددية في اثراء فكري وثقافي نجد انها للأسف لم تتمكن من تحويل هذه الايجابية داخل البوتقة الوطنية وذلك لأسباب ثقافية وسياسية". ودعا الشايب الى "القبول والاعتراف بالتنوع والتعددية"، لافتاً إلى أهمية موضوع الحوار الوطني الذي هو موضوع سياسي بالدرجة الاولى، ومشيراً الى ان المؤتمر جاء في ظل متغيرات وظروف سياسية محلية واقليمية ودولية، ما يتطلب مبادرة جادة وجريئة لموضوع الاصلاح الذي يجب ان يكون قائماً على أساس المساواة وإفساح المجال امام مختلف التيارات الثقافية للتعبير عن رأيها بكل حرية. ويرى الشايب ان الخطوة الدينية تعتبر من أهم الخطوات اذا تم تجاوزها، وقال ان السعودية احتضنت مؤتمرات تكاد تكون أقرب الى حوار الحضارات، لذلك من الأولى ان يكون هذا الحوار للشأن الداخلي، ولا أرى بأساً من توسيع الحوار لضمان التوازن للمجتمع واعادة التيارات الاخرى التي اصبحت شبه مغيّبة، الا انه عاد ليقول انه لا يقصد هنا "حوارات عقائدية كتلك التي رأيناها على الفضائيات والتي أجّجت الوضع ونبشت التراث الفكري والثقافي بل حواراً ينطلق من ارضية المصلحة المشتركة التي تشدد على اننا نعيش على ارض واحدة وهناك ظروف وتحديات خطيرة نواجهها جميعاً". واعتبر ان الانطلاقة يجب ان تكون من الواقع الحالي وليس من قضايا عقائدية تاريخية لن تؤدي الى نتيجة، كما لا ينبغي ان يشهد الحوار غلبة فئة على اخرى لأنه لن يهدف الى استقطاب اشخاص لمذهب معين او إبانة حجّة كل طرف، بل يجب ان يتم قبول كل طرف كما هو والتعامل معه على أساس أن له الحق في أن تكون له آراؤه. ويقول انه "اذا كان لنا الاستعداد في ان نتحاور مع غير المسلمين ونقبل بهم ونضع ضوابط وقوانين حتى لا يكون هناك تعدّ على افكارهم ومعتقداتهم، فمعنى ذلك انه في إمكاننا التحاور حول قضايانا والتوصل الى صيغة تضمن تلك المحاور". ويؤكد الشايب ان الحوار الحالي ليس ناتجاً عن إملاءات ظروف خارجية مثل احداث 11 أيلول سبتمبر وحرب العراق بل هو إنطلاقة من وضع داخلي يتطلب حالاً من التعايش. ويعود الشايب الى تأسيس السعودية ومبادرات الملك عبدالعزيز، رحمه الله، ويقول: "عند تأسيس البلاد كان مطلوباً في تلك الفترة الولاء السياسي لهذه الدولة من دون النظر الى الانتماء القبلي او المذهبي، وان تكون المواطنة هي الاساس للتعامل مع أي طرف ينطوي تحت هذا الكيان، وأنا أرى ان هذا هو الاساس الذي يجب ان تتعامل معه التعددية وهو كفيل بالتعاطي مع جميع افراد المجتمع بشكل سوي. وانطلاقاً من هنا يجب احترام أي انسان في هذا المجتمع ما يحول التعددية الى حال من المشاركة بفعالية التعبير عن الذات". ويضيف انه "لتعزيز ذلك لا بد من وجود نظام ومنهج تثقيفي لتعزيز المواطنة وتجريم من يمارس التمييز، وبذلك نضمن فعالية اكبر للتعددية وانخراطاً في مجتمعها المدني". الطائفية والمجتمع محمد الهرفي الاستاذ في كلية الشريعة في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية يختلف مع الشايب في موضوع الحوار الطائفي، ويرى ان هذا اللون سيمتد ويتشعب لا سيما ان في السعودية اكثر من طائفة، ويقول ان هذا اللون من الحوار سيؤصل تفتيت المجتمع الى طوائف متنازعة كل منها يدعي الأحقية، ويرى ان "المصلحة ان نكون أمة واحدة لها الحقوق نفسها وعليها الواجبات نفسها، ومن هنا تنبثق اهمية الحوار الوطني الذي سيسحب البساط من التطرف، فالرؤية الأحادية والنظرة الاستعلائية التي تصوّر لنا رؤية انفسنا على حق وغيرنا على خطأ تعتبر سبباً رئيساً في التطرف خصوصاً اننا نعيش تطرفاً في اشياء عدة والنفاق الاجتماعي يغذي عوامل التطرف، والحوار والانفتاح الثقافي وحرية التعبير جزء مهم في تكوين المجتمع الوسط، ومن دون هذه الحرية سيكون هناك تطرف، إما الى أقصى اليمين، وإما الى أقصى اليسار وهو في كل الحالات تطرف مذموم". ويضيف الهرفي ان التعددية الفكرية والمذهبية والدينية في بعض الاحيان لم تكن من اسباب فرقة المجتمع المسلم في الدولة الاسلامية الاولى، وجميعنا نعرف ان تلك الدولة كان فيها المسلم وغير المسلم واشتملت على كل المذاهب والعقائد السليمة والمنحرفة، ومع هذا كله كان المجتمع المسلم آنذاك قوياً ومثلاً حياً والسبب هو العدالة الحقيقية التي كانت تمارسها الدولة مع كل الطوائف، وهكذا ستكون التعددية سبباً مباشراً لقوة المجتمع اذا اقترنت بالعدالة وتطبيق القانون على الجميع سواسية. ويشير الهرفي الى نقطة مهمة في الحوار الوطني تخص المثقفين، فيقول ان دور هذه الفئة تبرز اكثر من دور الدولة لأنهم المعنيون بهذه المسألة وهم الذين تُلقى عليهم مسؤولية صياغتها، لذلك لا بد ان يدرك هؤلاء المثقفون اهمية الوحدة الوطنية وكونها الملجأ الأهم لحمايتهم من التفكك والضياع، وهنا أرى ضرورة ان تقوم الدولة بالوقوف معهم وان تدعمهم وتثق بهم لتحقيق هذا الهدف. ودعا الهرفي الى إجراء حوار شامل، وقال: "ان هناك فكراً أحادي النظرة يغلب على كثيرين منا، وليس بالضرورة ان يكون هذا الفكر صائباً في كل مفرداته، لذلك نحن نحتاج الى حوار شامل في مدارسنا وجامعاتنا واعلامنا وفي منتدياتنا الثقافية، كما ينبغي ان نكون واقعيين في هذا الحوار، والأهم من ذلك ان نكون صادقين". الحوار والتطرف من جانبه يرى الاستاذ في قسم الرياضيات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عدنان الشخص ان هناك ضرورة للانفتاح على المدارس الفكرية الاخرى ومحاورتها بشكل ودي للوصول الى افضل الحلول للمشاكل التي تعاني منها الامة بصورة عامة، ويضيف ان الحوارات المغلقة ليست كافية بل يجب ان يكون هناك برنامج شامل، مع ان الحوار خطوة مهمة، بيد ان حرية الرأي بصورة عامة يجب ان تكون سائدة، وحرية تكوين مؤسسات المجتمع المدني ضرورية جداً لاستيعاب التيارات المتطرفة. كذلك الشورى عملية مهمة في هذا الاطار، فوجودها مسألة رئيسية، لكن التشاور يجب ان يكون للجميع من خلال حلقات تتناسب مع وضع العصر. ويرى الشخص ان انصهار افراد المجتمع بكافة انتماءاتهم ضروري لحماية الوطن، مشيراً الى ان ما حصل في العراق من تخلي الشعب عن سلطته أعطى مؤشراً للحكومات العربية وأثبت ان القوة العسكرية والامنية غير كافية لحماية الوطن ما لم يدعمها تماسك شعبي حول اهداف اساسية يسعى الجميع لتحقيقها، واضاف من الواضح ان ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز يسعى لجمع أبناء هذا الوطن بشتى توجهاته من خلال الحوار الوطني. ويضيف انه لتحريك القضية داخل المجتمع يجب ان نعي ان موروثاتنا الثقافية ألصقنا بها بعض الثوابت التي توارثناها واعتبرناها ثوابت اسلامية، لكنها ليست بالضرورة كذلك، فهي ثوابت توارثناها من بعض العصور، مثل العصر العباسي وعصور المماليك، وتجب مراجعتها. وقال إن الحوار لا يعني ان تقبله او ان ترضى به ولكن لا يعني ايضاً تقزيم الطرف الآخر. وأعرب الشخص عن أمله في ان يتحول هذا الحوار الى حوار شعبي تعززه اجراءات يتم اتخاذها لضمان استمراره وتفعيله، وقال انه من الضروري ان تتاح لكل رجل وامرأة المشاركة بفعالية في القضايا الاجتماعية، الى جانب ان عدالة المجتمع عندما تتوافر، فإن افراده سيجدون الفرصة لدعم هذا المجتمع وتعزيزه ما ينمّي حال الانتماء الوطني لدى الافراد ويحول التعددية في هذا المجتمع الى وسيلة ارتقاء، لا سيما ان التعددية المتواجدة في السعودية تجمعها ديانة واحدة ولغة واحدة ما يسهل عملية انصهارها في إطار واحد. شروط الحوار الى ذلك يرى مدرس الفقه المالكي في الاحساء أستاذ الفقه المساعد في جامعة الملك فيصل والشيخ عبدالحميد بن مبارك آل الشيخ مبارك ان الحوار يتطلب ان يكون ممثلاً تمثيلاً عادلاً لجميع أطياف المجتمع المذهبية والفكرية والمناطقية، اذ لا يمكن استبعاد اي جهة او تيار، لافتاً الى انه كان يتمنى ان تشارك في الحوار اسماء فاعلة اخرى. ويضيف انه لا بد ان يكون الحوار صادقاً واستجابة لدوافع داخلية حتى لا يبدو وكأنه استجابة لأي ضغوط دولية. ويشدد المبارك على ان استبعاد أي تيار فكري في الساحة يعتبر عامل فشل لا عامل بناء، ويقول ان قضية التقارب الفكري أمر مطلوب، مشيراً إلى أن ما حدث في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز من الحوار المفتوح والعدل وحرية التفكير والتعبير اسهم إلى حد كبير في خفوت التطرف في الفكر والسلوك، كما ان رابع الخلفاء الراشدين علي بن ابي طالب أحسن التعامل مع الخوارج بما يمليه عليه العقل والدين والمصلحة. ولتحقيق أهداف الحوار يرى المبارك ان هناك ضرورة لأن يلبي أهم حاجات الاصلاح، مثل استقلال القضاء التام وهذا يحتاج الى تطوير ورفع مستوى العاملين فيه، كما ان هناك ضرورة لقيام مؤسسات المجتمع المدني وتفعيلها وتطوير نظام الدولة الاداري الى نظام مؤسسات، الى جانب تسليط الضوء اعلامياً على مثل هذه اللقاءات وإتاحة الفرصة للمشاركة بفعالية وبحرية تامة لأن ذلك بحد ذاته يساهم في تطوير الوعي الحضاري لأبناء هذا الوطن. ويرى المبارك ان هناك مجموعة من الثوابت يجب ان تتوافر للاستفادة من تعددية المجتمع السعودي ابرزها، كما يقول، ان تكون الشريعة الاسلامية هي المصدر التشريعي الوحيد مع ضرورة الافادة من تجارب الامم الاخرى بما لا يتعارض مع الشريعة، كما ان وحدة الوطن ضرورية مع ضمان حقوق المواطنين كافة في المواطنة المتساوية على اختلاف مذاهبهم ومناطقهم، الى جانب ذلك هناك ضرورة لاستخدام جميع الوسائل السلمية الممكنة لإصلاح البلاد والمناصحة مع تأكيد عدم الولاءات الخارجية لدول او احزاب مع ضرورة معالجة الروح الاستعلائية. هزيمة التطرف ويشير مدرس الفقه المالكي الى وجود عاملين ساهما في بروز الاتجاه العقائدي الذي يطلق عليه التطرف: الاول هو وجود تفكير اقصائي واستعلائي نما وترعرع منذ اكثر من قرنين من الزمن في تراثنا المعاصر، والعامل الثاني هو إعلان الولاياتالمتحدة الحرب على الاسلام ودعمها السافر للصهاينة واليهود والعبث بالمقدسات الاسلامية وقتل وتشريد اخواننا في فلسطينوالعراق. ويضيف: "هذان سببان مهمان مع ضرورة عدم انخداعنا بما تسميه الولاياتالمتحدة بالارهاب والتشدد، لأنها تطلق هذه التسمية على كل من يقاوم الاحتلال وكل من يدافع عن دينه ووطنه ومقدساته وكل من يتعرض لقواتها وعساكرها التي سخرتها لحرب المسلمين، وارى ان الامر يحتاج الى العلاج بالحكمة البالغة التي تمليها المرحلة والعقل والدين" الحوار الاول في تاريخ السعودية على مدى أربعة ايام اجتمع اكثر من 50 شخصية سعودية يمثلون مختلف الاتجاهات الاسلامية السنية والشيعية في حوار يهدف الى تعزيز المواطنة في البلاد، ورعى الحوار الذي يعد الاول في تاريخ السعودية ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بعد موافقته على تنظيمه اثر اقتراح تقدّم به عدد من المفكّرين السعوديين، وتم تكليف فريق اقتراح وصياغة موضوعات معينة للحوار واختيار عدد من الشخصيات من ذوى الاهتمام بالمواضيع المقترحة، على أن يراعى تمثيلهم لوجهات النظر المختلفة. وتضمنت كلمة الأمير عبدالله للمؤتمر محورين أساسيين: الاول، الوحدة الوطنية وأثر العلماء فيها، وأهم موضوعاته التي تمت مناقشتها الوحدة الوطنية وأهميتها والأصول الشرعية التي تُبنى عليها والدور الريادي للعلم والعلماء في السعودية لضمان الوحدة الوطنية والغلو والتشدد والتوسع في سد الذرائع، في مقابل التحلل من الثوابت الشرعية وأثر ذلك على المجتمع والتنوع الفكري بين شرائح المجتمع وحقوق وواجبات المرأة ودورها في المجتمع وحرية التعبير والفتوى المعاصرة وربطها بالواقع الاجتماعي، وأثر ذلك على الوحدة الوطنية وتماسك الداخل وفتوى الأفراد مقابل فتوى المجامع والهيئات العلمية دراسة وتقويماً. أما المحور الثاني فدعا الى تناول العلاقات والمواثيق الدولية واثر فهمها على الوحدة الوطنية، ومن خلاله تمت مناقشة العلاقات الدولية في الإسلام والدعوة في الداخل والدعوة في الدول الإسلامية وغير الإسلامية وأهمية المصالح المشتركة في علاقات السعودية بالدول الأخرى والتعامل مع غير المسلمين في ضوء الكتاب والسنة والجهاد وأحكامه. وخرج المتحاورون من النقاشات المكثفة والمغلقة بنحو 22 توصية أبرزها تركيز العناية والتفكير في قضية الخطاب الاسلامي الداخلي ووحدة البلاد في اطار الوسطية والاعتدال والمحافظة على الوحدة الوطنية للبلاد، ومراعاة قضايا الشباب في خطط التنمية وبرامجها، والاستمرار في عملية الاصلاح بكافة جوانبها وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وعدم التوسع بقاعدة سد الذرائع، والتشديد على أهمية الحوار، وضرورة التعايش مع الاختلاف والتنوع الفكري والاعتماد على القرآن الكريم في الحكم على الآراء والاشياء والاشخاص، وتوسيع دائرة مشاركة المرأة، وضمان حرية التعبير وفق الضوابط الشرعية المعتبرة.