اذا اكتشفت في رحلة الى العاصمة الفرنسية باريس ان لوحة موناليزا غير موجودة في متحف اللوفر فلا تتفاجأ او تذهب مخيلتك الى حد الاعتقاد بأن عصابة عصرية ماهرة نجحت في الاستيلاء عليها، لأن اللوحة الشهيرة لسيدة الابتسامة الحزينة - السعيدة لليوناردو دا فنشي ستنقل من موقعها مع آلاف اللوحات والمنحوتات الثمينة الى مكان آمن منعاً لتعرضها للخراب والتلف من طوفان لنهر السين المجاور. ويؤكد مدير متحف اللوفر هنري لويريت ان "الخوف ليس من خطر ارتفاع منسوب النهر وانما من تحذيرات الخبراء التي تؤكد ان ضفة النهر توشك على الانهيار في اي وقت ما يهدد بغمر المساحات المنخفضة في العاصمة". ويهدد فيضان مياه السين بشل الحياة الاقتصادية في العاصمة الفرنسية وترك ربع السكان فيها، البالغ عددهم اربعة ملايين نسمة، من دون غذاء او كهرباء وخسائر مادية تقدر بحوالى 16 مليون يورو. ويؤكد خبراء الارصاد الجوية ان هناك 9 فرص من اصل 10 بأن تتعرض العاصمة قبل نهاية فصل الشتاء، اي خلال الاسابيع القليلة المقبلة، لتكرار الفيضان المدمر الذي وقع قبل نحو قرن من الزمان، وتحديداً في العام 1910. والى جانب متحف اللوفر فإن موقع البرلمان ومتحف أورساي والمكتبة الوطنية ومحطات القطارات ووزارة المال كلها مهددة بالطوفان. وقد تشل حركة 70 في المئة من قطارات مترو الانفاق لأن معدل ارتفاع نهر السين بلغ حد الطوارئ هذا الشتاء... والأدهى ان معدل ارتفاع مياه السين تحقق بأقل قدر من الامطار، كما ساهم تشبع الارض بالمياه في جعل امكان امتصاصها المزيد في حال الطوفان أمراً مستحيلاً. ولن يتم الاعلان عن مكان الاحتفاظ بلوحات ومنحوتات متحف اللوفر والمتاحف المجاورة، خصوصاً مكان لوحة موناليزا الموقت خوفاً من عمليات سطو عليها نظراً الى ان المكان الموقت لا يتمتع بمستوى الحراسة نفسه في اللوفر. وتأثر المسؤولون الفرنسيون بالكوارث التي وقعت في بعض المدن الاوروبية العام الماضي، خصوصاً العاصمة التشيخية براغ، جراء الطوفان المفاجئ الذي حال دون انقاذ الاعمال التاريخية واللوحات والمنحوتات الثمينة، ما جعلهم يستبقون الاسوأ ويحتاطون لمنع تكرار الكارثة. وتستعد نحو اربعة آلاف شاحنة لنقل مقتنيات هذه المتاحف، علماً ان السائقين خضعوا لإجراءات امنية شديدة وتدقيق في ماضيهم للتأكد من خلو سجلهم العدلي من اي سوابق اجرامية، لأنها ستكون كارثة اذا سرقت لوحة موناليزا وهي تنقل من مكانها للمحافظة عليها من التلف من الطوفان خصوصاً انها تعرضت للسرقة في السابق. يذكر انه في العام 1911 تعرضت اشهر لوحة في العالم للسرقة عندما اختفت من مكانها في متحف اللوفر، واعتقد العاملون للوهلة الاولى انها ارسلت للتنظيف والصيانة، ولم تتم استعادتها الا بعد 27 شهراً عندما حاول الايطالي فيتشينزو بيروجيا بيعها لقاعة "يوفيتزي" في فلورنسا. وبرّر بيروجيا سبب إقدامه على سرقة اللوحة بأنه نابع من وطنيته، لأنه لم يعتقد ان لوحة عظيمة بريشة فنان ايطالي قدير توجب عرضها في فرنسا. ولكن ما لم يعرفه بيروجيا هو انه قد يكون صحيحاً ان اللوحة رسمت في ايطاليا غير ان صاحبها ليوناردو دا فنشي باعها عندما ذهب الى فرنسا، الى الملك فرنسيس الاول في مقابل 4 آلاف قطعة ذهبية في العام 1517.