مركز «إكثار وصون النمر العربي بالعُلا» يحصل على اعتماد دولي من جمعية (EAZA)    قصر الإليزيه: ماكرون سيزور لبنان «قريباً جداً»    إدارة الإطفاء بلوس أنجلوس: إصابات وتضرر أكثر من 1000 مبنى جراء حرائق الغابات    الرياض يتعادل إيجابياً مع الخليج في دوري روشن    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من رئيس السنغال    القبض على مصري في جدة لترويجه «الشبو»    الدفاع المدني يدعو إلى ضبط سخانات المياه بشكل آمن    تحديد مصير نيمار مع الهلال    ولي العهد يفوز بلقب "الشخصية القيادية العربية الأكثر تأثيراً" للعام الرابع على التوالي    حقيقة انتقال فينيسيوس جونيور إلى دوري روشن    الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تطلق دليلاً شاملاً للمهن الإعلامية    أسرة «المساعيد» تحتفي بزواج ابنها الشاب وليد    اشتراط 30 يومًا كحد أدنى في صلاحية هوية مقيم لإصدار تأشيرة الخروج النهائي    زيلينسكي يطالب بنشر قوات في كييف.. وأوروبا: مستعدون للدعم عسكرياً    أمانة الشرقية تكشف عن جهودها في زيادة الغطاء النباتي للعام 2024    الأرجنتيني فارغاس ينضم إلى صفوف الفتح حتى عام 2026    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثامنة إلى مطار دمشق الدولي    10 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في العمل الاجتماعي    إحصائيات الخدمات الصحية لمستشفى القويعية لعام 2024م: أرقام تبرز الكفاءة والإنجاز    المرور السعودي: استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في جازان    حساب المواطن: إيداع 3.1 مليار ريال مخصص دعم شهر يناير    فن "صناعة الأبواب والنقوش الجصية" لا زال حاضرًا في الذاكرة    «الإحصاء»: ارتفاع مؤشر الأنشطة النفطية 3.8%.. و«غير النفطية» 2.4%    النفط يهبط مع مخاوف الطلب وارتفاع الدولار والتركيز على سياسات الطاقة القادمة    استشهاد 19 فلسطينيًا في غزة    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    وفاة رجل بسرطان من تبرُّع.. هل تنتقل الأمراض النادرة عبر عمليات الزرع ؟    تدشين مشروع مراقبة وضبط مخالفات مصادر المياه واستخداماتها    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    مشعبي يطالب بإيقاف أفراح «الكأس» والتركيز على «الدوري»    الأردن: السجن ل 3 متهمين في قضية «حج الزيارة»    الرماح والمغيرة يمثلان السعودية في رالي داكار 2025    من أنا ؟ سؤال مجرد    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    وزير الطاقة ونظيره الهيليني يترأسان اجتماعات الدورة الأولى للجنة الطاقة بمجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي الهيليني    ما ينفع لا ما يُعجب    الاتحاد يصطدم بالشباب.. والقادسية يواجه الرائد    ولي العهد عنوان المجد    بلدية محافظة الشماسية تكرّم متقاعديها تقديرًا لعطائهم    المملكة تحافظ على صدارتها بحجم الاستثمار الجريء    نائب أمير حائل يتفقّد مشروع طريق «حائل - رفحاء»    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    طالبات من دول العالم يطلعن على جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    345.818 حالة إسعافية باشرها "هلال مكة" 2024    تعزيز التعاون السياحي السعودي - الصيني    67 % ضعف دعم الإدارة لسلامة المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة ينجح في استئصال جزء من القولون مصاب بورم سرطاني بفتحة واحدة    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل حملة "التوعية باللعب الالكتروني الصحي"    تحرير الوعي العربي أصعب من تحرير فلسطين    أين تذهب هذا المساء؟    يهرب مخدرات بسبب مسلسل تلفزيوني    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    إنتاج السمن البري    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    دكتور فارس باعوض في القفص الذهبي    على شاطئ أبحر في جدة .. آل بن مرضاح المري وآل الزهراني يحتفلون بقعد قران عبدالله    أمير المدينة يتفقد محافظة العيص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطنان من وثائق الاستخبارات العراقية في واشنطن متورطون أكراد وعرب وغربيون والأميركيون يطبخون المعلومات والأسماء
نشر في الحياة يوم 17 - 11 - 2003

حينما فرضت القوات الاميركية سيطرتها على العاصمة العراقية بغداد، ليلة التاسع من نيسان ابريل الماضي، توقع كثيرون من المراقبين والمعنيين بالشأن العراقي ان يكون الهدف الاول لهذه القوات إلقاء القبض على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وابرز مساعديه، والبحث عن مخابئ أسلحة الدمار الشامل العراقية التي استقطبت اهتماماً كبيراً في الفترة التي سبقت الحرب، او تشديد الحماية على مباني وزارة النفط والمؤسسات النفطية بغية الحفاظ على مصالح اميركا الاستراتيجية المستقبلية في العراق. لكن الحقيقة التي لم ينتبه اليها كثيرون هي ان الاميركيين ركزوا على هذه الأهداف، الا انهم ظلوا، في حلكة ليالي الحرب، يركزون جهدهم على الناحية الاستخباراتية وفي مقدمها إحكام القبضة على المراكز والمقار الرئيسة لأجهزة الامن والاستخبارات العراقية، وما اكثرها في بغداد يومذاك.
وعلى رغم ان ضجيج الحرب غطى على اي نشاط اميركي آخر في تلك الايام، فان فرقاً خاصة من ضباط مختلف وكالات الاستخبارات الاميركية انشغلت بجمع محتويات تلك المراكز وارشيفاتها وسجلاتها واقراص الكومبيوترات الموجودة فيها، اضافة الى الانشغال بنقلها الى خارج العراق على وجه السرعة. والحقيقة ان مطار بغداد الذي استولى عليه الجنود الاميركيون قبل يوم او يومين من احتلال بغداد افاد كمعتقل لكبار مسؤولي النظام السابق، لكنه لم يفد قطعاً في تحويله الى مركز لجمع الوثائق الاستخباراتية العراقية التي بلغ وزنها بضعة اطنان.
والارجح ان عملية الاستيلاء على المباني الاستخباراتية في بغداد لم تتطلب وقتاً طويلاً، اذ نجح المختصون الاميركيون في انجاز العملية خلال ليلة واحدة، ليتركوا بعدها المباني فارغة الا من اثاثها وبعض الوثائق التي لم تصل اليها اياديهم، والتي تحولت في ما بعد الى مجموعة من السارقين والناهبين. هذا عدا عن اطنان اخرى من افلام الفيديو والوثائق والسجلات السرية والرسائل الشخصية والتقارير الاستخباراتية التي ضمتها قصور عدي وقصي نجلي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. واللافت ان كميات كبيرة من محتويات القصور وقعت في الايام الاولى لسقوط بغداد في ايدي من نهبوها وعرضوها في وقت لاحق للبيع في شوارع العاصمة.
معروف ان النظام العراقي السابق اعتمد في حياته على شبكة هائلة من اجهزة الاستخبارات تنوعت بين عسكرية ومدنية وسياسية واقتصادية وخاصة. وكان جهاز المخابرات العامة الذي ترأسه الرقم ثمانية على قائمة المطلوبين العراقيين الخمسة والخمسين طاهر جليل حبوش التكريتي، اخطر الاجهزة السرية العراقية واكثرها اتقاناً وخبرة في الميدان الامني على الاطلاق. ويبلغ عدد الاجهزة الامنية في العراق اكثر من ثمانية اجهزة رئيسية، بينها مديرية الامن العامة ومديرية الاستخبارات العسكرية وجهاز الامن القومي المرتبط بصدام حسين واستخبارات الحرس الخاص المرتبطة بنجله قصي، اضافة الى المخابرات العامة وعدد آخر من الاجهزة التابعة للحرس الجمهوري وجيش فدائيي صدام. واللافت ان هذه الاجهزة شغلت عشرات المباني والمجمعات الكبيرة في محيط متقارب وسط بغداد.
مع هذا يظل السؤال الاكثر اثارة يتعلق بمحتويات الوثائق العراقية التي استولى عليها الاميركيون ، وما تكشف عنه من معلومات قد تكون بالغة السرية.
في الواقع لا تتوافر اجوبة واضحة عن هذا السؤال. فالاجهزة العراقية عملت كأي جهاز استخباراتي آخر في جو من العتمة الشديدة، بينما لم يفضل الاميركيون الذين استولوا على الوثائق الحديث المباشر عن الموضوع باستثناء تسريبات غير مباشرة الى وسائل الاعلام الاميركية، اضافة الى نشر بعضها في صحف كردية مستقلة. والواقع ان عدم اعلان المعلومات التي تتضمنها هذه الوثائق، او الاسماء التي تذكرها اثار كثيراً من اللغط، لكن الواضح ان الاميركيين الذين يهمهم اقتفاء آثار الشركات والدول المتورطة في تزويد العراق بتقنيات انتاج اسلحة الدمار الشامل، وكشف السياسيين الاجانب الذين اقاموا علاقات مع بغداد اضافة الى كشف الامتداد الاستخباراتي العراقي داخل العراق نفسه والاوساط العربية والاقليمية، لا يبدون حتى الآن راغبين في استثمار الوثائق لاغراض دعائية او للاثارة الاعلامية، انما الارجح انهم يريدون تكوين صورة شاملة عن نظام لا يمكن التعرف على حقيقته الا من خلال تشريح احشائه الداخلية المتمثلة بأجهزة امنه.
في هذا الاطار استطاعت القوات الاميركية في صمت مطبق وبمعاونة فرق من مختصيها في العمل الاستخباراتي، ان تستولي على اطنان من الوثائق السرية ومئات القوائم بأسماء المتعاملين مع النظام السابق، اضافة الى حصولها على الهيكلية التفصيلية لاجهزة استخباراته ومصادر معلوماته ووكلائه، وقوائم مثيرة لاشخاص غربيين وعرب وعراقيين تعاونوا معه بهذه الدرجة او تلك، سواء من اجل تبييض صورة الرئيس العراقي المخلوع في الاعلام العالمي والعربي او محاولة التأثير على مراكز القرار في حكوماتهم من اجل تغيير مواقفها لمصلحة النظام السابق، او من اجل الحصول على اموال وامتيازات.
والواقع ان كثيرين لم يعرفوا بأمر هذه الوثائق والملفات في حينه خصوصاً ان الاميركيين حرصوا على نقلها بسرعة الى الولايات المتحدة حيث شرع المحللون الاستخباراتيون والمختصون بمساعدة عدد من المترجمين العراقيين والعرب في تصنيفها وتدقيقها. لكن المعلومة الاولى تسربت بشكل غيررسمي حينما بدأت اوساط كردية في اربيل والسليمانية تتحدث من دون معلومات اكيدة، عن تورط اسماء كردية من قيادات الاحزاب في نشاطات استخباراتية مع اجهزة النظام السابق.
ويقول مصدر كردي تحدثت اليه "الوسط" ان الاكراد بدورهم استولوا على محتويات دوائر الامن والاستخبارات في مدينتي كركوك والموصل. لكن الكمية الاكبر من هذه الوثائق جاءت من الاميركيين الذين غنموا محتويات المديريات العامة لدوائر الامن والاستخبارات في بغداد. ورجح المصدر نفسه الا تكون الوثائق التي سُلمت الى الاكراد اصلية، انما نسخ مصوّرة من الصور الاصلية، قامت واشنطن باستنساخ الجزء الخاص بأسماء الاكراد المتعاونين مع السلطة السابقة وتسليمها الى الاحزاب الكردية.
واضاف المصدر الكردي ان الجزء الاكبر من تلك الملفات سُلم الى الحزبين الرئيسيين، الحزب الديموقراطي بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني. في المقابل، قام الأكراد بتسليم الأميركيين صوراً عن الوثائق والملفات التي استولوا عليها في الموصل وكركوك في الفترة التي اعقبت سقوط النظام.
الأكراد والعمل الاستخباراتي العراقي
تعود جهود الحكومات العراقية المتعاقبة على صعيد التسرب الاستخباراتي الى داخل الأحزاب الكردية الى ستينات القرن الماضي حينما قاد الزعيم الكردي الراحل مصطفى بارزاني احدى أهم الحركات المسلحة الكردية ضد بغداد. لكن الفرق ان الحركة السياسية الكردية كانت تمثل في تلك الفترات الهم الأساسي لكل الحكومات العراقية، ما دفع بها الى اعتبار الحركة الكردية مصدراً لأهم تهديد استراتيجي داخلي ضدها. أما في الفترة التي اعقبت اندحار القوات العراقية في غزو الكويت عام 1991 فإن الأكراد لم يعودوا يشكلون الهدف الرئيسي للجهد الاستخباراتي العراقي، بل تحول هذا الجهد الى أماكن اخرى غير الساحة الكردية، كإيران واميركا والدول الأوروبية والعالم العربي. والواقع ان كثيرين من المعنيين الأكراد لفتوا الى ان حجم الاختراق العراقي الأخير ليس كبيراً على رغم ورود بعض الأسماء الكردية البارزة في الوثائق الاستخباراتية العراقية.
الى ذلك، يلفت المسؤولون الأكراد، في محاولة منهم لتخفيف آثار الصدمة التي أحدثها كشف قسم من الوثائق، الى احتمال ان تكون اجهزة النظام السابق قد اختلقت كثيراً من الرسائل والوثائق باسم العناصر القيادية في الاحزاب الكردية بغية تشويه سمعتها. لكن مع هذا تظل الاسئلة التي أثارتها احدى الصحف الكردية المستقلة موضع أحاديث وتكهنات لا حصر لها، على رغم ان الاحزاب الكردية، وبينها الحزبان الكرديان الرئيسيان، لم تكشف أي شيء عن موضوع الملفات الاستخباراتية طوال الاشهر الماضية.
صحيفة "هاوولاتي" المواطن الكردية المستقلة التي تصدر في السليمانية، أشعلت النار في هشيم الموضوع بنشرها اعتباراً من مطلع تشرين الأول اكتوبر الماضي اسماء ووثائق ورسائل متبادلة بين المتورطين واجهزة الاستخبارات العراقية. ففي العدد 143 الصادر في الأول من تشرين الأول نشرت الصحيفة اسم سعدي أحمد بيره العضو المرشح للمكتب السياسي مسؤول مركز تنظيمات "الاتحاد الوطني" في الموصل، ومصطفى جاورش الكادر القيادي عضو البرلمان الكردي على قائمة "الاتحاد الوطني". وفي العدد نفسه نشرت "هاوولاتي" اسم الصحافي الكردي ع. ق. ب من العناصر المحسوبة على الحزب الديموقراطي الكردستاني. وفي العدد 148 عادت الصحيفة ونشرت اسم الكاهن المسيحي س. ت. ب من بلدة عينكاوة ذات الغالبية المسيحية مع وثيقة صادرة عن الاستخبارات تتحدث عن تاريخ تعاونه مع الجهاز وطريقة الاتصال به وبعض المعلومات العائلية عنه.
الى ذلك، نشرت الصحيفة في العدد 146 اشارة الى اسم قيادي سابق في الحزب الشيوعي العراقي هو ي. ح وعدد من كوادر حزبه ممن عقدوا اجتماعات سرية مع مسؤولين في النظام السابق. أما في العدد 147 الصادر في 29 تشرين الأول فنشرت الصحيفة اسم احد الكوادر الاعلامية في الحزب الشيوعي العراقي هو ك. س. ط من سكان أربيل. واللافت ان الصحيفة حرصت على نشر رسائل وتقارير توثيقية مع اكثر الأسماء التي أوردتها.
حزب طالباني لزم الصمت تجاه الموضوع حتى بعد نشر اسماء بعض قياديه، لكنه اشاع في الأوساط الكردية، بشكل غير رسمي، انه في صدد تشكيل لجنة تحقيق لمساءلة المتورطين في الفضيحة، اضافة الى قراره عزل المتورطين من وظائفهم الى حين انتهاء لجنة التحقيق من أعمالها. أما حزب بارزاني فأصدر مكتبه السياسي بياناً نفى فيه تورط اي عضو قيادي في التعامل غير الشرعي مع الحكومة العراقية السابقة، لكنه اعترف بإمكان تورط بعض عناصره غير القيادية، مشيراً الى ان التحقيقات جارية وان من ثبت عليه تهمة التجسس سيحاكم وفق قرارات البرلمان الكردي في هذا الصدد. وكان البرلمان أكد في القرار 18 الذي اتخذه العام الحالي ان من تثبت تعاونه مع النظام السابق سيقدم الى المحاكمة ويمنع من العمل الرسمي في دوائر الدولة والحياة السياسية مدة 15 عاماً.
اتصلت "الوسط" بسعدي احمد بيره وسألته عن حقيقة قصة تورطه، فنفى وجود أي علاقة سابقة له مع اجهزة الأمن العراقية، مؤكداً انه عمل لسنوات طويلة مسؤولاً عن اتصالات حزبه مع بغداد، وملمحاً الى امكان ان تكون الرسائل زورت باسمه لأنها ليست بخط يده على حد قوله. وحينما سألته "الوسط" عن سبب اقامته في فيينا منذ اعلان اسمه في الصحف الكردية، أكد بيره انه يتمتع بإجازة اعتيادية لقضاء بعض الوقت مع أفراد عائلته في العاصمة النمسوية، وانه سيعود الى السليمانية في غضون الاسبوع المقبل ومستعد لمواجهة أي تحقيقات في هذا الخصوص نظراً الى ثقته ببراءته من التهم التي قد تكون ملفقة من قبل النظام السابق أو نتيجة صراعات حزبية، على حد تعبيره.
من ناحيته نشر جاورش رسالة مطولة في صحيفة "هاوولاتي" قال فيها انه مستعد لقبول حكم الاعدام اذا ما اثبتت التحقيقات انه كتب اكثر من رسالتين الى الاجهزة السرية للحكومة العراقية لم تتضمنا أي معلومات سرية انما اراد من ورائهما التحايل على النظام السابق واقناعه باطلاق سراح زوجته المعتقلة. كذلك فعل اكثر الذين وردت اسماؤهم. لكن الصحيفة الكردية المستقلة نشرت في ردها على هذه الاقوال رسائل ووثائق تثبت العكس بالنسبة الى بعض المتورطين.
وفي تطور آخر نفى نوشيروان مصطفى الرجل الثاني في "الاتحاد الوطني" وجود علاقة تجسسية بين اعضاء في قيادة حزبه والاجهزة الاستخباراتية العراقية. لكنه اشار في الوقت نفسه الى ضرورة اجراء التحقيقات اللازمة. اما ارسلان بايز عضو المكتب السياسي مسؤول مكتب التنظيمات في "الاتحاد الوطني" فبادر بدوره الى نفي التهمة عن زملائه. لكن "هاوولاتي" ظلت تركز على الوثائق المتوافرة ما حدا الحزبين الى تجديد التزامهما اجراء التحقيقات الاصولية.
عرب واجانب من دون اسماء
لقد دأب النظام العراقي طوال الاعوام الاثني عشر الماضية على الاعتماد بشكل اساسي في نشاطاته في الوسط العربي والاجنبي على مد جسور من العلاقات مع اشخاص من خارج الدوائر الرسمية ومراكز القرار. فالعراق في العقد الاخير ظل خاضعاً لعقوبات دولية شديدة وعاش عزلة سياسية واقتصادية خانقة، ما ضيق امامه مساحات النشاط العلني والديبلوماسي الى أدنى حدودها. والاهم من ذلك ان الاعتماد الاكبر للنظام تركز في تلك الفترة على مواجهة الآلة الاعلامية والسياسية الغربية ومحاولة دحض ما تبثه من تقارير وافلام وحملات اعلامية ضد القيادة العراقية السابقة. لهذا ركز النظام على موضوع الوصول الى المحافل الثقافية والسياسية والاعلامية العربية عبر اقامة علاقات مع عدد من الاقلام والوجوه الثقافية العربية ومحاولة اغوائها بالاموال واغداق الهدايا عليها، بهدف دفعها الى طرح صورة مغايرة لما تروجه الاوساط الغربية عن العراق، وضمان دعم عربي لمواقفه السياسية، اضافة الى اقناع الشركات والجهات غير الرسمية العربية بعدم التزام القرارات الدولية الخاصة بالعقوبات الدولية.
والواقع ان التسريبات المتوافرة عن مضامين الملفات الاستخباراتية العراقية لا توضح صورة حقيقية عن درجة النجاح التي احرزها العراق في هذا الميدان. لكن وقائع الاعوام القليلة التي سبقت الحرب الاخيرة تؤكد بما لا يقبل الشك ان النظام السابق نجح في اختراق الصفوف الثقافية والسياسية العربية الى حد ما، وكان جزء من الدعم والتعاطف الذي لقيه بين العرب يعود الى الجهود المضنية التي بذلتها اقلام ووجوه ثقافية وسياسية عربية من خارج الدوائر الرسمية للدول والحكومات القائمة.
والواقع ان صحفاً اميركية سربت قبل نحو عشرة ايام تقارير تحدثت عن استيلاء وكالة الاستخبارات المركزية على وثائق الدوائر الامنية العراقية، ملمحة الى ان هذه الوثائق تكشف اسماء مئات المتعاونين مع اجهزة الاستخبارات العراقية السابقة بينهم سياسيون غربيون ورجال اعمال وصحافيون وناشطون سياسيون عرب واجانب من بريطانيا وفرنسا ولبنان ومصر ودول اخرى، اضافة الى اسماء عراقية من الاكراد وغير الاكراد بينها عضو في احدى مؤسسات الحكم الحالي.
المصدر الكردي الذي تحدثت اليه "الوسط" قال ان الاحزاب الكردية العراقية ليست لديها قوائم بالاسماء العربية او الاجنبية لأن ما وصلها من وثائق يخص العناصر الكردية فقط، بينما يحتفظ الاميركيون ببقية الاسماء، على حد تعبيره. لكن المصدر نفسه الذي اقام في لندن قبل انتقاله الى كردستان العراق قبل اعوام، لم يستبعد في ان يكون لطرد اعضاء في حزب العمال البريطاني، في الفترة الاخيرة، علاقة بورود اسمائهم في الملفات الاستخباراتية العراقية. كذلك لم يستبعد وجود اسماء ورسائل بخط يد بعض مسؤولي منظمات قومية عربية عرفت بتعاطفها مع النظام العراقي السابق واسم مسؤول روسي سابق يعرف بعلاقاته الوطيدة مع صدام حسين.
لكن هل يمكن للاميركيين ان يزودوا الحكومات العربية بأسماء المتورطين العرب في الفضيحة الاستخباراتية كما زودوا الاكراد بالاسماء التي تخصهم؟
يرد المصدر الكردي على هذا السؤال بقوله ان تجربة الاكراد مع هذه الوثائق تشير الى احتمال ان لا يلجأ الاميركيون الى اعلان الاسماء، والاكتفاء بابلاغ بعض الدول الحليفة، مثل بريطانيا، بأسماء الاشخاص المتورطين في فضيحة الملفات ممن يقيمون على اراضيها، اضافة الى اعطاء نسخ من اسماء اشخاص متورطين بالفعل في عمليات تجسسية للإطلاع واتخاذ ما يلزم. ويرجح المصدر الا تتضمن هذه النسخ اسماء اشخاص تسلموا هبات مالية او هدايا نقدية او عينية من النظام العراقي السابق باعتبار ان فعلتهم لا تندرج في اطار التجسس. كذلك ان لا تتضمن اسماء الذين ارتبطوا بالنظام السابق بعلاقات تجسسية قبل غزو الكويت عدا من استمر منهم في علاقاته حتى بعد الحرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.