في عز الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ولد الطفل ثائر عطالله سالم. مع أزيز الرصاص وعويل النساء وبكاء الاطفال ودوي المدافع وهدير الطائرات والجرافات التي تهدم بيوت أهله وأقاربه وجيرانه وتقتلع أشجار الزيتون كبر الطفل وخرج من قلب مخيم الدهيشة. من حي فقير كبقية احياء هذا المخيم. ملامح الاحتلال مرسومة على كل خلية في جسده. ولدى انطلاقة انتفاضة الاقصى كان، وعلى رغم جيله الصغير تشبع حقداً على الاحتلال الذي كان يلاحق معظم أفراد عائلته، ومع هذا بقي ثائر كغالبية اطفال فلسطين... مسالماً يحلم بالحرية والسلام. بالنسبة إلى عائلته هو فتى لم يتعد الخامسة عشرة من عمره، لكن الخوف على مستقبله يراودها ليل نهار. ففي ظل الاحتلال يصبح حلم الأم ان ينشأ ولدها متعلماً، حلماً بعيد المنال. في ظل هذه الظروف يهمها فقط ان يعود الى البيت سيراً على الإقدام. لا في نعش شهيد ولا على كرسي متحرك. بالنسبة إلى العالم الذي يعترف بحقوق الطفل، فهو انسان من حقه ان يعيش طفولته ويتمتع بحريته ويضمن مستقبله. أما بالنسبة إلى إسرائيل فهو هو نفسه هذا الطفل الذي لم يتعد الخامسة عشرة من عمره، إرهابي يحتاج الى قوات كبيرة من الجيش لاقتحام منزله وتطويقه واعتقاله ووضعه في زنزانة ثم ممارسة أبشع عمليات التعذيب معه. لماذا؟ طرح السؤال أكثر من مرة أمام قاضي المحكمة العسكرية وأمام النيابة العسكرية الإسرائيلية، ولم يتلق، لا المحامي ولا العائلة ولا أية مؤسسة لحقوق الانسان أي جواب. سنة من الاعتقال والتعذيب والآلام من دون أن يعرف أحد السبب. الرد الوحيد على ذلك كان بكل بساطة "ملف سري". وتحت عنوان "الملف السري" قضى ثائر سنة من التعذيب في سجون الاحتلال، متنقلاً من معتقل الى آخر. من محقق الى آخر. ومن أسلوب تعذيب الى أسلوب أقسى منه. وثائر ليس الطفل الفلسطيني الوحيد الذي يعاني من الاعتقال. فإسرائيل التي تضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية في كل ما يتعلق بالفلسطينيين كقضية وشعب وكبشر، تصرفت هكذا أيضاً مع الأطفال. فزجت في سجنها المئات. حتى الآن إسرائيل تعتقل 330 طفلاً. وعندما نتحدث عن طفل نعني في عمر بين 12 و17 عاماً، معظمهم من الذكور وقلة من الفتيات في جيل 14 عاماً فصاعداً. وعلى رغم ان الاعتقال بحد ذاته جريمة، لكنه بالنسبة إلى الفلسطينيين وفي ظل الممارسات الاسرائيلية قد يكون طبيعياً، وربما لا تكون تلك أيضاً قضية تستحق النقاش. فمن يغتال اطفالاً نياماً ونساء بذريعة وجودهم بالقرب من شخص مطلوب لإسرائيل، ومن يقتل النساء الحوامل على الحواجز العسكرية لمنعهن من الوصول الى المستشفى للولادة، تصبح قضية الاعتقال بالنسبة إليه ثانوية. ولكن حتى في هذه لم تكتف السلطات الاسرائيلية بتنفيذ الاعتقال بحق هؤلاء الاطفال بل تتفنن في ممارسة أساليب التعذيب بحقهم على رغم القانون الدولي الذي يمنع التعذيب، بل وعلى رغم القرار الذي أصدرته المحكمة الاسرائيلية العليا والقاضي بمنع الاستخبارات من تعذيب المعتقلين. فمحققو الاستخبارات استعملوا أساليب الشبح وضربات الكهرباء والماء الساخن والبارد وكل أنواع التعذيب المعروفة بحق هؤلاء الاطفال، ما أدى الى تدهور حالتهم الصحية، والأم التي ودعت ابنها عندما اعتقله الجيش باتت عاجزة عن معرفته عندما شاهدته في قاعة المحكمة. مرافقتنا للمحامي محمد الشدفان أثناء زياراته المعتقلين كشفت صورة مرعبة لأساليب التعذيب التي يتعرض لها الطفل الفلسطيني الأسير. وطبعاً الحراسة المشددة للجنود حول كل المنطقة التي يقع فيها المعتقل وأيضاً اجراءات المحكمة العسكرية ووضع لافتة "ممنوع التصوير" تحول دون إمكان نقل صورة حية عما يحدث على رغم ان الكلمات التي نطقت بها عائلات الأطفال والمشاعر التي حاول بعض هؤلاء الأسرى الصغار التعبير عنها والصورة التي عكستها زيارات المحامي كافية لأن تعكس شكل هذه المعاناة. صراخ وشبح وتعذيب نعود إلى مخيم الدهيشة، إلى ثائر سالم، صاحب الملف السري. فثائر اليوم عاد الى متابعة دراسته بعد انقطاع قرابة السنة. يحاول بدعم من عائلته ومؤسسات ترعى الاسرى ان يعود ليندمج في المجتمع ويبعد عنه الكابوس الذي لا يزال يلاحقه منذ لحظة اعتقاله وحتى فترة تعذيبه والزنزانة الاسرائيلية والتحقيق معه وحتى وقوفه امام القاضي. كان ذلك في ساعات فجر يوم 6 أيار مايو العام 2002. أفراد العائلة غارقون في نومهم، ولا بد وان كانت تراود ثائر كبقية الأطفال أحلام ربما طفولية وربما أيضاً لها علاقة بالجنود الذين يلتقيهم كل يوم ويشاهد أعمالهم الوحشية داخل مخيمه. تعالت انفجارات القنابل الصوتية حول البيت، وصراخ الجنود وضربهم على بوابة البيت لتستيقظ العائلة كلها وبينهم ثائر، "كنا نتوقع وصولهم الى البيت لأنهم كانوا يبحثون عن شقيقي وائل" قال يحدثنا، وأضاف: "لم نتوقع ان يطلبوني. فأنا لا علاقة لي بهم ولم أشارك في نشاطات أو مشاكل"، راح يتحدث بأسلوب يجعلك تشعر أن سنة من السجن علمته الكثير وجعلته يكبر سنوات عن جيله الحقيقي. "أين ثائر... أي ثائر؟، صرخ الجنود، فتقدمت منهم وقلت أنا ثائر ولم أكن أعلم ان ذلك سيحولني الى عالم آخر. أمسكني أحدهم بقوة وعصب عيني وكبل يدي ولم أعد أدري ما يدور حولي. علمت من أهلي في ما بعد أنهم وضعوني داخل دبابة حتى وصلنا الى المعتقل. كانوا يصرخون بي ويقولون: "أنت إرهابي واخوك أيضاً". بصراحة خفت كثيراً، وشعرت ان نهايتي اقتربت. لم أفهم العبرية بشكل جيد، ولكنهم كانوا يستعملون كلمات عربية أفهم من خلالها تهديداتهم. شعرت ان دقات قلبي بدأت تتسارع وبدوخان غريب وكنت طوال الوقت أتمنى ان ننزل الى أي مكان حتى يفكوا العصبة عن عيني". واعتقد ثائر أن هذه المرحلة ستكون الأصعب، لأنه على قناعة بأن الجيش لا يملك أي شيء ضده. حتى انه اعتقد بأن الجيش أخطأ بينه وبين شقيقه، وقال في نفسه انهم سيطلقون سراحه فور معرفة هذا الخطأ. ولكن هيهات ما بين تفكير هذا الطفل والحقيقة. فهذه المرحلة كانت أقرب مرحلة إلى حياة النعيم طوال فترة اعتقال ثائر. "على الفور وصلت الى معتقل عتصيون، وهناك بدأوا بالتحقيق معي منذ الدقيقة الاولى. وكل بضع دقائق كان يدخل محقق، فيصرخون ويقهقهون ويحاولون تخويفي، والحقيقة انني ارتعبت. فقد أجلسوني على كرسي صغير جداً. كبلوا يدي الى الوراء وأيضاً رجلي. صرخت من الألم، وبصراحة بصراحة بكيت وطلبت منهم فك القيود لأنني أتألم، لكنهم قالوا: "اعترف نحررك"، فسألت عما أعترف به؟ فضحك أحدهم بصوت عال وقال: "على ماذا؟ اعترف بكل ما تعرفه عن شقيقك وائل". هنا أدركت انهم لم يخطئوا، بل انهم قصدوني حتى يخيفوني ليعرفوا مكان شقيقي، وأنا بالفعل لا أعرف أين هو، إذ كل ما أعرفه أنه على قيد الحياة وبأنه لا يأتي الى البيت". روى ثائر الذي عاد ليحدثنا عن التعذيب: "طوال الوقت صراخ. هم يصرخون وأنا لا أجيبهم وأبكي من ألمي. فقد شعرت ان يدي ورجلي شلت وان الدم ينزف منها فرجوتهم فك قيودي، لكنهم لم يصغوا إلي". وحتى هنا أخطأ ثائر مرة اخرى عندما اعتقد انه عبر المرحلة الصعبة لدى فك قيوده. فهو كان سمع عن الزنزانة وعن الفلسطينيين الذين تعذبوا فيها، ولكنه لم يكن يعلم ان الزنزانة الاسرائيلية تستعمل أيضاً للأطفال. فقد اقتادوه إلى المرحلة الأكثر الصعوبة. "الزنزانة صغيرة جداً. فيها فرشة صغيرة ودلو لقضاء حاجتي وطاقة صغيرة. هذه الطاقة كانت مصدر ازعاجي ولنقل مصدر الرعب الذي عشته في السجن الاسرائيلي. فقد قضيت فترة طويلة داخلها. خلال ساعات طويلة لم استطع التمييز إذا كنت في المساء أم في النهار. كانت الأضواء تصلها عبر الطاقة. أضواء مزعجة الى حد شعرت بآلام في عيني وحتى بضعف في جسمي ولم أعد قادراً على الاحتمال. ففي الوقت الذي لم يوجهوا الاضواء الى الغرفة كانوا يسمعونني أصواتاً مزعجة ومرعبة. وعندما كان يسود الهدوء المكان، كانت تنطلق صرخات كنت اعتقد أن مصدرها رجال كبار يتألمون وأحياناً صرخات شجار وأحياناً صراخ صغار. بعد ذلك كان يصل احد المحققين الى الزنزانة ويأمرني بالخروج، فنصل الى غرفة التحقيق وهناك يذكرني بالأصوات: "سمعت. ما سمعته هو نتيجة عدم الاعتراف. هذا مصير كل من لا يعترف". كان يهددني المحقق ثم يبدأ التحقيق معي وعندما لا يتوصل إلى نتيجة كان يمارس أساليب التعذيب، مثل الشبح". على هذه الحال بقي ثائر في السجن الاسرائيلي قرابة سنة. من دون أي تهمة، وأمام القاضي كان الرد ان "الملف سري". وفي غرف الاعتقال كانوا يهددونه بعدم الافراج عنه اذا لم يعترف عن شقيقه وإذا قلنا ان وضع ثائر ربما كان افضل من وضع غيره من الاطفال المعتقلين؟! فهناك معتقلون لم يتحملوا التعذيب، وأدت بهم الحال الى تدهور وضعهم الصحي الى حد لم تتعرف الأم على ابنها بعد اقل من شهرين على اعتقاله. فوالدة الطفل المعتقل نبيل ابراهيم عابدين التي انتظرت لحظة انعقاد الجلسة الاولى من محاكمته لمشاهدة ابنها عادت الى البيت في حال انهيار، كما روى والده. فلدى دخول نبيل الى قاعة المحكمة لم تتحرك والدته من مكانها وجلست تنتظر ساعة الفرج، حتى ذهلت وهي تشاهد زوجها يلوح بيده لابنه ويناديه باسمه "نظرت الي زوجتي وسألتني بعصبية، أين هو نبيل؟ قلت لها إنه هنا. هذا هو نبيل. وكان هزيل الجسم شاحب اللون وقد نقص وزنه كثيراً، وأكثر ما أقلقنا انه يعاني من مشاكل في عينيه اقلقتنا بشكل كبير". حال نبيل كحال ثائر وأكثر من 300 معتقل فلسطيني زار الزنزانة وغرف الاعتقال، حتى انه منع من لقاء المحامي طوال مئة يوم. واليوم توجهت عائلته عبر محاميه الى مختلف المؤسسات طالبة الافراج عنه او نقله على الأقل الى المستشفى للعلاج خوفاً من استمرار تدهور حاله الصحية. وهناك العشرات من الاطفال المعتقلين الذين يعانون جراء حالهم الصحية الصعبة ومنع العلاج عنهم. فالمعتقل رأفت زغير من مدينة الخليل اعتقلته القوات الإسرائيلية في بيته بعد منتصف الليل وتعرض للضرب المبرح والاهانة وقام الجنود برفعه الى سيارة الشحن العسكرية على ارتفاع متر ونصف متر وهو معصوب العينين ومكتف اليدين ثم القوه على الارض، ما أدى الى تهشم في وجهه واصابته بجروح في عينه وكسر في كتفه. وأدى هذا الى فقدانه وعيه لكن ذلك لم يشبع نهم الجنود فقد القوه على الأرض والدم ينزف منه ثم ركلوه بالأرجل. مقابر للاحياء نصت المادة 37 من ميثاق الاممالمتحدة لعام 1957 في ما يتعلق بحقوق الاطفال الاحداث على ان كل قاصر يحرم من الحرية ويتم ايقافه يجب ان يعامل بانسانية مع حفظ كرامته والأخذ في الاعتبار احتياجاته او متطلباته كفرد بما يتلاءم مع سنه. كذلك تنص مادة أخرى على وجوب الفصل بين السجناء وفقاً للاختلافات والفروقات في فئات العمر مع الأخذ في الاعتبار في ذلك الجنس والعمر والتهمة الجنائية والاسباب القانونية التي أدت الى الاعتقال، كما يجب فصل الموقوف لأسباب مدنية أو ادارية عن الموقوفين لأسباب جنائية. لكن يكفي ان ترافق المحامي محمد الشدفان الذي يقوم يومياً بزيارة الأطفال الأسرى حيث يرافع عن عدد كبير منهم امام المحاكم العسكرية لتعرف ان مثل هذه القوانين والمواثيق الدولية ليست في نظر الاسرائيلين سوى حبر على ورق. ويقول المحامي الشدفان: "إن المعاناة داخل السجون الاسرائيلية تتجدد كل يوم بصور عدة من ناحية الاعتقال والتعذيب والتحقيق داخل الغرف المظلمة التي قامت بهندستها سلطات الاحتلال لادخال الرعب إلى قلوب الفلسطينيين، خصوصاً الأطفال، حيث تحولت المعتقلات الاسرائيلية الى مقبرة للاحياء". فعدد كبير منهم تعرض لأساليب مختلفة من التعذيب مثل وضعهم في زنازين مظلمة أو مدهونة بمخلتف ألوان ترعب الطفل، وحتى هذا لم يكفهم فقد تمادوا في هذه الانتهاكات ضد الاطفال، خصوصاً انتشار اسلوب الشبح لساعات عدة، إضافة إلى الضرب المبرح، مما يسبب للأطفال حال التشنج. فهناك معتقل يدعى احمد طقاطقة في الخامسة عشرة من عمره قام الجنود بالاعتداء عليه وهو مكبل اليدين وتعرض للشبح ساعات عدة في ساحة السجن وبعدها اعيد الى الزنزانة حيث حرم من النوم وقضاء حاجته. أما التهم الموجهة إلى الأطفال، حسب المحامي الشدفان، فتتجاوز إمكانات أطفال في هذا الجيل الصغير ويقول: "بكل سهولة يتهمون الأطفال بالتنظيم والتخطيط للقيام بعملية استشهادية، إضافة الى رمي زجاجات حارقة. فالنيابة العسكرية لا تفرق بين طفل وشاب، فبالنسبة إليها الفلسطيني هو فلسطيني، وكل واحد متهم بتهم متشابهة، خصوصاً التخطيط لتنفيذ عمليات استشهادية. وهنا يطرح السؤال: كيف يمكن لطفل في الرابعة عشرة من عمره ان يقوم بتنظيم خلايا مسلحة. طبعاً نحن لا نتلقى الجواب على تساؤلاتنا من قبل الجيش والنيابة العسكرية، ولكن هذا لا يعني انهم لم يقدموا الأدلة ضد الطفل المتهم، فيكفي ان يقول الجيش ان ملفه سري ليبقى في المعتقل فترة غير محددة أو واضحة لأحد". معتقل عتصيون كما يقول الشدفان يعتبر مركزاً للتلذذ في تعذيب الأطفال الفلسطينيين: الاتفاقات الدولية، ومنها اتفاق حقوق الطفل يعتبر من الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الانسان، حيث يمتاز عن غيره بسرعة تصديقه وتوقيعه واعتماده من كل دول العالم ومن بينها إسرائيل، إلا أن حكومة الاحتلال قامت بخرق هذا الاتفاق ليس فقط في الاعتقال بل بمنع العلاج عن الأطفال على رغم الأوضاع الصحية الخطيرة التي يعاني منها عدد كبير من المعتقلين. وأساليب التعذيب الاسرائيلية التي تخرق هذه الاتفاقات لا تقتصر على التعذيب الجسدي بل تمارس بشكل خطير التعذيب النفسي. وحسب ما روى اكثر من معتقل فقد عانوا من حال انهيار لما تعرضوا له من تعذيب نفسي وصل ذروته عندما اتبع المحققون اسلوب تعرية الاطفال والفتيان المعتقلين امام المجندات، وأحدهم الفتى بلال الشعراوي 17 عاماً الذي يعاني اليوم من حال نفسية عصبية، إذ ألزمه المحققون بخلع كل ملابسه أمام المجندات لمدة ساعتين تحول خلالها الى موضوع سخرية لهن. علبة السردين أكثر من سجين ومحام وصفوا حال الأسرى الأطفال داخل المعتقلات ب"علبة السردين" حيث الاكتظاظ الكبير، ما يجعلهم يتناوبون في النوم، ففي بعض الزنازين يصل عدد الأسرى إلى 11 طفلاً على مساحة لا تتجاوز مساحة سيارة. إضافة الى ذلك، يعاني الأسرى من عدم نظافة الزنازين حيث لا يتم تنظيفها إلا إذا امتلأت بالمياه السائلة من المراحيض وهذه الرطوبة تغطي الفرشات، كما لا يسمح للأسرى بالاستحمام ولا بادخال ملابس نظيفة، وهناك من يقضي فترة طويلة من دون تغيير ملابسه. وكما هي حال الاسرى الفلسطينيين في المعتقلات كافة، يعاني أيضاً الاطفال من منع زيارة الأهالي، وفي حال سمحت ادارة السجن بالزيارة، فإنهم يتعرضون إلى اهانات وضغوطات وتعقيدات تنتهي احياناً بلا زيارة. وحسب ما يرى المسؤولون في نادي الاسير الفلسطيني، فإن أخطر ما يواجهه الأطفال المعتقلين الاهمال القانوني وغياب أي معايير قضائية، الأمر الذي يجعل مصيرهم مجهولاً. وتقول الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال - فرع فلسطين، إن الوضع الذي يعيشه هؤلاء الاطفال يوصلهم الى يأس خطير، إذ ان ادارة السجون تحاول عزلهم كلياً عن العالم الخارجي وتحرمهم من أدنى احتياجاتهم الضرورية لحياتهم اليومية ومتطلباتهم الانسانية كأطفال وبشر. وكما تساءل أمامنا والد أحد الاطفال المعتقلين عن مصير هؤلاء، وأجاب نفسه قائلاً: "الانتقام. سيفكرون فقط بالانتقام بسبب هذه الاساليب. يقولون يوجد استشهاديون. أجل فالإسرائيليون يصنعون الاستشهاديين في هذه الأماكن بأساليبهم الوحشية. من هنا من المعتقلات يخرج الاستشهاديون"، قال الوالد الذي فقد كل أمل بزيارة ابنه الذي لم يره منذ ستة أشهر الخروقات الاسرائيلية للقوانين الخاصة بالأطفال صدر الأمر العسكري 132 بعد احتلال الضفة الغربية في ما يتعلق بالأطفال، وهناك خروقات في هذا الأمر للقوانين المعمول بها في الضفة الغربية، وتتمثل هذه الخروقات في الآتي: سمح باعتقال الأطفال من سن 12 - 14 لمدة تصل الى 6 شهور. سمح باعتقال الأطفال من سن 14 - 16 لمدة تصل الى 10 سنوات. سمح باعتقال الأطفال من سن 16 - 18 ومعاملتهم معاملة الكبار ولم يتم اعتبارهم أطفالاً. هناك مخالفة صارخة في الأمر العسكري لكل الأعراف والمواثيق الدولية، حيث ان الأمر العسكري اعتبر السن المذكورة أعلاه هو يوم محاكمة المعتقل وليس يوم المخالفة. الأمر العسكري حول المعتقلين الأطفال الى محاكم عسكرية ليس فيها قضاة مختصون لمحاكم الأطفال، الأمر الذي يخالف القوانين والأعراف الدولية وحتى القوانين الاسرائيلية. الأمر العسكري لا ينص على ضرورة تحويل المعتقل الطفل الى مراقب سلوك على رغم ان هذا الأمر الزامي في كل القوانين العالمية، وحتى في اسرائيل. الشرطة التي تحقق مع الأطفال هي التي تحقق مع الكبار وعدم وجود شرطة مختصين للتحقيق. الأمر العسكري الأكثر خطورة والمخالف للقوانين السارية المعمول بها في الضفة الغربية وفي اسرائيل وفي العالم اعتبار الأطفال من عمر 16 - 18 بالغين، وهذه مخالفة صريحة للقوانين كافة. أوامر عسكرية اسرائيلية الأمر العسكري الرقم 132 في شأن محاكمة الفتيان والأحداث الذي أصدره قائد القوات الاسرائيلية في الضفة الغربية. 1 - المحكمة: محكمة عسكرية بموجب الأمر في شأن تعليمات الأمن. 2 - الولد: شخص لم يتم الثانية عشرة من العمر. 3 - المراهق: شخص أتم السنة الثانية عشرة من العمر ولكنه لم يتم الرابعة عشرة. 4 - عدم محاكمة الولد: لا يوقف شخص ارتكب جريمة وهو ولد ولا يحاكم عليها جزائياً أمام المحكمة. 5 - توقيف الفتى: يوقف الفتى منفصلاً عن سائر السجناء إلا إذا أمر القائد العسكري بخلاف ذلك في صدد حادث معين أو في صدد نوع معين من الحوادث. 6 - مدة سجن الحدث: إذا كان المحكوم عليه يوم صدور الحكم حدثاً وقررت المحكمة أن تفرض عليه عقوبة الحبس فلا تزيد مدة الحبس على 6 أشهر. 7 - مدة سجن الفتى: إذا كان المحكوم عليه يوم صدور الحكم فتى وقررت المحكمة أن تفرض عليه عقوبة الحبس فلا تزيد مدة الحبس على سنة واحدة إلا إذا دِين بجريمة، فالعقوبة القصوى المحددة لها الحبس لمدة خمس سنوات. 8 - طريقة المعاقبة: أثناء تحديد عقوبة حدث أو شاب صغير تراعي المحكمة أيضاً ناحية عمره أثناء قيامه بالمخالفة.