هل من الضروري على المسنين الذين قطعوا عتبة الخمسين ان يأخذوا جرعات داعمة من الفيتامين ب12؟ الباحثون في اكاديمية العلوم الطبية الاميركية يقولون من دون أدنى تردد "نعم"، وحجتهم في ذلك هي ان هناك نسبة لا بأس بها من المعمرين الذين يعانون من حالات مرضية تقف حجر عثرة أمام امتصاص الفيتامين ب12 من الأمعاء، ما يؤدي الى وضع مشبوه يفتح الباب واسعاً أمام استيطان عوارض واضطرابات شتى. اكثر من ذلك، هناك كثيرون من المعمرين الذين يبدون بصحة جيدة، ومع ذلك فإن نقص الفيتامين ب12 موجود عندهم، من دون ان تستطيع الفحوص الكلاسيكية الدموية رصد هذا النقص. ينتمي الفيتامين ب12 الى عائلة الفيتامينات "ب" المشهورة، وسمي الفيتامين ب12 ب"كوبالامين" لاحتوائه على ذرة من معدن الكوبالت. وتعود حملة اكتشاف الفيتامين ب12 الى العام 1920 عندما لاحظ أحد الباحثين ان كبد العجل يملك فعلاً مضاداً لفقر الدم، وبعد ذلك بسنوات، وبالتحديد في العام 1948، نجح أحد العلماء في استخراج الفيتامين من الكبد على شكل بللورات، لكن الشفرة الكيماوية له لم تظهر بوضوح إلا بحلول العام 1955. وفي العام 1973 استطاع فريق طبي عالمي تصنيعه كيماوياً للمرة الأولى. يحصل الانسان على الفيتامين ب12 من الطعام، فهذا الأخير متوافر تقريباً في الاطعمة الحيوانية، وفي عدد لا بأس به من الأغذية النباتية. فبعد هضم الطعام في المعدة ينفصل الفيتامين ب12 ليشكل اتحاداً مع عامل داخلي تفرزه جدران المعدة، فيتشكل نتيجة ذلك مركب تمتصه الأمعاء، ومنها يذهب الى الدم، ومن ثم الى الكبد حيث يحط رحاله فيه ويتم تخزينه الى حين الضرورة. يحتوي الكبد ما بين 2000 و5000 ميكروغرام من الفيتامين ب12، وهذه الكمية تكفي الانسان لسنوات 1 الى 3 سنوات اذ ان حاجة الانسان اليومية لا تتعدى 3 الى 5 ميكروغرامات. ويلعب الفيتامين ب12 دوراً على أكثر من صعيد، فهو يساعد على صنع الكريات الحمر، وفي المحافظة على سلامة الجهاز العصبي. ويدخل في تركيب المادة الوراثية DNA، وفي التكاثر الخلوي، كما يساهم بفعالية في نشاط الجهاز المناعي، وفي تركيب الحامض الأميني "ميتيونين". اضافة الى كل ذلك، يقوم الفيتامين ب12 بوقاية الجنين من التشوهات العصبية، ويحمي الانسان من الإصابة بفقر الدم والأمراض القلبية الوعائية ومن سرطان الرحم والرئة. وهناك من الباحثين من يشك بأن نقص الفيتامين ب12 اضافة الى الفيتامين ب9 يلعب دوراً لا يستهان به في الإصابة بمرض الخرف الشيخي "الزهايمر" الذي تتأثر به الذاكرة الى حد بعيد. وفي العام الماضي نشر فريق سويدي دراسة في مجلة علم الاعصاب وجد فيها ان الاشخاص الذين يعانون من مستويات هابطة من الفيتامين "ب9" و"ب12" هم أكثر عرضة للإصابة بداء الزهايمر بمعدل الضعف، وهناك نظرية حديثة يجري تداولها في الوسط الطبي تقول بأن نقص الفيتامينين المذكورين أعلاه في آن معاً، يجعل الجسم عاجزاً عن التخلص من مادة "الهيموسيستئين" السامة الناتجة عن هضم البروتينات، فتتراكم هذه في الخلايا، خصوصاً العصبية، مؤدية الى الإصابة بداء الخرف. ان نقص الفيتامين ب12 يؤدي الى الإصابة بالعوار ض والعلامات الآتية: التعب، نقص الشهية على الطعام، النحافة، الشحوب. فقر الدم. اضطرابات في الذاكرة والسلوك، الكآبة. اضطرابات عصبية وحسية مع اختلال في التوازن والمشي. التهاب اللسان، سقوط الشعر مع تصبغات جلدية. انخفاض الكريات البيض والصفيحات في الدم. من هم الأشخاص المعرضون لنقص الفيتامين ب12؟ اضافة الى المسنين، هناك مجموعات معينة اكثر تعرضاً من غيرها لنقص الفيتامين ب12هي: النساء الحوامل. النباتيون. المدمنون على الكحول. المصابون بالإيدز، وحاملو المرض. الأشخاص الذين يتناولون بعض الأدوية مثل مضادات القرحة، ومضادات الداء السكري. المصابون بأمراض معوية مزمنة. ان الفيتامين ب12 يوجد بكثرة في الكبد وفي اللحوم والأسماك والبيض والحليب ومشتقاته. وهو يستخدم كدواء لعلاج حالات مرضية عدة مثل فقر الدم وبعض الآفات العصبية والالتهابات المعوية وكذلك في حال التعب المزمن