لا تزال الثورة مستمرة في حقل تطوير أجهزة الكومبيوتر إلى حد ستصبح فيه غير مرئية بغية افساح المجال أمام المعلوماتية لممارسة المواهب كافة من دون قيود تذكر، لا سيما ما يتعلق بإضافة الأجزاء الناقصة على التماثيل الشهيرة مثل "فينوس" وغيرها واضفاء النواقص على الأشياء الملموسة الواقعية التي اندثرت بفعل الزمن، وذلك بواسطة نظارات قادرة على طباعة بعض المعلومات المفيدة وإعادة بناء ما تتم مشاهدته. وهكذا يقوم جهاز الكومبيوتر باصطحاب مستخدم هذه النظارات في رحلة غريبة ورائعة محركها الأساسي التفاعل المستقبلي بين الإنسان والآلة. واستحوذت هذه التقنية على اهتمام القطاعات العسكرية والطبية والصيانة الصناعية. وستشكل دورة الألعاب الأولمبية في اليونان العام 2004 المسرح الأول لتقنية هذه النظارات التي ستعرض على الزوار ليتمتعوا بالآثار القديمة وبرؤية اليونان كما كانت ابان تنظيم الدورات الأولى للألعاب الأولمبية. تقع هذه النظارات في منتصف الطريق بين الإطار التقليدي والسماعة الرأسية المستخدمة لمشاهدة المناظر الافتراضية. إن هذه النظارات المصنفة في خانة التقنية المتقدمة تشكل ثمرة المشروع Archeoguide عملاق الاتصالات والمعلوماتية اليوناني Inthacom بفضل دعم برنامج المعلوماتية والتكنولوجيا الأوروبي الذي أسهم بنصف تكاليف هذا المشروع التي تصل إلى حوالي عشرة ملايين يورو. وخلافاً لآلية عمل الواقع الافتراضي التي تقوم على برمجة الأجزاء كافة التي تشكل الوسط الطبيعي أو البيئة المطلوبة، فإن هذه التقنية المعروفة بالواقع أو الحدث المضاف، تهدف إلى إضافة أي نوع من المعلومات إلى العالم الحقيقي بغية تسهيل تنفيذ العمليات واغنائها ومساعدة الإنسان على تلمس طريقه والاهتداء إلى غايته. وتستند هذه النظارات في عملها على نظام Hans الذي ابتكره Steven Feinero حيث تكون على عدسة مزودة بفيلم مثبت بزاوية 45 درجة شبه "ذكي"، مما يمكن مستخدم النظارات من رؤية الواقع بعد إضافة بعض المعلومات، أي بفضل إمكان اظهار هذه الاضافات على الشاشة المصنوعة من الكريستال السائل والواقفة فوق الفيلم الذي يبث الصور التي يشاهدها مستخدم هذه النظارات. أما طريقة الاتصال فتتم عبر كومبيوتر جيب وقلمه الخاص يمكن المستخدم من الحوار وتشغيل المعلومات المتواردة بواسطة اختيار ما يريد من فهرس المحتويات كشريط فيديو مثلاً الذي يتيح أيضاً توفير مساحة للمعطيات الاضافية. أما اللواقط التي تزود القبعة الرأسية فتحتوي على جهاز تسريع ثلاثي تتحكم فيه بوصلة وميزان جاذبية وذلك لتسهيل ايصال المعلومات الصحيحة والمطلوبة طبقاً لوجهة النظر. كما تعمل هذه النظارات لتحديد الموقع بنظام GPS وبذلك يستطيع حامل هذه النظارات أن يجد نقاطاً علامة في الواقع الذي يوجد فيه على نحو دائم ودقيق لا يتجاوز فيه هامش الخطأ أكثر من بضعة سنتيمترات. أما جهاز الكومبيوتر الذي يدير تجهيزات نظام Mars فهو Dellsusprion 8000 ويعمل بنظام "وندوز 2000" ويقوم أيضاً بالتحكم بقاعدة المعلومات قبل ارسالها إلى النظارات. أما جهاز الاستقبال فيلتقط الاشارات من حقيبة موضوعة على سطح المدينة الجامعية في ولاية كولومبيا الأميركية تسمح بتصحيح المعطيات على نحو أكثر دقة. إن هذه التقنية الهادفة إلى جعل جهاز الكومبيوتر غير مرئي تماماً تحقق جزئياً حلم المنادين بزرع براغيث الكترونية ولواقط تحت جلد الإنسان مباشرة لترجمة الأوامر التي يصوغها العقل بفعل عملية التفكير، وفي الواقع نجح باحثان في جامعة Emony في ولاية اتلانتا الأميركية هما فيليب كندي وروي باكي في زرع "الكترودات" في دماغ فئة من المرضى المشلولين كلياً لتمكينهم من تحريك الايقونة على شاشة أجهزة الكومبيوتر. وإذا أردنا تصنيف تقنية الواقع المضاف في خريطة المعلوماتية الهادفة إلى إلغاء الوعد الحسي مع جهاز الكومبيوتر، فإنها تشكل ثورة جذرية لأنها تلغي الشاشة التقليدية ولا تجبر المستخدم للالتصاق تقريباً بجهاز الكومبيوتر وتمنحه حرية الاستفادة من الجهاز بمجرد النظر فقط. لقد أجرى مبتكر هذا النظام Feiner معظم تجاربه في القاعات المغلقة وجاء تحديد مستخدم هذه النظارات لموقعه بالنسبة لبناء الجامعة دقيقاً للغاية. ويعتقد أن تقنية "الواقع المضاف" ستشهد مستقبلاً زاهراً بعد ازالة العقبات كافة التي تواجه استخدامها في الهواء الطلق، وذلك على رغم ثقل الجهاز المحمول على الظهر. وترجم القطاع العسكري الأميركي اهتمامه البالغ بهذه التقنية بتحويل معظم أعمال Feiner، نظراً لأنها تفتح الطريق أمام توصيل المعلومات وتشغيل الأجهزة بالوقت الحقيقي، ومن المقرر لدى تصغير نظام Mars أن يصبح مساعداً ممتازاً للقوات الأميركية المكلفة بمهمات عسكرية في أرض الأعداء، كما هو الحال بالنسبة للوحدات الخاصة العاملة حالياً في أفغانستان. وطورت مجموعة من المهندسين العاملين في مختبرات البحرية الأميركية انطلاقاً من أعمال Feiner برنامجاً يسمى BARS "نظام للواقع المضاف خاص بالمعارك الميدانية"، وسيستخدمه الجنود الذين تم نقلهم بالطائرات في مناطق سيتم تحديدها ورسم خارطتها الجغرافية مسبقاً، بحيث يستطيع المقاتلون بواسطة هذه النظارات قراءة ومشاهدة بعض المعلومات المفيدة الواردة من القاعدة المعلوماتية كالتفاصيل المتعلقة بمنطقة مزروعة بالألغام أو مواقع مخازن ذخيرة العدو، وما إلى ذلك، بحيث يتم وضع هذه المعلومات في إطارها الواقعي مع تسطيرها والإشارة إليها بسهم وتضخيمها. وبهذا فإن أية معلومة جديدة تصل مركز القيادة سيسهل ارسالها على شكل مخططات إلى الجنود في ساحة القتال الموجودين على بعد عشرات الكيلومترات من مركز القيادة، مما يمكن المسؤولين من تعديل الخطة التكتيكية وتصحيحها طبقاً للمعطيات الجديدة والايعاز إلى الجنود وتغير مواقعهم. إن هذه التقنية ستقلب المعطيات في مختلف الميادين بدءاً بالصناعة حيث سيتمكن خبراء صيانة الطائرات من تشخيص قطعة العطل بمجرد النظر من خلال النظارات وكذلك الأمر بالنسبة لصيانة أجهزة الكومبيوتر وغيرها. أما مجال الطب، ولا سيما الجراحة، فإنه من أكثر الميادين اهتماماً بهذه التقنية، لأنها تسمح للجراح برؤية ما ينتظره في داخل المريض في كل لحظة من دون الحاجة إلى التوقف عن مواصلة العمل الجراحي لاجراء الصور اللازمة، وقد أكد البروفيسور Fuchs من جامعة كارولاينا الشمالية، وهو أحد رواد هذه التقنية. ان الجراحة تتطلب كماً كبيراً من المعلومات الإضافية وبخاصة ما يتعلق بتوجيه الطبيب لاجراء العمليات، ولهذا فإن نظام الرؤية طبقاً لتقنية الواقع المضاف يعطيه الارشادات والتوجيهات الضرورية لتعديل حركته وتكيفها مع الخطة الواجب اتباعها. إن هذه التقنية التي تطمح الى الانتشار على نطاق واسع والتوافر للعموم، تصطدم حتى الآن بصعوبة استخدامها، لهذا يعكف الخبراء على جعل المعدات اللازمة لاستخدامها أصغر ما تكون وعلى تطوير البرامج التي لا يحتاج تشغيلها كفاءات تقنية عالية