غيب الموت في عمّان الروائي الاردني مؤنس الرزاز الذي واجه عارضاً صحياً مفاجئاً تسبب في سد مجرى تنفسه، ما أدى الى اصابته بموت دماغي فارق على اثره الحياة. وتناقل كثيرون اشاعات عن حدوث خطأ طبي في معالجة الرزاز، لكن مصادر طبية في مستشفى "لوزميلا" في عمان، حيث عولج، نفت ذلك بصورة قطعية. وجرى تشييع الرزاز 51 عاماً، بجنازة حاشدة ضمت اكثر من ألف شخص من محبيه ورفاقه. وبرحيل مؤنس الرزاز تفقد الساحة الثقافية العربية واحدا من ابرز رموزها، فقد كان مؤلّف رواية "أحياء في البحر الميت" صاحب رؤية عميقة، ونظرة ثاقبة إلى الحياة. درس الرزاز في جامعة اكسفورد، ثم بدأ دراسة الفلسفة في جامعة بيروت العربية، لكن الحرب الاهلية دفعته صوب بغداد حيث اكمل دراسته. ثم بدأ رسالة الماجستير في اميركا، وعاد الى بغداد ليشهد انتخاب والده الدكتور منيف الرزاز امينا عاما مساعدا للقيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي. ثم عاش محنة سقوط والده بأسلحة الرفاق، كما ظل يقول، وعبّر عن هذا التمزّق من خلال الأدب، فكانت رواية "اعترافات كاتم صوت" التي أدان فيها التصفيات والاغتيالات وتكميم الافواه. وعندما شعر مؤنس ان الرواية لا تكفي لتحقيق هذه الامنية خاض غمار العمل النقابي، وانتخب رئيساً ل "رابطة الكتاب الاردنيين" 1993-1994، لكنّه سرعان ما استقال من منصبه احتجاجا على أساليب محاكم التفتيش التي يعتمدها بعض الأعضاء، هذه الأساليب التي سماها "عقلية ابي الجماجم". وخاض بعدها تجربة العمل السياسي كأمين عام للحزب العربي الديمقراطي، لكنّه لم يستمر في هذا الاتجاه بعدما مُني بانتكاسة نفسية اعادته الى ملاذه الأمين: الرواية. أنجز الراحل 13 رواية أثرت في مسيرة السرد العربي، وجعلت صاحب "فاصلة في آخر السطر" يكسر حيز مخليته لينطلق في فضاء الكتابة العربية كواحد من ابرز رموزها الجدد. وفور رحيله احتلت روايات الرزاز قائمة الكتب الاكثر مبيعا في عمان. كما اعلن ناشره ماهرالكيالي، مدير "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، عن طباعة اعماله الكاملة في مجلد يصدر بعد اربعين يوما على رحيله. كما قررت أمانة عمان الكبرى إطلاق اسمه على أحد شوارعها. خليل عبد الكريم: قضيّة جديدة في القاهرة! عاد الباحث في التراث الإسلامي خليل عبد الكريم مجددا ليشغل الحياة الثقافية في مصر بعد أيام من صدور كتابه الجديد "النص المؤسس ومجتمعه". فقد هاجمته احدى الصحف المحليّة، في حين أشار مثقفون إلى أن الذين كفروا المؤلف لم يقرأوا كتابه. وقد رفض شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي إطلاق أية أحكام قاطعة حول الكتاب، مؤكدا أنه أمر بإحالته إلى مجمع البحوث الإسلامية، لإبداء الرأي فيه، وهذا الرأي سيصدر خلال أيام. واللافت في القضية الجديدة أن جبهة علماء الأزهر التي تبنت العام الماضي حملة للهجوم على الكاتب نفسه، ودعت إلى مصادرة كتابه السابق "فترة التكوين في حياة الصادق الأمين"، واستصدرت توصية من لجنة الفلسفة في "مجمع البحوث الإسلامية" بهذا الشأن، غيَّرت هذه المرة أسلوبها ولم تدعُ إلى مصادرة الكتاب الجديد، بل اكتفت بالدعوة إلى مساءلة صاحبه. لأن الجبهة، حسب ما جاء في بيان موقع باسم أمينها العام الشيخ يحيي حبلوش، اكتشفت أن المصادرة "تضيّع معالم القضية، وتخفي الدليل، وبفضلها يتعملق الفأر". ومن جهتها تهجّمت بعض الصحف المحليّة على خليل عبد الكريم، واتهمته بسرقة أفكاره من مؤلفات الباحث اللبناني يوسف قزي، أو أبو موسى الحريري. وتجدر الإشارة إلى أن "دار سينا" في مصر التي نشرت الأعمال الأولى لخليل عبد الكريم كانت بصدد نشر مؤلفات أبو موسى الحريري في طبعة مصرية، غير أنها تراجعت في اللحظات الأخيرة، ربما بسبب الخوف من تأثيرها الصادم في المجتمع المصري. ومن جهته واصل خليل عبد الكريم موقفه المتحفظ، ورفض الإدلاء بأية تصريحات أو التعليق على الاتهامات الموجّهة إليه ما لم يتم استدعاؤه للأدلاء بأقواله أمام جهات تحقيق رسمية. حسن حنفي في دمشق: "نمطيّة" النظرة الغربيّة إلى الاسلام دعا المفكر المصري حسن حنفي الى صياغة مشاريع ثقافية عربية مستقبلية، تتعلق بحوار الحضارات، على ان يسهم فيها باحثون عرب وأوروبيون، لتصحيح صورة العرب والاسلام في مرآة الغرب. وقال أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة، ضمن شهادة قدمها في المكتبة الوطنية في دمشق، تحت عنوان "الاسلام والغرب": "ان الغرب معروف بنسبية الاحكام في دراساته الخاصة، بينما يصدر الأحكام المطلقة على الحضارات الشرقية، ما يكشف عن مغالطة كبيرة في التمييز واتباع الأهواء". وأضاف صاحب "من النقد الى الابداع"، ان صورة الحضارة الاسلامية في الغرب، ظلت على الدوام، أسيرة النظرة النمطية الموروثة عن العصر التركي المملوكي العثماني، وهي صورة فقدت تعدديتها منذ القرن السادس، وأخذ الغرب "صورة الاسلام الذي يبث المعجزات، وليس قوانين الطبيعة، والسحر والخرافة، وليس العقل والبرهان". وأشار المفكر الى انه "من الظلم المقارنة بين الثقافتين الاسلامية والغربية، في لحظة واحدة، اذ تعيش كل ثقافة في مسار تاريخي خاص بها"، لافتاً الى ضرورة توضيح صورة الاسلام عن طريق المشاريع البحثية المشتركة، وانشاء قناة فضائية عربية، تبث باللغات الأجنبية، بغية تصحيح هذه الصورة، ووضعها في سياقها الحضاري المتحول، وليس النمطي المستقر، اضافة الى تجديد الخطاب الثقافي العربي، الذي ما زال خاضعاً لسطوة الايديولوجيا والصوت الواحد. محمد عفيفي مطر: الحداثيّون في الجامعة المصريّة نال الباحث والشاعر المصري الشاب محمد سعد شحاتة درجة الماجستير من جامعة عين شمس في مصر، عن رسالة قدمها تحت عنوان "أثر العلاقات النحوية في تشكيل الصورة الشعرية عند الشاعر محمد عفيفي مطر". وأشادت لجنة المناقشة بالرسالة التي تؤسس لمنهج جديد في الدراسات الأدبية، من خلال العمل على تحليل بنية النص الشعري باستخدام العلاقات النحوية. وقسم الباحث دراسته إلى أبواب عدة، قدم في الباب الأول ترجمة لسيرة مطر وكتاباته، استنادا إلى ما طرحه الشاعر نفسه في كتابه "أوائل زيارات الدهشة". كما لجأ إلى الدعائم الأساسية لنظرية النظم كما أسس لها العالم البلاغي عبد القادر الجرجاني، مستنداً إليها في تأسيس منهجه. كما ناقش محمد سعد شحاتة مفهوم العلاقات النحوية وأثرها على مفهوم الصورة الشعرية وتحولاتها لدى الشاعر، انطلاقاً من قصيدة "كتاب المنفى والمدينة". ووازن فيها بين تركيب أسلوب القصيدة، وتركيب أسلوب القراءة. ومن خلال هذا البحث أثبت الباحث استحالة وجود قراءة واحدة لنص محمد عفيفي مطر. فالقراءة تختلف تبعا لاختلاف التوجه النحوي والعطاء الجمالي لدى الشاعر الذي اختلفت أساليب تشكيله للصورة الشعرية، تبعاً لتطور تجربته. فقد بدأ بالتعامل السهل البسيط مع الوجوه البلاغية المتخلفة، ثم مال إلى حشد وجوه بلاغية متعددة. وتبع هذا التحول تحولات أخرى، مرتبطة بما أسماه الباحث "المتعلقات النحوية" التي تؤدي دوراً مزدوجاً في التركيب الدلالي. وتكونت لجنة المناقشة من أساتذة من كلية دار العلوم في القاهرة. والمعروف أن الكليّة المذكورة كانت حتى وقت قريب لا تتحمس لمثل هذا النوع من الدراسات التي تتجه للبحث في شعر المعاصرين، خصوصا الحداثيين منهم. والجدير بالذكر أن هذه الرسالة هي ثالث دراسة أكاديمية عن شعر عفيفي مطر الذي حضر المناقشة، بعد أطروحة دكتوراه للباحث عبد اللام لام حول "الخطاب الشعري لدى محمد عفيفي مطر"، ودراسة ماجستير عن ثنائية الموت والحياة في شعره.