الوعود التي قطعتها شركات صناعة السيارات قبل عامين بجعل سيارة اليوم قادرة على الاتصال بشبكة الانترنت ومعالجة البريد الالكتروني، لم تكن سوى حلم قصير حالت دون تنفيذه شحة الطلب في أوروبا ورغبة الزبائن في الحصول على هذه الخدمات مجاناً، إذ تبين أن شركة "رينو" الفرنسية التي طورت برنامجاً للاتصالات في حال الطوارئ عن طريق قاعدة GPS وهاتف GSM وزودت به آخر نتاجها، لم تستقطب أكثر من أربعة آلاف زبون على مدى السنوات الثلاث الماضية. لقد أثبتت التجارب العلمية ودراسات الجدوى أن التعرف على حال الطرقات وحركة السير عن بعد وحدها التقنية الواعدة، لذلك قررت شركات السيارات في أوروبا إقامة مركز مشترك للاتصالات وتطوير البرامج تتولى إدارته شركة Signant وتضم كلاً من "بيجو" و"ستروين" و"فورد" و"رينو" و"نيسان"، في مقابل تحالف آخر ضم كلاً من "مرسيدس" و"بورش" و"بي ام دبليو" لتطوير خدمات الاتصالات الخاصة بسيارات الطراز الفاخر والمعقد. ويقف في مواجهة هؤلاء المصنعين الأوروبيين عمالقة تكنولوجيا الاتصالات مثل "آي بي ام" و"مايكروسوفت" و"هيوليت - باكارد" و"موتورولا" و"نوكيا" و"اورانج". وبات التنافس على أشده لتلبية احتياجات أصحاب السيارات للاتصالات التي تتزايد يوماً بعد يوم. ومن التقنيات الرائجة حتى الآن نظام القيادة بواسطة الأقمار الاصطناعية الذي ادخلته شركة "بي ام دبليو" منذ العام 1994 والذي امتد ليشمل اليوم تشكيلة واسعة من السيارات. ويتوافر هذا النظام بواسطة شاشة ملونة أو راديو سيارة يحتوي على تقنية GPS نظام التموضع بالأقمار الاصطناعية. ووصلت نسبة السيارات المزودة بهذه التقنية إلى اثنين في المئة، غير أن توزيعها يختلف من شركة إلى أخرى، حيث تحتل كل من شركتي "مرسيدس" و"بي ام دبليو" المركز الأول، إذ تتراوح نسبة انتاجها المزود بهذه التقنية بين 70 و100 في المئة. ومن الجديد في حقل الاتصالات داخل السيارات القرص المدمج الذي يتيح للسائق رؤية مخطط كامل لأوروبا والتعرف الصوتي للحيلولة دون النظر إلى المعلومات على الشاشة الصغيرة الموجودة فوق لوحة القيادة تجنباً للحوادث. كما يقدم مصنعو السيارات لزبائنهم اليوم هاتفاً نقالاً مدمجاً يعمل أيضاً بتقنية التعرف الصوتي إضافة إلى بروتوكول "بلو توث" الذي يتيح للمعدات الالكترونية إمكان الاتصال في ما بينها من دون أسلاك من مسافة لا تزيد على عشرة أمتار. كما يستطيع هاتف نقال من طراز "بلو توث" أن يحول محادثة هاتفية إلى مكبرات راديو السيارة آلياً بمجرد تشغيل المحرك. أما الخدمة الترفيهية التي تلاقي رواجاً كبيراً فهي تزويد المقاعد الأمامية في السيارة من جهتها الخلفية بشاشات من الكريستال السائل احداها تعمل كجهاز فيديو والأخرى لممارسة ألعاب الفيديو الالكترونية، وبذلك تتحول الرحلات الطويلة إلى نزهة ممتعة بالنسبة إلى الأطفال. غير أن ما تقدم من التقنيات في حقل الاتصالات المتعددة لا يرقى إلى طموحات الزبائن بعد، لهذا تعرض حالياً شركة "نيسان" في اليابان علبة متعددة الوظائف، إذ تقوم بعد وصلها بالهاتف النقال بدور نظام للقيادة وهاتف من دون سماعة وباجراء الاتصالات في حال الطوارئ، وتتيح الاتصال بشبكة الانترنت والبريد الالكتروني والحصول على المعلومات المتعلقة بالسياحة والموسيقى والرياضة وما إلى ذلك، وكل ذلك في مقابل رسم اشتراك متواضع. في هذا الوقت تعمل شركة "بيجو" الفرنسية مع "آي بي ام" الرائدة في مجال الالكترونيات على تطوير جهاز قادر على تشخيص العطل ذاتياً، إذ يعمد في حال الطوارئ إلى الاتصال بالمركز الرئيسي للشركة المصنعة التي تعمد بدورها إلى تحديد مكان العطل عن بعد والايعاز إلى صاحب السيارة بالتوجه إلى أقرب مركز للتصليح. وإذا كان بمستطاع الإنسان اليوم تشغيل الهاتف النقال والراديو وجهاز التكييف في السيارة بواسطة الصوت وبفضل نظام التعرف الصوتي، فإن السائق سيتمكن في المدى المنظور من التحدث إلى سيارته كما لو كانت كائناً حياً، كأن يطلب منها العودة به إلى منزله مثلاً، ويرى المصنعون أن تطوير تقنية التعرف الصوتي ضرورية جداً لتجنيب السائق تحريك عدد كبير من الأزرار، ما يقلل من تركيزه على القيادة. وفيما تعمل شركات توزيع الاتصالات على إمكان تحويل البريد الالكتروني المكتوب إلى صوت مسموع وهي التقنية المتوافرة حالياً على الهواتف النقالة، تعكف شركة "هوندا" على تطوير مبدأ ارسال واستقبال البريد الالكتروني انطلاقاً من مقود السيارة. وتبين أن الزبائن يطالبون مصنعي السيارة بضرورة دمج أجهزة الانذار القادرة على تحديد موقع السيارات المسروقة وشل حركتها في الطرازات المستقبلية