تشهد الصحف المغربية من دون استثناء أزمة خانقة جعلتها تعيش اوضاعا صعبة، وأدى انخفاض مبيعاتها وتراجع حجم الإعلانات الى حالة أشبه بالإفلاس. وطبقاً لمصادر شركات التوزيع فان حجم مبيعات مجمل الصحف اليومية التي تصدر في المغرب، بالعربية أو الفرنسية، تراجع الى حدود 250 ألف نسخة شهرياً. وتتعدد أسباب الأزمة، لكن بين أهمها انخفاض إعلانات مؤسسات القطاع العام، خصوصاً بعد ان تم تخصيص معظمها، كما ان الإدارات الحكومية قلصت الى حد كبير الميزانيات المخصصة للإعلانات. الى ذلك أصبح عدد كبير من المعلنين يتجه نحو لوحات الإعلانات المضيئة في شوارع المدن المغربية على رغم ارتفاع أسعارها. ولم تستطع الصحف خلق توازن بين تقلص المساحات الإعلانية وزيادة المبيعات، إذ ان ارتفاع أسعار ورق الطباعة أدى بدوره الى ارتفاع تكلفة الإنتاج على رغم الدعم الذي تقدمه الدولة لبعض الصحف الحزبية الناطقة باسم أحزاب لها تمثيل مهم في البرلمان. وهو دعم يتراوح بين نصف مليون ومليوني دولار سنوياً. وقد أثار هذا الدعم أخيرا احتجاج بعض الصحف المستقلة التي طالبت الحكومة بدعم الجميع أو الكف عن دعم الصحف الحزبية. وبين الأسباب التي أدت الى تراجع مبيعات الصحف تدهور القدرة الشرائية للفئات المتعلمة، وتكاثر عدد الصحف اليومية التي وصل عددها حالياً الى 18 تصدر في الرباط والدار البيضاء بالفرنسية والعربية. ومرد هذه الكثرة اتساع نطاق حرية التعبير، الى حد ان بعض الصحف تجاوز ما هو مسموح به وتطرق الى ما كان في عداد المحرمات. ولعل من مفارقات هذه الظاهرة ان الملفات التي كان مسكوتا عنها في الماضي تكاد تنفد بعد فورة تناول كل شيء جرى خلال فترة حكم الملك الحسن الثاني. الى ذلك فان بين مظاهر أزمة الصحافة المغربية التي أوصلت بعض الصحف، خصوصاً الأسبوعية، الى حد الإفلاس "التوجيهات" غير المعلنة لشركات الإعلانات بعدم تقديم إعلانات للصحف المغضوب عليها. واكثر ما يخشاه الناشرون حالياً في المغرب عزم أكبر مجموعة صحافية هي مجموعة "ماروك سوار" التي اشتراها أخيرا رجل الأعمال والمصرفي عثمان بن جلون من الدولة، على إنشاء مؤسسة تحتكر الإعلانات في المغرب، إذ ان بن جلون يدير مجموعات تجارية ومالية عدة تشكل في الواقع اكبر الجهات المعلنة في المغرب. وبما ان مجموعة "ماروك سوار" تصدر حالياً ثلاث صحف يومية لوماتان بالفرنسية والصحراء بالعربية ومانيانا بالأسبانية فان احتكارها الإعلانات سيعني سحب مبالغ كبيرة من سوق تتقلص أصلاً. وهناك من يرى ان أزمة الصحافة المغربية مفتعلة، إذ ان بعض الدوائر التي تحرجها حرية الصحافة التي تصل الى حد الفلتان احيانا، تشجع حملة التضييق المالية.