حين نظمت مدينة باري الإيطالية دورة ألعاب البحر المتوسط العام 1997، أطلقت شعار "لن يشعر أحد انه غريب في باري". وبعد اشهر قليلة، وتحديداً من 2 الى 15 أيلول سبتمبر المقبل ستنظم تونس الدورة ال14 لهذه الألعاب وتكللها بشعار "في تونس فرحة المتوسط"، وهي المرة الثانية التي تستضيف فيها تونس هذه الألعاب، بعد العام 1967. وستكون الدورة ال14 الأولى في الألفية الثالثة، وبذلك تحتفل هذه الألعاب بيوبيلها الذهبي، وأكد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي دأب على ترؤس اجتماعات وزارية دورية لمتابعة التحضيرات والاستعدادات، ان "هذا اللقاء الرياضي فرصة للأشقاء والأصدقاء ليتبينوا عن كثب مدى ما تحقق في تونس من انجازات في سائر المجالات". وأوضح رئيس اللجنة العليا المنظمة الحبيب عمار ان الدورة المتوسطية ال14 "أردناها متميزة من النواحي كلها ولا سيما تنظيماً، وخططنا لأن تكون حديثة متطورة باستخدام الوسائل العصرية خصوصاً في ما يتعلق بحقل الاتصالات". وحين التقى عمار رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خوان انطونيو سامارانش في لوزان، أكد الأخير ان "الأولمبية الدولية أعطت موافقتها بأن تقام دورة ألعاب تونس تحت رعايتها". وكشف عمار ان سامارانش أبدى استعداداً كبيراً لدعم مختبر كشف المنشطات، وأجريت دورة خاصة لتدريب وتأهيل أطباء على أعمال المختبر. ويأمل عمار ان يُعتمد هذا المختبر أولمبياً ويصبح في تصرف الدول الأخرى. منذ ان انطلقت ألعاب المتوسط من الاسكندرية عام 1951 وهي في تطور مستمر، وفي الأشهر الأخيرة تحولت العاصمة التونسية الى ورشة كبيرة استعداداً لهذا الحدث، حيث تخضع الشوارع الرئيسية ومنها شارع بورقيبة الى تأهيل وتطوير على مدار الساعة فضلاً عن مرافق كثيرة. وما ان تدخل قاعة الوصول في مطار قرطاج في تونس العاصمة حتى تستقبلك لوحات اعلانية تعمل بالليزر، تضعك في أجواء دورة المتوسط وألعابها وأبطالها والدول المشاركة في منافساتها، كما تنتشر لوحات مماثلة على الطرقات والجادات الرئيسية تحمل شعار الدورة وألوانها. وفي النصف الأول من أيلول سبتمبر، ستكون تونس العاصمة وجوارها ومدن سوسة وصفاقس ونابل وبنزرت وحمامات على موعد مع نحو 5200 اداري ومدرب ورياضي وصحافي من 23 دولة، فإلى الدول المشاركة ال21 سيشارك وفدان من الأردن وأندورا، وستجرى المنافسات في 40 موقعاً، وتشمل 23 لعبة موزعة على 230 مباراة ومسابقة تمنح فيها 1303 ميداليات، وللمرة الأولى ستجرى مسابقات للسيدات في التجذيف ورفع الأثقال والمصارعة. ولا يتعب القائمون على هذا الحدث الضخم من التكرار ان تونس دائماً على الموعد، وتعرف كيف تكون كذلك في اللقاءات الكبرى، "وبالتالي فالسؤال لا يتعلق بمعرفة ما اذا كنا جاهزين ليوم 2 أيلول بقدر ما يتعلق بتأكيد قدرتنا مرة أخرى على النجاح في تنظيم تظاهرة كبرى بفضل تعبئة طاقات الشعب التونسي بأسره، وبفضل نوعية وجودة العلاقات التي تربطه بشعوب حوض المتوسط جميعها". ويعبّر المنظمون عن فرادة ما يحضرونه باعتزاز والتي تقدر تكاليفه بنحو 190 مليون دولار، خصوصاً في شروحاتهم المتعلقة ب"الجوهرة الرياضية الجديدة" او "المجمع الرياضي الفريد من نوعه" في رادس على بعد 17 كلم من العاصمة الحي الرياضي الجديد 7 نوفمبر. والملعب الرئيسي في هذا الحي شبيه الى حد ما ب"استاد دو فرانس" الفرنسي في سان دوني، وستنجز الأعمال فيه في حزيران يونيو المقبل، وتبلغ سعته 60 ألف متفرج، ويجاوره مضمار لألعاب القوى تحيط به مدرجات بسعة 5 آلاف متفرج، وحوضان أولمبيان للسباحة أحدهما مغطى، والقرية العصرية لإقامة الرياضيين الأولى من نوعها في تاريخ الألعاب وتضم ألف شقة مع الأسواق والمرافق الأخرى، وبناؤها شبيه بالفلل والمباني المجاورة للبحيرة "الاصطناعية" في العاصمة والتي باتت متنفساً للسكان بفضل الكورنيش وأماكن التسلية والمطاعم والفسحات الخضراء. ووصف كلود كولار رئيس اللجنة الدولية لألعاب البحر المتوسط منشآت مجمّع رادس بأنها استثنائية، وأعلن ان "اللجنة الدولية مطمئنة مئة في المئة الى التحضيرات لتونس 2001". أما حفل الافتتاح، فأوضح القائمون على الاعداد له بأنه يتميز بطرافته ويخرج عن الاطار التقليدي لحفلات افتتاح التظاهرات الرياضية، كما سيكون للاحتفال بالنجوم القدامى حيز في ألعاب تونس، ففي اليوبيل الذهبي للدورة المتوسطية، سيُكرّم أبطال الدول المشاركة السابقون. وكان النقاب كشف أواخر الصيف الماضي عن تعويذة الدورة التي صممها الفنان شكري الشريف مصمم شعارها أيضاً. وقد أعطى التعويذة، التي اختار لها اسم شوشو، شكل طفل رياضي مرح يطلق يديه مرحباً بضيوفه ببشاشة. وكلمة شوشو تعني محلياً الانسان المرح الذي يجمع على حبه كل المحيطين به. وألبس الشريف التعويذة حذاء رياضياً لونه من زرقة البحر المتوسط. ورسم على صدره كرة حمراء يغطيها علم تونس. وتوّجها بقبعة تقليدية أصلية تعرف في تونس باسم الشاشية، وطليت باللون البنفسجي لون العهد الجديد. وباشرت اللجنة الاعلامية منذ فترة اصدار المجلة الفصلية "تونس 2001" باللغات العربية والفرنسية والانكليزية تحت اسم "رسالة الألعاب" لتكون قناة اضافية تحكم الصلة بين منظمي الدورة واللجان الوطنية ووسائل الاعلام في الخارج، لموافاتها بكل ما يتعلق بالاستعدادات لاحتضان الحدث المتوسطي العام، علاوة على موقع واب على الأنترنت www.tunis2001.tn ميدانياً، تتكثف تحضيرات المنتخبات التونسية للدورة في الداخل والخارج، سعياً الى حصة وافية من الميداليات ولإثبات المقدرة والوجود أمام الثقل الرياضي الأولمبي المتوسطي الزاحفة رياحه خصوصاً من إيطاليا - المتصدرة دائماً لترتيب الميداليات - وفرنسا وإسبانيا. يذكر ان المشاركة التونسية في الدورات المتوسطية تعود الى دورة بيروت 1959 الدورة الثالثة، وقد بلغت الحصيلة حتى الآن 113 ميدالية، 25 ذهبية و31 فضية و57 برونزية. وكانت تونس حلت في المركز ال12 في باري 1997 2ذ - 3ف - 9ب والرابعة عربياً بعد الجزائر والمغرب ومصر