لم تعد عملية التكيف مع عالم التكنولوجيا المتقدمة حكراً على الإنسان الذي يرفض أن يجد نفسه في المستقبل القريب على هامش المجتمع المعلوماتي، بل تعدته إلى عالم الألعاب التقليدية المهددة بالانقراض ما لم يتقن قواعد اللعبة التكنولوجية وينصهر فيها، ومن هذه الألعاب، المكعبات التي تساهم في ايقاظ ملكة الاختراع لدى الأطفال وتعريفهم بمحيطهم المادي على نحو ملموس عبر إعادة تركيب محتوياته. لقد اضطرت شركة "مايند ستورم" Mind Storm الدنماركية المتخصصة في ألعاب المكعبات إلى مراجعة استراتيجيتها وتعديل صناعة قطعها البلاستيكية لمواجهة انهيار مبيعاتها، وباتت هذه المكعبات تتأقلم مع مجموعة المعدات الالكترونية كاللواقط وآلات التصوير والمحركات والمفاصل الالكترونية لتشجيع الأطفال واليافعين على بناء "روبوت" حسب الصورة التي يرسمها خيالهم. إن النجاح الذي لاقته هذه المكعبات منذ سنتين في الولاياتالمتحدة وكندا، دفع الشركة إلى خوض التجربة في البلدان الأوروبية، على أمل أن تلاقي بضاعتها النجاح نفسه الذي واجهته وحققته في الأسواق الأميركية. وتحتوي العلبة على أكثر من 700 قطعة من ألوان وأشكال متعددة وعدد من المخططات اللازمة لبناء وتركيب أكثر من "روبوت"، انطلاقاً من هذه المكعبات. لكن الأمر يستلزم مرافقة الطفل، إذا كان صغير السن، خشية أن يضيع بين هذه القطع ويمل بسرعة ويقرر التوقف عند اول صعوبة، وبذلك نجحت شركة "مايند ستورم" في كسر حلقة الصمت التي ولدتها ألعاب الفيديو وأجهزة الكومبيوتر بين الأطفال ومحيطهم العائلي. تبدأ عملية بناء الروبوت بمرحلة تجميع القطع اللازمة لبناء النموذج الذي تم اختياره من بين المخططات الموجودة، وبعدها مرحلة تشغيل المعدات بعد تركيب الأسلاك ووصل الروبوت بكل ما هو ضروري لجعله يتنقل تلقائياً وذلك بعد عملية البرمجة التي تتم إما بواسطة استخدام الشاشة اللمسية لجهاز الكومبيوتر المدمج في الروبوت الذي سيحدد تحركاته وتنقلاته، وإما بواسطة وصل الروبوت بجهاز كومبيوتر ثابت لتمرير الأوامر التي يتوجب عليه تنفيذها، وفي كلا الحالتين تعتبر عملية البرمجة سهلة وسريعة للغاية مقارنة بعملية البناء والتركيب والوصل التي تحتاج إلى الكثير من الوقت والصبر... والذكاء إن النتيجة قد تأتي مرضية للغاية عندما يبدأ الروبوت، الذي يتخذ شكل حيوان أليف كالقط أو الكلب، بتنفيذ أوامر صاحبه، وقد تكون مخيبة، وفي هذه الحالة يتم اللجوء إلى تفكيك "الروبوت" وإعادة بنائه من جديد من دون الالتزام بالمخططات المرفقة، وهنا يترك الطفل أو اليافع العنان لخياله لتصميم الشكل الذي يريد. وتعتبر هذه اللعبة في نظر خبراء التسويق سيفاً ذا حدين، فإما أن يرفضها الطفل بسبب ما تتطلبه من الجهد والتركيز لقراءة المخططات وبناء الروبوت، وإما أن تخلق لديه رغبة عارمة في التصميم والابداع والبناء، وفي هذه الحالة تكسب الشركة زبوناً وفياً لما تقدمه من جديد في الأسواق. أما العقبة الوحيدة التي قد تحد من انتشار هذه المكعبات في أوروبا فهي الثمن، لأن كلفة القطع الأساسية اللازمة لبناء جسم الروبوت تبلغ حوالي 200 دولار عدا آلة التصوير الرقمية التي يصل سعرها إلى 100 دولار والقطع الصغيرة التي تسمح ببناء "روبوت" مستوحى من "حرب النجوم" والتي تكلف أيضاً حوالي 200 دولار. غير أن المسابقات التي يتم تنظيمها في الولاياتالمتحدة أثبتت أن الثمن لا يقف عائقاً أمام انتشار هذه المكعبات.