في 14 يناير كانون الثاني 1991 كانت انظار العالم متجهة الى الكويت بعدما بدأ العد العكسي لانطلاق "عاصفة الصحراء". في ذلك اليوم تناقلت وكالات الانباء نبأ عاجلاً مفاده ان مسلحاً اغتال في تونس عضوي اللجنة المركزية لحركة "فتح" صلاح خلف ابو اياد وهايل عبدالحميد ابو الهول وفخري العمري مساعد "ابو اياد". سرقت رائحة الحرب التي اندلعت بعد ثلاثة ايام الاهتمام بالحادث الذي الحق ب"فتح" ما يشبه الكارثة، ذلك ان "ابو اياد" كان الاسم الابرز في عالم الامن في الثورة الفلسطينية وكان "الرجل الثاني" في فتح، ولم يكن سراً ان بعض العمليات المدوية في تاريخ الصراع العربي - الاسرائيلي تحمل توقيعه وبينها عملية ميونيخ ضد الرياضيين الاسرائيليين فضلاً عن بعض عمليات "ايلول الاسود". ما ان شاع نبأ اغتيال "ابو اياد" و "ابو الهول" في منزل الثاني في تونس حتى انطلقت السيناريوهات. قيل ان الموساد الاسرائيلي اغتنم الفرصة لتصفية حساب قديم ولاستكمال عملية افراغ ما تحت ياسر عرفات والتي كانت سجلت نقلة كبيرة عن طريق اغتيال خليل الوزير ابو جهاد في تونس. وقيل ايضاً ان "ابو اياد" دفع ثمن موقفه المعارض للغزو العراقي للكويت. وردد آخرون انها ضربة وقائية في معركة الاحتفاظ بزعامة "فتح" ومنظمة التحرير. وكالعادة بدأ الهمس حول ادوار مفترضة او متخيلة لاجهزة استخبارات عربية وغربية. لم تكن أمام القاتل حمزة ابو زيد اي فرصة للهرب. سلم نفسه واخضع لتحقيقات في تونس واعترف بأن "فتح - المجلس الثوري" بزعامة صبري البنا أبو نضال هي التي كلفته المهمة وان عودته الى العمل في عداد حراس "ابو الهول" كانت لتسهيل عملية الاقتراب من "ابو اياد". اصدرت محكمة فلسطينية حكماً باعدام القاتل لكن تونس رفضت ان ينفذ على ارضها فسلمته الى قيادة منظمة التحرير التي نقلته الى سجن في اليمن. وتردد لاحقاً ان اليمن رفض بدوره تنفيذ الحكم على أرضه فتولت "فتح" نقل القاتل الى المياه وأعدمته هناك. اندلعت حرب الخليج الثانية وتغير المشهد الاقليمي وانعقدت مفاوضات مدريد وذهبت منظمة التحرير الى اوسلو ودخل ياسر عرفات الارض الفلسطينية واقام فيها سلطته الوطنية وما زال يقاوم ويفاوض. غاب "ابو اياد" في العقد الاصعب والاخطر وهو كان شريكاً أو ضمانة لطالما تذكره رفاقه في قيادة "فتح". لم ينشر المحضر الرسمي للتحقيق مع حمزة ابو زيد، وحمله بعض كبار المسؤولين الفلسطينيين معهم ونام في ادراج آمنة. مع مرور عشر سنوات على الجريمة حصلت "الوسط" على محضر التحقيق، - وهو من 28 صفحة - الذي يروي فيها القاتل قصته ويكشف تفاصيل المهمة التي كلف تنفيذها. حمزة محمود عبدالله ابو زيد من مواليد السافرية يافا في 1963 ومن سكان الوحدات الاردن. والدته حلوة قاسم ابراهيم توفيت في 1970 ابان أحداث ايلول سبتمبر في الاردن. قال انه ترك بغداد الى هنغاريا ومنها الى بولندا في 1987 بعدما اغلق العراق مكاتب العقيد هواري الذي كان مسؤولاً في أمن رئاسة منظمة التحرير، وكشف في اعترافاته انه في الشهر العاشر من 1987 تعرف في بولندا، على ن. ر مسؤول "فتح - المجلس الثوري" في ذلك البلد الذي راح يقابله ويزوده نشرات عن التنظيم. وأوضح ان ن. ر سلمه في فبراير شباط 1988 نموذجاً من خمس صفحات كتب فيه قصته بما فيها انتسابه الى حركة "فتح" في 1982 وعمله في حراسة "ابو الهول" وفي حراسة مكتب التحقيق في حمام الشط وانه ارفق الاستمارة بست صور شخصية. في ما يقارب نصف المحضر يروي حمزة ابو زيد قصة المرحلة الاولى من عمله مع "فتح - المجلس الثوري" والتي تضمت ما اعتبره اكثر من اختبار له بينها السفر الى يوغوسلافيا واليونان والفيليبين بجوازات سفر مزورة، وكان يلتقي في كل من هذه البلدان عنصراً من التنظيم. ويقول انه كلف بعد وصوله إلى الفيليبين شراء اسلحة بغرض اغتيال شخصية اسرائيلية ستحضر إلى احد الفنادق لكن الشخصية لم تحضر. غادر حمزة الفيليبين في 2/2/1989 عائداً إلى بلغراد حيث كان "خليل" في انتظاره. ومن هناك ستبدأ المحطات الموصلة الى الاغتيال وهو ما تنشره "الوسط" بحرفيته: في بداية شهر آيار مايو 1989 كلفني خليل بالسفر الى ليبيا والتي وصلت اليها بتاريخ 14/5/1989 وعند وصولي الى مطار طرابلس واجتيازي الى الصالة استقبلني المدعو عيسى ... والذي يعرفني من صوري السابقة فلفظ اسم التعارف وقال مشيراً الي: الرفيق محمد، اجبته نعم، عندها رحب بيّ وأخذني بسيارته الى فندق اليسر المجاور لفندق مرحبا وقال لي ارتاح اليوم وغداً نلتقي وفعلاً في صباح اليوم التالي حضر عيسى الى الفندق وخرجت واياه الى الشارع العام الممتد امام الكنيسة المجاورة للفندق، وفي هذه المقابلة كان حديثه لي حول المسلكيات الخاطئة لزمرة عرفات وخاصة ابو اياد موضحاً ان الاخير هو الذي سلم الالوية الحمراء وجماعة بدر ماينهوف وجزء من عناصر 17 نوفمبر اليونانية وهو وراء قتل الرفاق الخمسة بالبقاع. بعدها اصبح عيسى يحضر الي يومياً واتمشى واياه الى الحديقة او بجوار الكنيسة القريبة من الفندق ويتناول في احاديثه تحقيدي على ابو اياد بوصفه ان ابو اياد خرب كثيراً في الساحة الفلسطينية وهو الذي يقف عثرة في استمرار النضال الفلسطيني، وبعد حوالي خمسة عشر يوماً حضر عيسى الى الفندق وبعدما سدد الحساب نقلني من الفندق اليسر الى اقامتهم الخاصة والكائنة بالقرب من ساحة السويحلي واستمر بالتردد الي صباح كل يوم من الساعة التاسعة الى العاشرة والنصف وامشي واياه في المنطقة القريبة من قصر ليبيا بإتجاه الدهماني حيث ان تلك المنطقة تمتاز بقلة روادها. انتقلت من فندق اليسر وبرفقة عيسى سائرين على الاقدام حوالي ربع ساعة الى موقع المقر الخاص وكان بيدي حقيبة ملابسي البسيطة التي كان بداخلها ثلاثة غيارات. موقع المقر الخاص الذي اقمت فيه كان بجانب ميدان سويحلي، يوجد خربة وبعد عبورها تقابلنا عمارة من اربعة طوابق لونها ابيض، المقر في الطابق الثالث والشقة على يمين الدرج، بابها خشب ابيض مثبت عليه جرسين، امام باب العمارة توجد خزانات ماء، بعدما وضعني في المقر حدد لي غرفتي وموقعها بالداخل على اليسار وكانت هذه الغرفة تضم طاولة فورمايكا وكرسي خشب وحديد وخزانة لون بني فاتح، وسرير عادي مصنوع من الحديد وعليه فرشة وحرامات، واعطاني ارشادات بكيفية الاقامة في هذا المقر وهي كالتالي: اذا اردت ان اخرج من غرفتي علي ان اتنحنح واطرق باب غرفتي ثم اخرج وعندما أنهي حاجتي سواء في الحمام أو في المطبخ اعود لغرفتي واطبق بابها بحيث يصدر صوت مرتفع لاعلام المقيمين في المقر بإنني دخلت غرفتي وعندما احضر للمقر من الخارج اضغط على جرس الباب وعندما يفتح لي المخول ادخل الى غرفتي مباشرة من دون النظر لأحد أو التحدث لأحد. باعتقادي هذه التعليمات تعطى لكل المقيمين في المقر، بالاضافة الى انه عليّ ان اكون بحالة استعداد وجاهز طيلة النهار ولا ارتدي ملابس النوم إلا في المساء ويجب علي ان اكون داخل المقر قبل الساعة العاشرة مساء كل يوم. كان عيسى يحضر إلى غرفتي يومياً ويزودني بالمجلات والدراسات المختصة بمجال معين مثل الحرب الشعبية او مجلدات حول الممارسات الخاطئة للثورة الفلسطينية. وكان يزخر بالتحدث عن ابو اياد وابو عمار وعن اللجنة المركزية لحركة فتح وعن الجبهة الديموقراطية وكان التركيز على حركة فتح وأسباب الانحدار وعدم جدواها بالكفاح المسلح وانها تكرس نهج الاستسلام. بقيت في هذا المقر مدة شهرين وكنت اتقاضى شهرياً بعدما اوقع على وصل استلام مبلغ 150 دينار ليبي وكان تسليمي الفلوس في نهاية كل شهر أو 26 من كل شهر، وبعد نهاية الشهرين كلفني عيسى ... بالتردد الى الجامعة وجمع المعلومات عن الطلبة الفلسطينيين، ومباشرة ذهبت الى جامعة الفاتح وتعرفت إلى بعض الشباب الفلسطينيين ومنهم منير ... وجهاد ... وفضل ... وكنت اعرف نفسي بأنني فلسطيني قادم من بولندا ومقيم في طرابلس بالفندق، فدعاني الطلبة لمرافقتهم الى قصر بن غشير حيث يتوفر لي النوم والمأكل، وظهر ذلك اليوم ذهبت مع الطلبة السابق ذكرهم الى قصر بن غشير، وبينما كنت اتناول الأكل شاهدت ماجد ... والذي كان طالباً في بولندا ويعرفني جيداً وبعدما سلمت عليه اخبرني انه مطرود من بولندا وانا بدوري قلت له لم نجد سوى ليبيا للاقامة بها وذلك حضرت للاقامة والعمل في ليبيا فقال لي النوم في قصر بن غشير مجاني ودعاني للاقامة في هذا المكان، فأجبته نلتقي، وفي مساء ذلك اليوم قابلت عيسى في المقر واخبرته بما حدث معي بموجب تقرير خطي واعلمته بموضوع ماجد فقال لي عيسى هذا الطالب الفاشل الذي حضر من بولندا؟ عليك ان تكون حذراً منه لأنه من جماعة عرفات، ولم يدقق على ماجد وقال لا مانع ان تأخذ اغراضك وتقيم في قصر بن غشير لتكون على مقربة من الطلبة الفلسطينيين وتتمكن من جمع المعلومات عنهم، وكلفني ان احضر الى المقر في كل يوم خميس لتقديم تقرير المعلومات، في صباح اليوم التالي اخذت اغراضي واقمت في قصر بن غشير واستمريت بالاقامة في ذلك المكان وكنت يومياً احاول توطيد العلاقة مع الطلبة بهدف جمع المعلومات عنهم، وتقدمت بتقارير خطية الى عيسى حول الفلسطينيين المقيمين في قصر بن غشير ومنهم ابراهيم ... وهو مصاب بساقه ابان الانتفاضة وخرج للعلاج وعيد ... وهو اسلامي وممكن انه ينتمي الى الجهاد ومحمد ... وعزام وهما من الجبهة الشعبية وايضاً عن عدد من الطلبة الفلسطينيين واصبحت اتردد للمقر كل يوم خميس واقابل عيسى واقدم له المعلومات بموجب تقارير خطية. في نهاية شهر تشرين الاول عام 1989 عدت بطلب من عيسى للاقامة في المقر وأعادني الى الغرفة نفسها التي كنت انزل فيها بالسابق، وفي اليوم التالي صباحاً حضر لغرفتي عيسى ومعه شخص عرفني عليه بإسم الرفيق نعيم ... وقال ستنتهي علاقتي معك ومنذ الآن ستكون علاقتك مع نعيم وامتدحني امام الاخير، بعدها غادر عيسى المقر وبقي معي نعيم الذي رحب بي ووعدني ان يحضر لطرفي في اليوم التالي ثم خرج. في اليوم التالي حضر نعيم لغرفتي واطلعني على ملف يضم قصاصات من الجرائد وكلها تتحدث عن ابو اياد والتصريحات غير المسؤولة له، ومنها تصريح ابو اياد ان الثورة الفلسطينية لم تخرج من بيروت وبقي ثلاثة آلاف مقاتل في بيروت، وبعد هذا التصريح بفترة قصيرة حدثت مجزرة صبرا وشاتيلا التي سببتها تصريحات ابو اياد الغير المسؤولة، وأيضاً قصاصة من جريدة مصرية تتحدث عن ثروات أبو اياد في الكويت وأملاكه، وأيضاً قصاصات ممكن ان تكون مطبوعة تتضمن ان ابو اياد هو السبب في اعتقال ثوار ومناضلين وهو قام بتسليم مجموعات. بعد قراءة هذه القصاصات قال نعيم يجب ان نضع حداً لهذا الانسان وبدنا ترشيح رفيق لوضع حد لأبو اياد، وفهمت من نبراته انه يقصدني لان اكون المرشح لتنفيذ هذه العملية. فقلت هذا ليس بسيطاً ويجب استشارتي فقال بحزم نحن تنظيم ولسنا شركة سياحية، وهذا ترشيح لك وانت تقدر على العودة لفتح وتنفيذ العملية، فحاولت التذمر فلم يمهلني بقوله نحن لنا وسائلنا وعليك تنفيذ الأوامر عندها فكرت بأهلي وخفت ان يتعرضوا للخطر، خصوصاً أن اخوتي معظمهم قطاميط لحم واخي الكبير مصاب وامرأة ابوي مشلولة وابوي الكبير بالسن الذي شقي كثيراً وما زال يشقى من اجلنا، فلم استطع الرد، خصوصاً لعلمي بأن هذا التنظيم باستطاعته امساكي من يدي التي توجعني. وفجأة قال لي نعيم: ابو نضال كلف ابن اخوه بمهمة في لندن، والاخير لم يتذمر ونفذ المهمة وهو حالياً معتقل في لندن، قلت طيب هذا عاطف أبوبكر كان عندنا وانفصل عن التنظيم وليش احنا لم نواجهه، فأجاب ان عاطف نحن عارفينه تابع لفتح داخل التنظيم ولكن كنا نحاول اعادته لرشده. استغرقت بالتفكير واصبحت بحالة سيئة وبخاصة عند سماعي حدية عبارات نعيم بقوله انت تنفذ وهذا باستطاعتك واما... لنا حلول ثانية. فعدت للتفكير لتأكيدي من قدرة هذا التنظيم على العمل ضد اسرة ضعيفة مثل اسرتي، ولم يطل بي الصمت وبخاصة عندما قطع نعيم الصمت قائلاً ان ابو اياد هو المسؤول الكبير عن الاخطاء القاتلة بالثورة الفلسطينية كما ان هذه الاخطاء هي التي اوصلت الشعب الفلسطيني الى هذه الحالة، وابو اياد هو المسؤول الذي لم يردع امثال هواري. في هذه اللحظة اصبحت عندي ردة فعل داخلية، خصوصاً عندما تحدث عن هواري فصرت اشوف كل الناس سيئين مثل هواري وانتهى اللقاء بتوصية من نعيم: خليك صاحي مخك معاك. مفيش فرعة حتى نعملك قرعة. بعد خروج نعيم من غرفتي بقيت شبه مشلول وخشيت ان يصاب اهلي بأي ضرر وجماعة ابو نضال يعرفون مدى ارتباطي بأسرتي. بعد ذلك ويومياً تكرر حضور نعيم الى غرفتي وكان في كل مرة يردد على مسامعي ان قتل ابو اياد هو عمل ثوري للشعب الفلسطيني وابو اياد هو مسؤول عن هواري وابو اياد هو المسؤول عن المسلكيات الخاطئة داخل الثورة وهو الذي تسبب في مأساة بشق التنظيم "المجلس الثوري"، وهو الذي قتل خمسة من الرفاق في البقاع/ لبنان، عندها اصبحت تحت تأثير كلام نعيم واقتنعت عملياً ان ابو اياد فعلاً هو المسؤول عن كل هذه المصائب، وان هواري يجب ان يحد من مسلكيته وهذا يقع على من هو اعلى منه سلطة، وابو اياد الذي كان اول من نادى بالعنف ضد العدو تخلى عن العنف وابو اياد الذي كان ينادي بالكفاح المسلح ويتبناه حالياً اصبح عادي وتخلى عن الكفاح المسلح. بعد هذا اللقاء طلب مني نعيم عدم مغادرة المقر لمدة يومين على ان اقرأ كل المجلدات التي احضرها الي، وكلها حول ابو اياد بالاضافة الى ان نعيم كان يتردد يومياً الى الغرفة ويسمعني ان زوجة الشهيد يعنى بها والجريح يلقى دون ان يكترث به احد والفلوس تنفق على ناس وناس، فأصبحت مثل بالع موس بحدين، خصوصاً لإقتناعي بأن تنظيم ابو نضال يستطيع ان يفعل أي شيء، مثال: في يوم تخلفت عن كتابة التقرير اليومي واذ نعيم يقول لي اين التقرير اليومي يا رفيق، فقلت له لم اكتبه، قال بلاش كتبناه عنك. ومرة ثانية في السابق قال لي عيسى لماذا لم تقدم التقرير اليومي الخطي اجبته لم اكتبه لأن مخي تعبان اليوم شويه... وبعدما ارتاح قليلاً اكتبه، اجاب لا خلاص نحن كتبناه عنك، ومرة ثانية سهوت في تقرير المتابعة اليومي ان اكتب انني اشتريت بعض المواد الخاصة بيّ للتسلية، وعندما قدمت هذا التقرير لعيسى قال لي ان تقريرك ناقص يا رفيق، فقلت كيف؟ اجاب أثناء سيرك في الطريق اشتريت بعض الاغراض لتسليتك ولم تذكرها بالتقرير، عندها تأكدت انني مراقب وتثبت من قصدهم انهم يراقبون تحركات كل الناس. كذلك ان نعيم بأسلوبه الحازم يركز على وجوب تنفيذ العملية المرشح لها، وفي كل مرة كان يعيد على مسامعي البذخ واللعب بالفلوس والزنا بنساء الشهداء وعدم الاكتراث بالمناضلين الجرحى ومن هذه التعبئة الحاقدة يومياً اصبحت في حالة صحية ونفسية سيئة للغاية حيث نقص وزني واصبحت افكر بالهرب، ثم راجعت نفسي خشية اتهامي انني سرقت ارشيفهم وبالتالي سينفذوا بأهلي وأصبحت اعيش شبه ضائع، خصوصاً أن نعيم يتردد يومياً لغرفتي ويكرر تعبئته لي حول النهج العرفاتي ومساوئه... واصبحت اقارن بين مأساتي ودمار أهلي في حال عدم التنفيذ واذا نفذت فأنني اتسبب في مأساة ودمار عائلة اخرى لكن حبي لأهلي فضلته وأخترت ان انفذ ما كلفت به. في اللقاء المطول السابع الذي حدث بيني وبين نعيم في غرفتي بالمقر وكان ذلك في شهر 12/1989، وضع لي نعيم خطة للرجوع الى ابو الهول والعودة لحركة فتح وطلب مني التردد لمكتب المنظمة للتعرف عن مجيء اي من قادة فتح الى ليبيا، خصوصاً الاخ ابو الهول وقال لي: يتردد لبيت الاخ ابو الهول العديد من القادة وبامكانك تنفيذ قتل ابو اياد عند حضوره لبيت ابو الهول، خصوصاً عندما تعين حرس في بيت ابو الهول، وطلب مني بذل أقصى جهودي للعودة الى الحركة من خلال الاخ ابو الهول والعمل كحراسات في بيته، واستمرت هذه التعبئة حوالي اربعة أشهر مركزة حيث كان يوضح لي مكان بيت ابو الهول الجديد في المرسى، فقلت البيت الذي خدمت فيه سابقاً ليس كما تصفه، فأجاب بيت ابو الهول الحالي يقع في قرطاج وللدار بابين خلفي ورئيسي والحراسات الليلية على البابين وتوجد حديقة في الداخل بمنتصفها وعلى الممر تقف سياراته الخاصة واعطاني وصف كامل لبيت ابو الهول الحالي. في اواخر شهر 4/1990 حضر الاخ ابو عمار والاخ ابو الهول الى ليبيا لحضور احتفالات "القرضابية" وايضاً لإحياء مناسبة ذكرى استشهاد الاخ ابو جهاد والتي اقيمت في قاعة الشعب، وفعلاً ذهبت الى القاعة وشاهدت الاخ ابو الهول والاخ ابو عمار وكانا جالسين على المنصة، في اليوم التالي وبعدما اعلمت نعيم بأن ابو الهول في طرابلس، ذهبت الى مكتب المنظمة وسألت حارس المكتب الذي كان يجلس خلف طاولة الاستقبال عن مكان اقامة الاخ ابو الهول فأجات الحارس، ويدعى سامي، الاخ ابو الهول مقيم في الفندق الكبير ومعه في الفندق نفسه الاخ عبدالله والاخت ام جهاد، فذهبت الى الفندق المذكور حيث قابلت على بابه الاخ ابو عرب وبعدما سلمت عليه حيث يعرفني عندما كان مرافقاً للاخ ابو الهول، وكنت حينها أعمل بحراسات مكتب الأخ أبو الهول فسألته عن أبو الهول، فأجاب: هو في غرفته بالطابق الثالث فصعدت للطابق المذكور وقابلت مسؤول مرافقي الاخ ابو الهول احمد ... ومعه مسؤول امن المكتب الاخ وائل ... بالغرفة المقابلة لغرفة الاخ ابو الهول وسلمت على احمد الذي يعرفني من السابق حيث كنت اخدم واياه لدى الاخ ابو الهول عام 1986 وقال وينك انت؟ اجبته والله في هذه البلاد واريد ان اقابل الاخ ابو الهول طالبا منه ان يعيدني للعمل، فأجابني احمد: الاخ ابو الهول مش فاضي اليوم وترجع بكرة، فغادرت الفندق الى المقر وقابلت نعيم واخبرته انني ذهبت الى الفندق وقابلت المرافقين ابو عرب واحمد والزلمة مشغول واقصد ابو الهول، فقال لي نعيم عليك ان تتحدث لابو الهول بقصة مقنعة ليوافق على اعادتك للحركة والعمل عنده كحراسات وهل وضعت في مخك اية قصة تبرر فيها المدة التي غبتها؟ قلت كنت سأروي امام ابو الهول انني اقمت في بولندا وطردت منها الى يوغوسلافيا ولعدم تمكني من العيش فيها حضرت الى ليبيا وها انا اعمل بها، قال نعيم وكيف ستبرر انك امضيت مدة طويلة في بولندا وعشت فيها ولم تستطع العيش والبقاء في يوغوسلافيا، خصوصاً أن هواري في بلغراد وتابع قوله عليك ان تحفظ قصة وتسردها امام ابو الهول ليصدقك، ومثال طردك من يوغوسلافيا، اليوغسلاف لا يطردون وإنما عليك ان تقول عملت مع عصابة يوغوسلافية لتزوير الدينارات والدولارات واختلفت مع اليوغوسلاف الذين اتعامل معهم حيث قمت بسرقة احدهم وخفت على نفسك منهم فاضطررت للهروب من يوغوسلافيا الى ليبيا ولكون الاخيرة لا تطلب تأشيرة للمسافر اليها، وهنا قلت لنعيم، احمد اقتنع بروايتي وتأكد انني محبط حالياً وأكيد سينقل شعوره بحالتي السيئة الى الاخ ابو الهول. بعد هذه الجلسة وفي اليوم التالي صباحاً ذهبت الى الفندق حاملاً برأسي الرواية التي ساعدني نعيم على تأليفها لأسردها أمام ابو الهول، عند وصولي صعدت للطابق الثالث وقابلت احمد الذي قال لي ها هو ابو الهول في الداخل معه عبدالله ... فطرقت الباب ودخلت للغرفة الكائنة في نهاية الكاريدور بجهة اليسار حيث كانت غرفة احمد على الجهة اليمنى، في داخل الغرفة سلمت على الاخ ابو الهول وتباوسنا ثم جلست وقلت اخ ابو الهول انا بدي ارجع وبدي اعيد علاقتي وانا اخطأت في السابق بهروبي من عندك وانني على استعداد لتلقي اية عقوبة تفرضها علي وانا مستعد لأية محاكمة وان تحاسبني على اي قصور سابق ارتكبته واتمنى ان تقبل عودتي ثاني مرة لعندك، لم احدث الاخ ابو الهول عن الاماكن والبلدان التي تنقلت وعشت فيها، حيث اختصر الاخ ابو الهول الجلسة قائلاً اذهب لاحمد واحكي له الذي حصل معك، وبعدها خرجت وجلست مع احمد وحكيت له القصة الوهمية وطردي من بولندا الى يوغوسلافيا وهروبي من المافيا الى ليبيا وانني كنت اريد الهجرة الى استراليا، أي حكيت له القصة التي ساعدني بتأليفها نعيم وبقيت مع احمد الى المساء، استأذنت وغادرت الفندق الى المقر حيث قابلت نعيم وقدمت له تقريراً عن مقابلتي لأبو الهول وسردي القصة الوهمية لأحمد واعلمته ان هناك شبه موافقة مبدئية من ابو الهول على اعادتي للعمل عنده فأرتاح نعيم لما حدث معي وقال هذا جيد وفي اليوم التالي ذهبت الى الفندق واقمت مع احمد في غرفته ليلتين بالفندق الكبير، وفي يوم السفر قال الاخ ابو الهول لوائل اقطع تذكرة لحمزة ليسافر الى تونس وعند نزول الاخ ابو الهول رافقته إلى باب الفندق حيث بوسني قبل سفره قائلاً لا تنسى يا حمزة أن تأتي الى تونس واجبته انا بأمرك. وسافر ابو الهول وانا عدت الى المقر حيث قابلت نعيم واخبرته ان الاخ ابو الهول وافق على اعادتي وعملي كحراسات في بيته، وابو الهول اوصى وائل ان يقطع لي تذكرة سفر كذلك اوصاني بالتردد لمكتب المنظمة للتثبت ان اسمي قد وضع في تونس لاتمكن من السفر، فإرتاح نعيم لما حدث معي وللنتائج الجيدة التي حققتها وطلب مني نعيم ان اتردد لمكتب المنظمة لمتابعة موضوع التذكرة والتأكد من أن اسمي قد وضع لدخول تونس. وفعلاً ترددت للمكتب حيث قابلت وائل الذي اعطاني بتاريخ 7/5/1990 تذكرة سفر باسم شخص اخر من عائلة الغول، وبعدما اتصل بتونس هاتفياً اعلمني انه تم وضع اسمي لدخول تونس، وطلب مني مراجعة شركة الطيران لوضع حجز على التذكرة وفعلاً راجعت شركة الطيران ووضعت حجزاً على التذكرة وكان تاريخ السفر في 14/5/1990، واعلمت وائل بتاريخ الحجز ثم استأذنته وذهبت عائداً الى المقر وقابلت نعيم وقدمت له تقريراً بحصولي على تذكرة سفر وحجزي عليها وان اسمي موضوع في تونس لدخولي اليها، فرد نعيم هذا ممتاز ويعني انك ستسافر الى تونس وتعمل في بيت ابو الهول. في اليوم التالي حضر نعيم وقال بدنا نتقابل مع أبو نضال أجبته ماشي الحال. ومباشرة نزلنا إلى الشارع حيث ركبنا سيارة بيجو كان ينتظرنا بداخلها عيسى وأنا جلست في المقعد الخلفي وقاد السيارة نعيم الذي طلب مني أن أحني نفسي على المقعد الخلفي بحجة أن لا يراني أحد أثناء ركوبي معهم. وسارت السيارة حوالي ثلث ساعة بعدها اوقف نعيم السيارة ونزلنا نحن الثلاثة ودخلنا إلى بناية مسرعين وصعدنا إلى الدرج إلى الطابق الثاني حيث قرع نعيم جرس الشقة الواقعة على الجهة اليسرى وبعدها فتح الباب ودخلنا إلى الصالة فطلب مني نعيم الجلوس على الكنبة الكبيرة وجلس إلى جانبي عيسى. ثم دخل نعيم إلى إحدى الغرف وبعد 3 دقائق خرج وطلب مني اللحاق به لغرفة أخرى بالشقة ودخلنا نحن الثلاثة إلى تلك الغرفة التي كانت تضم صالوناً فخماً يضم كنبة كبيرة وأربعة كنبات صغيرة لون سكني مورد، وبالوسط طاولة زجاجية وبين الكنبة الكبيرة والكنبة الصغيرة طاولة زجاجية وكانت أرض الغرفة مفروشة بسجادة حمراء موردة، وبعد لحظات من دخولنا دخل أبو نضال وهو يلبس بدلة سفاري لون عسكري، متوسط الطول ومعتدل البنية، زلمة كبير بالعمر بالخمسينات، اصلع فوقفنا نحن الثلاثة وتقدم أبو نضال مني وعندما صافحته قال لي: الرفيق أبو نضال. ثم أمرنا بالجلوس وبعد جلوسه جلسنا. ووجه أبو نضال حديثه لي: أنا أحب الشباب عندما نأمرهم بأمر ينفذونه. أجبته: نعم. وتابع: نحن اخترناك لهذه المهمة وبدك تنفذها وأنت الذي يصلح لهذه المهمة وخاصة انك حصلت على موافقة من أبو الهول لإعادتك، وهذا أمر ولازم تنفذه وأمرنا لا تستطيع أن تعفي نفسك منه. أجبته حاضر وماشي الحال. وتابع: أنا مسؤول التنظيم بيدي أن أجعلك وأهلك تتمتعون بحياة سعيدة وإذا تقاعست بيدي أن ادمرك وأهلك، وتأكد أنه ستكون لك الحياة ولأهلك عند نجاحك بالتنفيذ، وكذلك ستكونون سعداء ونحن مش حننساك كتنظيم وأنت عارف أن هؤلاء جماعة عرفات وخصوصاً أبو اياد مطلوب لنا ولازم نصفيه لأن قتله لصالحك ولصالح التنظيم، وأبو اياد هذا خرب التنظيم وهو ضد أي شيء فلسطيني، والاختيار صار عليك ولا تراجع عن هذا الاختيار. ونحن عندنا اسلوب إما أن تعيش أنت وأهلك عيشة سعيدة وخاصة أن أهلك فقراء وتتمنى لهم السعادة أو الدمار يقع عليكم، وتعرف احنا تنظيم ايدينا طويلة وهذه أوامر التنظيم. ثم شرح لي كيفية تنفيذ عملية قتل أبو اياد بقوله: عند حضور أبو اياد لبيت أبو الهول عليك أن تستخدم سلاح الحراسات الذي معك وتطلق النار بغزارة وعن قرب على أبو اياد وتصويب النيران على الجزء الأعلى من جسده وتتأكد من موته. ثم سألني: هل تحسن استخدام السلاح والرماية، أجبته: انني رامٍ جيد وأجيد استخدام السلاح والرماية. فقال ستنجح بالعملية وخاصة انك ستطلق النار على أبو اياد من مسافة قصيرة وبعدما تتأكد من قتل وموت أبو اياد تهرب إلى تونسالمدينة ومباشرة إلى القرى الشمالية التي تقع على حدود تونس - الجزائر شمالاًَ، ونحن كتنظيم نستطيع التقاطك. وطمأنني إذا اعتقلت، فإن التنظيم سينفذ عمليات مقابل استردادي وتخليصي ووعدني بمكافأة وحياة كريمة لي ولأهلي. في هذه الغرفة التي قابلت فيها أبو نضال/ صبري البنا ولمدة حوالي ثلاثة أرباع الساعة كنت أجلس أنا ونعيم على الكنبة الطويلة وكان أبو نضال يجلس على الكنبة الصغيرة المجاورة والتي يفصلني عنها فقط طاولة زجاجية، وعيسى كان جالساً على الكنبة الفردية المجاورة لنعيم، وطيلة ذلك اللقاء لم ينطق عيسى أو نعيم بأية كلمة وفقط كان الحديث دائماً من أبو نضال. في نهاية هذا اللقاء خرج أبو نضال بعد أن سلم عليّ بشدة بكلتا يديه وأمرني بالتنفيذ وعدم التقاعس وكانت لهجته متعصبة وحازمة والتي كانت تغلب كل عباراته معي في ذلك اللقاء. وبعد خروجه خرجت أنا ونعيم وعيسى، وغادرنا الشقة إلى السيارة وبواسطتها ذهبنا إلى المقر حيث دخلت لغرفتي على أن يحظر نعيم لطرفي في اليوم التالي. وفي اليوم التالي حضر نعيم وأعاد إلى مسمعي خطة التنفيذ وقتل أبو اياد والسلاح الذي استخدمه وكيفية اخلاء المكان بعد التنفيذ بالهرب إلى العاصمة تونس ومنها مباشرة إلى القرى الحدودية الشمالية مع الجزائر واقيم في أحد فنادق البلدة التي نسيت اسمها والكائنة في الحدود الشمالية بين الجزائر وتونس، وعلى أن يكون الفندق من الدرجة العالية، وفي الصباح أجلس في أفضل مقهى في البلدة، ومن هنا يصار إلى التقاطي من قبل جماعة أبو نضال الذين يكونوا قد علموا بتنفيذ العملية وقتل ابو اياد وعليّ أن استخدم جواز سفري الأردني المزور باسم عساف جابر المهدي لدخول الجزائر، كما ردد عبارات أبو نضال بأن السعادة ستشملني وأهلي بعد تنفيذ قتل أبو اياد وسيعم الخير على التنظيم وعلى فلسطين وحذرني من التخاذل، لأن التنظيم له أساليبه الخاصة في تدميري وأهلي الذين لن تقوم لهم قائمة. فحاولت أن ادخل اسم عاطف أبوبكر الذي تسبب في شق التنظيم فرد بحزم القرار قرار والأمر أمر وقرار التنظيم أن تنفذ قتل أبو اياد. وكان جافاً وحازماً في حديثه معي، ثم ودعني على أن يعود لي ثانية. وفي اليوم التالي عاد لغرفتي وسلمني مبلغ 850 دولار بعدما وقعت له على وصل استلام. بتاريخ 14/5/1990 ذهبت إلى مطار طرابلس وقابلت الأخ وائل ... الذي عرفني في المطار على علي ... ابن اخو أحمد ... والذي سافر معي إلى تونس للعمل كزميل لي في حراسات بيت أبو الهول. عند وصولنا إلى تونس التحقت بعملي كحراسات في بيت الاخ ابو الهول. وبقيت اترقب مجيء أبو اياد لبيت أبو الهول ومن شهر خمسة إلى شهر عشرة 1990 لم يحضر أبو اياد ولا مرة إلى بيت أبو الهول، ووجدت هذه المدة فرصة لاتخلص من العملية المكلف بتنفيذها، وفي بداية 10/1990 قلت للاخ أبو الهول اريد اجازة إلى ليبيا لمشاهدة اختي التي مضى عليّ اثنا عشر عاماً من دون أن اراها وفرصة أنها حضرت إلى ليبيا وأتمنى الموافقة على أن أسافر لأري اختي، فأعطاني الاخ أبو الهول اجازة لمدة أسبوع وتذكرة سفر اشتراها لي م. ح. وبتاريخ 4/10/1990 غادرت تونس جواً بموجب جواز سفري الأردني المزور باسم عساف جابر المهدي، إلى طرابلس ومن المطار ذهبت مباشرة إلى المقر الكائن في منطقة السويحلي والخاص بجماعة أبو نضال وبعدما طرقت الباب فتح لي المخول باب المقر حيث يعرفني ودخلت لغرفتي السابقة وقابلت نعيم وقدمت له تقريراً عما حدث معي طيلة الخمسة أشهر وأخبرته انني ترقبت خمسة أشهر مجيء أبو اياد إلى بيت أبو الهول، ولم يحضر أبو اياد إلى ذلك البيت وربما لن يحضر، فأجابني نعيم يا أخي شو عرفك مش حيجي الزلمة؟ شو استكثرت خمسة أشهر. فأجبته خطة قتله في بيته فاشلة حيث لا يحضر أبو اياد لبيت أبو الهول، فأجابني بحزم الخطة عليك تنفيذها وكما وضعت. ولماذا لم تنفذ التوصيات بعدم المشاجرة مع أحد في تونس وأنت تشاجرت مع زياد ... وهذا خرق لتعليمات أبو نضال الذي أفهمك بأن تكون مسلكيتك في تونس جيدة وعدم المشاجرة مع أحد حتى لا تكون مشاجرتك مبرراً لطردك من تونس، فأجبته كنت محتداً على ... لارسالهم الالاف من بناتهم للترفيه عن الجنود الأميركيين ... واعتقدت أن زياد .... مصري كونه يتحدث وزوجته باللهجة المصرية، وتابعت وشرحت لنعيم انني أثناء وجودي في تونس تعرفت على تحركات عاطف ومكان سكنه بالمرسى، فأجابني سيبك من عاطف أبوبكر ونحن قادرون على الوصول له في أي وقت نريد ولكن الآن نحن نريد المهم وهو قتل أبو اياد، وصمم نعيم على رجوعي إلى تونس خلال أسبوع. وبقيت طيلة هذه المدة في البيت لا بل المقر، ومرة خرجت إلى صالة فندق البحر المتوسط للتسلية على التلفزيون وأثناء جلوسي سمعت شخصاً جزائرياً يجادل شخصاً تونسياً ففهمت انهما يتحدثان بخصوص جواز سفر ولعدم موافقة التونسي على شراء جواز السفر هذا ترك زميله وخرج فحاول الجزائري الخروج من الفندق فلحقت به وسألته هل كنت تعني انك ستبيع جواز سفر، أجابني بعد تأمل نعم، واتفقت وأياه ان اشتري منه جواز السفر الجزائري بمبلغ 110 دينار ليبي بعدما يضع عليه صورتي وسلمته الصورة، وفي اليوم التالي وبالصالة تسلمت منه الجواز الجزائري وعليه صورتي ودفعت له مبلع 105 دينار بحجة انني لا أملك غيرها، وعندما عدت للسفر أخبرت نعيم بقصة جواز السفر الجزائري وأبرزته أمامه فاستحسن ذلك ودفع لي ثمن الجواز مئة وخمسة دنانير ليبية، وقال إذاً بعدما تنفذ عملية قتل أبو أياد تستخدم الجواز الجزائري لدخول الجزائر بدلاً من جواز سفرك الأردني المزور وبعدها وطيلة تلك المدة من اقامتي في المقر كان يحضر إليّ نعيم ويتكلم بلسان أبو نضال/ صبري البنا محرضاً أياي ومهدداً تارة ومرغباً تارة أخرى. وبتاريخ 11/10/1990 تقريباً غادرت طرابس وعدت إلى تونس حيث سمح لي بالدخول ويكون اسمي موضوع قبل مغادرتي تونس وعدت لعملي كعنصر حراسات في بيت أبو الهول. وكالعادة استمريت أداوم في حراسات بيت الاخ أبو الهول لغاية 14/1/1991 حيث ذهبت عند المغرب لبيت زميلي رمضان .. والذي كنت أتردد إليه باستمرار لحضور نشرة الأخبار على التلفزة حيث لا يوجد في منامتنا تلفزيون. وفي ذلك المساء وفي بيت رمضان شاهدت نشرة الأخبار على التلفزيون وبعد انتهائها خرجت واياه إلى سيارتي نوع اوتوبيانكي وركبت واياه إلى بيت أبو الهول لنقوم بمهمة الحراسة حيث وقتها كان عندنا دوام. اوقفت السيارة بالنزلة الخلفية للبيت كالعادة ثم دخلت من الباب الخلفي وأخذت سلاحي الفردي وكالعادة نصعد إلى حديقة البيت للسلام على الشباب المناوبين. فطلعت إلى حديقة البيت وكانت الساعة حوالي الثامنة والنصف مساءً فشاهدت سيارة سوداء مصفحة فسألت الحارس أمام الباب الرئيسي للبيت وهو علي ... من الزوار عندنا؟ فأجابني بكلام لم أفهمه عندها دخلت إلى غرفة المرافقين المجاورة للباب الرئيسي لأقف إلى جانب علي، وكنت متأكداً من أن الزائر هو ابو اياد وذلك من خلال مرافقيه الذين شاهدتهم في غرفة المرافقة وبقيت انتظره بالخارج قرب مكان توقف السيارات بالممر الداخلي وأترصد خروجه لأطلق عليه الرصاص وانسحب... انتظرت كثيراً حوالي أكثر من ساعتين، لكن أبو اياد لم يخرج وأثناء وقوفي مزح معي علي بقوله شو رأيك اطخ على هذه السيارة ويقصد المرسيدس بزخات من الرصاص مقابل أن تعطيني مخصصك ومهمتك الشهرية وكان وقتها واقفاً إلى جانبنا رمضان وأبو شهاب ...، وحتى لا يشتبهوا بيّ عند سحبي أقسام البندقية قلت لهم يا شباب وين الرش ووين الحبة حبة واضعاً اصبعي على الامان فضحكوا وقال أحدهم على الوسط رش. فصرت اتكتك بالامان واستمريت واقفاً بالممر بعدها ذهب رمضان وأبو شهاب وعاد رمضان ليقول لي أن مهند ... يطلب مني الذهاب اليه والقيام بحراستي على الباب الخلفي، فأجبته انتظر قليلاً وسأكلم الاخ أبو اياد كلمتين "شو صار بقضية فلسطين"، وبقيت واقفاً إلى جانب علي وتململت قائلاً له: ما طلعش الأخ أبو أياد؟ وكنت في داخلي افكر بإمكانية تنفيذ العملية بداخل البيت حيث تكون عملية الانسحاب أقل خطورة فحاولت إلهاء علي بقولي: شايف هذه اللمبة وأقصد المثبتة على مدخل المنزل فيها شورط. واذهب يا علي وقل لهم، وأقصد من بداخل منزل أبو الهول، انه يوجد شورط في اللمبة، فأجابني علي: سيبك وكنت أقصد باختلاقي موضوع الشورط باللمبة حتى إذا شافني علي أطرق باب منزل أبو الهول لا يظن بي، واستغليت دخول علي لغرفة المرافقين المجاورة للباب الرئيسي ورحت إلى باب منزل الاخ أبو الهول وقرعت الجرس وبعدما فتحت الشغالة الفيليبينية الباب دخلت للمنزل ومباشرة إلى الصالة وكان موجوداً الاخ أبو محمد والذي لا اعرفه وأبو اياد وأبو الهول قاعدين وبينهما الطاولة الصغيرة فقلت مساء الخير ووجهت بندقيتي إلى ابو اياد وصببت النار بغزارة باتجاه أبو اياد وأكيد اصيب أبو محمد بطلقاتي في كتفه اليسار والاخ أبو الهول اصيب بطلقاتي عند مروره من أمام مرمى النيران واستمر سائراً على قدميه وخرج من الباب وأنا بعدما تأكدت من موت أبو أياد أسرعت إلى باب المنزل فسمعت صوت المرافقين لا بل الشباب جايين وأنا لا اريد اطلاق النار عليهم فدخلت لداخل المنزل واطلقت صلية على الأرض ثم صعدت الدرج إلى الطابق العلوي لأقفز من باب الفرندة إلى الشارع، وأثناء صعودي الدرج قابلتني أم الهول وابنتها رولا وكانتا يردن النزول فقلت لهن انتظرا ولكونهما أصرتا على النزول أجبرتهما على الصعود وأجلستهما بالغرفة وبعد قليل صعدت الخادمة الاريترية فأجلستها معهن، وإذ بأحمد ... ينادي من تحت يا حمزة انزل قتلتهم فقلت له بدي عاطف أبوبكر ولديّ رسالة شفوية اريد أن أوصلها له وفي داخلي متأكد أن سبب مأساتي وقتل أبو اياد هو عاطف، ثم نادي أحمد: الاخت نادرة موجودة؟ أجبته نعم وقالت هي أنا موجودة يا أحمد وبعد ذلك قال أحمد ليس موجوداً وهنا أبو ثائر، قلت له فليتكلم، وقال أبو ثائر من الأسفل: يا خالي أجبته نادي لي عاطف. قال طيب وراح ولم يعد، رجع أحمد وناداني من الأسفل قلت بدي عاطف، أجاب عاطف ليس موجوداً، قلت: اريد ناس من الداخلية التونسية، وبعدها حضر واحد وناداني من الأسفل قائلاً إنه مسؤول من الداخلية، قلت أريد عاطف، أجابني هذا بالجزائر عندها قلت له وماذا يثبت أنك من الداخلية، قال بطاقة التعريف، قلت اقذفها لي بالأعلى وفعلاً قذفها فوقعت على الدرج، عندها قال انزل طولها فقلت له ابعث واحد من عندك يأخذها واربطها بشيء ثقيل واقذفها لعندي ثانية وفعلاً صعد واحد نازعاً ملابسه من الأعلى وطلب مني الامان، فقلت اصعد وأخذ البطاقة من على الدرج ونزل واعيد قذفها للأعلى باتجاهي، وعندما مسكت بها طلبت أن يقذفوا لي وقيدة وبعدما تثبت من الهوية بإشعال عود الثقاب تأكدت أن صاحبها بلقاسم ... من الداخلية التونسية وبعد ذلك القيت الهوية. وبسبب اصابتي بارهاق نتيجة الوضع وبسبب النعاس قمت بحرق جواز سفري الأردني المزور حتى لا يتفطن أحد لذهابي إلى الفيليبين وحرقت فواتير السيارة وناديت أنا نازل، وفعلاً نزلت إلى الدرج وألقيت بسلاحي والمخزنين حيث تم اعتقالي من قبل الأمن التونسي والذين نقلوني مخفوراً إلى الداخلية التونسية رهن التحقيق وقائع أساسية عندما عرفت الأخ أبو اياد هو الذي يزور أبو الهول في يوم 14/1/1991 من خلال مشاهدتي سيارته المتوقفة في فناء دار أبو الهول وكذلك من خلال مشاهدتي لمرافقي الاخ أبو اياد الذين كانوا يجلسون في غرفة المرافقة، عدت لمكان توقف سيارتي على النزلة المجاورة للباب الخلفي للمنزل وأدرت محركها حيث أعدت توقيفها على مدخل الشارع المؤدي لبيت الاخ أبو الهول وأوقفتها وكانت مقدمتها باتجاه الشارع الرئيسي لاستخدامها عند الهرب بعد تنفيذ قتل أبو اياد. كان بداخل سيارتي مسدس توغاريف سبق أن سرقته في غفلة من أحد مرافقي الأخ أبو الهول وكان المسدس وقتها في خزانة الأسلحة وأخفيت المسدس مدة طويلة منذ سرقته في شهر 8/1990 وقمت بمسح الرقم المدقوق عليه كي لا يتم التعرف عليه في حال ضبطه معي. في شهر 10/1987 نظمني مسؤول المجلس الثوري في بولندا المدعو ناصر ...، وفي شهر 2/1988 الحقت رسمياً بجماعة أبو نضال المجلس الثوري، في شهر 5/1988 وصلت إلى يوغوسلافيا من بولندا بتكليف من مسؤولي التنظيمي في جماعة أبو نضال ناصر ...، وفي يوغوسلافيا كانت علاقتي التنظيمية مع مسؤولي جماعة أبو نضال في بلغراد كمال ... وخليل. كلفني خليل في بداية شهر 7/1988 بمهمة اختبارية إلى اليونان ولمدة أسبوع بحجة الحصول على تأشيرة سفر من السفارة الفيليبينية للسفر إلى الفيليبين. في منتصف شهر 7/1988 زودني مسؤولي التنظيمي في المجلس الثوري خليل بتذكرة سفر إلى الفيليبين لتنفيذ عملية قتل إحدى الشخصيات الصهيونية التي يتوقع حضورها إلى الفيليبين في منتصف شهر 8/1988 واعتقد أن هذه هي مهمة اختبارية وعلى رغم انني بقيت في الفيلبين منذ وصولي إليها في منتصف شهر 7/1988 لغاية 2/2/1989.