سجلت اقتصادات دول منطقة اللجنة الاقتصادية لغرب آسيا "أسكوا" نموا بلغ 5.2 في المئة في عام 2000، وبلغ الناتج المحلي الاجمالي 421 مليار دولار، مقارنة مع 400 مليار دولار عام 1999، ومقارنة مع نتائج العام 1997 الذي كان الافضل بسبب تحسن اسعار النفط، اذ بلغ الناتج المحلي في ذلك العام 384 مليار دولار، يكون الاداء الاقتصادي قد نما خلال الثلاث سنوات الماضية بنحو 37 مليار دولار وبنسبة 9.6 في المئة، وهو معدل جيد يعكس ازدهار اقتصادات معظم الدول العربية. بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي الست، ومصر والاردن وسورية ولبنان واليمن. وتوقعت "اسكوا" ان يرتفع الناتج المحلي الاجمالي لدول المنطقة الى 438 مليار دولار في العام 2001، أي بمعدل نمو 4.04 في المئة. واذا كان ارتفاع اسعار النفط قد ساهم في تحسن اقتصادات دول منطقة "اسكوا"، فما هي مساهمة اقتصاد دول الخليج في ذلك؟ لقد تطور الناتج المحلي الاجمالي للدول الخليجية الست خلال السنوات الاخيرة من 260.4 مليار دولار عام 1997، مسجلا بعض التراجع الى 260.3 مليار دولار عام 1998، ثم ارتفع الى 265.4 مليار عام 1999، وإلى 280.8 مليار عام 2000، ويتوقع ان يرتفع الى نحو 291 مليار دولار في نهاية العام الحالي. ولوحظ ان الناتج الخليجي يشكل 67.6 في المئة من مجموع الناتج لدول المنطقة في عام 1997، ولكن تراجع الى 66.6 في المئة في العام 2000، ثم الى 66.4 في المئة في العام 2001. وتبرز اهمية الاقتصاد السعودي الذي يشكل اكثر من نصف مجموع اقتصادات دول مجلس التعاون الست، وقد بلغت قيمة الناتج المحلي الاجمالي للمملكة عام 2000 نحو 157 مليار دولار، أي نحو 56 في المئة من الناتج الاجمالي لدول المجلس وقيمته 280.8 مليار دولار. سوق العمل ولكن ما هي انعكاسات هذه التطورات الايجابية على سوق العمل العربي؟ وما هي تحديات البطالة؟ استنادا الى مؤشرات واردة في التقرير الاقتصادي العربي الموحد لسنة 2000، يقدر اجمالي القوى العاملة في الدول العربية باكثر من 100 مليون مشتغل، وبنسبة 35.9 في المئة من سكان الوطن العربي. وتوقعت منظمة العمل العربية في دراسة وضعتها تحت عنوان "مشروع برنامج تشغيل الشباب العربي" ان يرتفع هذا الرقم الى 123 مليون عامل عام 2010، ما يعني ان معدلات نمو القوى العاملة اعلى من معدلات النمو السكاني على رغم ان معدلات المساهمة في النشاط الاقتصادي ما تزال متواضعة. ولمحت الدراسة الى ان الداخلين الجدد الى سوق العمل سيزداد حجمهم خلال العقد المقبل الى ثلاثة ملايين ويمثل ذلك اكبر التحديات الاجتماعية للدول العربية اذ يتطلب الابقاء على مستويات البطالة الحالية التي تصل الى حوالي 13 مليون عاطل، استحداث ذلك الحجم 2.5 مليون من الوظائف الجديدة كل عام. وطالب مدير عام منظمة العمل العربية ابراهيم قويدر بتفعيل دور المنظمة في مواجهة هذا الوضع، اضافة الى دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدول العربية والنهوض ببرامج التدريب، والعمل للحد من نسبة البطالة التي وصل معدلها الى 14.3 في المئة، وهي مرشحة للارتفاع بنسبة واحد في المئة سنوياً، مما يكلف الدول العربية 115 مليار دولار. واللافت أن البيانات المتاحة اشارت الى تراجع نسبة العاملين في قطاعي الزراعة والصناعة الى اجمالي القوى العاملة، ففي القطاع الاول تراجعت النسبة من 42 في المئة عام 1985 الى 33 في المئة عام 1998، وفي القطاع الثاني من 26 الى 19 في المئة خلال الفترة ذاتها، وقد تم هذا التراجع لمصلحة قطاعات الخدمات، مع العلم ان هناك اختلافا في نسبة العاملين في هذه القطاعات بين دولة عربية واخرى، ففي قطر مثلاً تستأثر قطاعات الخدمات بنسبة 91 في المئة من القوى العاملة، والاردن 80 في المئة والكويت، 70 في المئة، والسعودية 78 في المئة، والامارات 77 في المئة، وليبيا 74 في المئة، بينما يعمل معظم القوى العاملة في السودان وموريتانيا واليمن في القطاع الزراعي، إذ تبلغ نسبتهم 63 في المئة و53 في المئة من اجمالي القوى العاملة في هذه الدول على التوالي. ولكن تبقى البطالة تمثل احد أهم التحديات الرئيسية في الدول العربية، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتبر دولا مستقبلة للعمالة الوافدة، وتشير بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد الى ان معدل البطالة السافرة في الوطن العربي يتجاوز نسبة 20 في المئة من اجمالي القوى العاملة، ويبلغ نحو 8 في المئة في مصر، و9 في المئة في كل من سورية ولبنان، و15 في المئة في الاردن، و18 في المئة في المغرب، ويتجاوز 20 في المئة في كل من الجزائر وفلسطين واليمن. وتعود ظاهرة البطالة الى عوامل عدة من اهمها ارتفاع معدلات نمو السكان في جميع الدول العربية وعدم تمكن الاقتصادات العربية من خلق فرص عمل كافية تتلاءم مع العرض المتمثل في الاعداد المتزايدة من الداخلين الى سوق العمل، بسبب محدودية القاعدة الانتاجية وضعف الاستثمارات ومعدلات النمو، يضاف الى ذلك الاتجاه نحو تقليص التوظيف في القطاع العام نتيجة تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي والخصخصة، وعدم تمكن القطاع الخاص في المرحلة الانتقالية للخصخصة من استيعاب جزء كبير من الداخلين الى سوق العمل وعدم مواءمة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل. العمالة والانتاجية ولقد تحسن اداء القطاع الصناعي في البلدان العربية بشكل واضح وسجل نموا بلغ 17.1 في المئة في ناتجه الاجمالي ووصل الى 185.3 مليار دولار عام 1999 بالمقارنة مع معدل سالب مقداره نحو 19.2 في المئة في عام 1998 الذي بلغت فيه قيمة الناتج الاجمالي الصناعي نحو 158.2 مليار دولار، ويعكس هذا النمو التحسن الذي طرأ على اسعار النفط، وكذلك نمو الصناعة التحويلية. ووفق بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد، يعمل في القطاع الصناعي نحو 17.6 مليون عامل عام 1999، وهو حجم العمالة نفسه المقدر في السنة السابقة تقريباً. وتشير الدلائل الى ان حجم العمالة الصناعية لم يرتفع في السنوات الاخيرة. ومن اسباب ذلك ان المنشآت الصناعية العربية اصبحت تميل الى استخدام التقنية الحديثة التي تتصف عادة بكثافة رأس المال بدلاً من كثافة العمالة، وان القطاع العام الصناعي في معظم الدول العربية قد تراجع توسعه بسبب تأثيرات الخصخصة، وبالتالي قل توظيف العمالة، كما ان معدلات نمو القطاع الخاص الصناعي لا تزال غير كافية لاستيعاب الفائض القائم او المتوقع من العمالة الصناعية. ويتركز الحجم الاكبر من العاملين في القطاع الصناعي في عدد محدود من الدول العربية، حيث بلغت نسبة العاملين في مصر قرابة 32 في المئة من مجمل العاملين في هذا القطاع بحكم الحجم الكبير للسكان وعدد المنشآت الصناعية فيها، يلي ذلك المغرب، ثم الجزائر، وسورية والعراق بما يجعل العمالة الصناعية في الدول الخمس المذكورة تشكل نحو 72 في المئة من اجمالي العمالة في القطاع الصناعي العربي. ونتج عن ثبات حجم العمالة عند مستوى العام السابق، ونمو قيمة الناتج الصناعي العربي عام 1999، تحسن انتاجية العامل الصناعي بنسبة 17 في المئة، وتعتبر نسبة تحسن الانتاجية هذا العام اعلى من المعدل السلبي المسجل في العام السابق، الا انها لم ترتفع الى مستوى قيمة انتاجية عام 1997. ويؤدي استمرار النمو السكاني بمعدلات مرتفعة مقارنة بالدول الاخرى الى عدم ارتفاع حصة الفرد العربي من القيمة المضافة للقطاع الصناعي في الدول العربية بنفس مستوى الانتاجية. فقد انخفضت حصة الفرد العربي من الصناعة من نحو 767 دولاراً للفرد عام 1997، بالاسعار الجارية، الى نحو 675 دولاراً عام 1999. وفي المقابل، ارتفعت حصة الفرد العربي من الصناعة الاستخراجية الى نحو 417 دولاراً للفرد عام 1999، أي بنسبة كبيرة بلغت نحو 22.6 في المئة عن العام السابق بسبب تحسن عائدات الصادرات النفطية، ولكنها لا تزال اقل من الحصة المسجلة عام 1997. اما حصته من الصناعة التحويلية فقد بلغت 258 دولاراً للفرد، بارتفاع نسبته 2.8 في المئة، ويعود ذلك الى ان معدل النمو السكاني قد استهلك معظم نمو الصناعة التجولية عام 1999. وهذا مؤشر آخر على ضعف دور الصناعة التحويلية في الاقتصاد العربي في نهاية القرن العشرين. اما عند مقارنة انتاجية العامل في الصناعة العربية مع مثيلتها في الدول الاخرى بالبيانات المتوفرة عنها عن عام 1998، يتبين انها تعادل نحو 37 في المئة من انتاجية العامل الصناعي في كوريا، ونحو سدس انتاجية العامل الصناعي في كل من الولاياتالمتحدة وفرنسا والمانيا. ويلاحظ انخفاض انتاجية العامل في بعض الدول العربية غير النفطية مثل مصر وتونس بما لا يتعدى 7 في المئة من انتاجية العامل الصناعي في أي من المانيا وفرنسا والولايات المتحدة