ارتبطت مصطلحات "الإرهاب" و"التطرف" و"الأصولية"، منذ شيوعها في الاستخدام الاعلامي والخطاب السياسي، خلال العقد الماضي، بمنطقة القرن الإفريقي التي شهدت تدفق عدد كبير من "الأفغان العرب"، بعدما وضعت الحرب الأفغانية ضد الغزو السوفياتي أوزارها. وساد إعتقاد بأن الجماعات الإسلامية التي ترعي "الأفغان العرب" كان لديها مشروع تطمح إلى تعميمه على دول المنطقة. وترجح التقديرات أن عدد "افغان القرن الافريقي" يبلغ حوالي 8 آلاف. انصهر 4 آلاف منهم في مجتمعات المنطقة. ومعظم هؤلاء من طلبة وموظفين سابقين في دول الخليج، توجهوا الى افغانستان للمشاركة في الجهاد، ولم يعودوا إلى أوطانهم، بل الى الصومال والسودان. عقد "الأفغان العرب" الذين وصلوا الى الصومال اجتماعات عدة في مقديشو، تمخض عنها إنشاء جبهة عريضة للعمل على إقامة دولة إسلامية كبرى في القرن الأفريقي. ونشط تنظيم "الاتحاد الإسلامي" الذي دخل في حرب مع إثيوبيا في جمع شمل "أفغان القرن الافريقي"، غير أن اتهام الجماعات الإسلامية بمحاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك العام 1995 في أديس أبابا، غيّر اتجاه الرياح بما لا تشتهيه سفن الجماعات الإسلامية. وكان تحرك هذه الجماعات، قبل محاولة الاغتيال يثير قلق الولاياتالمتحدة والغرب. وبرز بشكل خاص الدكتور أيمن الظواهري زعيم تنظيم "الجهاد" المصري الذي ورد اسمه في التحقيق مع المتهمين الذين ألقي القبض عليهم إثر المحاولة في العاصمة الأثيوبية. وكانت "الوسط" المجلة الوحيدة التي تمكنت من الإلتقاء بالمتهمين الثلاثة الذين حكم عليهم بالإعدام، ومنذ ذلك الوقت فتحت ملفات "افغان القرن الافريقي" العرب. وأفادت تقارير أمنية آنذاك ان عددا كبيرا من "الأفغان العرب" عبروا السودان، حيث كان يقيم اسامة بن لادن، إلى الصومال، بالتنسيق مع قوات الجنرال الراحل محمد فارح عيديد. كانت الحرب الأهلية الصومالية في ذروتها. وكانت القوات الأميركية والدولية تخوض حرب مدن ضد ميلشيا عيديد، الذي نجح في تعبئة الرأي العام المحلي ضد التدخل الأميركي في بلاده. واعتبر ذلك انتهاكاً للسيادة الوطنية، فالتف حوله الصوماليون لمقاتلة أميركا والقوات المتعددة الجنسيات، صيف 1993. وحسب افادات شهود في مقديشو، فإن "الأفغان العرب" شاركوا في القتال ضد الأميركيين، جنبا إلى جنب قوات التحالف الصومالي الذي كان يقوده عيديد الأب. واستطاعوا ان يهزموا القوات الأميركية ويجبروها على الانسحاب، وذلك لخبرتهم الطويلة، والتدريب المكثف والمهارات القتالية التي يتميزون بها. ونجحوا أيضاً في تعبئة الصوماليين ضد الأميركيين، باعتبارهم مستعمرين. وكان عدد من الخبراء الأميركيين وجنود القوات الخاصة التي تعرف ب"الرينجرز" كلفوا القبض على الجنرال عيديد، غير أنهم وجدوا أنفسهم في مواجهة مقاتلين أشداء يمتلكون قدرات قتالية عالية. وذكر الجنود الاميركيون انهم "واجهوا قوات خاصة من نوع آخر في مقديشو"، في إشارة إلى "الأفغان العرب". وقال محللون غربيون ان القوات الأميركية والدولية كانت تمسك بزمام المبادرة في المواجهة مع قوات عيديد، بل شارفت على النجاح في إنجاز مهمتها، الا ان مشاركة "الأفغان العرب" في تلك الحرب، وما أبدوه من تفوق على القوات المهاجمة، أدى إلى إلحاق الهزيمة بها، بعدما خسرت عدداً من مروحياتها الهجومية التي أسقطها مقاتلو التحالف الصومالي، الى جانب عدد من الدبابات والعربات المدرعة التي دمرت، ولا يزال حطامها شاهداً على تلك الهزيمة التاريخية لأميركا في الصومال، ما أدى الى إنسحاب القوات الأميركية من المستنقع الصومالي قبل ان تتزايد الخسائر في صفوفها. منذ ذلك الوقت انصهر "الأفغان العرب" في المجتمع الصومالي وبدأوا تنظيم قواعدهم، مستفيدين من غياب الحكومة المركزية في الصومال، خصوصاً العاصمة التي أضحت تحت سيطرة الاسلاميين ممثلين في ثلاث مجموعات رئيسية، هي: - "الاتحاد الإسلامي الصومالي" ونشاطه محدود. - "الاصلاح"، ويركز على العمل السياسي، ويمارس نشاطاً في المجالات التعليمية والإعلامية. - "المحاكم الشرعية" التي تعتبر القوة المؤثرة في الصومال، وتعتمد على القاعدة القبلية. وقد استطاعت أن تملأ الفراغ الناجم عن غياب الدولة، خصوصاً في مجالات القضاء والتجارة والمؤسسات التعليمية، وتعتبر العمود الفقري للدول الصومالية. وتقلص نشاط "الاتحاد الاسلامي الصومالي" في السنوات الأخيرة، وكان حليفاً سابقاً لعيديد، جمعتهما العداوة لإثيوبيا، الى حين انعقاد "مؤتمر عرتا" للمصالحة الصومالية الذي قلب الموازين: فقد انقلب عيديد ليتحالف مع إثيوبيا والإسلاميين من مؤيدي "المحاكم الشرعية" و"الاصلاح" ومعظم التنظيمات الاسلامية ذات المرجعية السلفية. اما "الاصلاح"، ومرجعيتهم تنظيم "الإخوان المسلمين" فقد انصهروا في الواقع الصومالي وقويت شوكتهم حتى كادوا ان يقلبوا الكراسي على رؤوس قادة الحرب، بعد فشل اتفاقيتي القاهرة وسودري، إلا ان مؤتمر عرتا خلط الأوراق واجل مشروعاً إسلامياً لتشكيل حكومة معتدلة تجمع الاسلاميين والعلمانيين. غير ان المراقبين يعتقدون بأن "الأفغان العرب"، نجحوا بمساعدة المنظمات الإسلامية الصومالية في تأسيس المحاكم الإسلامية الخاصة في الصومال التي كانت تعتبر أعلى سلطة في البلاد، وكانت تساهم بقدر كبير في تسير أعمال القضاء وسن القوانين في غياب الدولة، كما أن علاقاتها الوطيدة بأئمة المساجد كان لها الأثر الأكبر في تعزيز نفوذها الاجتماعي، ساعد في ذلك أن نسبة المسلمين في الصومال تصل الى 100 في المئة من سكان البلاد. وكانت ل "الاتحاد الصومالي الإسلامي"، الذي اتهمته الولاياتالمتحدة بأنه من التنظيمات الإرهابية، صلة وثيقة بتنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن. وكان الاتحاد يخوض آنذاك حرباً ضد أثيوبيا في الناحية الشرقية من حدودها. وأكدت الحكومة الإثيوبية أخيرا أنها عثرت على جثث عدد كبير من "الأفغان العرب"، إثر إحدى المعارك التي خاضتها ضد جماعة "الاتحاد الإسلامي" الذي تقول إثيوبيا انه نفذ سلسلة من العمليات الإرهابية ضد بلادها، وهو ما يؤكد ضلوع "الأفغان العرب" في تلك الحرب. وكانت إريتريا الدولة الأولى في القرن الإفريقي التي بدأت مكافحة تمدد نشاط الجماعات الإسلامية في المنطقة حسب تأكيدات الرئيس اسياس افورقي. وكانت القوات الإريترية الخاصة تحارب تنظيم "الاتحاد الإسلامي الصومالي" الذي كان يخوض حرب عصابات في الناحية الشرقية الإثيوبيا. وتعتبر القوات الاريترية اول من اخترق الأراضي الصومالية لمطاردة عناصر الاتحاد الإسلامي الصومالي، في اول تنسيق أمنى بين اسمرة وأديس أبابا قبل تدهور العلاقات بينهما. وكانت الاستخبارات الإريترية تخوض حرباً ضد "الأفغان العرب" المتحالفين مع الاتحاد الاسلامي الصومالي. واتهمت الحكومة الإريترية السودان مراراً ب "تصدير" متطرفين إليها، وهو ما أدى في النهاية الي قطع العلاقة الديبلوماسية بين الخرطوم وأسمرة. غير أن الحركات الإسلامية التي كانت حريصة على نقل نشاطها الى اريتريا، وهي "حركة الجهاد الإسلامي الإريتري" و "حركة الخلاص" وجماعات صغيرة، هي أصلاً تنظيمات إريترية ذات بعد وطني. وبعد خروج القوات الأميركية من الصومال، شهدت منطقة القرن الأفريقي اول مواجهة مع أميركا، حين أعلنت واشنطن الحرب على "الجبهة الإسلامية القومية" الحاكمة في السودان، في 1997، تعرض إثرها السودان إلى حرب تدار بالوكالة، من خلال دول جواره، خصوصاً يوغندا وإريتريا. ولا تزال علاقة السودان معهما تتأرجح، على رغم تأكيد الأطراف الثلاثة تجاوز الأزمة. وهكذا اندلعت حرب ضروس ضد الخرطوم، وسقطت مدينة تلو أخرى في الجنوب والجنوب الشرقي والشرق. وتبنت أميركا المعارضة لإسقاط النظام في الخرطوم، وأنفقت على خصوم النظام السوداني بسخاء، واعتبرت واشنطنالخرطوم مأوى للإرهاب، بسبب استضافتها ابن لادن الذي قالت إنه بنى شبكة إرهابية كبيرة قد يستغرق القضاء عليها سنوات. كان طبيعياً أن تلقي أحداث 11 أيلول سبتمبر بظلالها على القرن الأفريقي، المتهم بتفريخ الجماعات الإسلامية التي تعادي الهيمنة الأميركية. فقد سارعت واشنطن إلى إقامة تحالف امني مع كينيا وإثيوبيا وإريتريا والصومال والسودان ويوغندا. ووضعت "الاتحاد الإسلامي الصومالي" و"منظمة الرحمة للإغاثة" في لائحة التنظيمات الإرهابية. وتقول واشنطن إن لديها معلومات دقيقة تؤكد صلة تلك التنظيمات ب "القاعدة". وعلى رغم أن الخرطوم ومقديشو ونيروبي انضمت إلى التحالف مع أميركا ضد الإرهاب، فأن القوى الشعبية والإسلامية في هذه البلدان من خلال المظاهرات الشعبية اتخذت موقفاً مناهضاً للسياسات الأميركية، وأكدت دعمها للجهاد الأفغاني والفلسطيني. وعلى رغم أن لا أحد يعلم ما ستسفر عنه الحملة العسكرية الأميركية ضد أفغانستان، فأن بقاء ابن لادن بطلاً في نظر تلك القوى الشعبية بات شبه مؤكد. وهكذا تحول المطلوب الاول بطلاً في مجاهل أفريقيا! موانىء اريتريا وثمة همس متزايد عن نية أميركا في بدء المرحلة الثانية من حملتها على الارهاب بشن هجمات خاطفة على معاقل الاسلاميين في الصومال والسودان. عززته الأنباء التي أكدت وصول بوارج أميركية وبريطانية الى الموانئ الإريترية، في وقت رفعت فيه القوات الفرنسية الموجودة في جيبوتي استعداداتها، وكثفت طلعاتها وتحركاتها، فيما رحبت اسمرا واديس أبابا ونيروبي بالتعاون مع الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب. وقد اتصل الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش برئيس وزراء إثيوبيا ملس زيناوي وتبادلا وجهات النظر في شأن محاربة الإرهاب. وأكدت إثيوبيا مساندتها للتحالف ضد الإرهاب. وأجرى بوش اتصالاً مماثلاً مع الرئيس الكيني دانيال أراب موي الذي أعلن مساندة بلاده المطلقة للولايات المتحدة. وتلقى الرئيس الاريتري أفورقي رسالة خطية من نظيره الأميركي، وكشف السفير الأميركي لدى إريتريا رونالد كوبنت عن تعاون بين الجانبين لمكافحة الإرهاب، في إطار سياسة الطوق التي تفرضها أميركا وبريطانيا على الممرات الحيوية في البحر الأحمر. ويربط المراقبون في القرن الأفريقي الاهتمام الأميركي بالمنطقة الذي تزامن مع التكهنات بانتقال المواجهات إلى المنطقة حيث يوجد عدد من المنظمات الإسلامية التي وضعتها واشنطن في قائمة الإرهاب. ويعتقد المحللون السياسيون في المنطقة أن اتصالات الرئيس الأميركي مع نيروبي واسمره وأديس أبابا كانت خاتمة لإكمال التحالف الجديد المناوئ للإرهاب في القرن الأفريقي، مما ينبئ عن الدور الذي من المحتمل أن تقوم به الدول المتحالفة مع أميركا في هذه المنطقة التي تلقت فيها واشنطن ضربات موجعة خلال العقد الماضي. وتوقعت تلك الأوساط أن تلعب إريتريا دوراً حاسماً في رصد تحركات الأصوليين في البحر وتسهيل مهمة القوات الأميركية والبريطانية. كما ستقوم إريتريا بدور كبير، في تقديم المعلومات الفنية، لتجربتها الطويلة في المنطقة، وتداخلها مع السودان الذي تقول اميركا إن جماعات إسلامية تتحرك داخل حدوده. وستكون العاصمة الكينية نيروبي المركز الرئيسي للاستخبارات والقوات الجوية الأميركية. وستلعب أديس أبابا الدور المحوري والأساسي، إذ يمكنها ان تقوم بمطاردة الجماعات الإسلامية الصومالية حتى العمق الصومالي نظراً إلى خبرتها الطويلة في هذا المنحى. وهي مؤهلة للعب هذا الدور لأنها ترتبط بعلاقات مع الأقاليم الصومالية من خلال حلفاء، مثل كانتون "بونت لاند" في الشمال الشرقي، وكانتون "ارض الصومال" في الشمال، وكانتون "بايداوا" في الجنوب الغربي، ولها نفوذ حتى في داخل مقديشو. ولذلك يتوقع أن تكون إثيوبيا عاملاً حاسماً في محاربة التنظيمات المتهمة بالارهاب في القرن الأفريقي. وكانت أديس أبابا قد دخلت في أربع مواجهات مع "الاتحاد الإسلامي الصومالي". اما اريتريا فيمكن ان تلعب دوراً أساسياً في محاربة أي تنظيمات إرهابية تحددها اميركا في السودان واليمن، نظراً إلى التداخلات التقليدية لإريتريا مع هاتين الدولتين، سواء عبر البحر أم من البر والجو. وكانت الحكومة الاريترية خلال شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي اصدرت بياناً يندد بالارهاب، أبدت فيه رغبتها في التعاون مع الولاياتالمتحدة. وأعلن الرئيس أفورقي الحرب على الارهاب، واعطى تلميحات الى السودان تحتمل الكثير من المضامين. وعززت التكهنات في شأن ضربة أميركية مرتقبة للصومال، قرار الولاياتالمتحدة تجميد أرصدة مجموعة "بنك البركات"، وإغلاق شبكة الاتصالات الخاصة به. وتزامن ذلك مع جولة قام بها مساعد وزير الدفاع الأميركي مايك وستفل شملت إثيوبيا وإريتريا وجيبوتيوكينيا، حيث التقى قادة دول المنطقة الذين جددوا وقوفهم مع واشنطن في محاربة الإرهاب. وسارعت الحكومة الصومالية الى نفي وجود معسكرات للإرهابيين في الصومال، وأعلنت انضمامها الى التحالف الدولي ضد الإرهاب. مؤسسات صومالية وفي إطار الصراع القبلي استغلت أكثر من جهة الأزمة الجديدة ليتهم كل طرف منها الأخر بالإرهاب. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الأسباب والدوافع التي دفعت أميركا لوضع تنظيمات ومؤسسات صومالية على قائمة الإرهاب؟ وماذا يمكن أن يفعل الصوماليون والسياسة العقابية لا مفر منها والمخارج أضحت محدودة، والاتهامات عبر إمبراطورية الإعلام الأميركي والغربي موجهة إلى الصوماليين؟ وتعتبر مؤسسة "البركات" للصرافة والاتصالات من أكبر الشركات الصومالية في مجال التحويلات المالية والاتصالات. ويتولى رئاستها أحمد نور جمعالي الذي ينتمي إلى قبيلة الهوية. وكان موظفا في "سيتي بنك". ويعتبر أحد رواد تأسيس وتطوير العمل المالي والمصرفي في الصومال خلال السنوات التي غابت فيها الدولة. وتمكن من إنشاء أول مصرف متطور ربط المهاجرين الصوماليين بذويهم أينما وجدوا، وتمكن من إيجاد قوائم لكل الصوماليين لتسهيل مهمة وصول الحوالات المالية. وبعدما تمكن من ملء الفراغ المصرفي في الصومال في ظل انهيار الدولة، ربط كل مهاجري القرن الأفريقي بالمنطقة عبر شبكات اتصال متطورة. أحمد نور جمعالي وفي تصريحات خاصة ل "الوسط" قال جمعالي، من مقر إقامته في دولة الإمارات، إن فكرة البنك بدأت بعد انهيار الدولة الصومالية، وإن ملايين من الصوماليين هاجروا إلى مختلف إنحاء العالم وانعدمت وسيلة التحويلات وعجز الصوماليون عن مساعدة ذويهم. وأضاف أن التحويلات بدأت عن طريق أفراد، وساهمت في حل المشكلة في حينها. "لكن الملايين من الصوماليين هاجروا إلى كينيا وإثيوبيا واليمن وهناك من تقطعت بهم السبل في القارات الخمس. وأي تحويلات كانت فيها صعوبة، فهم كانوا مهاجرين غير شرعيين، لذلك فكرنا في طريقة جديدة لمساعدتهم في غياب الدولة المركزية في بلادهم". وذكر جمعالي أن الخطوة الأولى تمثلت في اختيار ممثل للشركة في مناطق تجمعات الصوماليين، "ونجحنا في حل مشكلة التحويلات في كل منطقة توجد فيها جالية صومالية. كنا نأخذ خمسة دولارات عمولة عن كل 100 دولار نقوم بتحويلها. وأصبحت تلك العمولة قاعدة التعامل. وكانت التحويلات تتم بالفاكس في البداية، ثم تطورت المسألة بعد أن نقل المركز فرعه الرئيسي في دبي لأكثر من 40 مكتب ربط عبر شبكة الكمبيوتر. وصارت كل المبالغ تحول إلى المركز الرئيسي في دبي لتحولها بدوره إلى المكاتب الفرعية". وأضاف أن البنك أدخل الكمبيوتر في مكتبه الرئيسي في مقديشو، "فتحنا قسماً لحسابات العملاء، وتمكنا من حماية الأموال في ظل غياب الدولة وعمليات السلب والنهب. واتخذ البنك الجانب المصرفي بشكل مهني، بعيداً عن الصراعات القبلية، وكانت خدماته متاحة لكل الأقاليم الصومالية.بل انه يعطي قروضاً مباشرة للتجار الصوماليين لشراء بضائع، ليساهم بذلك في إنعاش الاقتصاد الصومالي. وتم تحويل البنك إلى شركة مساهمة، ورأس ماله يتكون من المساهمين من رجال الأعمال الصوماليين. وأنشأت الشركة قسماً للتحويلات يغطي كل أرجاء الصومال، ومددت خطوط الهاتف مجاناً في كل المناطق التي وصلت إليها". ووصف جمعالي القرار الأميركي في شأن البنك والشركة بأنه جائر. وقال إن هذه الأموال هي أموال المساهمين، وان نتائج القرار الأميركي ستكون عكسية وخطيرة على مستوى الصومال والدول الأخرى المستفيدة من خدمات "البركات". ونفى بشدة أن يكون قد قابل ابن لادن. وأشار الى أن دولاً عدة رفضت تنفيذ القرار لأنه من دون دليل مادي. وأكد استعداده للتعاون مع أي جهة في هذا الصدد. وسعى الرئيس الصومالي عبد القاسم حسن صلاد الى معالجة أجواء التوتر مع الغرب وأميركا من خلال لقاءات مع السفير الأميركي لدى كينيا جون كرستي، المسؤول عن الملف الصومالي، الذي اتفق مع صلاد على بدء مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق. وتزامن ذلك مع زيارة مديرة دائرة شرق افريقيا في وزارة الخارجية الأميركية لورين موريارتي لكل من جيبوتي وإثيوبيا وكينيا. وأكدت المسؤولة الأميركية دعمها لجهود الدول الثلاث لإيجاد حل للأزمة الصومالية، وتوسيع دائرة المصالحة الصومالية، من خلال التعاون مع الحكومة الانتقالية باعتبارها السلطة الوطنية الوحيدة التي يمكن ان تملأ الفراغ الذي تركه انهيار الدولة في 1991. وتشير التكهنات إلى تفاهم إقليمي ودولي لترتيب الأوضاع في الصومال، وعدم ترك الصومال ليواجه مصيره بمفرده، حتى لا يكون مرتعاً للمنظمات الإرهابية التي أضحت هاجس أميركا ومصدر قلق للدول المجاورة للصومال. ونفى صلاد أي وجود لتنظيم "القاعدة" في أراضي بلاده. وتحدى الجهات المحلية والإقليمية ان تثبت وجود معسكر واحد للإرهابيين في الصومال. غير أن دوائر الاستخبارات الأميركية تؤكد، من حين إلى آخر، أنها رصدت تحركات للجماعات الإسلامية في المنطقة، خصوصاً في العمق الصومالي. وذكرت ان شحنات أسلحة تخص "القاعدة" تم تفريغها في معسكراتها في بعض الأقاليم الصومالية، في مؤشر واضح الى أن استخدام القوة بات الخيار الأميركي الوحيد لضرب التطرف في القرن الافريقي.