فاجأ جاسم بودي، رئيس تحرير صحيفة "الرأي العام"، بدعوته إلى رفع الحصار عن الشعب العراقي في مقال تصدر الصفحة الأولى. وأحدثت الافتتاحية ضجة في الوسط الإعلامي وجلبت ردود فعل واسعة إلى درجة أن الناطق بلسان الخارجية الأميركية علق عليها "بعد أن اطلع على نصها الكامل"، بعد ردود الفعل المرحبة بها التي اعتبرت أن فيها تحولاً بارزاً في الموقف الكويتي على رغم ما احتوته من نقد قاسٍ للنظام العراقي ودعوة إلى استمرار محاصرة مسؤولي النظام وأركانه. غير أن المراقبين في الكويت في صورة عامة يفهمون أن لغة الافتتاحية المتشددة مع العراق كنظام، وإن كان عنوانها ونصها الأغلب يدعو إلى رفع الحظر الاقتصادي، تعبر عن الهاجس الكويتي من النظام العراقي جراء دعواته المتكررة، وتحديداً الأخيرة، لأمور شتى ضد الكويت إلى درجة التهديد بسحب الاعتراف بحدودها، وهو ما أعقب دعوة جاءت من عدي صدام حسين مباشرة وطلبت إضافة الكويت "المدينة" إلى خارطة العراق الكبير. وأضفى المزيد من الإثارة على مقال بودي تصريح للنائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد، أعلن فيه أنه قرأ المقال وكان أول المهنئين لجاسم بودي على ما طرحه. وهكذا بدا أن تحولاً طرأ على سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق، الأمر الذي اقتضى جراء ما تم من "مراجعات" بحسب المصادر السياسية، أن يصدر الشيخ صباح في اليوم التالي توضيحاً يؤكد فيه أن "الافتتاحية تأكيد لمواقف الكويت المعلنة والمتمثلة في الوقوف إلى جانب الشعب العراقي الشقيق في محنته"، مشدداً على أنه "أكثر من يتمنى رفع الحصار عن الشعب العراقي، إلا أن المسؤول عن بقاء أمد هذا الحصار هو النظام العراقي نفسه، وذلك بتقاعسه ومماطلاته في تنفيذ قرارات مجلس الأمن"، متمنياً "أن يغلّب العراق لغة العقل، وينهج الاسلوب الأمثل لوضع حد لمعاناة شعبه ورفع الحصار عنه، لا سيما ما يتعلق منها بقضية الأسرى وإعلان قبول القرار 1284 الذي يمهد الطريق سريعاً نحو رفع الحصار ويفتح المجال أمام عودته إلى الأسرة الدولية". وقال جاسم بودي ل"الوسط" انه لم يقصد استثارة ردود فعل بسبب افتتاحية، بل كان القصد الأساسي إظهار التعاطف مع شعب شقيق جاءه الأذى من نظامه أساساً، فنحن لمسنا أن الحصار استفادت منه النخبة الحاكمة فقط، وارجعوا إلى تقارير الأممالمتحدة التي تحدثت عن قبول بغداد جزءاً يسيراً فقط من المبالغ المخصصة للغذاء والدواء، وتركت المبالغ الباقية في المصارف. وأنا لم ادع إلى رفع العقوبات عن النظام، بل على العكس، إلى تفعيلها". واضاف بودي: "لسنا نحن الجهة المخوّلة رفع الحصار. ولسنا نحن في الكويت سبب الحصار، الذي هو موضوع بين الأممالمتحدةوالعراق".