يظهر الإعداد لانتخابات المجالس المحلية والاستفتاء على التعديلات الدستورية واسعاً ودقيقاً من جانب السلطة وحزبها المؤتمر الشعبي العام، ضمن برنامج استوعب كبار القادة والمسؤولين في حزب المؤتمر والحكومة ثم توزيعهم على المناطق والمحافظات اليمنية للاشراف والمتابعة خارج لجان الانتخابات المحددة من قبل اللجنة العليا للانتخابات وتشكيل وفحص قوائم المرشحين والدفع بهم نحو الفوز بكل الوسائل المتاحة، الى جانب اللقاءات التي يعقدها هؤلاء القادة والمسؤولون مع الناخبين. وتعطي أحزاب المعارضة اهتماماً خاصاً بالانتخابات والاستفتاء لانجاح مرشحيها وافشال التعديلات عن طريق تحريض الناخبين على التصويت ضدها، ومن ثم يجري التنافس والسباق على أشده بين السلطة وأحزاب المعارضة الخمسة وفي مقدمها الحزب الاشتراكي اليمني. وفي نطاق ما يعرف ب"لعبة الانتخابات" يظهر المرشحون المستقلون وحجمهم لم يتحدد بعد، باعداد غير قليلة اذ يتخللهم مرشحون حزبيون يستعدون لخوض المعركة بوصفهم مستقلين، وهذه احدى التهم التى توجهها المعارضة الى حزب المؤتمر بأنه يدفع بمرشحيه في شرائح ثلاث، هي الى جانب اعضائه، شريحتا المستقلين واعضاء بعض احزاب المعارضة الموالية له. وتلتقي احزاب كتلة مجلس التنسيق الاعلى للمعارضة الخمسة مع التجمع اليمني للاصلاح الذي يرأسه الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رئيس مجلس النواب في اتهام اللجنة العليا للانتخابات بالتحيز للمؤتمر الشعبي العام . واكد الاشتراكيون انها اثبتت عدم حياديتها وانها تنحاز الى الحزب الحاكم. وتمارس مع الحزب الاشتراكي اساليب ملتوية لعرقلة مشاركته في الاستفتاء والانتخابات، بحسب رسالة وجهها علي صالح عباد مقبل امين عام "الاشتراكي" الى رئيس اللجنة العليا. ونسب قادة في "الاشتراكي" الى اللجنة ان رئيسها واعضاءها القياديين" اعطوا حزب المؤتمر الحصة الكبرى من عدد اعضاء اللجان، واختاروا لممثليه في اللجان المناطق ذات الاهمية والكثافة السكانية الكبيرة، في الوقت نفسه ابعدوا ممثلي الاشتراكي الى مناطق نائية ولم يعطوه الحصة التي يستحقها، طبقاً لجار الله عمر عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الذي اعرب ل"الوسط" عن مخاوفه من "تأثير هذا الانحياز مستقبلاً، وهي التهمة نفسها التي يوجهها قادة حزب الاصلاح الى اللجنة العليا، بتحيزها للحزب الحاكم وانتقاص حزبهم عما يستحقه من الاعضاء في اللجان بينما، شكلت لجان فرعية من اعضاء الحزب الحاكم فقط ما يثبت انحيازها الكامل"، حسبما جاء في تصريح لرئيس الدائرة السياسية في الاصلاح محمد قحطان. ويشتد الخلاف بين السلطة وهذه الاحزاب كلما اقترب موعد الانتخابات المحلية والاستفتاء 20 شباط/ فبراير المقبل، حول هذه المسألة ومسائل اخرى، ابرزها ان قادة هذه الأحزاب يطعنون في دستورية قانون السلطة المحلية، خصوصاً نصه على ان يتم اختيار رئيس المجلس المحلي محافظ المحافظة او مدير الناحية بالتعيين وليس بالانتخاب، وقدموا بالفعل، طعنهم الى الشعبة الدستورية بالمحكمة العليا ولم تبته حتى الان. واذا اقر الاستفتاء التعديلات الدستورية، فإن هذا الطعن سيسقط بحكم ان التعديلات نصت على تعيين رئيس المجلس المحلي. والى جانب هذه المسألة، مسألة الجداول الخاصة بأسماء الناخبين المسجلين لدى اللجنة العليا للانتخابات، اذ يطعن قادة هذه الاحزاب في صحتها، ويصفونها بأنها "مغشوشة تحوي عشرات الالوف من الاسماء الوهمية التي لم يتم تصحيحها"، كما قال جارالله عمر ل"الوسط". وسألت "الوسط" رئيس اللجنة العليا للانتخابات عن مدى صحة التهم التي توجهها اليهم المعارضة والى زملائه، اجاب علوي حسن العطاس بأن اللجنة تعودت منذ بداية تشكيلها وعملها في الاعداد لهذه الانتخابات ان تسمع من المعارضة وغيرها مثل هذه التهم، "لكنها تمضي في اداء مهمتها طبقاً للقانون من دون ان تتأثر بشيء من هذا" وتابع ان اللجنة للمرة الاولى "ابلغت الاحزاب حصصها في اللجان محددة بعددها ومواقعها الميدانية من دون ان تميل الى حزب دون آخر وبحسب المعايير الثابتة". واوضح العطاس ل"الوسط" ان عدد اعضاء لجان الانتخابات يصل الى 65 الفاً في حوالي عشرين الف لجنة بمعدل 3 اعضاء للجنة منها 20 لجنة اشرافية للمحافظات 20 محافظة و336 لجنة اصلية على مستوى المديريات وتمثل عدد المجالس المحلية التي سيتم انتخابها، و2037 لجنة للمراكز الانتخابية لجنة لكل مركز اضافة الى لجان الصناديق بمعدل لجنة لكل صندوق. ويشار الى ان عدد الناخبين حسب ما هو مسجل في الجداول اثناء الانتخابات الرئاسية الاخيرة في 23 ايلول سبتمبر 1999، حوالي 3.4 ملايين ناخب يقدر المراقبون ان يصل العدد باضافة المسجلين خلال العامين الماضيين الى حوالي 4 ملايين ناخب يمثلون حوالي 20 في المئة من مجموع عدد المواطنين. كما يتوقع المراقبون في ضوء ما حدث حتى الآن ان تحدث خلافات وصراعات حادة ليس فقط بين احزاب السلطة والمعارضة والمنتمين الى كل منهما، بل في داخل الحزب الواحد. واوضح مصدر حكومي ل"الوسط" ان اهتمام السلطة بهذه الانتخابات يفوق اهتمامها بأية انتخابات اخرى، وعلّل ذلك بأنه يعود "اولاً الى اقتران الانتخابات المحلية بالاستفتاء على التعديلات الدستورية وثانياً لأن الدولة تراهن على نجاح الاستفتاء بإقرار التعديلات، وتربط به مدى شعبيتها لدى المواطنين. وثالثاً لأن السلطة ترى ان انتخابات المجالس المحلية اكثر اهمية بالنسبة اليها من انتخابات مجلس النواب" لأن المجالس المحلية تضم اكبر تجمع للسلطة حوالي خمسة آلاف عضو وتتعامل مع المواطنين في كل القضايا اليومية