جاءت فرحة أنصار الأهلي بالاحتفاظ ببطولة الدوري المصري لكرة القدم للمرة السابعة على التوالي باهتة.. وسرعان ما تلاشت وتحولت إلى أحزان وفواجع. كان أكبرها انتقال التوأمين حسام وإبراهيم حسن إلى صفوف الزمالك. ولا تقل عنها الهزيمة المتكررة أمام الاسماعيلي 3/4 في الدوري و2/4 في الكأس. وزاد الطين بلة فشل الأهلي في ضم لاعبين اكفاء جدد الى صفوفه كما اعتاد سنوياً. والمتابعون مسيرة الأهلي في الموسم الكروي لا يصدقون حجم التناقضات في نتائج الفريق وعروضه بين البداية والنهاية... ولكن الأمر الوحيد الذي لم يتغير داخل النادي طوال الموسم هو مشاكل المدرب الألماني راينر تسوبيل المتكررة مع لاعبيه. مسابقات في آب اغسطس 1999 افتتح الاهلي موسمه بمواجهة شوتنغ ستارز النيجيري في لاغوس في أولى مبارياته في مجموعته في ربع نهائي دوري أبطال افريقيا، وعلى عكس سير المباراة فاز الأهلي 3/2 وهو النصر الوحيد للفريق خارج ملعبه في المسابقات الافريقية طوال الموسم، وزاد من قدره أنه تحقق في غياب حسام حسن المصاب وابراهيم حسن الموقوف. وعاد الأهلي من لاغوس مرفوع الرأس للمشاركة في بطولة الدوري التي احرز لقبها ست مرات متتالية. وجاءت الافتتاحية المحلية بديعة بثلاثة أهداف نظيفة وفي غياب التوأمين حسن أيضاً. وهو الأمر الذي رفع شعار التغيير في صفوف الفريق ودعم موقف تسوبيل في الاعتماد على الصغار... وفاز الأهلي سريعاً بمبارياته المحلية على القناة 3/صفر والالومنيوم 1/صفر واعتقد الجميع أن تشكيلة الشباب قادرة على صنع المعجزات حتى كانت السقطة المؤلمة. المباراة الثانية في دوري أبطال افريقيا كانت ضد الرجاء البيضاوي المغربي في القاهرة، واعتمد تسوبيل مجدداً على الصغار، ولكنهم عجزوا عن اختراق دفاع الرجاء أو هز شباكه، وتمكن المغاربة من خطف هدف مباغت في نهاية المباراة عن طريق الشعيب مباركي... وهزموا الأهلي في عقر داره، وهي الهزيمة التي حسمت صدارة المجموعة لمصلحة الرجاء في النهاية. هنا فقط... أدرك تسوبيل حجم الخطأ الذي ارتكبه، وأعاد التوأمين ابراهيم وحسام إلى الفريق، ومعهما دارت عجلة الفوز على السويس 3/1 وعلى المعادن 2/صفر - سجلهما حسام - وعلى الكروم 2/1، أحرز حسام هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة، وعلى الاسماعيلي 1/صفر وعلى المنصورة 1/صفر برأس ابراهيم. ورغم تحسن نتائج الأهلي الافريقية وفوزه على هارتس أوف أوك الغاني وشوتنغ ستارز في القاهرة وتعادله 1/1 مع الرجاء في الدار البيضاء فإن الأهلي دفع ثمناً غالياً لهزيمته في القاهرة. الانتصارات المحلية المتتالية أدارت عقل تسوبيل مجدداً، واستبعد الألماني التوأمين من اللقاء المرتقب ضد الزمالك، وثار جمهور الأهلي وتدخل الجميع لإشراك ابراهيم وحسام صاحبي أحسن نتائج في تاريخ الأهلي ضد الزمالك، ولكن الزوبعة التي أثارها تسوبيل هزت الفريق وأدت لهزيمته أمام الزمالك 1/2، ووجدها الألماني فرصة العمر لاستبعاد حسام وابراهيم نهائياً من الفريق. وخاض المباريات الأربع التالية من دونهما وفاز فيها على الاتحاد 3/صفر والشرقية 3/صفر والمصري 3/1 والمقاولين العرب 1/صفر. وانفرد الأهلي بصدارة الدوري في نهاية مرحلة الذهاب بفارق 10 نقاط كاملة عن اقرب منافسيه وهو الزمالك، وهو رقم قياسي تاريخي لم تشهده المسابقة منذ انطلاقها عام 1948، وحقق الأهلي 12 فوزاً في 13 مباراة في مرحلة الذهاب وهو رقم قياسي تاريخي أيضاً للمسابقة، وكانت نسبة النقاط التي جمعها الأهلي قياسية أيضاً، واستفاد الفريق تماماً من هذا الانجاز المبكر لأنه ساعده في إحراز اللقب في مرحلة الإياب رغم تعثراته المتكررة، ولم يسبق لأي فريق احراز اللقب 7 أعوام متتالية. سلبيات شهدت مرحلة الإياب من الأرقام السلبية ما لم تشهده أي مرحلة للأهلي في تاريخ الدوري، تعادلا أولاً سلباً مع مزارع دينا وبعدها في المنصورة ثم في الاسكندرية مع الاتحاد، وفرط للمرة الأولى في تاريخه بنقطتين أمام المعادن أحدث فرق الدوري، ولم يتمكن من الفوز على السويس الهابط الى الدرجة الثانية، وخسر من الاسماعيلي 3/4 وأنهى المسابقة بالتعادل سلباً مع الزمالك. الفريق الذي خسر 3 نقاط فقط في الدور الأول فرط في 15 نقطة في الدور الثاني، وتلك الخسارة هي الأكبر في عدد النقاط للأهلي طوال تاريخه في الدوري في مرحلة واحدة، وعدد المباريات التي فشل الأهلي في الفوز بها خلال مرحلة الإياب هو الأكبر للأهلي في أي مرحلة له في الدوري، ولم يحرز الأهلي هدفاً واحداً عبر 14 شوطاً له في الدور الثاني وهو رقم قياسي سلبي جديد. وعلى مدار مشوار الدوري فشل الأهلي أيضاً في هز شباك أي منافس له بأربعة أهداف في مباراة واحدة. وهو الأمر الذي وضعه في الترتيب الثالث بين أقوى الأندية هجوماً في الدوري، وكان الأهلي مشهوراً دائماً بفاعلية هجومه في كل المسابقات الماضية. ومن سلبيات الأهلي الأخرى أنه خسر مباراة افريقية على ملعبه في القاهرة للمرة الأولى في مشاركاته الافريقية التي بدأت عام 1967، وأنه خسر كأس الاندية العربية الأبطال التي نظمها في القاهرة أمام الشباب السعودي، ولم يسبق للأهلي خسارة أي بطولة عربية وسط جمهوره. واكتملت المهزلة بالخسارة مرتين أمام الاسماعيلي في الدوري والكأس خلال 40 يوماً واهتزاز شباك الأهلي بثمانية أهداف في المباراتين، وهو حدث لم يتعرض له النادي على مدار 37 عاماً، وخسر الأهلي كأس مصر للعام الرابع على التوالي وفشل مدربه تسوبيل في احراز الكأس منذ حضوره إلى مصر. ضرب تسوبيل رقماً قياسياً لأزمات أي مدرب مع لاعبيه في العالم. خلال المعسكر التدريبي الذي سبق الموسم في المانيا انفجرت ازمة بين الألماني واللاعبين ابراهيم حسن وسيد عبدالحفيظ وابراهيم سعيد الرافضين اسلوبه العصبي في توجيه اللاعبين خلال المباريات. وبعد أيام قليلة وضع ابراهيم حسن احتياطاً أمام شوتنغ ستارز النيجيري في لاغوس بدعوى عدم مشاركته في المران الرئيسي، وأوقفه مباراة واحدة حينما رفض المشاركة احتياطاً، واستبعده من تشكيلة الفريق بعد انتهاء ايقافه. لم يضم تسوبيل مهاجم الأهلي الخطير محمد فاروق الى "لاغوس واكرا" في دوري ابطال افريقيا رغم اصابة حسام حسن وعدم اكتمال لياقة علي ماهر أو وليد صلاح الدين، وطالب اللاعب بالحصول على استغناء من الاهلي. ولم يضم سامي قمصان الى تشكيلة الأهلي في البطولة العربية في القاهرة رغم أنه كان صاحب هدف الفريق الوحيد ضد هارتس في اكرا في المباراة السابقة مباشرة للبطولة العربية. استبعد ابراهيم حسن وحسام حسن من التشكيلة الأساسية في المران الأخير للأهلي قبل مباراة الزمالك واشركهما مضطراً، وعاد واستبعدهما من قائمة الأهلي الكاملة في مباراة الاتحاد التالية في الدوري، وامتنع اللاعبان عن المران وأكدا عدم استمرارهما مع الأهلي في نهاية الموسم، وهو ما تحقق بالفعل، وغاب اللاعبان عن المباريات الأربع التالية، وتبادلا مع تسوبيل الاتهام في الصحف. واصل تسوبيل مسلسل اضطهاده لحسام وابراهيم ما دفع الأول الى قبول عرض احتراف موقت في نادي العين الاماراتي لمدة اربعة أشهر، والعجيب ان حسام وابراهيم حسن لاعبان اساسيان مع منتخب مصر طوال فترة خلافهما مع تسوبيل، ولم يستبعدهما الفرنسي جيرار جيلي المدير الفني للمنتخب ولا خليفته محمود الجوهري من تشكيلة مصر مطلقاً، وجاء اصرار جيلي والجوهري على ضمهما صفعة للالماني. وضح تعنت تسوبيل ضد التوأمين عندما اغفلهما - من دون مبرر - في مباراة الاسماعيلي الهامة في الدوري في الاسماعيلية، وشارك الشقيقان بعد ايام قليلة مع المنتخب المصري ضد ايران في طهران وعندما عاد لاعبو الاهلي الدوليون من داكار بعد مباراة مصر ضد السنغال قرر تسوبيل اشراك كل الدوليين باستثناء حسام وابراهيم بدعوى ارهاقهما امام الكروم، وعاد وقرر استبعاد حسام حتى نهاية الموسم بدعوى احترافه في ارزوروم سبور التركي رغم اعلان حسام استعداده ورغبته في اللعب قبل السفر، ووصل العناد الى ذروته في مران الفريق الذي سبق مباراة سكة حديد سوهاج في كأس مصر باستبعاد ابراهيم حسن من التشكيلتين الاساسية والاحتياطية ووضع كل الناشئين والصغار في المران وبقى ابراهيم كابتن الاهلي متفرجاً، وبعد ذلك انسحب ابراهيم وحسام تماماً من التدريب واكدا انهما لن يستمرا مع الفريق في الموسم التالي. تغييرات قياسية : ولم تقتصر مشاكل تسوبيل على حسام وابراهيم فقط بل اصطنع سلسلة مشاكل مع ابراهيم سعيد المدافع الصاعد واوقفه عن مباراتي الكروم والسويس، واستبعد سامي قمصان من السفر والمباريات غير مرة، واشتبك في معركة كلامية مع هشام حنفي بين شوطي مباراة الاسماعيلي في نصف نهائي كأس مصر أدت الى استبدال اللاعب فتحول فوز الاهلي 2/1 الى هزيمة 2/4. وكانت آخر مشاكله مع محمد فاروق مهاجم الفريق إذ طرده من التدريب عندما علم رفض تجديد عقده مع الاهلي لموسم آخر. واتسعت دائرة خلافات تسوبيل ومعاركه لتشمل الحكام ايضاً، وهي شملت محاولة اعتداء على الحكم الزيمبابوي فيلكس توانغوراما عقب مباراة الاهلي في اكرا ضد هارتس اوف اوك الغاني وخسارة فريقه 1/2، وعاقبه الاتحاد الافريقي بالايقاف مباراتين، وفي المباريات المحلية تعرض تسوبيل للطرد غير مرة وكان ابرزها على يدي الحكم البرتغالي ميلوبيرا في كأس مصر في الاسماعيلية. التناقضات في الاهلي لم تشمل الايجابيات والسلبيات فقط بل امتدت لتشمل التغييرات ايضاً في اللاعبين. وكانت نسبة التغيير في لاعبي الفريق بين عامي 1996 و2000 - اربعة اعوام فقط - اكثر من 90 في المئة في صفوف الاهلي، وهي نسبة لا يمكن حدوثها في اي فريق في العالم الا نادراً. تشكيلة الاهلي التي بدأت مباراة الزمالك في نهائي الدوري المصري موسم 95/1996 ضمت احمد شوبير وابراهيم حسن ومشير حنفي ومحمود ابو الدهب وسمير كمونة، ومحمد يوسف وهادي خشبة ومجدي طلبة واسامة عرابي وحسام حسن واحمد فيلكس. وعلى مدار اربعة اعوام فقط اعتزل شوبير وعرابي وطلبة، واحترف فيلكس وكمونة ويوسف في الخارج، وانتقل ابو الدهب الى المصري، وخرج ابراهيم وحسام ومشير من القائمة، ولم يبق في الفريق سوى هادي خشبة. والغريب ان الجهة الوحيدة التي لم تشعر بتدني مستوى الفريق ونتائجه هي مجلس ادارة الاهلي، وقد جدد صالح سليم رئيس المجلس وزملاؤه الثقة في الالماني راينر تسوبيل ومدير الكرة ثابت البطل