قصة الطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد واحدة من أكثر القصص غموضاً في الشق العسكري والاستخباراتي من النزاع العربي - الإسرائيلي. لا أحد يملك إجابة قاطعة على الأسئلة المتعلقة بمصيره: هل لا يزال حياً؟ وإذا كان حياً أين مكان اعتقاله؟ ولماذا يحتفظ به محتجزوه حتى الآن ولم يقترحوا اطلاقه في مقابل صفقة كبيرة ستكون إسرائيل مرغمة على قبول ثمنها الباهظ؟ وهل لا تزال للجهة التي تحتجزه مصلحة في الاعتراف بأنه لديها؟ خلال حوارات أجرتها في الأعوام الماضية مع شخصيات لها علاقة بقصة آراد أو تملك معلومات عنها سألت "الوسط" عن مصير الطيار الإسرائيلي. رئيس مجلس النواب اللبناني رئيس حركة "أمل" نبيه بري قال: "اسقطت حركة "أمل" طائرة حربية إسرائيلية كانت تقوم في 16/10/1986 بغارات، أي كانت تشارك في عملية عسكرية. تمكن الإسرائيليون من انقاذ أحد الطيارين، ربما لاحتفاظه بجهاز ارسال صغير يجهز به الطيارون لمثل هذه الحالات. ولم يتمكنوا من انقاذ آراد فاعتقله شباب "أمل" وأحضرناه إلى السجن في مكان في الضاحية الجنوبية". وأضاف: "حققنا معه وأبقيناه قيد التوقيف. لماذا؟ لأنه رجل عسكري كان يقصف أهلنا وأطفالنا ونساءنا، ولأننا نريد اجراء عملية تبادل. في الفترة التي كان فيها آراد في يد حركة "أمل" كان الطبيب يزوره وكان يبعث برسائل إلى اسرائيل ويتلقى رسائل. وبدأت مفاوضات معي عن طريق البريطانيين من أجل تنظيم عملية تبادل. أصررت خلال الاتصالات على أن تطلق إسرائيل في مقابل آراد كل المعتقلين اللبنانيينوالفلسطينيين بمن فيهم الذين صدرت عليهم أحكام مبرمة. وافقت إسرائيل على المطالب لكنها رفضت اطلاق 11 أسيراً صدرت عليهم أحكام مبرمة فتمسكت أنا باطلاقهم. احضرنا لوائح من الفلسطينيين كلهم. وفي هذه الأثناء حصل انشقاق "المقاومة المؤمنة" وكان آراد في تصرف الأمن المركزي عند الاخ مصطفى الديراني الذي بات مع الانشقاق خارج الحركة، وعند هذه النقطة انقطعت علاقته ب"أمل". وأكد بري أنه بعد ذلك التاريخ لم يعد يعرف شيئاً عن آراد، ونفى ما نقل عنه ان الديراني باعه لإيران. ورداً على سؤال عن مصير آراد ودور الديراني في تسليمه، قال الأمين العام ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" أحمد جبريل: "أنا أعرف ان الديراني وضعه في مكان تحت الحراسة. وصدف ان هاجم الإسرائيليون منطقة ميدون في البقاع الغربي ووقعت خسائر. وكان بين حراس آراد شبان من ميدون قيل إنهم تركوه وذهبوا ليتحققوا مما حصل لمنطقتهم، ولما عادوا لم يجدوا الطيار الإسرائيلي الذي هرب. كما تردد أن شقيق أحد حراس الأسير قتل في الغارة، فاطلق شقيقه النار على آراد انتقاماً. لا تفاصيل مؤكدة عن آراد ومصيره. حتى الديراني لا يعرف أين ذهب الطيار الإسرائيلي". والروايات تزيد اللغز غموضاً. فهل يعقل ان يترك الحراس أسيراً إسرائيلياً ويعودوا إلى تفقده بعد ساعات، أم ان عملية استخباراتية معقدة كانت تقضي بعدم وجود أي شاهد على الفصل الجديد من قصة آراد؟ والدة رون آراد خرجت عن صمتها، وقالت إن الديراني باعه لإيران، واعتبرت ان الأمين العام ل"حزب الله" حسن نصرالله "يعرف كل شيء". لكن النائب عبدالله قصير نفى أي مسؤولية للحزب في هذا الموضوع، مكرراً التزام "حزب الله" مواصلة الجهود لجلاء مصيره. ترددت والدة الطيّار الاسرائيلي المفقود رون أراد كثيراً في الحديث "ما الفائدة؟" تساءلت بيأس. وحين وافقت على المقابلة اشترطت ان تكون المقابلة قصيرة وان تقتصر على رسالة توجهها الى العالم العربي. ولكنها، شيئاً فشيئاً راحت تتكلم، كأم فقدت ابنها. "انا ادرك ما الذي يدور في منطقتنا وكم هي بشعة الحروب، لهذا أناشد الجميع ان يطلقوا سراح جميع الاسرى اليهود والعرب. فقد آن لهذه المأساة ان تتوقف وآن للعائلات المنكوبة ان ترتاح من هذه المعاناة الرهيبة". انها تعيش اليوم في بيتها في بلدة "هود هشرون" قرب تل ابيب. الوحدة القاتلة ترافقها قبل ان تفقد ابنها الطيّار بعشر سنوات. فقد توفي زوجها وتركها مع صغارها الثلاثة: حنين ودافيد ورون. وعلى عكس الكثير من الامهات الأرامل اللواتي يعملن ويحققن بعض الانجازات فإن باتيا أراد تشعر بأنها ستمضي عمرها كله في الكفاح، "وفي كثير من الاحيان لا اعرف كفاحي هذا ضد من ومن اجل من وان كان سيتوقف يوماً ما". تذكر جيداً ذلك اليوم الذي وقعت فيه الحادثة. كان ذلك في 16 تشرين الاول اكتوبر 1986. الجيش الاسرائيلي قد انسحب لتوه من معظم اراضي لبنان والجمهور الاسرائيلي مرتاح من وقف اعمال المقاومة الفلسطينية - اللبنانية نهائياً، واهالي الجنود الذين يخدمون في سلاح الجو كانوا مطمئنين تماماً ولا يساورهم اي قلق تجاه ابنائهم، فالطائرات الاسرائيلية التي تغير على لبنان تعود الى قواعدها سالمة، تقصف وتدمّر وتعود سالمة. لهذا، عندما طرق باب بيت باتيا اراد ذلك الضابط، ليخبرها عن مصير ابنها لم تستوعب الحدث، ولم تصدق ما سمعته. فعادة يأتي هذا الضابط ليبلغ عن مقتل الجنود لكنه اخبرها بأن طائرة ابنها رون تحطمت في الاراضي اللبنانية وتابع على الفور: "لكن رون لم يصب بأذى، اذ جرح بشكل طفيف للغاية المشكلة انه وقع في الأسر". للوهلة الأولى كانت تلك "نصف مصيبة" فقبل ثلاثة اشهر جرى تبادل اسرى بين حكومة اسرائيل و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" بزعامة احمد جبريل، وفي مقابل تسليم 3 جنود اسرائيليين اطلق 1500 اسير عربي وفلسطيني من السجون الاسرائيلية. والانطباع السائد في اسرائيل ان الحكومة تبذل كل جهد وتدفع اي ثمن في مقابل اطلاق سراح أسراها. فلا خوف اذن على ابنها رون "لكن قلب الأم لا يرتاح الا اذا احتضنت فلذة كبدها"، وراحت تنتظر. وما زالت تنتظر حتى اليوم. وقد نفد صبرها لكنها لم تشكُ، بل تركت الساحة لزوجة ابنها ولولديها وللجمعيات الكثيرة التي تصدّت للعمل على اطلاق رون. رفضت والدة الطيّار الظهور في مقابلات صحافية لسنوات طويلة الى ان يئست من كل النشاطات والجهود. وفي ذكرى ميلاد رون الاربعين خرجت على رأس مجموعة من النشطاء المتطوعين لتوجه اتهامات قاسية لحكومة باراك تتهمه بإهمال قضية ابنها، وقالت انها ليست في مقدم اهتمامات الحكومة ورئيسها. وشكت من ان باراك لا يجد الوقت ليلتقيها ويخبرها بما يفعله من اجل ابنها ورأت في ذلك دليلاً آخر على اهماله. لكن باراك التقى بها وشرح لها على مدى ساعة الجهود التي يبذلها، واي ثمن هو مستعد لدفعه في سبيل استعادة رون. الا انها لم تقتنع "لأن الامر الاساسي بالنسبة لي هو النتيجة، فما هي النتيجة لهذه الجهود؟ ما هو الواقع؟ ان رون ليس في البيت، وهذا هو ما يقلقني ويغيظني ويجعل حياتي وحياة كل فرد من افراد عائلتي تعيسة". حدّثينا عن رون كيف تذكرينه؟ - كان ولداً مميزاً منذ الصغر. توفي والده وهو في الثالثة عشرة من العمر. ومع ذلك لم ينشأ ذليلاً كما الايتام. وبدا شخصية عصامية ونجح في دراسته وتفوق واختار دراسة الثانوية في المدرسة العسكرية في تل ابيب المعروفة بمستواها العالي. وعند دخوله الخدمة الاجبارية اختار الذهاب الى سلاح الجو. ونجح في كل الاختبارات وحصل على وسام تفوق، عندما تمكن من النجاة وانقاذ زميله الطيار، اذ تغلب على عطب في محرك طائرة فانتوم التي يقودها. ومع انه اختار الحياة العسكرية فقد احب السلام وتمناه. وقد بنى عشاً زوجياً وولدت له ولزوجته تامي، طفلة جميلة رائعة، هي يوقل التي تبلغ من العمر الآن 15 عاماً. هل جرى اي اتصال بينكم وبينه منذ ان وقع في الأسر؟ - لا. وهذا مؤلم بشكل خاص. بعد 8 أشهر من أسره تلقينا منه رسالة وصورة. وقمنا بالردّ عليها بواسطة الصليب الاحمر، ثم قطع الاتصال. ونحن اليوم لا نعرف عنه اي شيء. لا نعرف ما وضعه الصحي، اين وكيف ينام، هل هو في سجن او زنزانة او مغارة وهل يعيش حداً ادنى من الحياة الانسانية؟ ماذا يأكل؟ هل هو مريض أم مُعافى؟ بماذا يفكر عنا؟ وكيف يعامله سجّانوه؟ ان آسريه يمنعون عنه اي حق من حقوق الاسرى كما تنص المواثيق الدولية، حتى الصليب الاحمر لا يسمحون له بمقابلته او الاطلاع على احواله. هل تعتقدين بأنه لا يزال حياً؟ - وقع في الأسر وهو حي. ولا أتصوره إلا حيّاً. أنت على علاقة مع الكثير من المؤسسات المحلية والدولية ومع حكومات عدة في الغرب ألم تعرفي شيئاً جديداً عنه في الآونة الاخيرة؟ - الظروف الجديدة التي تحيط بمنطقتنا ترفع مستوى الآمال بأن تتقدم قضية رون وكل الأسرى من جميع الأطراف. نسأل عن معلومات قاطعة حول رون... - لا توجد معلومات قاطعة وثابتة. الانسحاب الاسرائيلي من لبنان لم يغيّر شيئاً في احتمالات اطلاقه؟ - عندما قلت لك ان الظروف الجديدة زادت الآمال قصدت الانسحاب من لبنان بالذات، فأنا أتمنى ان يؤدي هذا الانسحاب وما يعقبه من مفاوضات سلام آمل ان تتم وتنجح مع الفلسطينيين وسورية ولبنان الى تغيير جذري في قضية رون. اية دولة تتابع قضية رون حالياً؟ - ما يهمني هو متابعة الحكومة الاسرائيلية فهي التي من واجبها ملاحقة القضية وايجاد حل لها فأنا اسرائيلية ولست ألمانية او اميركية او فرنسية. هل من دول عربية تشارك في متابعة قضية رون؟ - دول عربية كثيرة تعرف الموضوع وتحدثت بشأنه. لكن آمل بأن تتحرك قضية السلام فتشارك حكومتا سورية ولبنان في متابعة قضية ولدي؟ هل تؤيدين التفاوض مع "حزب الله" بخصوص قضية رون؟ - انا لست مشتغلة بالسياسة ولذلك لا اتدخل في المفاوضات. ولكن من الواضح ان زعيم "حزب الله" الشيخ حسن نصرالله يعرف كل شيء عن موضوع رون وبإمكانه المساعدة. في اسرائيل يؤكدون ان رون مُحتجز في ايران. لكن الشيخ حسن نصرالله ينفي ذلك... - رون لم يختف من وجه الارض. لقد وقع اسيراً في الاراضي اللبنانية فتسلمه مصطفى الديراني وتعامل معه بشكل غير انساني، اذ وضعه في صندوق سيارته الخلفي ودار به اسابيع عدة الى ان باعه لجهة تتعامل مع ايران في مقابل المال. وحسن نصرالله وغيره من المنظمات المرتبطة بأراد يعرفون كل شيء عنه ويستطيعون إن أرادوا انهاء القضية ولا تنسي ان حسن نصرالله وعد علناً بأن يبذل كل جهده للوصول الى مكان احتجاز رون. وأنا أريد ان اصدّق ما يقوله. فليس هناك شك في انه يملك من القوة والاتصالات والمعرفة ما يكفي لأن يتوصل الى نتيجة. لكن مصطفى الديراني نفى خلال مقابلة مع صحيفة معاريف الاسرائيلية ان يكون باع رون أراد. وقال ان رون اختفى من الأسر في ظروف غامضة بعد ان قصفت القوات الاسرائيلية البقاع اللبناني فهرب حراس رون أراد. وعندما عادوا لم يجدوه... - لم أقرأ المقابلة ولا احتمل سماع اسم الديراني. ولا شك في انه يكذب، فمن المعروف للجميع انه الشخص الذي قام بأسر رون وتعذيبه. قال الديراني في تلك المقابلة انه تعامل مع رون بأحسن ما يكون، وانه كان يلعب وابنه في بيته. ويقول ان معاملته كانت افضل مليون مرة من معاملة اسرائيل للأسرى المحتجزين لديها، ما قولك؟ - كفي عن الحديث عن هذا الرجل فأنا لا أصدّقه. لكنه يقول اموراً مهمة منها انه كان بالامكان اطلاق رون بعد اسابيع من اسره وان اسرائيل هي التي رفضت شروط "حركة امل"... - لقد اتفقنا على مقابلة قصيرة. أليس صحيحاً ما يقال عن رفض اسرائيل شروط "حركة امل"؟ - ما هي الشروط؟ اطلاق سراح جميع معتقلي سجن الخيام في لبنان و250 اسيراً فلسطينياً في السجون الاسرائيلية ومطالب أخرى. - ما اعرفه هو ان اي جهة عربية لم تعلن مسؤوليتها عن أسر رون، وانه لم يُعامل كأسير حرب. وهذا امر لا يقبله اي منطق واي ضمير وأي دين. في البداية كانت هناك جهة تفاوض. وكما قال أحد قادة "أمل" يومها مصطفى الديراني نفسه - ولم نشأ ان نسمّيه حتى لا تشعر باتيا بالاستفزاز. فعلى رغم انها اعتبرته مجرم حرب لأنه سقط وهو يقصف بطائرته البيوت في صور الا انها كانت مستعدة لمبادلته. صدّقيني اننا حاولنا ان نجد جهة نفاوضها فلم تكن هناك. وهذا هو اساس المصيبة. ففي الحروب يقع اسرى. ومهما تكن افعالهم، يعاملون وفق ميثاق جنيف الرابع وتتم مبادلتهم ولا يحاكمون على اي عمل قاموا به. هذا حدث في يوغوسلافيا والبوسنة وفيتنام وحتى في رواندا. فلماذا لا يخرج آسروه الى النور ويعلنون شروطهم لإطلاقه. عندها سنرى ردّ فعل حكومة اسرائيل ونحاسبها عليه. وهنا أتوجه الى جميع اهالي الاسرى وان كانوا ضد اطلاق رون ان يقولوا كلمتهم لإطلاق أسراهم، فبذلك يساعدوننا ويساعدون انفسهم ويخدمون قضية السلام التي هي أنشودة كل الأديان والانسانية جمعاء قصة رون أراد يعتبر رون أراد أشهر طيّار حربي اسرائيلي في تاريخ الدولة العبرية، واضحى، في الوقت نفسه، عاراً على المخابرات الاسرائيلية. اما الشهرة فلكونه أسيراً منذ حوالي 14 عاماً، وبات اسمه على كل لسان في اسرائيل. وأما العار فلأن المخابرات الاسرائيلية بكل أذرعها الموساد والشاباك والاستخبارات العسكرية والشرطة الخاصة على رغم قدراتها لا تعرف مكانه حتى الآن. يبلغ عمره حالياً 41 عاماً. في 16 تشرين الاول اكتوبر 1986 أُرسل في مهمة تدميرية فوق مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المحيطة بمدينة صور اللبنانية. وحسب التقارير الاسرائيلية حصل خلل فني في طائرته فتحطمت، لكنه تمكن من الهبوط بالمظلة، فأمسك به افراد ميليشيات "حركة امل" آنذاك. وتولى حراسته مصطفى الديراني ضابط الامن في الحركة الذي نقله الى بيته في بيروت. غير ان الروايات تضطرب بعد ذلك، اذ ان الديراني يقول انه تلقى اوامر من زعيم الحركة الرئيس نبيه بري بأن ينقله الى زكريا حمزة ابو يحيى وهذا بدوره حمله الى منطقة البقاع، واحتجزه في بيت مسؤول آخر يدعى "ابو طلال" في بلدة النبي شيت. وخلال ذلك قصفت اسرائيل المكان فذهب حرّاسه ليطلعوا على نتائج القصف. وعندما عادوا لم يجدوا لرون اثر. وحسب تقديرات الديراني فإن منظمة موالية لايران امسكت به وأرسلته فوراً الى طهران. لكن رواية اخرى تتبناها المخابرات الاسرائيلية تزعم ان الديراني قرر المتاجرة بالأسير الاسرائيلي لتحقيق صفقة العمر، فقد دار به على متن السيارة ثلاثة اسابيع، وبالتالي "باعه" الى الايرانيين لقاء اكثر من 300 ألف دولار. ويؤكد الديراني وآخرون ان "حركة امل" كانت مستعدة لمبادلة رون أراد بأسرى معتقل الخيام و250 اسيراً فلسطينياً. لكن حكومة الوحدة الوطنية في اسرائيل التي ضمت حزبي العمل والليكود برئاسة اسحق شامير رفضت ذلك. وكانت اسرائيل تشهد مظاهرات عارمة آنذاك ضد احمد جبريل. وخرج جرحى الحرب ليحتشدوا امام منزل وزير الدفاع اسحق رابين ليتهموه ببيع قضيتهم بلا مقابل. وبدلاً من ذلك، لجأت اسرائيل لاحقاً الى اختطاف مسؤولين ومواطنين لبنانيين 21 شخصاً من خلال "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، او بالخطف المباشر في عمليات قام بها مقاتلون اسرائيليون واتخذتهم رهائن بهدف مبادلتهم مع رون أراد ومع جثث ثلاثة جنود سقطوا في معركة "السلطان يعقوب". ومن ابرز هؤلاء مصطفى الديراني الذي اختطف قبل 6 سنوات من بيته في بلدة قصرنبا والشيخ عبدالكريم عبيد، وهو احد زعماء "حزب الله" وقد اختطف قبل 11 عاماً من بيته في بلدة جبشيت. وقد اعتقلوا جميعاً بأوامر ادارية يتم تجديدها وتمديدها باستمرار وبشكل تلقائي في المحاكم الاسرائيلية الامر الذي لم يرق لجمعيات حقوق الانسان في اسرائيل فخاضت معركة شعبية وقضائية ضد الحكومة انطلاقاً من ان الخطف عمل ارهابي لا يجوز لدولة ان تمارسه. وقد قبلت المحكمة اخيراً هذا الادعاء واعتبرت الاعتقال غير قانوني. وأمهلت الحكومة حتى تطلق سراحهم. وكان ايهود باراك رئيس الحكومة الاسرائيلية ينوي الرضوخ لأمر المحكمة، الا ان اليمين الاسرائيلي وعائلات رون أراد والجنود الثلاثة القتلى شنّوا معركة ضد اطلاق سراحهم.