600 مليون ريال لتطوير وتنمية المنطقة الشرقية    ارتفاع حجم الإنفاق عن طريق نقاط البيع بنهاية عام 2024م    المملكة والهند تعززان الاستثمارات الصناعية    فلسطين تحذر من خطورة مخططات الاحتلال على المنطقة    الرئيس الأوكراني يطلب الدعم من الغرب    انفجار يقتل قيادياً بارزاً موالياً لروسيا في دونيتسك    اتهامات الدفع الرباعي في دوري روشن    السائقة السعودية أرجوان عمار: مشاركتي في رالي حائل زادت قدراتي التنافسية    السعودية.. رؤية ملهمة لدعم رياضة المرأة    البيتزا تقتل سيدة حامل    تتعاطف مع قاتل ابنتها وتدعم براءته    أمانة جدة تصدر وتجدد 6,043 شهادة صحية خلال شهر يناير الماضي    العداوة المُستترة    سمعًا وطاعة والتزامًا بالقرار الحكيم    عدد من معلمي التربية الفنية في بيش يزورون متحف الجندلي التراثي    إرث ثقافي    موانع الحمل ثنائية الهرمون    العمر لا يمنع رونالدو من التسجيل    الشرع: لقاء الأمير محمد بن سلمان يؤسس لعلاقة إستراتيجية بين السعودية وسورية    محمد عبده ل«عكاظ»: الاعتزال لا يزعجني وأغني بتحضير دقيق مع بروفة    القنفذة: «مؤسسة حسن الفقيه» تبدأ مسيرتها لإثراء الساحة الثقافية    أمير القصيم يتسلم شهادة تسجيل واحة بريدة بموسوعة "غينيس"    رئيس الوزراء الصومالي يصل جدة    مفوض الإفتاء في جازان: اللحمة الوطنية واجبٌ ديني ومسؤولية مجتمعية    تعويض الزوجة في حالات الطلاق غير الموثق    العدالة يتغلّب على الصفا بهدف في دوري يلو لأندية الدرجة الأولى    ترمب: لا ضمانات لصمود وقف إطلاق النار في غزة    العالمي قمة الروعة    الأمير سلمان بن سلطان يرعى تدشين قاعة المؤتمرات بغرفة المدينة    ترامب: صندوق الثروة السيادي الأمريكي الجديد قد يشتري "تيك توك"    هل بات إنهاء الحرب في أوكرانيا وشيكا ؟    "الأونروا": المشاهد المروعة في الضفة الغربية تقوض وقف إطلاق النار    وزارة الموارد البشرية والتنمية تعلن عن تعديل مدة رفع ملفات حماية الأجور    ولي العهد يهنئ بارت دي ويفر بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً للوزراء في بلجيكا    السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن "غداً" تنطلق الأشواط الختامية    60 فائزا في تحدي الإلقاء للأطفال    الرياض.. «سارية» الإعلام العربي تجمع «العمالقة» في «المنتدى السعودي للإعلام»    حصر المباني الآيلة للسقوط في الفيصلية والربوة.. ودعوة ملاكها للمراجعة    تنامي ملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين السعودية وألمانيا    الاختبارات المركزية في منطقة مكة مع نهاية الفصل الثاني    ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ يطَّلع على مؤشرات أداء فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة    الذكاء الاصطناعي... ثورة تُولد عوائد استثمارية كبيرة    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    فلكية جدة ترصد مشاهد سديم الجوزاء    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطاردات في مياه المحيطات تنتهي بمجازر . الحيتان تستغيث : أنقذوني من الانقراض !
نشر في الحياة يوم 24 - 07 - 2000

"ابتهجوا يا فتياني،لا تدعوا الضعف يتسلل الى قلوبكم عندما يغرس الصياد رمحه في جسد الحوت"
من أغنية بحرية
في روايته الرائعة "موبي ديك" التي نُشرت في اواسط القرن التاسع عشر، يكتب الروائي الاميركي هيرمان ميلفيل عن رحلة بحرية شاقة، بطلاها الحوت موبي ديك والصياد آهاب. ويقتفي الكاتب اثرهما من الساحل حتى وسط المحيط الشاسع والمخيف بزرقته العميقة وامواجه المضطربة، عبر لحظات صراع مرير نفسي وجسدي. يكتب ميلفيل عن بطلين يتحديان بعضهما فيتقاتلان قتالاً ضارياً في معركة طويلة ليس من السهل معرفة من هو المنتصر فيها الحوت ام الانسان.
هكذا تلقي الرواية الضوء على سيرة الطبيعة في مسعى الانسان لاخضاعها لإرادته وفي كفاحها هي لمواجهته بكل ضراوة، تماماً كما فعل الحوت موبي ديك حين تمكن من قطع ساق آهاب بضربة خاطفة واحدة وحطّم زوارق الصيد مرات ومرات، وكذلك في تحدي آهاب له في صراع لم يتوقف حتى اللحظات الاخيرة، بل استمر في دوراته المتوالية حتى اليوم.
واذا كانت سفينة ميلفيل كرّست الدوافع النفسية لاصطياد الحيتان لدى بطله آهاب قبل الدوافع التجارية فإن سفن اليوم التي تشق الطرق المائية نفسها انما تسعى لتكريس الاموال من زيوت الحيتان ولحومها. ان الصيادين المعاصرين، احفاد آهاب، يلاحقون الحيتان ليس في عرض المحيطات فحسب، بل في اعماقها، والويل لتلك الحيوانات التي تجد نفسها فجأة وقد القتها الامواج العاتية على الشاطئ. هذا ما يحدث غالباً للحيتان الصغيرة الحجم التي تسبح قرب المياه المنخفضة. ان الحوت الاعمى الذي يضلّ طريقه ويستلقي على الساحل انما تذهب عنه قوته وجبروته، تتسارع نبضات قلبه، وترتفع درجات حرارته، وقد تنسحق رئته تحت ثقل جسده، وتهبط قدرته على الحركة. واذا لم يتمكن من العودة سريعاً الى المياه فسوف تطاله رماح الصيادين المسمومة، عندها لن تنفعه صرخات الاستغاثة التي يطلقها والتي تفهمها الحيتان الاخرى المهددة ايضاً اذا ما اقتربت لتقديم العون.
متى بدأت رحلات الصيد التجاري للحيتان؟ لا يوجد تاريخ دقيق، لكن الوثائق تشير الى ان الباسكيين هم الرواد الاوائل في هذا الميدان، اذ انهم عندما شيّدوا سفنهم اواخر القرن الرابع عشر وابحروا نحو المحيطات، بعد ان استنفدوا الخلجان، بحثاً عن الذهب القابع في قلوب الحيتان، تبعهم الاميركيون والنروجيون والبريطانيون والالمان واليابانيون. غير ان هذه التجارة التي ازدهرت اواخر القرن الثامن عشر ما لبثت ان تراجعت في القرن التاسع عشر. ففي اميركا اكتشف النفط فاستخدم بدلاً من زيت الحوت في صناعة الشموع واضاءة المصابيح. وفي بريطانيا تضاءلت اساطيل الصيد في المحيط المتجمد الشمالي اثر انتاج الزيت النباتي ومصابيح الغاز. ومع ذلك استمر النشاط التجاري في المحيط المتجمد الجنوبي والمحيط الاطلسي حتى الحرب العالمية الاولى. وبعد الحرب العالمية الثانية استؤنف الاتجار بالحيتان مجدداً مع بناء مصانع كبيرة وتشييد سفن قوية تعمل بالديزل مدعومة بالطائرات العمودية. وفي هذه الفترة كان يتم اصطياد نحو خمسين الف حوت سنوياً.
في المراحل الاولى كان اصطياد الحيتان يُنجز بواسطة رمح مسموم يدعى الحربون مثل ذلك الذي أطلقه آهاب على موبي ديك، ثم جرى تطويره ليحتوي على مواد متفجرة، اما اليوم فتستخدم الطائرات العمودية والاجهزة الضوئية والزوارق التجارية للانقضاض على الحيوانات العملاقة بعد ان تنهكها المطاردة المضنية على سطح الماء او في اعماقه. ومع تطور عمليات الصيد اتسعت استخدامات الحيتان، فلم يعد الاستثمار يقتصر على اللحم والزيت انما تعداه ليشمل مواد التجميل والصابون والسمن والاصباغ والاحبار والعطور.
ومع انتشار النشاط التجاري والانخفاض المتزايد في اعداد الحيتان بمختلف انواعها، انبثقت اللجنة الدولية لصيد الحيتان العام 1967 لتضع قواعد محددة لعمليات الاتجار تتثبت من كميات الحيتان وانواعها ومواقعها ومواسم صيدها. لكن بعض الدول عارض ذلك فيما تجاهله بعضها الآخر. وفي العام 1985 توصلت الدول المنضوية تحت لواء اللجنة الدولية لصيد الحيتان الى وضع قرار بوقف صيد الحيتان لاغراض تجارية عارضته ايسلندا وكوريا الجنوبية والنروج واليابان والاتحاد السوفياتي السابق. وفي العام 1986 فرض حظر على صيد الحيتان ظلت تخرقه اليابان والنروج حتى اليوم على رغم مناشدات جمعيات حماية البيئة ومنظمة "غرين بيس". وتتذرع اليابان بأن استمرارها في الصيد يأتي لأغراض البحث العلمي فيما لا تعترف النروج بالحظر اطلاقاً. وتشير الاحصاءات الى ان اليابان قتلت العام الماضي نحو 500 حوت من نوع المينك وهو من النوع الصغير اذا ما قورن بموبي ديك العنبر اذ لا يتجاوز طوله اكثر من عشرة امتار فيما يبلغ طول حوت ميلفيل ثمانية عشر متراً.
واذا كان البطل الروائي آهاب انتصر افتراضاً على موبي ديك في النص الاميركي الكلاسيكي المذهل، فإن ابطال اليابان المعاصرين انتصروا هم ايضاً. ففي اوائل الشهر الجاري تم رفض مشروع دولي بانشاء محمية للحيتان في المحيطات الجنوبية وذلك في الاجتماع السنوي الثاني والخمسين الذي انعقد في مدينة اداليد الاسترالية وحضرته 35 دولة. هكذا فشل المشروع لعدم احراز الاصوات المطلوبة فابتهجت اليابان. لكن الدول التي تسعى الى اقامة محمية للحيتان لا تزال تأمل في تحقيق ذلك في الاجتماع الذي سينعقد في لندن السنة القادمة. وحتى يحين ذلك الموعد وتثمر الجهود الرامية الى الحفاظ على تلك الكائنات البحرية الضخمة، ليست هناك من وسيلة سوى الدفاع عن النفس. ولربما يخرج من وسط المحيط موبي ديك آخر، خروجاً اسطورياً يحرس المياه المضطربة، ويخطف بشعاعه الخارق ابصار الصيادين حفاظاً على السلالة من خطر الانقراض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.