يسعى عدد من منتجي الالبومات الغنائية في مصر حالياً الى اقناع غير مطرب ومطربة للغناء في ألبومات يضم الواحد منها ما لا يقل عن 8 اغنيات، على ان يغني كل واحد منهم اغنية خاصة به، وان امكن يشترك اثنان في اغنية واحدة ما يشبه الدويتو. وكانت ألبومات "الكوكتيل" انتشرت بصورة لم يسبق لها مثيل في بداية التسعينات، حيث كان الألبوم الواحد يضم غير اغنية لاكثر من مطرب ومطربة، وكان ذلك، يومها سبباً مباشراً في تعرف جمهور الاغنية الى عدد كبير من المطربين والمطربات الموجودين على الساحة الغنائية حالياً، امثال ايهاب توفيق وعلاء عبدالخالق وحميد الشاعري وعلي حميدة وحنان ومنى عبدالغني واحمد جوهر ومصطفى قمر وفارس ومحمد محيي وشهاب حسني وعامر منيب وآخرين، وكانت الشركات تلجأ الى هذا الاسلوب مستغلة بدايات هؤلاء المطربين ورغبة كل منهم في الحصول على فرصة. وتتكرر الظاهرة نفسها في هذه الآونة بأساليب يغلب عليها النواحي التجارية من دون الفنية. ولعل الحالة الاشهر الالبوم الذي صدر اخيراً وحمل عنوان Free Mix وسبقته دعاية كبيرة لأغنية مشتركة تجمع بين المطربين محمد منير وخالد عجاج، وسارع راغبو كل جديد الى شراء الالبوم الجديد ليفاجأ الجميع ان اغنية منير وعجاج والتي يقول مطلعها: "ليه يا دنيا الواحد بيقرب من ناس بايعاه، ليه يا دنيا الواحد يتغرب عن ناس شارياه" ما هي الا واحدة من بين مجموعة اغنيات اخرى لهدى عمار وبهاء سلطان ووليد سعد ومطرب يدعى يسري ومجموعة الاطفال الذين غنوا اغنية بعنوان "بابا اوبح". والغريب ان هذه الاغنية انتشرت بشكل لافت وفي جميع الاوساط. واعقبه ألبوم بعنوان "هاي كواليتي 7" ويضم عدداً من الاغنيات لايهاب توفيق وجواهر ومجد القاسم وحمادة هلال وكاريكا وآخرين حدث كما يحدث عادة في الوسط الفني والغنائي ويمثل ظاهرة سرعان ما تنتشر الى ان تظهر ظاهرة جديدة، وتكون النتيجة يأخذ عدد من المنتجين على عاتقه استغلال النجاح التجاري الذي حققه الألبوم. يقول الملحن الموجي الصغير ل "الوسط" ان ما يحدث "على الساحة الغنائية ظاهرة تجارية وغير صحية أبداً، انه عمل مصنوع ليخاطب أذن المستمع ووسطه وليس وجدانه الذي هو الهدف الاساسي من الفن، لأننا كلما خطابنا الوجدان والمشاعر والاحسايس وعبرنا عنها كلما كان الفن ارقى وافضل، وهذا يؤثر على مستوى الاغنية بنسبة مئة في المئة وهذه مسؤولية المنتج". ويضيف الصغير: "ناديت كثيراً بعقد لجنة في نقابة الموسيقيين من متخصصين وملحنين وشعراء وعازفين تستمع الى اي ألبوم قبل طرحه في الاسواق، وتقرر ما إذا كان صالحاً ام لا. وإذا رفضت هذه اللجنة طرح ألبوم بعد ما قام منتجه بالصرف عليه فانه سيتعلم في المرات التالية وسيبتعد عن تقديم اية ألبومات هابطة او بها ما يخدش الحياء والذوق العام". وعن الاقبال الكبير الذي تلاقيه هذه الألبومات يقول الصغير: "الجمهور معذور لانه لا يجد غير هذا، وهو مضطر الى التعامل مع ألحان يشعر أنها مسروقة من هنا وهناك اغنيات مهجنة مرة لازمة تركي ومرة اسباني ومرة ايطالي. والاغنية المصرية ليست كذلك، فعندما قدم احمد عدوية اغنية "حبة فوق وحبة تحت" قدم عبدالحليم حافظ "رسالة من تحت الماء" واتجه الجمهور الى الثاني لانه يقدم فناً جيداً له قيمة. ولا بد من ان يكون هناك مقابل للظاهرة المنتشرة حالياً خصوصاً أن لدينا اصواتا جيدة جداً منها علي الحجار ومحمد الحلو وانغام وغادة رجب". ويؤكد الصغير: "الغريب في هذه الظاهرة ان الموزعين هم الذين يلحنون لمن يدعون انهم ملحنين والذين يقوم المنتج بالتلحين لهم على الترابيزة، أغنيات يقدمها باسم الملحن. والموزع الجيد يجب ان يرفض اي لحن سييء أو رديء. وأنا ألوم محمد منير وخالد عجاج لمشاركتهما". أما الشاعر بشير عياد فيقول: "ظاهرة اغنيات "الكوكتيل" كانت جيدة قديماً اما الآن فانها اصبحت بضاعة رخيصة ومسيئة للمطربين المشتركين فيها، وما حدث لمحمد منير في ألبوم "بابا اوبح" يمثل اساءة كبيرة لتاريخه لان محمد منير يمثل مدرسة خاصة اسماً وثقافة خاصة وعلى اعتبار أنه ليس مجرد مطرب بل شئ مصري جميل نعتز به جميعاً. وهو أهان نفسه وجمهوره بموافقته على النزول في مثل هذا الكلام الساذج، التجاري البحت، الذي يغازل جيوب الجمهور وليس عقله كعهدنا به". ويضيف عياد: "أنا مع اغنيات الكوكتيل إذا قدم لنا كل نجم اغنية تليق به وبالجمهور، ساعتها سيكون عملاً جميلاً وكبيراً وسنحصل على ثماني اغنيات عالية المستوى من ثمانية نجوم، ان بإمكاننا ان نحقق الجميل دائماً إذا قدر كل منا رسالته وقيمته عند الجمهور لكن ان نلعب على مغازلة جيوب الجمهور فلن يكون هناك فن ولن نقدم شيئاً للمستقبل، وما يحدث في الساحة الغنائية حالياً "سمك لبن تمر هندي" والجيل الجديد من الشعراء في نظري مجموعة من الزجالين الذين اخطأتهم القوى العاملة فاتجهوا الى الكتابة بدلا من السرقة والاعمال الاجرامية فأجرموا بشكل مقنع وشرعي. وأنا لا ألوم هؤلاء ولكنني ألوم الرقابة على المصنفات ففي عهد السيد حمدي سرور كان يقوم بنفسه بمراجعة الاغنيات ويرفضها لكسر في الوزن او خروج عن الاداب والذوق العام. ان موظف الرقابة لا بد ان يكون موظفاً موهوباً وعلى علم بفنون الكتابة لكن ان نأتي بموظف آلي يرى النص خالياً من اية ايحاءات جنسية او سياسية او دينية فيوافق عليه اتوماتيكيا، فمعناه اننا بمزيد من الهلس والكلمات الفارغة". ويؤكد عياد: "يقع على الرقابة ومباحث المصنفات العبء الاول. فالرقابة تمثل فلتر دخول الكلمة والمباحث مطاردة الخارجين على القانون. واحمل الجمهور المسؤولية مناصفة لانه يساعد على ترويج هذه البضاعة لانه لو احجم عن شرائها لفسدت..". اما الملحن والموزع الموسيقى حسام عبدالمنعم فيقول: "اغنيات ال Free Mix اصبحت موضة في العالم اجمع واصبح الجميع يأتي بالاغنيات القديمة ويعيد توزيعها. وهذا له جوانبه الجيدة ومنها انك تسمع ما تعرفه بشكل جديد. وجوانب اخرى عكسية وهي أن التجديد يضيع احياناً فيشوه شكل العمل الاصلي. والمسألة تعود في النهاية الى من قام بالمعالجة. وما يحدث على الساحة حالياً يأخذ شكلاً تجارياً بحتاً لانه لم يعد هناك مكان لمقولة الفن يكسب. ومقولة الجمهور عاوز كدة باطلة لان المسؤولية مسؤولية من يقدم وليست مسؤولية المتلقى. ونحن نتعرض في كل فترة الى منحدر فني وعندما تظهر اغنية لشخص غير معروف سنقول انه يقدم اسفافاً اما لو قدمها مطرب معروف فسنقول ان هذا تجديد، واغنية بابا اوبح في ألبوم منير وعجاج دخلت نتيجة ثغرة وهي أن الاغنية مقدمة للاطفال". ويقول الملحن حسين لاشين: "ما يحدث على الساحة الغنائية ليس له اي بعد فني. ففي الألبوم الذي غنى فيه منير وعجاج نجد الألحان كلها قديمة وسمعت قبل ذلك، والاغنية الشعبية موضوعة بشكل ولهجة مقززه، واغنية الاطفال فيها هدم تربوي. وما يتردد عن اغنية منير وعجاج من انه دويتو قول خاطئ فالاغنية يمكن ان تغنى باداء فردي لان الدويتو كما هو معروف حوار غنائي ما بين شخصيتين وبالموسيقى اسمه "الهنك والرنك" وما يحدث ان احد المطربين عجاج ومنير يغني كوبليه والاخر يرد عليه في الكورال والهدف من ذلك اقحام صوتين محققين لشهرة في الغناء، ولك ان تستمع الى الدويتو الذي كان يغنى بين صباح ومحمد فوزي او بين عبدالحليم حافظ وشادية او فريد الاطرش وشادية او رياض السنباطي وهدى سلطان او محمد عبدالوهاب وليلى مراد وغيرها لتعرف الفرق. الى جانب ان صوتي منير وعجاج لا يتفقان من الناحية الفنية ومن حيث طبيعة الصوت والاداء. ومسؤولية ما يحدث تقع على المنتج لان المؤلف الذي يكتب اغنية هابطة من الممكن ان يكتب اغنية جيدة وكذا الملحن ولكن المنتج هو الذي يعطى الفرصة ليظهر المؤلف او الملحن او المطرب، وما حدث في ألبوم منير وعجاج حدث في ألبوم "هاي كواليتي 7" فما قدم هو نفس ما قدم قبل ذلك، ولا يوجد تطور في شكل الاغنية من حيث اللحن او الكلمة او الهندسة الصوتية او التوزيع".