يأمل العُمانيون بأن تأتي تركيبة مجلس الشورى الجديد، الذي انتخبوه أمس وتعلن أسماء الفائزين فيه رسمياً اليوم، بذوي المكانة والسمعة الحسنة والخبرات العلمية وأصحاب الثقافة وغير المحكومين أو المصابين بمرض عقلي، على ما نصت عليه لائحة شروط الترشح. ويعوّل أهل السلطنة الذين أكسبهم «الربيع العربي» وعياً سياسياً متزايداً، على المجلس الجديد، للتقدم خطوة، ولو بسيطة، لزيادة مشاركتهم في الحياة السياسية وإبداء رأيهم في شؤون مجتمعهم ودولتهم. وكان يوم الانتخاب امس، الذي حشدت له السلطات طاقاتها واستنفرت أجهزتها الإدارية والإعلامية، إضافة الى الإعلام الخارجي الذي اعتبرته، مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، شاهداً على نزاهة الانتخابات بدلاً من جمعيات حقوق الإنسان والمراقبين الدوليين وغيرهم من الجهات. المشهد العام ليوم الانتخاب كان تقريباً واحداً في كل أنحاء البلاد، مع اختلافات شكلية بين مراكز المدن ومراكز القرى ومراكز البدو. والاستنتاج الأول بعد جولة على عدد من المراكز الانتخابية في مسقط وصور وما بينهما وما حولهما، هو الإقبال الكبير على الاقتراع، لا سيما في فترة ما قبل الظهر. في مركز لاقتراع الذكور، في صور وأمامه مئات الرجال ممن اقترعوا أو ينتظرون دورهم بانتظام، أو يشكلون حلقات نقاش هامس، ليس صعباً ملاحظة طغيان عنصر الشباب على المقترعين، إنهم يسعون وراء أمل ويتوقعون الوصول إليه. يقول فهد وربيع شعيبي: «نريد الوظائف وإيصال صوتنا الى الجهات العليا. نريد عملاً غير صيد السمك». ويوضح فهد الحاصل على الثانوية أنه تقدم ب22 طلباً للحصول على وظيفة والنتيجة لا شيء. ويعلّق ربيع: «أمضي وقتي بين البيت والمسجد وملعب الكرة، ووالدي المسن ينفق علي. أريد، كما معظم أبناء جيلي، عملاً ثابتاً». يتفق الجميع لدى سؤالهم: «هل تأملون خيراً بالمجلس الجديد؟» بالإجابة: «إن شاء الله»، آملين بأن يحدث المجلس تغييراً ما. واقترع مبارك سالم علي الفارسي الذي يقدم نفسه على أنه من أعيان المدينة، لكل المجالس السابقة، ويتوقع أن يكن الوضع أحسن مع المجلس الجديد، ويجيب عن سؤال عن مدى رضاه على المجالس السابقة بالقول «العلم عند الله». الحشد أكبر في مركز النساء في صور. يأتين جماعات جماعات في سيارات يغلب عليها طابع الحداثة ويقدنها بأنفسهن غالباً. يتجمعن تحت الشمس أمام المركز، وفي باحته بانتظار دورهن الذي قد لا يأتي قبل ساعات. بين المرشحين ال27 في الولاية 3 نساء، لكن بنات جنسهن لا يقترعن لهن في الغالب، لا لشيء، إلا لأنهن مقتنعات بالمرشحين الرجال أكثر. تقول عضو لجنة التنظيم زهراء الحجري إن هناك تحسناً في مستويات المرشحين هذه الدورة، وتوافقها سعاد سعيد المسكري وخليفة جمعة المسكري مندوبتا أحد المرشحين الرأي، ولا تجدان غرابة في عدم تأييد النساء للنساء؛ على أنهما تفضلان انتخاب امرأة لأنها «تفهمنا أكثر وتعرف تطلعاتنا». ومع ذلك لا تعتقدان بأن المرأة منقوصة الحقوق في عُمان: «لقد أخذت كل شيء». تحية ورابعة المخيمي أتتا من صلالة، التي تبعد أكثر من ألف كيلومتر، وتقولان «الرجل المناسب للمكان المناسب». ولماذا ليس المرأة المناسبة؟ تجيبان بأن الرجال المرشحين أصلح من النساء المرشحات، والقضية ليست تمييزاً، «نحن نريد من ينقل صوتنا ونريد من المجلس الجديد أن تكون له كلمة». من مفارقات المجلس السابق أن الأكثر جرأة فيه ووضوحاً في التعبير عن هموم الناس وأفكارهم كانوا ممثلي المناطق البدوية، فيما كان الحضريون، ولا سيما المتعلمين، أكثر مداراة في إثارة المطالب والقضايا الحساسة، لكن يبدو أن تغييراً ما سيطرأ، فالمرشحون عازمون (إذا ما فازوا) على سلوك منحى التغيير. يقول المرشح راشد الهوتي عن ولاية القريات «بكل تأكيد، صلاحية أكبر للمجلس الجديد، ودعماً له من الحكومة ما سيجعله يساهم في تنشيط الحياة الاقتصادية للبلاد وحل القضايا المتعلقة بالشباب، وكذلك على المستوى السياسي». ويرى المرشح عن ولاية العامرات شبيب الكندي دوراً أكبر للمجلس في الفترة المقبلة، لكنه يربط هذا الدور بقوة أعضائه، «فكلما كانوا أقوياء وأكفياء استطاعوا أن يرتقوا بعمل المجلس الذي، بالتأكيد، سيحصل على صلاحيات إضافية في مجال التشريع ومراقبة أداء الحكومة ومساءلتها». ويبدي الكندي تقديره للمرأة، معتبراً أن المجلس السابق ناقص بسبب عدم وجود نساء فيه، لكنه يعيد ذلك الى النساء أنفسهن لجهة كفاءة المترشحات وقدرتهن على تسويق أنفسهن. وفي الحديث عن النساء في المجلس الجديد، تقول الناشطة في العمل الاجتماعي بدرية السيابي ل «الحياة» إن لا عوائق سياسية أمام المرأة وان الاقتراع يجب أن يكون للأفضل، سواء كان رجلاً أم امرأة «وأنا لا أنتخب امرأة فقط لكونها امرأة، إنما أنتخب الشخص القادر». وتعتقد السيابي أن تغييرات العالم العربي في الفترة الماضية أثرت في عُمان فازداد وعي الناس، «لذلك فهم سينتخبون مجلساً فاعلاً لأن العضو في المجلس الجديد الذي سيضم نوعية افضل يعرف أن الناس سيحاسبونه ولذلك سيسعى ليمثلهم تمثيلاً صحيحاً وينقل آراءهم في شكل كامل».