السكرتير: صباح الخير يا أبا نضال. المدير: صباح الخير يا أبا صراع. أرى ملفك ضخماً لهذا اليوم؟ السكرتير: كلها مشاريع مستعجلة. المدير: وتلبي طموحات شعبنا، وتليق بمواقفنا وقضايانا؟ السكرتير: تليق وتشرّف. المدير: وهل ناقشتها مع اصحابها؟ السكرتير: بالتفصيل. لقد كان للتسهيلات الائتمانية والمصرفية التي قدمناها، ولذمّتنا الدولية المعروفة، اثر كبير في تحريك الراكد الاقتصادي، وتهافت رؤوس الاموال. المدير: وما هي جنسياتهم؟ السكرتير: عرب، أجانب، ومن المنطقة، والمنافسة على أشدها بينهم، مثلاً، لأنهم يعرفون ولعنا القديم بالسلاح للدفاع عن أمتنا وقضايانا، فلقد ارسل لك مدير احدى الشركات الالمانية مسدسه الشخصي كعربون صداقة وتعاون، فغار منه مدير احدى الشركات الأميركية، وارسل لك مدفعاً، فغار منه مدير احدى الشركات الروسية، وارسل لك دبابة، وهي في الطريق الينا. المدير: للاستعمال الشخصي طبعاً. السكرتير: طبعاً. المدير: هات ما عندك، فكلي آذان صاغية. السكرتير: هناك مبدئياً معمل شيبس وبوشار ومرطبات. ومعمل معكرونة ومعجّنات. ومعمل جيليه وكريم وايس كريم ثم مشروع معمل لانتاج وتوزيع مختلف الألبسة والاحذية والساعات والادوات الرياضية مع ألبسة فضاء للأطفال. معرض سيارات بدون عداد، وبدون مقود وبدون هدف، مع لبان في الفم. مشروع معمل لانتاج وتوزيع مختلف لوازم المائدة العصرية، من القدور والخلاطات والعصّارات والمبارش الى ناكشات الاسنان والأنياب. مشروع معمل لانتاج وتوزيع مختلف انواع الصابون والمنظّفات وسوائل وملمّعات الجلي. مشروع معمل لانتاج وتوزيع مختلف الادوات البلاستيكية، من اكياس القمامة الى الحقائب المدرسية، وعلب الافراح والهدايا. مشروع معمل لانتاج وتوزيع مختلف انواع المحارم الورقية، والفوط النسائية، وحفاضات الاطفال، بمواصفات عالمية. مشروع معمل لانتاج وتوزيع مختلف انواع المايوهات والكولونات، والكراسي الهزّازة، والنظارات الشمسية التي تقي العيون من الاشعة فوق البنفسجية. شبكة مسابح عالمية للجنسين، لمواجهة الارتفاع المضطرد في درجات الحرارة، بسبب ثقب الاوزون. مركز متخصص بعمليات التجميل، بإشراف خبراء بالتدليك والمعالجة الفيزيائية، والعناية بالبشرة والاطراف والأظافر، وشفط الدهون، وازالة حبّ الشباب والشعر المزعج وغير المرغوب فيه، بدلاً من العصيدة التقليدية التي تسبب الكثير من الألم وهدر الوقت. مشروع معمل لانتاج وتوزيع مختلف انواع القبعات النسائية المعاصرة، لأن المرأة العربية، بعد ان حصلت على كافة حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لم يعد ينقصها الا قبعة عصرية على رأسها، مثلها مثل اية امرأة اوروبية معاصرة. منشأة خاصة بانتاج وتوزيع المباول الفردية او "الخليوية" لاستعمالها في الاختناقات المرورية، والمسيرات الطويلة، والاجتماعات والمحادثات المغلقة التي لا مجال فيها لراحة او استراحة. خاصة وان الجلسة مع العربي لا تفوت مهما كان موضوعها ومكانها وخاصة اذا كان ثورياً. المدير: بل خاصة، وان هناك ما لا يحصى من الاجتماعات والجلسات المغلقة والمفتوحة بانتظارنا في المستقبل. وهناك مشروع مزرعة او مزارع لتربية وتوزيع الكلاب والقطط المنزلية الاليفة، بدلاً من استيرادها بالعملة الصعبة من الخارج، وذلك للمسنين والمتقاعدين، وكل من يشعر بالوحدة والحاجة الى جليس يركن اليه، ليحدثه عن الايام السعيدة التي قضاها، وعن الايام الاكثر سعادة التي تنتظره. المدير: هذا ليس مشروعاً تجارياً فقط، بل وحضارياً ايضاً، أليس كذلك يا أبا صراع؟ السكرتير: طبعاً، طبعاً يا أبا نضال. هذا بالنسبة للمسنين والراشدين، اما بالنسبة للشباب، فهناك: مشروع "موتيلات" في الاطراف والضواحي على الطريقة الاميركية، لاستقبال المسافرين العابرين، والعشّاق المتنزّهين الذين يدهمهم الوقت او الجنس. مشروع مختبر لاستنبات اللحى الشبابية للكتّاب والفنانين والمطربين، ممن لا ينبت الشعر في وجوههم، وربما للجنسين قريباً. مشروع مدينة ملاه وسيرك، وترويض وحوش، وحواة وبهلوانات وألعاب خفّة. مشروع كازينو، وروليت، ومكتب مراهنات بأي شيء وعلى أي شيء. مشروع سلسلة مطاعم للكباب الحلبي والعراقي والمصري واليمني والسوداني والموحّد. مشروع سلسلة خانات ومضافات، وطرابيش ونراجيل، وازياء شعبية، وحكواتي وبطولات ومغامرات، وبخور ومباخر ورقص شرقي لاستعادة اجواء شهرزاد والف ليلة وليلة، واحياء التراث العثماني. مشروع حاضنات عصرية لتفريخ طائر النعام المهدد بالانقراض، للاستفادة من لحمه في التغذية، ومن ريشه في الوسائد ومن بيضه في الحفاظ على النوع، ومن سلوكه في مواجهة مشاكل الحياة. مشروع لانتاج وتوزيع مختلف انواع المكسرات واللبان، والمهضّمات والمجشئات والتسالي على مستوى المنطقة. المدير: عظيم، مدهش، رائع، ممتاز… هذه خطة خمسية متكاملة على مستوى المنطقة، ما بك مرتبكاً؟ هل هناك شيء آخر؟ السكرتير: مشروع مركز اقليمي لاحياء التراث الفلسطيني واستنهاض… المدير: ولا كلمة. من صاحب المشروع؟ السكرتير: ناشر عربي ينتظر في مكتبي منذ البارحة. المدير: اشحطوه...!