بدأت اجراءات تعديل الدستور التونسي التي ستتواصل لشهور عدة في اتجاه تحقيق تعددية في الترشيحات للانتخابات الرئاسية للمرة الاولى في تاريخ البلاد. فقد تعهد مجلس النواب بمشروع "قانون دستوري" قدمته السلطة التنفيذية يوفر احتمالات الترشح الموجب عدداً من الشروط. وينص الدستور التونسي على ان الترشيح لهذا المنصب يتطلب عدداً من الشروط من بينها ان يكون المعني: 1 - ناخباً، اي يتمتع بالاهلية في السن وغير محروم من حقوقه المدنية بموجب حكم نافذ. 2 - مسلماً. 3 - متمتعاً بالجنسية التونسية منذ الولادة بغير انقطاع ولا يحمل جنسية اخرى في نفس الوقت. 4 - مولوداً لأب وأم وجد للأب وجد للأم كلهم تونسيون بدون انقطاع. 5 - بالغاً من العمر 40 سنة على الاقل و70 سنة على الاكثر. 6 - ان يحصل على تزكية عدد من المنتخبين يحددهم القانون الانتخابي في فصله السادس والستين بثلاثين إما من النواب في البرلمان او من رؤساء البلديات. مرشح حزبي وهذه الفقرة بالذات هي التي سيتم تعليقها بموجب التعديل الدستوري الجديد نظراً الى عدم توافر مثل هذا العدد من المزكين او المتبنين لأي احد في البلاد من غير التجمع الدستوري الحاكم الذي سبق له ان عين مرشحه للولاية الرئاسية المقبلة التي تبدأ في شهر تشرين الثاني نوفمبر 1999 ولمدة خمس سنوات وهو الرئيس زين العابدين بن علي الذي يدخل ولايته الثالثة القانونية وعلى اساس ان ما قضاه في هذا المنصب بين 7 تشرين الثاني نوفمبر 1987 وربيع 1989 يعد استكمالاً لولاية سلفه ولا يدخل في الاعتبار. وتنص الفقرة الجديدة المضافة الى الفصل 40 من الدستور على الآتي: "في صورة تقديم المترشح المنصوص عليه بالفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور يمكن بصفة استثنائية بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية سنة 1999 ان يترشح لرئاسة الجمهورية المسؤول الاول عن كل حزب سياسي سواء كان رئيساً او اميناً عاماً لحزبه شريطة ان يكون يوم تقديم ترشحه مباشراً لتلك المسؤولية ومنذ مدة لا تقل عن خمس سنوات متتالية وان يكون للحزب بمجلس النواب نائب فأكثر ينتمون اليه. ويعتبر انتماء النائب للحزب عند تقديم ترشحه لمجلس النواب". وبهذه الصورة يمكن استنتاج الآتي: - ان هذا الاجراء التعديلي للدستور لن يشمل الا الانتخابات الرئاسية المقبلة وانه سيسقط بمجرد اجرائها ولن يصلح للسنوات الموالية. ولعل وراء ذلك امران اثنان: احتمال ان يتوافر عدد كاف من النواب المعارضين مستقبلاً في ظل قرارات من المنتظر ان ترفع عددهم من 19 حالياً الى ما فوق الثلاثين بعد الانتخابات الاشتراعية التي ستجرى في تشرين الثاني المقبل واحتمال تحقيق انتخاب 20 في المئة على الاقل من بين المعارضين في المجالس البلدية التي ستجرى الانتخابات بشأنها في ربيع سنة 2000 بحيث لن تكون هناك حاجة لقرارات استثنائية لحصول المعارضين على حق الترشح. والامر الثاني التعامل حالة بحالة في الانتخابات حتى لا تفاجأ السلطة. - ان الترشيح للرئاسة لن يكون مفتوحاً الا للجهات المنظمة في احزاب معترف بها تجنباً لكل مغامرات او انزلاقات لا تدخل تحت السيطرة. وبهذه الصورة يعرف حالياً انه اضافة الى الرئيس بن علي فان الحق سيتوافر لاثنين فقط من زعماء الاحزاب المعارضة لتقديم ترشيحاتهم فيما ان هذه الاحزاب ستة وقد استبعد الآخرون لأسباب شتى يمكن تلخيصها في ثلاثة اسباب: الاول، بالنسبة الى السيد محمد حرمل رئيس حركة التجديد فانه بتجاوزه السبعين عاماً من العمر فقد حق الترشيح وان توافرت فيه بقية الشروط. الثاني، اما بالنسبة الى السيد اسماعيل بولحية زعيم حركة الديموقراطيين الاشتراكيين الحزب الذي جاء الاول في الانتخابات الاشتراعية الاخيرة قبل خمس سنوات فانه لا تتوافر فيه شروط زعامة الحزب الذي يرأسه لمدة 5 سنوات وان توافرت فيه بقية الشروط. الثالث، واما بالنسبة الى السيدين احمد نجيب الشابي زعيم حركة الاشتراكية التقدمية ومنير الباجي زعيم حزب الاحرار فإنه لا يحق لهما الترشيح على اعتبار عدم وجود ولو نائب واحد لحزبيهما في البرلمان. احتياطات ولذلك يبدو انه ولو ان باب الترشح قد فتح لانتخابات الرئاسة المقبلة فقد صاحبته اجراءات شديدة الحذر خوفاً من انزلاقات غير محسوبة العواقب. وبالتالي فان هذه الانتخابات لن تعرف الا احتمال ترشيح ثلاثة كلهم زعماء لاحزابهم، واذا كان ترشيح الرئيس بن علي لولاية ثالثة قد تقرر فعلاً فان ترشيح السيد محمد بن الحاج عمر زعيم حركة الوحدة الشعبية قد بدا اكثر من محتمل فيما لا يزال ترشح السيد عبدالرحمن التليلي زعيم الحزب الوحدوي العربي غير مؤكد ولم يعلن في شأنه شيء مؤكد، ربما في انتظار عقد المؤتمر العام للحزب في بداية الصيف المقبل وتثبيت السيد التليلي في موقعه وهو تثبيب يعتقد المراقبون انه لا يتطرق اليه شك باعتبار سيطرة الرجل على هياكل الحزب الذي أسسه قبل 11 سنة تقريباً. واذ تعهد مجلس النواب بالتصديق على التعديل الدستوري الذي قدمته الحكومة ووافق على مبدء التعديل وتشكيل لجنة متخصصة للنظر فيه ودراسته فان الامر يحتاج الى ما لا يقل عن اربعة الى خمسة اشهر للتصديق النهائي اذ يستوجب الامر قراءتين ومصادقة بالثلثين بين الاولى والثانية 3 اشهر على الاقل. ومن المنتظر ان يصبح النص الدستوري الجديد نافذاً قبل الصيف المقبل ليمكن العمل به قبل الخريف او حتى قبل نهاية الصيف اي للفترة التي يتوجب فيها تقديم الترشحات وهي فترة تسبق الانتخابات الرئاسية التي تجرى بما بين شهر وشهرين قبل ذلك الموعد